هكذا يدير السنوار حركة حماس خلفًا لهنية
مدارات عربية – الأحد 1/9/2024 م …
كشف موقع (موندويس) الأمريكي، النقاب عن بعض الجوانب التي يتم من خلالها صنع القرار داخل أروقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والطريقة التي يدير بها يحيى السنوار الحركة إثر توليه رئاسة مكتبها السياسي.
وقال الموقع في تقرير نشره، أول أمس الجمعة، إنه بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في طهران، اختارت الهيئة الاستشارية العليا للحركة (مجلس الشورى)، بسرعة وبالإجماع يحيى السنوار خلفًا له.
وأضاف التقرير “زعم العديد من المحللين، أن صعود السنوار يشير إلى قطيعة تامة مع سياسات هنية وأعضاء كبار آخرين في المكتب السياسي، لكن هذا التحليل مضلل، وينم عن فهم سطحي ليس فقط لقادة الحركة، بل وللحركة ككل”.
وأشار التقرير إلى أن الافتراض بأن زعامة السنوار تمثل قطيعة مع الماضي، يتبع ميلًا في التحليل الغربي إلى النظر إلى القادة الفلسطينيين من خلال ثنائيات غامضة وبسيطة من قبيل “الصقور مقابل الحمائم” أو “المعتدل مقابل المتشدد”، موضحًا أن هذه التسميات تخفي أكثر مما تكشف.
ولفت التقرير إلى أن نهج التركيز المبالغ فيه على نفسية يحيى السنوار، يختزل السياسة المعقدة التي يتم بها صنع القرار داخل الحركة، ويفترض أن عملية صنع القرار في حماس تعتمد إلى حد كبير على الشخصية وليس نتاجًا للنقاشات الداخلية القوية والانتخابات والمداولات المعقدة والتشاور والمساءلة المؤسسية، على حد وصف التقرير.
كيف يدير السنوار حركة حماس؟
وأشار التقرير إلى أن “التراكم والتشاور” يشكلان أهمية بالغة لفهم كيفية عمل الحركة وقادتها، إذا إن أي فهم للحركة بشكل عام، ولحكم السنوار في غزة بشكل خاص، لا بد وأن يأخذ في الاعتبار هذه المكونات التي لا غنى عنها في الديناميكية المؤسسية المتطورة لحماس وقوتها.
وأشار الموقع إلى أن مصطلح “التراكم” يستخدم عادة لوصف التقدم العسكري والمهارات السياسية التي يجلبها قادة حماس إلى الطاولة للتعامل مع المسائل الصعبة المتعلقة بالحكم تحت الحصار، ولحظات العزلة الإقليمية، وكذلك لحظات بناء التحالفات الإقليمية.
أما “التشاور” فيعد وفقًا للتقرير، أفضل الممارسات والهياكل داخل حماس، إذ إن للحركة هيئات استشارية على مستويات مختلفة تعمل كهياكل مساءلة واستشارية للقيادة السياسية. ويتم انتخاب الأعضاء وهم يشملون الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والشتات والسجون.
مجلس الشورى العام
وتعين الهيئة الاستشارية العليا (مجلس الشورى العام) أعضاء في هيئة مستقلة تنسق وتشرف على انتخابات المكتب السياسي لضمان الشفافية. وفي حين أن المعلومات المحدودة حول هذه الهياكل تجد طريقها إلى الجمهور، فإن سيناريو طارئًا مثل اغتيال إسماعيل هنية كشف أن مجلس الشورى العام استطاع أن يعين خليفة له في ظروف استثنائية، حيث تم اختيار السنوار بالإجماع.
وبحسب الموقع، لا تقتصر ممارسة وهيكلية التشاور على الجناح السياسي لحماس، فالجناح العسكري للحركة (كتائب القسام) لديه أيضًا إجراءات للتشاور. وقد لعب السنوار دور المنسق بين الجناحين العسكري والسياسي بعد انضمامه إلى المكتب السياسي.
وبموجب هذه الديناميكية نفسها، عندما يتخذ زعيم مثل السنوار أو هنية قرارًا رئيسيًا، فإنه لا يصل إليه من خلال التشاور مع شخصيات من ذوي الخبرة فحسب، بل إنه مسؤول أمام الدوائر الانتخابية داخل الحركة.
الاستعداد للمعركة
وباعتبارهما رئيسين للقيادة في غزة والمكتب السياسي، عمل السنوار وهنية معًا وظهرا غالبًا في اجتماعات عامة مع مختلف الدوائر الانتخابية للتجمع حول المصالحة الوطنية.
وبالنسبة لهما، لم تكن المصالحة الوطنية هي الشاغل الأول المتمثل في إصلاح العلاقات مع حركة “فتح” وتوحيد الجسم السياسي الفلسطيني فحسب، بل كانت تعني أيضًا سد الفجوات السياسية الأخرى، فضلًا عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية في غزة. كان كل هذا من أجل الاستعداد للمعركة القادمة، وتجميع القوة العسكرية اللازمة والدعم الشعبي والوحدة السياسية.
وفي خطاب له قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال السنوار “في غضون فترة محدودة من الأشهر، والتي أقدر أنها لن تتجاوز عامًا واحدًا، سنجبر الاحتلال على مواجهة خيارين، إما أن نجبره على تنفيذ القانون الدولي واحترام القرارات الدولية والانسحاب من الضفة الغربية والقدس وتفكيك المستوطنات وإطلاق سراح الأسرى وضمان عودة اللاجئين وتحقيق إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس؛ أو نضع هذا الاحتلال في حالة من التناقض والتصادم مع النظام الدولي بأكمله، ونعزله بشكل متطرف وقوي، وننهي اندماجه في المنطقة والعالم أجمع، ونعالج حالة الانهيار التي حدثت على جميع جبهات المقاومة على مدى السنوات الماضية”.
هل “حماس” بالفعل حركة مؤسسات؟
وأشار التقرير إلى أن شخصية يحيى السنوار “تم تضخيمها” في وسائل الإعلام الغربية وحتى العربية. وأوضح أن هذه المناقشات حول حماس في كثير من الأحيان كانت تستند إلى الشائعات والتلميحات والمزاعم غير المؤكدة التي تميل إلى تسليط الضوء على الخلافات بين قطاعات من قيادتها، ووصف القادة على غرار “المعتدلين” الذين يفضلون الدبلوماسية والمفاوضات مقابل “الصقور المتشددين”.
وتابع التقرير، أنه على مر السنين، أثبتت حماس قدرتها على الاستفادة من الخلفيات المتنوعة لقادتها لتعزيز قدرتها عبر الجبهات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والشعبية.
وأكد التقرير أنه انطلاقًا من مبادئ التشاور والتراكم، فإن حماس هي في نفس الوقت حركة أفقية وحركة مؤسسات، وأن هذه المؤسسات مثل (مجلس الشورى) ساعدت الحركة على رؤية نفسها خلال لحظات عدم اليقين، مثل اغتيال إسماعيل هنية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر هو أحدث مثال على إظهار حماس مستويات غير مسبوقة من الديناميكية والمرونة المؤسسية مقارنة بتاريخ بناء المؤسسات بين الفصائل الفلسطينية.
هل القضاء على السنوار سيقضي على حماس؟
ونوه التقرير إلى أنه في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والإبادة الجماعية التي تلتها في غزة، أثيرت المزيد من الأسئلة حول حماس بشكل عام، وشخصية يحيى السنوار بشكل خاص، حيث لا يزال كثيرون يشيرون إلى السنوار باعتباره العقل المدبر للعملية، ويصرون على رواية مفادها أنه إذا كان السنوار هو حماس وحماس هي السنوار، فإن القضاء على أحدهما سينهي الآخر.
وأضاف “في واقع الأمر، ربما لا يشكل ما نعتقد أننا نعرفه عن التخطيط والتنفيذ للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر من قطرة في محيط. ولكن الأدلة المتاحة للجمهور تخبرنا بأن يحيى السنوار، مثل أسلافه، كان صريحًا وواضحًا تمامًا بشأن الاتجاه الذي تتجه إليه الحركة. وقد صُدمت القوى الكبرى لأنها قللت من شأن الحركة وتجاهلتها، وليس لأنها خُدِعَت”.
وتابع “ما ينبغي للمحللين أن يعرفوه هو أن حماس حركة مؤسسات، ومثلها كمثل أي حركة جماهيرية أخرى، تجمع بين تيارات وتوجهات سياسية مختلفة قد تختلف حول التكتيكات، ولكن ليس الاستراتيجية”.
واختتم الموقع تقريره بالقول إنه لا يوجد دليل موثوق يشير إلى أن السنوار استحوذ على هيكل الحركة بالكامل وركز السلطة حوله، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن هناك الكثير من الأدلة على أن السنوار ليس مجرد نتاج للحركة، بل شخص أمضى عقودًا في بنائها، ومن غير المرجح أن يتجاهل الأشخاص الذين نشأ معهم سياسيًا والعمليات التي ساعد في تأسيسها.