الكاتب الكبير الياس فاخوري يكتب: اسرائيل حتما الى زوال فهي خطيئة التاريخ المميتة وخطيئة الجغرافيا العرضية .. بهذا آمنت ديانا فاخوري، وعليه اتّكلت وطالما كتبت ودعت ونادت فأسمعت اهل الميدان ولامست نخوتهم!

0 459
الياس فاخوري ( الأردن ) – الثلاثاء 8/4/2025 م …
  • من عاطف الكيلاني:

بعد نشر هذا المقال، اتصل بي أحد القرّاء المدمنين والمواظبين على هذا الموقع.

قال لي وبالحرف الواحد: والله لو لم يكن لديك إلاّ هذا الكاتب لكفاك.

وأنا بالتأكيد أوافقه على قوله.

شكرا للأستاذ الياس فاخوري الذي ساهم في جعل هذا الموقع أحد أهم المنابر الفكرية في عالمنا العربي.

والرحمة على روح الاحلة العظيمة الأستاذة ديانا فاخوري.

***********************************************

اسرائيل حتما الى زوال فهي خطيئة التاريخ المميتة وخطيئة الجغرافيا العرضية .. بهذا آمنت ديانا فاخوري، وعليه اتّكلت وطالما كتبت ودعت ونادت فأسمعت رجال الله وبناته في الميدان ولامست نخوتهم! لا برمادٍ نفخت ديانا، بل بنارٍ فاضاءت .. كما – بكل احترام للمتنبي – أَجْرَتْ الرياحَ بما تشتهي سفنُ المقاومة!
 
في ذكرى العرس الأحمر: من “دير ياسين” الى “عمَّان” .. ومن “غزة” الى “صنعاء” ما طال السفر .. والمسافة صفر تجمع كل الساحات وقد غسل جدبها طوفان الأقصى والمطر .. في التاسع من ابريل/نيسان 2023 رحلت “ديانا فاخوري” كي لا ننسى ما حدث في التاسع من ابريل/نيسان 1948 حيث اسفر العشق التوراتي للدم عن ارتقاء حوالي 360 شهيداً في مذبحة “دير ياسين” (غرب القدس) التي نفّذتها عصابتا الإرجون، وشتيرن (دون استبعاد الهاغاناه ووحدة من البلماح)! ومذبحة “دير ياسين” ليست الا واحدة من عشرات (بل عشرات العشرات من) المجازر التى ارتكبها الصهاينة خلال حرب الـ(48) م ..فما ديانة “يهوه” الا ديانة البطش والارهاب كما هي ديانة “الفوهرر” ..  انهم  “أولاد الأفاعي” كما صاح بهم يوماً يوحنا المعمدان!
 
أتذكرون شتيفان تسفايغ (Stefan Zweig)‏ الأديب والكاتب النمساوي ذو الخلفية اليهودية، وكيف لاحظ أن الحاخامات هم من تولّى، عبرالأزمنة، تسويق العدم!؟ .. ولنعد الى الفيلسوف الكاهن تيار دو شاردان (Pierre Teilhard de Chardin) إذ أكّد الا وجود هناك للآخر، وقد علقوا السيد على الخشبة لأنه وقف في وجه من غرزوا السكين في خاصرة الله .. وهذا ما قاله الفيلسوف غابرييل مارسيل (Gabriel Marcel): “فلسفة الغيتو هي فلسفة المقبرة، وأن فلسفة الانجيل هي أن تنفتح الأرواح على الأرواح”.
 
الى ذلك، يؤكد الأب فوتيوس خليل في كتابه “موقف المسيحية والإسلام من الديانة اليهودية”:
“… إنّ الرابين ـ اليهود، أيّ معلمي الشريعة اليهودية ـ يعتقدون بأنّ اليهود إذا تسبّبوا بإراقة الدماء من الأمميين ـ أيّ غير اليهود ـ يكونون قد قدّموا تلك الدماء قرابين لإلههم لينالوا مرضاته”.
نعم، في ذكرى العرس الأحمر، لا ينتهي العرس الفلسطيني، و”لا يصل الحبيب إلى الحبيب إلاّ شهيدا أو شريدا” لكأن الشيطان قد اعتزل “العمل العام” لأنه لا يستطيع أن يفعل بالبشر ما تفعله امريكا/اسرائيل بالفلسطينيين .. فصناعة الارهاب والخراب احتكار صهيوني بامتياز .. هم صُنّاعه وروّاده ومحتكروه، وهذه عينة مما تيسّر من “إبداعهم”:
 
 ▪︎ 17 آذار (مارس) 1937: أوّل عمليّة رمي لقنابل في مقاه قامت بها العصابات الصهيونية في يافا.
 
▪︎ آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) 1937: أول رمي لقنابل في باصات قامت به العصابات الصهيونيّة.
 
▪︎ 6 تمّوز (يوليو) 1938: أوّل رمي لقنابل في الأسواق المكتظّة قامت به العصابات الصهيونيّة في حيفا.
 
▪︎ 22 تموّز في 1946:  أول تفجير لفنادق قامت به العصابات الصهيونيّة في القدس.
 
▪︎ 1 أكتوبر 1946: أوّل تفجير للسفارات قامت به العصابات الصهيونيّة في روما (ضد البريطانيّين). 
 
▪︎ 31 تشرين الأول (أكتوبر) 1946: أوّل تفخيخ لسيّارات الإسعاف قامت به العصابات الصهيونيّة في بتاع كتفاه.
 
▪︎ حزيران (يونيو) 1947: أوّل عمليّة تفخيخ طرود بريديّة قامت بها العصابات الصهيونيّة ضد أهداف بريطانيّة. 
وبعد، الم يقلها أرنولد جوزف توينبي (Arnold J. Toynbee) على سبيل المثال؟
 
“… لقد كان اليهود يعلمون ماذا يفعلون في فلسطين العربية، وكانت مأساتهم الكبرى أنّ الدرس الذي استخلصوه من مواجهتهم مع النازيين قد قادهم لا إلى تجنّب جرائم النازيين بحقّهم هم، وإنما إلى تقليدها وتطبيقها على عرب فلسطين، وهكذا نجحت العصابات التلمودية، من مذبحة إلى أخرى، في طرد وذبح مليون عربي فلسطيني مسلمين ومسيحيين من قرابة اثنتي عشرةَ مدينة وخمسماية قرية خلال عام واحد”.
 
وها هو التاريخ يعيد اليومَ ذاته؛ فائق الدم النازف، وفائض الدمار المتواصل منذ أن نشبت الحرب بين الكيان من جهة ولبنان وغزّة من جهة أخرى. فمن كهف “يهوه” الى كهوف تورا بورا، مازالوا يسعون لتقديمنا قرباناً للغاز والنفط .. وإذا كانت مذبحة “دير ياسين” عام 1948م تمثل عنواناً لنزف الدماء، فقد صارت “غزة” و”الضفة” و”لبنان” اليوم رموزاً لشلالات الدم .. كان موعد فلسطين مع أول مذبحة يوم 6-3- 1937م في سوق حيفا حيث استشهد 18 مدنياً وأصيب 38 على يد عصابة “الإتسل”، وكان موعد لبنان مع أول مذبحة في عام 1948م وهي مجزرة “مسجد صلحا” بالجنوب .. وفي السجل المتخم بالمذابح الصهيونية في فلسطين ولبنان ومصر تطول القائمة التي تحوي حوالي 300 مجزرة بدءاً بالعام 1937م ومروراً بمجازر ومذابح الشيخ، ابو شوشة، الطنطورة، قبية، قلقيليه، كفر قاسم، خان يونس، المسجد الأقصى، المسجد الإبراهيمي، مخيم جنين، قانا الاولى، قانا الثانية، وقرية “مروحين” وصور وبنت جبيل ومارون الراس وصريفا وصبرا وشاتيلا، مذبحة الأسري المصريين في حرب 1967م، ومذبحة مدرسة بحر البقر .. وها هي وتيرة المذابح تتسارع يومياً على أرض فلسطين من جنين وطول كرم، والخليل ونابلس إلى غزة .. هذا ولم تُشر الوقائع والبيانات المسجلة إلى أن مجزرة واحدة قد وقعت بطريق الخطأ، بل تؤكد التدبير لكل منها مع سبق الإصرار والترصد.. وليست هناك مجزرة واحدة وقعت بحق مقاومين أو مقاتلين، بل كانت كلها بحق مدنيين أبرياء وعلى حين غرة منهم؛ في الأسواق، والعيادات، وفي الأحياء والبيوت – وبعضهم نيام..
 
وهذا دان حالوتس (رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في حرب تموز – 2006) يعترف:
“إنّ العملية الإسرائيلية لم تكن وليدة عملية أسر الجنود الثلاثة، بل خُطّط لها من قبلُ ارتكازاً على معطيات أمنية مسبقة». وأضاف «إنه لو توافرت المعطيات نفسُها سوف أوصي بالقيام بحرب ثالثة على لبنان”.
نعم، تاريخ اسرائيل والحركة الصهيونية يتماهى مع مسار حرب الإبادة الأخيرة في غزة، ومع جرائم الإرهاب الجماعي في لبنان .. ومع ذلك، ما زلنا نسمع تنبيهات حول أنّ العدوّ الاسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمر وخرق كل السقوف!  اوليست هذه طبيعة إسرائيل ومَاهِيَّتها منذ ثلاثينيّات القرن الماضي، أي قبل النكبة!؟ اولم يسمَّمَوا آبارَنا في فلسطين!؟ أولم يبتدعوا البراميل المتفجّرة في احتلال يافا وتوسيع تل أبيب!؟ الم يفخّخوا السيارات وعربات الإسعاف والطرود ويفجّروا الفنادق والمنازل قبل النكبة!؟ هل وفّر العدو الاسرائيلي جريمة حرب في خططه الاحتلاليّة!؟ هل احترمت اسرائيل يوماً ميثاقاً أو اتفاقيّةً أو عهداً أو وعداً!؟ هل يفهم هذا العدو غير لغة القوة، وهل يتراجع الا ذليلاً تحت ضربات المقاومة!؟
 
وبالعودة إلى التلمود نقرأ:
“إنّ كلّ معاهدة أو اتفاق بين اليهود وسواهم ليست ملزمة لليهود، وهي غير قانونية لأنّ غير اليهود بهائم، والعقود لا تقوم مع البهائم”!
[صناعة الارهاب والخراب احتكار صهيوني بامتياز .. اما الجمال فاللانهاية في لوحة المقاومة الزينبية!
كَأنَّهَا الكَوْكَبُ الدُرِيُّ فِي الأُفُقِ، جَاءَتْ فِي غَيْهَبِ الغَسَقِ، ولم تخشى مِنَ الحُرَّاسِ فِي الطُّرُقِ .. فَقُلْتُ نَوَّرْتِنِي يَا خَيْرَ زَائِرَةٍ، فَجَاوَبَتْنِي وَلا دَمْعُ في العَيْنِ يَسْبِقُهَا:
 
كم قلتُ لكم (وهذا موثق بعدد من مقالاتي) انه “الحاخام” الأعظم القادم للتو من زوايا “التوراة”، وحيث رقصة الأنبياء بين جاذبية الدم وجاذبية النار ليجمع جنون هتلر بجنون هولاكو نحو الجنون النووي .. نعم، قد يصل هذا “النتن ميلكوفسكي” الى الجنون النووي ما لم نجثو أمام قبر “راحيل”، واذا لم نُزيّن جباهنا بنجمة داود ليظهر “الحاخامات” بافكاك الضباع المولعة بنبش القبور شهوةً للحوم بنى يعرب خصوصاً وبني آدم عموماً، وب”أفكار” الضباع المفجوعة الشرهة والجبانة – ليظهروا في أقاصي مدن العرب وحتى في مداخل قصور العرب والمخارج!
 
ولكم رجوتكم أن تَمَثّلوا النفحات الملكوتية في الترنيمة الملائكية لتتأملوا عاشوراء في اللوحة الزينبية: “ما رأيت الا جميلا”!]
 
كانت هذه “ديانا فاخوري” توجز المسألة ..
 
وهذا ايلان بابيه (Ilan Pappé) المؤرخ “الاسرائيلي” واستاذ الدراسات الدولية في جامعة اكستر البريطانية، يخشى انتقال “اليهود” من التيه عبر الأزمنة الى التيه عبر الأمكنة …
اسرائيل حتما الى زوال فهي خطيئة التاريخ المميتة وخطيئة الجغرافيا العرضية .. بهذا آمنت ديانا فاخوري، وعليه اتّكلت وطالما كتبت ودعت ونادت فأسمعت رجال الله وبناته في الميدان ولامست نخوتهم!
ويتبيّن الاعتراف السياسي بأن الكيان يخوض حرب وجود بمعادلة ترتفع بها أصوات القادة “الاسرائيليين”: “لا بقاء لنا في هذه المنطقة ولم نربح هذه الحرب”. وبقوة الحجج الموضوعية – رغم تغلب النزعة البراغماتية لديهم بالتحليل النهائي – استدعي هنا “بعض شهود من أهلها” يؤكدون عدم أحقية اليهود الإسرائيليين في أرض فلسطين، وذلك كونهم شعب اتٍ من الكتاب المقدس، أي أن هذا شيء خيالي تم اختراعه بأثر رجعي لا تتطبق عليه مفاهيم او معاني او دلالات “الأمة” او”الشعب” او”القومية” او”الإثنية” أو اي من مكونات “الثقافة الإثنوغرافية” .. لا وجود لتجانس بيولوجي بينهم سيما وقد اعتنق الديانة اليهودية كثيرون في شمال إفريقيا واسبانيا ومناطق مختلفة من العالم بما فيها مملكة الخزر .. لم ولا يجمعهم سوى الدين او الثقافة الدينية .. وفي ظل تبلور الحركات القومية في أوروبا تم اختراع هذا الشعب اعتباطا. أما عن تهجير اليهود بالتزامن مع دمار الهيكل الثاني عام 70 م فان هي الا اسطورة مسيحية تسربت تدريجيا إلى الإرث اليهودي وجرى استنساخها بقوة داخل الفكرة الصهيونية .. فالرومانيون لم يقوموا قط بنفي “شعوب”. كذلك، فإن الآشوريين والبابليين لم يلجأوا في تاريخهم إلى إبعاد السكان الخاضعين لاحتلالهم .. كما أن مصطلح “منفى” وضع في القرن الثاني والثالث الميلاديين وقد عنى عملية استبعاد سياسية للبعض وليس عملية اقتلاع من البلاد.
 
فها هو شلوموساند (Shlomo Sand) بمؤلفاته الثلاث: “اختراع الشعب اليهودي”، “اختراع ارض اسرائيل”، “كيف توقفت عن كوني يهوديا/كيف لم أعد يهوديا” (The Invention of the Jewish People,The Invention of the Land of Israel, How I Stopped being a Jew) .. ونورمان فينكيلشتاين (Norman Gary Finkelstein) مؤلف: “صناعة الهولوكوست” (The Holocaust Industry: Reflections on the Exploitation of Jewish Suffering) .. وإسرائيل شاحاك (Israel Shahak) مؤلف: “الديانة اليهودية، التاريخ اليهودي، وطأة ثلاثة آلاف سنة” ( Jewish History, Jewish Religion: The Weight of Three Thousand Year) .. وارثر كوستلر (Arthur Koestler) مؤلف كتاب: “امبراطورية الخزر وميراثها، القبيلة الثالثة عشرة”  (The Thirteenth Tribe) .. الى جانب كمال الصليبي (Kamal Salibi) في كتبه خاصة: “التوراة جاءت من جزيرة العرب”، “خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل”، “البحث عن يسوع – قراءة جديدة في الأناجيل” ,The Bible Came from Arabia, Secrets of the Bible People, The Historicity of Biblical Israel)  Who Was Jesus?: Conspiracy in Jerusalem) .. وروجيه غارودي (Roger Garaudy) في مؤلفه: “الأساطير المضللة للسياسة الأسرائيلية” (The Founding Myths of Israeli Politics) ..
 
يؤكد هؤلاء جميعا ويوثقون ان اليهود لم يكونوا يوما امة قومية من أصل عرقي واحد او مشترك، بل هم مزيج من جماعات مختلفة تبنت الديانة اليهودية .. اما القومية اليهودية فان هي الا ميثولوجيا جرت فبركتها لتبرير وتمرير إقامة الدولة الإسرائيلية/اليهودية فاسرائيل لم تقم بفعل جدلية التاريخ او التقاطع الجيوبولتيكي، بل بفعل صدفة النفط والغاز .. ليس باسم الله، بل باسم النفط، وربما الغاز، حطت اسرائيل سفاحا، كيانا مسخا .. لم يكن باسم الله انتزاع فلسطين من الخارطة العربية قربانآ ليهوة، وليس باسم الله يتوالى تقديم القرابين الى يهوة!
 
اما نحت الزمن اليهودي وتزييف الحقائق وفقا للمصالح والأهداف السياسية والأغراض الاستراتيجية فحرفة مزوري التاريخ المعتمدين من الحركة الصهيونية الذين دأبوا على اختراع وعي جديد لليهود، بكل ما يتطلبه ذلك من رموز قومية مثل: العلم، النشيد القومي، لباس، وأبطال، ولغة والطوابع البريدية باعتبارها أدوات مهمة “لاختراع الشعب” .. وفي استجابة للهواجس التوراتية التلمودية تراهم مغالون في تشكيل الشخصية اليهودية لاهوتيا لتبلغ أرض الميعاد وتغطي الكرة الأرضية بكافة زواياها متجاوزة “كلاسيكية الفرات والنيل” تمثلا بيهوة ونفيا للآخر .. وهكذا برز مفهوم جديد هو “الشعب الإسرائيلي” ليصبح “شعب يهودي” في سياق التحولات التي تحرص الصهيونية على استكمالها نحو “دولة يهودية” تجسد إلغاء الأغيار والاستيلاء والاستعباد خرقا للمعاهدات وتوسلا لضغوطات مالية واعلامية وعسكرية!
 
وبعد، لو كانت البطاطا إذن هي المنتج الرئيسي في المنطقة والأرض تعبق برائحة الفل (لا النفط والغاز)، هل كان للكيان المحتل ان ينشأ في فلسطين؟!
 
 
اذا لم تأت على قَدْر اهل الميدان المنايا نُعيدها، فالشهادة قَدْرُهم وقَدَرُهم، وليعذرني المتنبي وتلميذه المُعَلِّم تميم البرغوثي! 
 
صحيحٌ ان الاختلال في موازين القوى مخيف ومريع .. ولكن كيف كان عليه توازن القوى بين رجال الكهوف في افغانستان ورجال ناطحات السحاب في أميركا بكل ما أتيح وأبيح لهم من موارد وقدرات!؟ وكيف كان عليه توازن القوى بين الجنرال غياب والجنرال نورستاد في فيتنام ؟ 
 
وعليه، فقد جاء امريكا/”اسرائيل” الجواب زلزالاً من اَهل الميدان المناضلين ومن الام الفلسطينية امام جنازة ابنها: لدينا من القماش الأبيض ما يكفي لأكفان ابنائنا ولكن ليس لدينا قطعة قماش واحدة نحولها علماً ابيضاً.. انّا هنا باقون .. على صدوركم , باقون كالجدار، وفي حلوقكم كقطعة الزجاج , كالصبار، وفي عيونكم زوبعة من نار، هنا .. على صدوركم , باقون كالجدار .. يا جذرنا الحي تشبث، واضربي في القاع يا أصول ..
 
من تظن نفسك يا موت .. نحن أكثرْ، ونحن هنا، وقد عرفناك معرفة تُتعبُكْ، وإننا نغلبُكْ، وإن قتلونا هنا أجمعينْ ..أيها الموت خف أنت، نحن هنا، لم نعد خائفين فمنذ متى يخشى المنايا “مريدها” فوالله إن متنا وعشنا ولم تكن على ما أردناها المنايا نُعيدُها، ونَستعْرِضُ الاعمارَ خيلاً امامنا فلا نعتلي إلا التي نَستجيدُها — إلى أن نرى موتاً يليقُ بمثلِنا لينشأ من موت الكرامِ خلودُها، فأطول عمر اهل الارض شهيدها!
 
اذن، اذا لم تأت على قَدْر اهل الميدان المنايا نُعيدها، فالشهادة قَدْرُهم وقَدَرُهم، وليعذرني المتنبي وتلميذه المُعَلِّم تميم البرغوثي!
 
 
اليهود الى انكماش والفلسطينيون الى انبساط على الارض وفي السماء: يولدون بلا نهايةْ، وسيولدون، ويكبرون، ويُقتلون، ويولدون، ويولدون، ويولدون .. فمن دمنا إلى دمنا حدودُ الأرض! وها هما ايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش، مثلاً، لا يثقان بأي نوع من السلام مع العرب خوفاً من ذوبان اليهود في ذلك الأوقيانوس البشري.  
 
اما ديانا فاخوري فقد رحلت في التاسع من ابريل/نيسان 2023 – الذكرى 75 للعرس الأحمر في دير ياسين الذي صادف اسبوع الالام والقيامة – ربما لتتحقق ان المسيح إنما جاء من أجلنا، وصُلب من اجلنا، وقام من أجلنا .. وماذا عن مئات آلاف الهياكل العظمية التي تتكدس في غرف الصقيع، ومن يكترث بذلك!؟ “فأي خلاص ذاك على مدى ألفي عام، سوى أن أدمغتنا، وأحذيتنا، تعمل ليل نهار لتحويل الكرة الأرضية الى… مقبرة”، كما قال الكاتب الألماني “غانتر غراس” (Günter Grass) صاحب (The Tin Drum)!؟ 
 
ولنستعد هنا جملة أغلى من الشُهداءِ والقُبَلِ: فلسطينياً كان ولم يزل!
 
فلسطينيٌ، ولد في فلسطين، عاشَ في فلسطين، صُلب واستشهد في فلسطين، قام من بين الأموات، ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور في فلسطين ليعلن انتصاره ليس على الموت وحسب، بل وعلى قادة اليهود الذين أرادوا قتله في فلسطين ايضاً، لانه المسيح المنقذ الذي لا يلتزم بتعليماتهم ولا يخضع لقوانينهم (John 5:18). وهنا، لا بد ان يحضر “يهوذا الاسخريوطي” الذي خان يسوع وقام بتسليمه لمن كان يطلب موته (Luke 22:3-6).
 
مثال الفلسطيني وأبناء غزة، اثبت يسوع وظَهَّر انتصار الدم على السيف (صليب، ومسامير، ورمح، ومطرقة، وسوط، وشوك، وحلقات من الحبال، وخل، وثلاثين من الفضة) تماماً كما شق الفلسطينيون والغزٌيون وكافة رجال الله في مختلف الميادين والساحات طريقهم الى الأمل بعيدا من اليأس والاحباط .. إذن “نفّذوا” وازيلوا خطيئة التاريخ المميتة وخطيئة الجغرافيا العرضية!
وختاماً، لا بد من المتنبي:
“أَبلى الهَوى أَسَفاً يَومَ النَوى بَدَني .. وَفَرَّقَ الهَجرُ بَينَ الجَفنِ وَالوَسَنِ” .. و:
“الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ .. وَالدَمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ”
“النَومُ بَعدَ “ديانا نافرٌ” .. وَاللَيلُ مُعْيٍ وَالكَواكِبُ ظُلَّعُ”
ولكن لن أقول مع المتنبي: 
“قُبحاً لِوَجهِكَ يا زَمانُ ” و”إِنَّ يَعيشُ حاسِدُهُا الخَصِيُّ الأَوكَعُ”
 
بل أردد مع زينب كما كانت ديانا دائماً تفعل: “ما رأيت الا جميلا”!
وهنا الجميل كما رأته ديانا مكثفاً بعنوان المقال اعلاه:
 
اسرائيل حتما الى زوال فهي خطيئة التاريخ المميتة وخطيئة الجغرافيا العرضية .. بهذا آمنت ديانا فاخوري، وعليه اتّكلت وطالما كتبت ودعت ونادت فأسمعت اهل الميدان ولامست نخوتهم!
 
” ويبقى مكانك فارغاً، وفراغك أجمل الحاضرين”!
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 × 2 =