دريد لحام: لقد وقفوا وقفة المتفرج بلا ضمير / أحمد الحباسى

430

احمد الحباسي

أحمد الحباسى* – الخميس 23/2/2023 م … 

  • كاتب و ناشط سياسي….

عتبي كبير على الفنان الكبير دريد لحام ،  كبير جدا ،  و سؤالي الذي أطرحه عليه و هو يملك في رصيده كل تلك التجربة و الاطلاع و الروية  هل كان ينتظر من الدول الغربية و من بعض الحكام العرب موقفا مخالفا غير الذي اتخذوه في علاقة بالزلزال المدمر الذي ضرب سوريا ؟.  من ذكرت هم أعداء سوريا فلماذا نلوم الأعداء أو نطالب قلوب الشياطين بأن يكون بها نزر قليل من التعاطف و العاطفة مع ضحايا الزلزال ؟ .  ربما ظن الفنان الكبير دريد لحام أن العدو مهما كانت درجة عداوته ستتغير ملامح كراهيته بمجرد أن يشاهد ما تنقله وسائل الإعلام العالمية من مشاهد إنسانية و من  مناظر تدمى القلوب لمئات الجرحى و القتلى و من لا يزالون تحت الأنقاض و من كتب لهم عمر جديد حتى توصلت بعض الفرق المختصة من إنقاذهم من تحت الركام  و ربما ظن الرجل أن بعض الحكام العرب سيتغيرون أو ستحنّ قلوبهم القاسية فيسارعون في لحظة إنسانية للتكفير  عن أطنان الذنوب التي ارتكبها هؤلاء في حق الشعب السوري .

 مع هؤلاء المتحجرة قلوبهم لا مكان للزعل و العتب و لا مكان للمشاعر  و الأحاسيس  ، فقط ، نسجل تعاطف  البقية و هم يمثلون الأغلبية و نسجل بعض المواقف المشرفة لكثير من وسائل الإعلام التي  تحملت مسؤوليتها المهنية الأخلاقية لتكشف حجم الدمار و حجم الكارثة و ما تتطلبه إعادة الحياة إلى الجسم السوري من مساعدات على كل الأصعدة  ، هنا نتذكر أن سوريا قد كانت دائما وفية لحسها الإنساني و أول من يقف مع عديد الشعوب في محنها و إبان تعرضها للكوارث  و لذلك فمن حقها أن تسجل مواقف العتب و الإحباط بعدما صدر من بعض الدول و فيها من يدعى انتسابه للعروبة . لقد كانت هناك كارثة مدمرة و تحتاج إلى وقفة كبرى لإزالة آثارها و لكن بالمقابل كانت هناك لحظات يجب على القيادة و الشعب السوري أن يسجلها في ذاكرته حتى لا ينسى من وقف معه و من تجاهل مصيبته المدمرة و وقف موقف العدو المتفرج .

لعل هذه الفاجعة تدعونا اليوم إلى أن نتعرض إلى بعض الملاحظات و أهمها على الإطلاق مناشدة كل أحرار العالم من الفنانين الذين يجب عليهم المساهمة بإقامة حفلات يتم تحويل كافة مداخيلها للشعب السوري  و هذا أضعف الإيمان لان  الاقتصار على عبارات التعاطف و المساندة  لا تغنى و لا تسمن جوع و ما يحتاجه الآلاف في سوريا اليوم هو الغذاء و الملبس و الإيواء و الرعاية الصحية.  نطالب الدول العربية بتحويل مداخيل الزكاة و الإعانات و التبرعات الشخصية للدولة السورية  كما نطالب عديد الأطباء و المستشفيات الخاصة بإعلان  استعدادها للتكفل بمصاريف كل العمليات التي استعصى القيام بها في سوريا لأسباب متعددة و ليس عيبا أن نطالب  طبعا بعض وسائل الإعلام العربية و الغربية من إقامة برامج لجمع التبرعات و القيام بحملات تحسيس تستهدف كل الميسورين لحثهم على أداء واجب إنساني مقدس . بطبيعة الحال هناك أفكار أخرى و هناك من هو قادر على التفاعل بطرق مبتكرة أخرى.

مع ذلك نقول أن الشعب السوري ليس في حاجة أبدا لتعاطف منافق من بعض الحكام أو الدول بل هو قادر على تحمل أعباء هذه المحنة كما تحمل طيلة سنوات أعباء الحملات الإرهابية التي نظمتها أياد عربية بهدف ضرب الكيان السوري باعتباره آخر قلاع النضال و العربية و الشعب السوري يدرك أن الأعداء لا يريدون له الخير و كان همهم طيلة عقود أن لا يكون له وجود .  ربما حبس الفنان دريد لحام دمعة ساخنة كما حصل للملايين من الشعوب العربية التي تعشق الشعب السوري و تنحني إجلالا لروح المقاومة  التي يحملها دفاعا عن شرف الأمة العربية  و لكن مع ذلك  نطالب هذا الفنان بأن يتجاهل احتقارا كل هذه الدول التي فقدت إنسانيتها  و رفضت مد يد العون في تصرف وحشي ليس له مثيل في التاريخ . ستمر المأساة أيها الفنان العظيم و ستخرج سوريا شامخة عزيزة منيعة مهما تكالبت عليها أبالسة هذا القرن و مهما قست عليها الطبيعة  ، أقول هذا متذكرا عنوان مقال لي في سنة 2011 عند بداية الأزمة في سوريا : سوريا ستنتصر فمن سيراهن ؟ . أعيده الآن : سوريا ستنتصر فمن يراهن ؟.

التعليقات مغلقة.