مقال ناري للدكتور عبد الحيّ زلوم … يتساءل: هل مؤتمر الرجوب العاروري التلفزيوني هو استعراض تكتيكي أم هو تغيير استراتيجي؟
د. عبد الحي زلوم* ( الثلاثاء ) 7/7/2020 م …
مع ان جميع المخلصين من الفلسطينيين والعرب بل و أحرار العالم يتوقون الى اللحظة التي تتوحد فيها جميع الفصائل الفلسطينية لمواجهة عدو مغتصب عنصري محتل، لكن المفاجئة كانت في استطلاع أُجري في نفس يوم انعقاد المؤتمر التلفزيوني وبين ان اكثر من تم استطلاع ارائهم ابدوا تشاؤمهم وعدم تفاؤلهم من جدية هذا التصالح . تساءل الكثيرون هل ان تاريخ الضم اي 1/7/2020 قد هبط من السماء فجأة وبدون اي مقدمات ؟ وهل التحدي ومواجهة مثل هذا القرار يتم بطريقة الفزعة وبطريقة (بوس اللحى ) بين شيخي قبيلتين ؟ لم يصدق اكثر الناس ان هذا الاتفاق سيصمد او سيكون اكثر جدية من الاتفاقيات السابقة التي تم التوصل اليها خلال اخر 17 سنة ولكن الناس قد وصلوا الى درجة اليأس وأرادوا ان يكذبوا عقولهم ويصدقوا ان ساعة الرحمن قد هبطت على رام الله وديناصوراتها .
فالشعب الفلسطيني يتذكر قصة الراعي الذي صاح الذئب الذئب فخرج الناس لنجدته مرة واخرى ولم يجدوا ذئباً ، ولمّا جاء الذئب ، وصاح الراعي الذئب الذئب .. لم يصدقه أحد !
قالت اكثرية الشعب الفلسطيني “امشي مع الكذاب لعند الباب ” ، مع ان الوسواس الخناس قال لي ان ” ذَنَب الكلب اعوج ولو حطوه بستين قالب ” ، وان الامر قد لا يكون اكثر من تكتيك واستعمال حماس مرحلياً كطوق نجاة لانه في حالة الضم ستخرج الجماهير عن سيطرة السلطة وستقود حماس الضفة الغربية الى حيث لا يريدها الصهيوامريكيون واتباعهم .
-
اسارع بالقول بأن غالبية كوادر حركة فتح هم من الوطنيين الاحرار الذين سبقوا غيرهم في حمل السلاح لتحرير وطنهم وأن المشكلة لم تكن بهم وانما بقيادتهم التي قادتهم من هزيمة الى هزيمة ومن تنازل الى تنازل الى ان اوصلوا البلاد والعباد الى ما نحن فيه .
-
المشكلة في قيادتهم التي اختطفت الثورة والحركة فحولتها من ( ثورة كان اسمها ثورة حتى النصر
لتصبح ثورة حتى اخر الشهر) كما كتب احد المعلقين على مقالي الاخير وما سأقتبس من معلقين آخرين سأضعه بين قوسين ( ) .
-
هناك خلل هيكلي مؤسسي نخر في تنظيم فتح وغيرها منذ تأسيسها وحتى اليوم . فالشمولية والفردية في اتخاذ القرار بدأت بياسر عرفات ولن تنتهي بمحمود عباس . يروي فاروق القدومي احد مؤسسي فتح كيف جاء ياسر عرفات بأستاذ مدرسة يعمل في قطر اسمه محمود عباس وقال : ( كنا مجتمعين كلجنة مركزية، وفوجئنا بدخول عرفات وبجانبه شخص، قدمه لنا على أنه محمود عباس، وقال قمت بتعيينه عضواً باللجنة المركزية لحركة فتح، وأضاف القدومي، أن عباس كأنه نزل علينا من السماء، لأننا لم نسمع إسمه من قبل ذلك اليوم! عدا بابا عرفات الله وحده يعرف إسمه الحقيقي). هكذا وبكل بساطة .لكن السؤال الذي بقي بدون اجابة : لماذا اتى عرفات برجل كعضو في لجنة مركزية لحركة تحرير عن طريق الكفاح المسلح وهو لا يُخفي تفاخره بأنه لم يحمل بندقية ولم يطلق رصاصة في اي يوم في حياته ليصبح الرجل الثاني ثم الاول في حركة فتح وبدون استشارة اللجنة المركزية مسبقا ؟
-
كيف تقوم حركة مقاومة ميثاقها ينص على التحرير من البحر إلى النهر بالتخلي عن 78% من فلسطين مقابل اعتراف العدو بأن هذه المنظمة هي صاحبة الحق الشرعي الوحيد باعطاءها حق الاعتراف به والتنازل عن 78% من فلسطين .
-
ثم ما زلنا نحتاج الى تفسير لماذا قرر عرفات الذهاب الى اوسلو لمفاوضات سرية بينما كان هناك مفاوضون فلسطينيون وطنيون كحيدر عبد الشافي والذي وضع اول شرط في المفاوضات ايقاف الاستيطان في الضفة الغربية والذي كان قبل اوسلو ببضع الاف من المستوطنين واصبح اليوم يزيد عن 600 الف مستوطن . وبرنامج موضوع الضم يبدأ بضم هذه المستوطنات التي انشئت وتم حراستها وحراسة مستوطنيها من السلطة اللاوطنية ؟
-
ثم لَم يفسر لنا احد لماذا اختار عرفات استاذ مدرسة ( مع احترامي للاساتذة جميعا ) الا انه لا يملك الخبرة لا في المفاوضات بل ولا يُعرف أصله وفصله ؟ وما نحتاج الى تفسيره ايضا لماذا هرول قادة منظمة التحرير الى اوسلو لقمع اشرف انتفاضة وثورة قام بها الشعب الفلسطيني من الداخل بل وقاوموا بسجن وتعذيب قادة هذه الانتفاضة بالتنسيق مع مخابرات العدو وبعد ان تم انشاء قوة من 15000 باسم الامن الوقائي تم تشكيل هيكلتها في تل ابيب بالتنسيق مع مخابرات CIA والعدو الاسرائيلي وتم تنصيب من اسماه جورج دبليو بوش ب ( our boy ) على رأس هذه القوة ؟
يقول احد كبار المسؤوليين الاردنيين السابقين تعليقا على مقالي الاخير : ( لم يكن التقصير في حماية الحق الفلسطيني ناتجاً عن سوء تقدير في مفاوضات اوسلو ، واريد ان اضيف معلومة سبق ان كتبتها واكررها لاهميتها وهي ان الفريق الامني الاسرائيلي المرافق للفريق المفاوض في اوسلو شطب بعض التنازلات التي قدمها اركان الوفد المفاوض عن جانب المنظمة ووردت في مسودة الاتفاق الاولى بعدما حصل على تلك التنازلات الوفد السياسي الاسرائيلي المفاوض لانها كانت ستكشف مدى التورط والتنسيق المسبق والمدفوع الثمن عند بعض الذين شاركوا بالتفاوض مع الاسف .عدم كشف اسرائيل عن اسماء هؤلاء والمبالغ التي قبضوها هو مسألة وقت فقط لان دورهم لم ينتهي بعد. ) واضيف هنا ان مثل هؤلاء القادة هم واقعون تحت الابتزاز في اي لحظة يحيدون بها عن اتمام الصفقة التي عقدوها مع العدو مما يجعل امكانية ان جاءتهم ساعة الرحمن فرضية باطلة .
ـ أليس صحيحاً أن رئيس السلطة اللاوطنية حتى قبل ايام كرر عقيدته الثابتة بأن الكفاح المسلح ضد العدو هو ارهاب وستبقى مهمته محاربة الارهاب ؟
لو اردنا ان نبني على ما ذكرنا من حقائق تاريخية اعلاه فعلينا ان نتفق مع المعلقة الحرة “سعاد راعية المعيز” اذ علقت 🙁 بوابة الكفاح لتحرير فلسطين، هي تحرير رام الله من عجزة السياسة والكفاح بقيادة عباس) . لكن دعنا نفرط في التفاؤل وننسى كل ما ذكرناه اعلاه من حقائق مقابل مؤتمر افتراضي تلفزيوني ونقول فلنبدأ من جديد بما في ذلك الثوابت الاستراتيجية للعمل المستقبلي :
-
يجب التخلص من الوهم الكبير بإمكانية التعايش مع الفكر الصهيوني لانه بطبعه لا يمكنه التعايش مع غيره . فكما بينت التجارب والمفاوضات العبثية فقد رضي المطبعون والمنسقون امنيا مع العدو بالهمّ لكن الهمّ لم يقبل بهم . فالفكر الصهيوني مبني على فوقية شعب الله المختار وان الغوييم قد خُلقوا لخدمتهم .
-
يجب إلغاء اتفاقية أوسلو وكل ما نتج عنها من تنسيق امني او اتفاقية أخرى.( اشتروا اوسلو وباعوا القدس ).
-
يجب شطب منظمة التحرير الفلسطينية وكل ما وقعت من اتفاقيات بما في ذلك الاعتراف بإسرائيل والتنسيق الامني والسلطة الفلسطينية اللاوطنية والرجوع الى المربع الاول وهو التحرير بكل الوسائل المشروعة .
-
يجب بناء هيكل تنظيمي جديد يضم كافة الفصائل الفلسطينية ويعمل بطريقة ديمقراطية تشاورية يقوده جيل الشباب الوطني .
ما اقترحه هنا يتوافق مع ما طرحه الدكتور محمود الزهار على قناة الميادين في نفس اليوم الذي انعقد به المؤتمر التلفزيوني بين احد اقطاب التنسيق الامني ( الرجوب ) والعاروري .
* مستشار ومؤلف وباحث
التعليقات مغلقة.