كلمات طبيب شهيد من غزة هزم الموت 5 مرات

314

مدارات عربية –  السبت 10/2/2024 م …

كلمات معبّرة صادقة سطّرها الطبيب الفلسطيني الشهيد الشاب مصطفى النجار، ستبقى خالدة ويرويها في سجل الشهداء الخالدين الأحياء.

كان النجار – رحمه الله – يروي حكاية نجاته من القصف الإسرائيلي 4 مراتٍ متتاليةٍ، لكنّه لم يعلم أنّ الخامسة ستكون طريقه إلى عليّين حيث يرتقي الشهداء الأبرار.

وروى الطبيب مصطفى النجار شهادة موثّقة عن نجاته للمرة الأولى من الاستهداف والموت، وثم نجا منه 3 مرات أخرى، لكنه استشهد في المرة الخامسة بتاريخ 6 شباط/فبراير 2024.

 

 يقول الشهيد في كلماته “كانت المرة الأولى للاستهداف عندما كنا في طريق عودتنا إلى المدرسة التي نزحنا إليها في بداية الحرب أنا وأمي وبرفقتنا زوجة أخي وأطفالها الصغار، بعدما قضينا يوماً طويلاً في منزل أختي التي لاقت ربها شهيدة هي وعائلتها الصغيرة في استهداف آخر لمنزلهم، حيث كانت أمي وزوجة أخي تسبقاني بمسافة صغيرة لا تتعدى الخمسة أمتار، وكان ابن أخي محمد يركض أمامنا، وفجأةً وللمرة الأولى إذ بشيء قوي يدفعنا للخلف بقوة، وكان هذا الشيء عبارة عن هواءٍ قوي يصحبه غبار كثيف، ومن ثم رأيت ألسنة من اللهب والنيران تنتشر في المحيط، ورأيت حجارة تتساقط علينا لكنني لم أشعر بها، ومن ثم سمعت صفيراً في أذنيّ، كلّ هذا الشيء حدث في ثوانٍ قليلة لا تتعدى الـ 3 ثوانٍ، أدركت أننا استهدفنا، وأنني ما زلت على قيد الحياة”.

 

ويتابع النجار بالقول: “حين فتحت عينيّ لم أرَ أمي، كل شيء رأيته كان عبارة عن غبار ودخان خانق، حاولت أن أقف على قدمي، لكنني لم أستطع في بداية الأمر، أعدت المحاولة ونجحت في ذلك، لكنني كنت في حالة من عدم التوازن والسبب كان هو إصابتي في رأسي”.

 

 النجار ترك إرثاً من الحب والتضحية كطبيب عاش قضية شعبه وواصل المقاومة في إنقاذ الجرحى والمصابين وتطبيبهم حتى آخر لحظة وآخر نفس قبل أن يرتقي شهيداً.

وكان الطبيب الشاب تحدث عن نجاته أربع مرات من الموت المحقّق، بفعل الغارات الإسرائيلية، علماً أن إحدى شقيقاته استشهدت في العدوان الذي خلّف أكثر من 27 ألف شهيد حتى الآن.

وثّق ألمه وجرح غزة بتدويناته

وكتب الراحل مصطفى النجار كلمات مؤثّرة حول الوضع المأساوي في قطاع غزة، إذ قال: “هل من ميتة غير التي تقسم وجهك كتلة إسمنتية ضخمة؟ أو أن تموت ببطء عالقاً بين الركام تسمعهم يحاولون الوصول إليك ويعجزون؟ يموت الناس عادة يا الله في أسرّتهم دافئين، أو كهولاً ملّوا من الحياة ونعيمها، أما نحن فنموت قبل أن نحيا، نموت أطفالاً لا نذكر من الدنيا سوى الجوع والحصار والهلع !”.

 وتابع: “نموت جوعى في عالم تفيض قمامته بالطعام، تصعد أرواحنا إليك وقلوبنا ترفّ خوفاً على ذوينا وأصدقائنا لا أنفسنا”.

كما نعى النجار قبل ساعات من استشهاده، صديقه المسعف فؤاد أبو خماش، الذي استشهد بالغارات على قطاع غزة رفقة مسعفين آخرين.

 

  ناشطون يعبّرون بحزن

وعبّر ناشطون فلسطينيون عن حزنهم الشديد إزاء استشهاد النجار، متداولين آخر التدوينات التي كتبها في صفحته عبر منصة “إكس”.

 

و ارتفع عدد الشهداء المُسجّلين بحسب وزارة الصحة في القطاع، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إلى 27708 وعدد الجرحى إلى 67147. وكذلك، لفتت الوزارة إلى أنّ 11 ألف جريح ومريض بحاجة ماسّة وعاجلة إلى مغادرة قطاع غزّة لإنقاذ حياتهم.