الاضطراب العاطفي الموسمي / حنان بديع
حنان بديع ( لبنان ) – الإثنين 9/1/2023 م …
ترى لماذا يرتبط فصل الشتاء، بالجلوس في المنزل، وارتداء الملابس الثقيلة، واحتساء المشروبات الدافئة وقد يشعر البعض بالحنين إلى ذكرياته القديمة وتلك المفعمة بالدفء وربما يجتر المزيد من العاطفة والحزن، في الحقيقة هذا يعود لأسباب مختلفة، حيث أشارت الدراسات إلى أن مستويات السيروتونين الفردية وهي الهرمونات التي تنظم الحالة المزاجية، تنخفض عندما يكون هناك انخفاض في ضوء الشمس، ويمكن أن يؤثر ذلك على جعل الإنسان يشعر بالقلق والوحدة والرغبة في الدخول بعلاقة حب، أو العودة للحبيب السابق، وفقاً لما ذكره موقع “السرج”.
ربما لهذا غنت فيروز: “رجعت الشتوية، ضل افتكر فيي” ..
أيضا أكد الباحثون أن هناك علاقة مباشرة بين الشعور بالبرد ومشاهدة الأفلام الرومانسية، حيث يربط المشاهدون الرومانسية بالمشاعر الدافئة، لتنشيط الدفء النفسي الذي ينتشر في الجسد.
المدهش أيضا أن دراسة أخرى أجريت عام 2013 أكدت وجود زيادة في عمليات البحث في التعارف عبر الإنترنت في تطبيقات المواعدة في أشهر الشتاء، ومن ناحية أخرى يحرص الكثير من الأشخاص على الحفاظ على علاقاتهم العاطفية في الشتاء.
وكانت سالي بيكر، أخصائية علاج العلاقات في لندن، قد صرحت أن السبب الذي يجعل الناس يحيون العلاقات الرومانسية القديمة، هو تفاقم الشعور بالوحدة في فصل الشتاء، بعكس الشعور بالمرح وخوض المغامرات في فصل الصيف.
ترى هل يوجد حقاً علاقة بين الاكتئاب والبرد أو بين المطر والألم؟
الجواب هو نعم، يؤدي الانخفاض في الضغط الجوي في الجو الشتوي الماطر إلى انتقال سوائل الجسم من الأوعية الدموية إلى الأنسجة، مما يسبب ضغطاً على الأعصاب والمفاصل، فيقود إلى زيادة الألم والتصلب وتقليل الحركة، وهذه النتائج كلها تؤثر بدورها على نفسية الإنسان ومزاجه وسلوكه ورغبته في أداء مهامه اليومية.
ربما لهذا السبب فإن النرويجيين ضمن الشعوب الأكثر سعادة في العالم، لكنهم من أكثر شعوب العالم انتحاراً في ذات الوقت، وأكثر الأسباب اقتراحاً هو قلة الضوء والطقس الشتوي الطويل الذي يغلب على هذه الدول وهي الأجواء التي تذكرنا بكلمات الشاعر نزار قباني حين كتب قصيدته الشهيرة “عقدة المطر” قائلا:
أخاف أن تمطر الدنيا، و لست معي
فمنذ رحت.. وعندي عقدة المطر
لذا ليس من المستغرب أن يصبح الاضطراب العاطفي الموسمي من الاضطرابات المتعارف عليها وفي معظم الحالات، تظهر أعراضه في نهاية الخريف أو بداية الشتاء وتختفي في الأيام المشمسة خلال الربيع والصيف، قد تشمل مؤشرات هذا الاضطراب الشعور بضعف الهمة والحزن والكآبة معظم اليوم، فقدان الشغف بممارسة الأنشطة التي طالما كنت تستمتع به أو مواجهة مشاكل متعلقة بالنوم لفترات طويلة بالإضافة إلى الرغبة الملحة في تناول الكربوهيدرات والإفراط في الأكل وزيادة الوزن، صعوبة التركيز، الشعور باليأس أو انعدام القيمة أو الإحساس بالذنب، ثم تدريجياً فقدان الرغبة في الحياة!
لا أدري، هل نبتهج لأن شتائنا قصير وبخيل في أمطاره إذ يبدو الأمر كنعمة، أم أنه لا مفر من أن نشتاق إلى بعض الحزن والحنين والإيحاء الذي نعشقه بأن السماء تبكي وتدعونا معها إلى مهرجان بكاء.
التعليقات مغلقة.