الأبعاد العميقة لوقف إطلاق النار في غزة / أسعد العزّوني
أسعد العزّوني ( الأردن ) – الثلاثاء 1/6/2021 م …
عندما قلنا أن الذين وافقوا على وقف إطلاق النار في غزة بدون ما يعتد به ،وجدنا أنفسنا كمن يؤذن في مالطا ،أو من الذين زاروا البصرة بعد خرابها، لأن هناك من لا يرى أبعد من أنفه ،ويفكر بعاطفته ويغيّب عقله لأسباب كثيرة منها الخوف على المصالح على سبيل المثال.
لكننا وبعد مضي أيام على وقف إطلاق النار المشبوه ،الذي لم يتم على أسس تحفظ كرامة الشعب والمقاومة،نمتلك الجرأة لنعلل موقفنا وما إستندنا إليه في موقفنا الذي لن يتغير بناء على قراءة معمقة للوضع،إذ أن المقاومة أسكتت صواريخها التي كانت تنهمر على تل أبيب ومناطق أخرى وتشعل النيران هنا وهناك،وقتلت البهجة والفرحة في نفوسنا وقلوبنا،بينما العدو ما يزال يعبث في القدس وفي الأقصى وفي الضفة الفلسطينية وفي العمق الفلسطيني ،يقتل ويهدد بالترحيل ويجرح ويثير البهجة في نفوس وقلوب مستدمريه.
لا نبالغ إن قلنا أن من سعى إلى وقف إطلاق النار ومن وقع عليه ،إنما عمل لمصلحة وأمن وأمان وبقاء مستدمرة الخزر الصهيونية التلمودية الإرهابية ،وقد كان أول المتصلين بالأصفهاني الأصبهاني محمود ميرزا عباس غلوم القابع في مقاطعة رام الله، يتغنى بالتنسيق الأمني”المقدس”،ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وأخبره أن ما تقوم به المقاومة هو ضد المصالح السعودية ،طالبا منه وقف إطلاق الصواريخ على الصهاينة، وإلا أوقفت السعودية مساعداتها المالية لسلطة اوسلو ،لكن الأصفهاني أكد له إنه لا يستطيع إجبار المقاومة على وقف النار.
لو أن المقاومة أصرت على مواصلة إطلاق الصواريخ على الصهاينة ،لغيّرت مجرى التاريخ وليس المنطقة فقط،لأن الداخل الفلسطيني فجر ثورة ضد الإحتلال ،وكان ليحقق شيئا لولا الغدرة المسماة وقف النار غير المشروط،كما إن الضفة التي كانت تغلي إنتفضت فعليا هي الأخرى ضد سلطة المتأسرين في رام الله ،ولأصبحت هذه السلطة في مهب الريح،وربما إستطاع الشعب الفلسطيني إقتلاعها.
ولا ننسى بطبيعة الحال أن الصواريخ التي أطلقت على المستدمرين في كافة أنحاء فلسطين ،قد وضعت المستدمرين في وضع لا يحسدون عليه ،وبالتالي فإن وقف النار قد وفر لهم الطمأنينة والخروج من الملاجيء،ويقيني أنهم لو إستمروا في الملاجيء وتلقي صواريخ المقاومة ،لإجترحوا ألف وسيلة ووسيلة للهرب من فلسطين ،هربا وطلبا للنجاة بعد أن إصطدموا بالحقيقة ،وهي أن حروب المقاومة تختلف عن حروب الجيوش العربية الرسمية ،ولكان النتن ياهو قد سقط في حينها.
هناك أمر لم يتنبه إليه البعض وهو أن إستمرار المقاومة في إطلاق الصواريخ ،كان يعجّل في إنفجارات في الشوارع العربية البعيدة قبل القريبة من فلسطين،ولعبروا الحدود بطريقة أو بأخرى ،ولا نبالغ إن قلنا أن أنظمة عربية كانت مهددة بالإنقلابات في حال إستمر إنهمار الصواريخ على مستدمرة الخزر،،ناهيك عن تحركات الغرب الكثيفة ردا على جرائم النتن ياهو وجيشه،بينما كانت شعود الأنظمة المطبعة في الخليج تغلي وقاب قوسين أو أدنى من الإنفجار ضد حكامها المطبعين.
ربما يقول قائل أن حجم الدمار في غزة كان كبيرا قياسا بما أحدثته صواريخ المقاومة في تل أبيب وغيرها ،وبطبيعة الحال فإن المقارنة هنا ليست منصفة ،ولكن واقع الحال يقول أنهم يألمون كما تألمون ،ولكن وعد الله لنا يختلف عن وعده للصهاينة ،بمعنى أن الصهاينة تكبدوا خسائر معنوية أكثر من أهالي غزة ،فهم أصحاب السلاح النووي والطائرات والجيش الذي “لا يقهر” ،وأصحاب الحظوة الدولية التي بدأت تنهار لصالح الشعب الفلسطيني.
لذلك نقول إن وقف إطلاق النار مشبوه وما كان عليهم الموافقة عليه ،لأنهم أنقذوا المنهارين في إسرائيل والمنطقة والغرب وأمريكا من الإنهيار،وهذا يعني أنه يتوجب محاسبة من وقّع على وقف النار لأنه حرم الفلسطينيين من متعة مشاهدة الأبراج الصهيونية وهي تنهار ،والمستدمرين وهم يصرخون قائلين :خماس بكفي،ولن نعود إلى بيوتنا إلا بعد إن تسمح لنا المقاومة بذلك.
نختم أن من وافق على وقف النار وفي مخيلته أن يتم إستقباله هنا وهناك إستقبال الأبطال، سيكون مسؤولا عن نتائج العدوان المرتقب الجديد على غزة ،والذي ستكون نتائجه وخيمة ،إنتقاما من غزة وبالتآمر مع من سعوا لوقف النار.
التعليقات مغلقة.