الدنيا برا مجنونة / د. صبري ربيحات

0 219
د. صبري ربيحات ( الأردن ) – الإثنين 8/4/2025 م …

لا رعد ولا مطر ولا ريح، ولا وائل كفوري يصدح.. لكن الدنيا برا مجنونة بحق. ما يحدث في العالم اليوم يضع العقل في الكف فلا شيء يصدق. العالم يتغير بمتوالية يصعب استيعابها. كل شيء يتغير. الأحلام والقيم والايدلوجيات والجغرافيا. الإنسانية في ازمة تصارع للحفاظ على شيء من قيمها واخلاقياتها.

العالم يحكمه الطغاة، والديمقراطيات اصبحت شيء من الماضي. العنصرية والتوحش والاستغلال لم تعد نعوت نستخدمها لوصف المنحرفين فقد اصبحت مظاهر لكل من يملكون القوة.

الادارة الامريكية الحالية تعيد تعريف العلاقات والمصالح وتخرج على كل القواعد والثوابت التي طالما اعتبرت الولايات المتحدة راعيا لها. لغة الحوار التي اعتدنا على سماعها عند كل خلاف اختفت تماما واصبحت فصلا من الماضي بعد ان غير ترامب وفريقه كل شيء.

في اقل من شهرين استطاع ترامب قلب موازين التقاليد والقيم والاعراف الدولية، وضرب بكل قناعات البشرية عرض الحائط. لقد أظهر الرئيس البرتقالي او الأصفر ” كما يسمونه” جرأة استثنائية على تحدي المبادىء والقوانين والمعاهدات التي التزم بها العالم منذ نشوء وانطلاق هيئة الامم المتحدة.

في سابقة يصعب ان تجد مثيلا لها احدث الرئيس ترامب ومنذ تنصيبه في يناير الماضي انقلابا ايدلوجيا على الأفكار والمباديء والاسس والنظم والترتيبات والعلاقات التي التزمت بها الإدارات الامريكية منذ الاستقلال عام ١٧٧٦. فطالب بضم كندا ودعا للاستحواذ على جرين لاند وابطل عشرات الاتفاقيات وادار ظهره للناتو وابدى تفهما لمساعي روسيا التي تحارب نظاما اوروبيا كانت تدعمه الادارة الامريكية السابقة.

حرب الرسوم هي اخر اسهامات ترامب في تقويض البنية الحالية للعالم واعادة ترتيب العلاقات. الاحتلال يعيش اكثر أيامه غطرسة وتمردا فكل ما يقوله نتينياهو مقبول وكل ما يراه خطرا لا يتردد في ضربه وتدميره وسط مباركة او تواطؤ عربي.

العرب أصبحوا عربين وبعضهم اعرابا يصعب ان تميز بين مواقفهم ومواقف أعداء الامة.. الفلسطينيون منقسمون بين المقاومة والمعاونة. فبعضهم اختار العيش في كنف الاحتلال وبعضهم لا يهمه الموت في سبيل رفع الظلم ونيل الحرية وتحقيق الكرامة..

لا احد يعرف ما سينتهي اليه هذا الجنون.. لكن الامة في وضع لا تحسد عليه فلا حول لها ولا قوة ولا يوجد ما يمكن ان تبنى عليه الامال سوى ان ينقضي هذا الليل الطويل الدامس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

19 − تسعة =