فلسطين … وبدأت لعبة الخدعة  / ابراهيم ابو عتيلة                                                    

254

ابراهيم ابو عتيلة* ( الأردن ) – الأحد 14/2/2021 م … 

  • مندوب الأردن الأسبق في منظمة الفاو …                                                  

وفجأة يعلن رئيس سلطة الحكم الذاتي عن ما أسماها الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني ، وتبدأ الفصائل الأوسلوية وغيرها بالترحيب بهذا الإعلان ، ويتم توجيه الدعوة للفصائل للاجتماع في بيت المخابرات المصرية ، ويتم الاجتماع بمشاركة كل الفصائل الأوسلوية وغيرها إلا الفصائل التي تتخذ من دمشق مركزاً لقيادتها، ويحظى كل ذلك بالتصفيق والترحيب من قبل النظام الرسمي العربي المتهالك ، وفي سويعات قليلة يتفق المجتمعون على ما لم يتفقوا عليه طيلة خمسة عشر عاماً من جلسات الحوار ذات النجوم الخمسة وكأن الجلسات في بيت المخابرات له نغمة خاصة وأثر نفسي بالغ …

تتسرب الأنباء عن اتفاق الفصيلين الأكبر على جدول الأعمال وعلى البيان الختامي قبل الاجتماعات ، جدول يوافق الآخرون عليه دون نقاش ، مع احتفاظ فصيل بصيغة اللعم المعتادة على البيان الختامي وفصيل آخر يوافق على كل شيء إلا المشاركة في الانتخابات متعهداً بعدم العمل على تعطيلها .

تساؤلات كثيرة صاحبت الإعلان عن الانتخابات وسرعة الاستجابة للدعوة إليها فهل سينتهي ذلك بإجرائها أم أن ظروفاً جديدة ستؤدي إلى غير ذلك ..  وحتى يمكن معرفة ما يحصل لابد من التوقف عند بعض الأمور وأهمها :

·        لماذا الانتخابات .. فالجواب علي ذلك يتضمن سر العملية .. ومع تسرب التفاهمات الفتحماسية عن القوائم والاستعداد لتشكيل قوائم موحدة أو متفق عليها يوضح بأن الأمر أقرب للصفقة وتوزيع الأدوار منه إلى الديمقراطية والتنافس وإزاحة الحزب – التنظيم – الحاكم ، وطالما كان ذلك فإن الهدف الأكبر يكمن في مبايعة ( عباس ) وتفويضه من خلال ( شرعية الصنوق ) للاستمرار في نهج أوسلو والمفاوضات الملهاة ودغدغة عواطف البعض بوهم حل الدولتين الذي يتناقض وشريعة التلمود وأسس مبررات وجود اليهود على أرض فلسطين ، فما هو مقترح للدولة الفلسطينية الوهمية من جغرافية الأرض يقع على أرض ( يهودا والسامرة ) الذي يعتبر الركن الأساس في إدعاءات الصهاينة بحقهم في فلسطين .

·        جاءت الدعوة لهذه الاجتماعات مع قدوم إدارة أمريكية جديدة ترغب في إبراز وجه جديد في المنطقة يغاير الظهور الترامبي سواء من حيث موقفها من وهم الدولتين أو من ايران والاتفاق النووي وهو ما يحتاج إلى تنازلات فلسطينية جديدة على أن يكون ذلك ضمن تغيير مواقف إقليمية متعددة ، ولعل رفع أنصار الله ( الحوثيين ) من قائمة الإرهاب الأمريكية إلا أحدها عدا عن تبادل الموافقات المشروطة بين ايران وأمريكا إلا واحد منها .. فإن عادت أمريكا للإتفاق سنعود للإلتزام ببنوده وإن عادت ايران للإلتزام سنعود للإتفاق.

·        وارتباطاً بالبند السابق فمن الصعب إبعاد مشاركة الجهاد الإسلامي عما يدور بين أمريكا وايران هي الحركة ذات المواقف المتصلبة دوماً من أوسلو ولكل ما يمت بصلة لأوسلو ، وهي الحركة المحسوبة أصلاً على تبني كافة المواقف الايرانية ، فكيف شاركت في اجتماع كل محوره الانتخابات التي ستجري تحت سقف أوسلو وكيف تعلن عدم المشاركة فيها وعدم العمل على تعطيلها فلو فرضنا جدلاً بأن مناصريها قدد قاطعوا عملية التصويت فإن اصواتهم ستحسب مع الموافقين على العملية الانتخابية ، ولعل ترويج قناة المياددين ايرانية الروح والقلب والهوية للانتخابات إلا جزء من ذلك خاصة مع تركيزها على استضافة كبار المؤيدين للعملية الانتخابية .

·        إن مشاركة حماس في هذه الانتخابات بعد الاجتماعات تكشف عنها وريقة التوت الأخيرة فهي تعني بالضرورة موافقتها على أوسلو وعلى التنازل عن أربعة أخماس فلسطين ولا مبرر هنا للمراوغة .. فالإخونج لم يكونوا يوما بعيين عن ما يجري وما مشاركتهم في الاننتخابات السابقة 2005 إلا دليل آخر يتم تأكيده هذه المرة عدا عن التصريحات من قياداتهم التي تؤيد حل الدولتين .

·        أما عن اليسار فتلك قصة أخرى فلقد ارتضى اليسار لعب دور الكومبارس التجميلي بهدف ابراز التنوع الفكري أما عن المشاركة فقد دخلوا الأرض المحتلة تحت غطاء أوسلو وشاركوا في انتخابات 2005 .. ورغم صيغ الرفض التي نسمعها احيانا من الجبهة الشعبية إلا انها لا تعني شيئاً على أرض الواقع ، في الوقت الذي يقف فيه اشباه اليسار من شيوعيين وديمقراطية و … مع الانتخابات قلباً وقالبا .

·        وفيما يتعلق بالمجلس الوطني فسيخضع كما دائماً للمحاصصة والتوافق بين التنظيمات وسيمثل الشتات الفلسطيني بغير ممثليه الحقيقيين ، ومن هنا ذهبت الجهاد في قولها بانها ستشارك في المجلس الوطني لضمان حصتها ….

·        إن الإعلان المبكر عن حجم المسحلين للانتخابات مخادعة هدفها المزيد من جذب المساعدات وبث الوهم في عقول الشعب ..

·        ولعله من المضحك أن يعلن أحدهم بأن الانتخابات ستتم ( غصباً عن الاحتلال ) فكيف ذلك وتمويل العملية بالكامل سيكون مصدره من الاحتلال ممثلاً بأمريكا وبعض حلفائها والفائز منها سيقدم أوراق اعتماده للاحتلال وأمريكا في ذات الوقت لتستمر عملية التنازل والتخاذل بغطاء من شرعية كاذبة .

·        وأما ما نسمعه  من تفاهمات بين فروع فتح فربما يحصل ولو بالحد الأدنى في ظل الضخ المالي الخليجي والرغبة العربية … وفيما يتعلق بمشاركة من هو في المعتقل فهي أهزوجة لن تتحقق .

لكل ما سبق أقول بأن عملية الانتخابات ما هي إلا لعبة ولكنها هنا لعبة الخدعة فكل ما فيها يحوي ويتضمن الخداع للشعب وتزوير إرادته من أجل تثبيت اتفاقات تتعارض مع الحق ومع المنطق ومن أجل تثبيت كيان العدو بشرعية فلسطينية .