الطفل عمر.. أحرق الاحتلال الصهيوني جسده وحرمه من أمه وإخوته

261

مدارات عربية – الخميس 25/4/2024 م … 

عمر الحصري (13 عاماً)، طفل من مدينة غزة، يحب الحياة ويرغب بالعيش كباقي أطفال العالم، لكن الاحتلال شوّه جسده الغض بصاروخ استهدفه وعائلته وأحرق 70% من جسده، وأفقده والدته وإخوته الصغار.
وروى الطفل الحصري ما حدث له ولعائلته، قائلاً: “أعدت لنا أمي طبقاً من الحلويات وبعدها ذهبت لتعد لنا الخبز، وفجأة سقطت 7 طوابق علينا”.
وأضاف: “طار أخي، وسمعت صوت سقوطه على سقف الجيران، وصراخه وهو يستنجد كي ننقذه، لكني لم أكن أقو على تحريك جسدي، لينقطع الصوت بعدها”.
وتابع: “شعرت بحروق في وجهي وجسدي وملابسي، ثم سمعت صوت أبي، فلوحت بيدي، وعندما رآني جاء الجيران وحملوني إلى العيادة، وأغمي علي عندما رأيت أبي ينزف”، وعلمت بعدها أن والدتي وإخوتي قد استشهدوا.
وبيّن أنه لم يكن يقوى على الحركة ولا الأكل ولا فعل أي شيء، وقال: “بفضل الله ثم الممرضة التي كانت تتابع حالتي ووالدي الذي يحضر لي العلاج الذي كلفه ما يفوق 2000 شيكل، بدأ جسدي في التحسن والحركة والمشي”.
وينتظر الحصري بفارغ الصبر السماح له بالسفر واستكمال العلاج.
وتوجه برسالة إلى كل ضمير حي في جميع أنحاء العالم، قال فيها: “أنا طفل ومن حقي أن ألعب وألهو مع أصحابي، من حقي أن أسافر الآن لأستكمل علاجي، فالأوراق الطبية وجوزات السفر جاهزة لكن بحاجة لتسهيل الدخول لجنوب القطاع”.
وبعد استشهاد زوجته وطفليه، بات الأب وابنه الناجيين الوحيدين من المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال بحق عائلة الحصري.
وروى والد الطفل عمر كيف ارتكب الاحتلال جريمته بحقه وعائلته، وأوضح أن بداية الحكاية كانت بتدمير منزله بمنطقة الكرامة في الأسبوع الأول من الحرب.
وقال: “نزحت من مكان لآخر، وتنقلت من مركز إيواء لآخر، حتى استقرينا في منزل عائلتي المكون من سبعة طوابق، وأقمت في الطابق الثالث أنا وزوجتي وأبنائي الثلاثة”.
وأضاف: “في 24/3/2024 كنت جالساً أمام باب الشقة وفي محيطنا قذائف الدبابات ورصاص المسيرات تتساقط بشكل مرعب ومخيف، فجاءت زوجتي وحدثتني عن رؤية في منامها وأن تفسيرها بأننا سنفترق، فاستغربت ذلك، وقلت: لم أترككم طوال الحرب والآن أترككم؟ لعلها أضغاث أحلام”.
وفي الساعة الثانية بعد الظهر، قرر الحصري الأب إحضار مياه دون أن يخبر أحداً، خوفاً من لحاق أطفاله به في ظل القصف المتواصل بالمكان.
وشرح الحصري لحظة سقوط الصاروخ على عائلته وما خلفه من أذى مادي ومعنوي، قائلاً: “ما إن خرجتُ وعدتُ وإذ بصوت غريب يشبه صوت صاروخ، فاحتميت ببيت مجاور للعمارة التي نقطنها، وقلت: الله يستر”.
وأضاف: “تحول المكان إلى ظلام دامس وأحجار كبيرة تسقط متوالية على جسدي وأكبرها على رأسي، فجلست في وضعية السجود أناجي الله وأقول: يا رب””.
وتابع الحصري: “أحسست بأن شيئاً يخيم عليّ وأنني ما زلت على قيد الحياة، حتى شاهدت ضوءاً ينفذ إلي، فخرجت مسرعاً لأعرف ما الذي حدث وقد كان رأسي ينزف، وناديت بأعلى صوتي على زوجتي وأبنائي بأسمائهم، فلم يجبني أحد”.
في تلك اللحظة، فقد نظارته ولم يعد يرى جيداً، فأخبرته إحدى الجارات بعد سؤالها عن مكان الاستهداف أنه في العمارة التي يقطنها، وقال: “حينها أصابتني حالة هستيرية خاصة أن من حولي تردد في مساعدتي خوفاً من الاستهداف مرة أخرى”.
وقال الحصري بصوت تخنقه الدموع: “ما إن رأيت العمارة قد سويت بالأرض حتى حمدت الله وأجهشت بالبكاء”، واصفاً ذلك الموقف بأنه أصعب شيء في حياته “حيث إن أبنائي وزوجتي تحت الركام ولا أستطيع أن أفعل أي شيء”.
وأضاف: “فجأة شاهدت خيال يد تلوح، فقلت لجاري انظر ها هي، ظنا مني أنها زوجتي، لحظتها أقبل الجيران واصطحبني بعضهم لمدرسة كفر قاسم لإيقاف النزيف الذي في رأسي، وقالوا إنهم سيكملون المهمة”.
وتابع: “ما إن انتهى الطبيب من تغريز الجرح، وإذا بصوت يقول ها نحن أحضرناه، وإذا به عمر في حالة يرثى لها، فقد كان شكل جسده مخيفاً من شدة الإصابات والحروق التي فيه، قلت في نفسي: إن عاش فالحمد لله رب العالمين”.
وبعد أن أخبره الجيران بأنهم لم يجدوا زوجته وأبناءه، وكّل أمره لله، وأصبح همّه إنقاذ عمر الذي لم يجد له أي سيارة إسعاف تنقله إلى المشفى.
وقال: “وضعته على عربة ومشيت به وأنا أتوسل وأطلب العون من الله أن يسخّر لي من يساعدني، فلم أكن أقوى على المشي من شدة ما مررت به، فضلاً عن القصف والرصاص الذي يحيط بي”.
وأوضح أن جسد طفله احترق بنسبة 70%، وفقد حاستي السمع والبصر أياما، كما أنه لم يكن يقوى على تناول الطعام أو السير خطوة واحدة، مستدركاً: “بفضل الله تحسنت حالته الآن وبدأ يسترد ذلك تدريجياً”.
وأكد أن الإمكانيات ضعيفة جداً في مستشفى كمال عدوان ولا يتوفر فيه أي من العلاجات المتعلقة بالحروق، بل كان يتم التغيير على الحروق يوما بعد آخر لعدم توفر الشاش بشكل جيد في المستشفى.
وقال: “كنت أعمل على توفير المراهم والعلاجات بنفسي من خارج المشفى، ولا تكاد تجدها إلا بشق الأنفس وبأسعار مرتفعة جداً وأحيانا خيالية، لكنني أضطر لشرائها لأجل سلامة طفلي”.
ولفت إلى أن عمر كان يعاني من الحروق التي تدفعه لحكها، فيمسك بيديه ويمنعه كي لا يؤذي جسده، “كنت لا أنام سوى ساعتين”.
وشدد على حاجة طفله لاستكمال العلاج خارج قطاع غزة، مبيناً أن منظمة الصحة العالمية تكفلت بعلاجه.