بعد تصريحه الخياني بأنه ليس بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ، إسرائيل تعلن أنها قد ندعو الجولاني للصلاة في “الأقصى”
سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، وفي حينه لم يستغل كما ينبغي. في 2011 بدأ “الربيع العربي” الذي أدى إلى انهيار دول عربية، فيما وجدت إسرائيل نفسها كجزيرة استقرار وقوة في منطقة عاصفة. حزب الله أخذ يغرق في الحرب الأهلية في سوريا، لكن بدلاً من استغلال الوضع ومهاجمته، فضلت إسرائيل الانتظار حتى تعاظمت قوته وهاجمنا.
الربيع العربي جلب أيضاً فرصاً سياسية. لكن بدلاً من الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين فيما نحن في موقف تفوق والعالم العربي في ضعفه، اختار نتنياهو التباهي في تلك السنين بما سماه “العصر الذهبي” لإسرائيل واتهم معارضيه بكونهم “مخللين”. المسألة الفلسطينية دحرت في حينه إلى الزاوية، إلى أن تفجرت في وجوهنا بوحشية في 7 أكتوبر. وباستثناء اتفاقات إبراهيم، التي هي الأخرى تحققت بقدر كبير بفضل إدارة ترامب السابقة، لم تستغل إسرائيل الربيع العربي لصالح مستقبلها.
علينا هذه المرة استغلال ضعف المحور الشيعي واستعادة قوة الردع لمبادرات تترجم الإنجازات العسكرية لتحولات سياسية. عملياً، الأمر الأول الذي ينبغي عمله هو التطلع إلى صفقة كاملة في غزة تعيد كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب، بالتوازي مع استبدال حكم حماس لسلطة فلسطينية خاضعة للرقابة، إلى جانب حضور لدول عربية هناك. بالتوازي، ينبغي التوجه إلى الفلسطينيين بعرض لاستئناف محادثات السلام. نعم، الآن بالذات، حين بات واضحاً للفلسطينيين أن حماس فشلت وأعداء إسرائيل في ضعفهم، ومن المجدي تحريك المسيرة السياسية. كما أن الأمر سيساعد على تحسين صورتنا في العالم.
يمكن التفكير أيضاً بمبادرة جريئة تجاه سوريا الجديدة؛ فالإيرانيون والروس والأتراك والأمريكيون الآن يحاولون تحقيق نفوذ على الحكم، فلماذا لا نفاجئ بدعوة الجولاني لزيارة القدس، بما في ذلك الصلاة في الأقصى، مثل زيارة أنور السادات في 1977؟ يبدو هذا خيالياً، لكن ربما يكون مبادرة حتى أهم من زيارة السادات، لأنه إذا ما استجاب الجولاني للدعوة فيمكنها تشكيل مصالحة مع العالم الإسلامي وليس مع دولة فقط.
كما لا ينبغي لإسرائيل أن تكتفي بالتشديد على وقف النار مع حزب الله، بل العمل على اتفاق سلام مع لبنان، في الوقت الذي يفقد حزب الله قوته وإيران نفوذها هناك. في هذا السياق، يمكن التفكير أيضاً بدعم حكم ذاتي للدروز في سوريا وتعزيز الحلف مع الأكراد.
كل هذا ممكن بخاصة في ضوء دخول ترامب إلى البيت الأبيض. التاريخ يشهد بأن انتهاء الحروب ينطوي دوماً على فرص لتغيير الواقع. ولا وقت أفضل لمحاولة حقيقية لتغيير وجه الشرق الأوسط. لهذا الغرض مطلوب قيادة لا تكتفي بالخطابات عن إنجاز استراتيجي عسكري، إنجاز لن يبقى منه شيء إذا لم نستغل اللحظة المناسبة التاريخية هذه.
******************************