مشاهد من اجتياح رفح ومجازر الاحتلال الواسعة / محمد الجمل

251

مدارات عربية – الأربعائ 8/5/2024 م …
كتب محمد الجمل:

دخل العدوان الإسرائيلي الواقع على محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، يومه الثاني، ضمن العدوان المتواصل على القطاع، لليوم الـ 214 على التوالي، وسط تصاعد في المجازر، وإغلاق معبر رفح، ومنع دخول المساعدات، واستمرار نزوح عشرات آلاف المواطنين.
“الأيام” نقلت مشاهد جديدة من العدوان المستمر على رفح، منها مشهد تحت عنوان: “مجازر وجرائم في كل مكان”، ومشهد آخر يوثق النزوح تحت القصف والخوف، ومشهد ثالث بعنوان: “خروج مستشفى النجار عن الخدمة”، ومشهد رابع يسلّط الضوء على مخاطر احتلال معبر رفح.

مجازر وجرائم كل مكان
مع بدء العدوان الواسع على مدينة رفح، بدأ جيش الاحتلال بتنفيذ مجازر وجرائم قتل على نطاق واسع، ليس في مناطق شرق رفح فحسب، بل في كل أنحاء المحافظة.
فقد شن الاحتلال أكثر من 100 غارة خلال الساعات العشرين الأولى من العدوان، وقصفت الطائرات عشرات المنازل معظمها مأهولة.
وأكدت مصادر مطلعة، أن الاحتلال أعدم أكثر من 20 شخصاً من عناصر تأمين المساعدات، كانوا متواجدين داخل معبر رفح قبل محاصرته.
وأشارت المصادر إلى أن هناك عدداً كبيراً من المنازل المأهولة جرى قصفها بصورة متعمدة في مناطق شرق رفح، دون أن تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليها، لإخلاء الشهداء والجرحى.
كما تم صباح أمس استهداف النازحين على طريق صلاح الدين شرق رفح، ما تسبب بسقوط ضحايا لا يعرف عددهم حتى الآن.
وقال المواطن بلال حسونة، إنه شاهد خلال فراره من المنزل شهداء وجرحى في الشوارع، والطائرات تلاحق كل شخص يسير على شارع صلاح الدين، وتطلق النار والصواريخ باتجاه المواطنين.
وذكر أن ما يحدث شرق رفح، إعدامات للمدنيين، والقصف يطال كل شارع وحي، مع تعمّد الاحتلال إطلاق قنابل حارقة، أدت إلى اندلاع حرائق كبيرة في المنطقة.
وبيّن حسونة أنه اتصل على صديق محاصر في منطقة الشوكة، التي تقع أقصى شرق رفح، وأخبره بأن الوضع هناك كارثي، والاحتلال يتعمّد قتل كل شخص يراه، وأن عشرات المواطنين محاصرون في منازلهم، ولا أحد منهم يستطيع التحرك.
وكانت منظمات دولية من بينها وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، حذرت من أن اجتياح رفح، سيؤدي إلى كارثة، ومجازر غير مسبوقة.

النزوح تحت القصف
أُجبر أكثر من 400 ألف مواطن على النزوح عن منازلهم في مناطق شرق محافظة رفح، وسط تصاعد في القصف والغارات الجوية، وفي أجواء من الرعب والقصف غير المسبوق.
وتعمّد الاحتلال استهداف النازحين، حتى وهم يغادرون منازلهم، ما تسبب بسقوط إصابات وجرحى في صفوفهم.
وأشارت المواطنة إيمان شقفة، التي تقطن حي تبة زارع، شرق رفح، إلى أنها استفاقت على مناشير تتساقط من الجو، تحتوي على أوامر إخلاء فورية لسكان المنطقة، موضحة أنها وبعد التشاور مع زوجها قررا النزوح، وحين وصلت المركبة التي تقلهم كانت الساعة قاربت على الخامسة مساءً، وبينما هم ينقلون أغراضهم وحاجياتهم إلى المركبة، جرى استهدافهم بأربع قذائف حارقة بصورة مباشرة، وقد نجوا من الموت بأعجوبة، وسارعوا بمغادرة المنطقة.
وأكدت شقفة أن الاحتلال كان يتعمد استهداف النازحين، وهناك شهداء وجرحى سقطوا جراء ذلك.
بينما قال المواطن أحمد شيخ العيد، الذي يقطن بلدة الشوكة، إن الاحتلال لم يمنحهم حتى ساعات للخروج من المنازل، وباشر بالقصف على المنازل والشوارع، ما نشر الخوف والرعب، وقتل وجرح العشرات من المواطنين وهم ينزحون.
وشدد على أن ما يحدث شرق رفح جرائم، فالاحتلال طلب من المواطنين النزوح، ثم باشر باستهدافهم، مبيناً أن الكثير من المواطنين أخلوا منازلهم دون أن يتمكنوا من أخذ أي شيء من أمتعتهم، وكان هدفهم فقط النجاة بأنفسهم وعائلاتهم من القصف.
وأوضح أن هناك مواطنين حوصروا في منازلهم رغم أنهم كانوا ينوون النزوح، لكن شدة القصف، وتساقط القذائف في الشوارع، جعلهم عاجزين عن الخروج منها، وتمت محاصرتهم.

خروج مستشفى النجار عن الخدمة
تعمّد جيش الاحتلال إخراج مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار عن الخدمة بشكل كامل، عبر وضع مربع المستشفى الكائن في حي الجنينة شرق محافظة رفح، ضمن مربع الإخلاء، إضافة إلى استهداف محيطه بالقصف، ما أجبر الأطقم الطبية على إخلائه، ونقل المرضى والجرحى.
وبات المصابون والمرضى يُنقلون إلى المستشفى الكويتي التخصصي وسط رفح، وهو مستشفى خيري صغير، كان مخصصاً بالأساس للعمل كعيادات خارجية، وعمليات جراحية بسيطة دون مبيت.
وبسبب كثرة الجرحى في رفح بسبب كثافة القصف، تم نقل المصابين الى مستشفى غزة الأوروبي رغم خطورة موقعه، حيث يقع على حافة الإخلاء قرب رفح.
وأكد أطباء في مستشفى الكويتي، أن الوضع الصحي في رفح صعب، وبات على حافة الانهيار، فحتى المستشفيات الميدانية التي جرى إنشاؤها مؤخراً مكتظة، ولا تستطيع استيعاب الجرحى.
ونوّه الأطباء إلى أن سيارات الإسعاف تنقل الجرحى إلى مستشفى الكويت الذي بات مكتظاً، ولا يوجد مكان آخر يمكن نقل الجرحى إليه، ولا أحد يستطيع الوصول إلى مستشفى النجار، حتى نقل بعض الأدوية واللوازم الطبية بات أمراً مستحيلاً في ظل الوضع الراهن.
وقال المواطن عبد الله يوسف، إن شقيقه أصيب جراء الغارات الجوية شرق رفح، وجرى نقله إلى المستشفى الكويتي، ومن ثم إلى مستشفى غزة الأوروبي، وكلاهما يعاني اكتظاظاً غير مسبوق، والوضع هناك كارثي.
وأشار إلى أن الجرحى في كل ركن وزاوية، والأطباء والطواقم الطبية وعددهم قليل، غير قادرين على التعامل مع كم الجرحى الكبير جداً، ممن باتوا يتوافدون على مدار الساعة.

إغلاق معبر رفح ينذر بكارثة
بات واضحاً أن احتلال وإغلاق معبر رفح كان من ضمن الأهداف الأولى للعملية البرية في المحافظة، فبعد ساعات قليلة من بدء الاجتياح البري، دخلت الدبابات معبر رفح، واحتلته بالكامل، وجرى تحويله إلى ثكنة عسكرية.
ووفق المصادر القليلة التي استطاعت نقل ما يجري داخل المعبر، فإن الدبابات خرجت من معبر كرم أبو سالم، واتجهت غرباً حتى وصلت معبر رفح، واحتلته بالكامل، ودمرت مخازن المساعدات التي نجت من الحريق، الذي سبق وأحدثه الاحتلال في المعبر جراء القصف.
وأكدت المصادر ذاتها أن محيط المعبر تعرض لقصف جوي ومدفعي مكثف، بينما جرى تحويل صالات المسافرين إلى ثكنات لجنود الاحتلال، وسط أعمال حفر وتخريب كبيرة داخله.
وفور إغلاق المعبر بدأت السلع والمواد الغذائية تشح من الأسواق، في ظل تهافت المواطنين على شرائها، خشية أن تطول فترة إغلاق المعبر، حيث شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً كبيراً.
ولفت باعة وتجار إلى حدوث شح كبير في السلع في الأسواق، وارتفاع أسعارها، وسط حالة من الخوف والذعر من حدوث مجاعة، بعد سيطرة الاحتلال على معبر رفح، وإغلاق منافذ وصول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وقال المواطن وائل حسن، الذي يعمل في المجال الإغاثي، إن اغلاق المعبر كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فأكثر من 2 مليون شخص في القطاع باتوا بلا أي مصدر للغذاء أو الوقود.
وبيّن أن الكارثة ستظهر في وقت قريب، مع توقف محطات المعالجة وآبار المياه عن العمل، وتعمق أزمة الغذاء، مشيراً إلى أن احتلال مناطق شرق رفح، أدى إلى احتجاز كميات كبيرة من المساعدات، الموجودة حالياً في مخازن ومستودعات شرق المحافظة، ما حرم المواطنين منها.
وإضافة إلى كونه معبراً مسافرين، فإن معبر رفح، هو المصدر الوحيد لوصول المساعدات والوقود إلى قطاع غزة.
وطالب مواطنون بأن يتحمل الاحتلال المسؤولية المدنية الكاملة عن قطاع غزة، باعتبارها سلطة احتلال تسيطر على القطاع من جميع الجهات، وأن يوفر السلع الغذائية، والمواد التموينية، والكهرباء، والماء، والوقود، وغيرها.