امرأة عظيمة من بلدي حماة … بدرية بنت علاء الدين الكيلاني / خالد جزماتي

197

 خالد جزماتي ( سورية ) – الإثنين 25/3/2024 م …

أكتب عن الماضي الجميل وأصحابه ولا أرتوي .. لماذا ؟ لبشاعة الحاضر وقسوته ..!
ومن ذلك الماضي الجميل امرأة أصيلة بنت عائلة أصيلة كرست نفسها وحياتها للمساهمة في نهضة المجتمع الذي تعيش فيه ، فكانت رائدة وعاملة لنهضة المرأة في سورية بشكل عام وفي مدينتها حماة بشكل خاص ، وانتصرت على جمبع المعوقات المجتمعية التي حاولت كبح جموحها نحو التطوع في العمل الجماعي النسائي.

وهي التي نذرت نفسها للعمل الجاد للقضايا الانسانية والوطنية ، وهي التي أدركت بشكل مبكر ، أن التعامل مع المحتلين الأجانب يتطلب من النساء القيام بواجب تعلم الفروسية منذ الصغر ، وقد نفذت ذلك التوجه على نفسها ، فكانت فارسة منذ صغرها ، وعندما سافرت الى دمشق تعلمت مهنة الخياطة.

ثم عادت الى حماة وافتتحت مشغلا للخياطة علمت فيه عشرات الفتيات فن الخياطة حتى يستطعن الحصول على دخل مادي يساعدن من خلاله أهلهن ، وبذلك يستطعن اثبات وجودهن في المجتمع ، لأن المال يساهم في تكوين اشخصية المستقلة ، بل وفي النهوض بتعليم المرأة بشكل سلس ومريح.

بدرية الكيلاني، وُلدت في حماة بحي الكيلانية عام 1916 وأبوها علاء الدين الكيلاني وأمها اّمنة بنت محمد علي الكيلاني رحمهم الله جميعا.

عرفها المجتمع الحموي جيدا وذاعت شهرتها ، بأنها المحبة للفضيلة ، بل ورؤوفة بالحيوان ، فقد كان منزلها ملجأ للقطط الشاردة ، حيث رعتهم وأطعمتهم مما تشتريه لهم من مالها الخاص ، ولقد تتبعت دورات في الاسعاف والتمريض.

وساهمت في ثورة حماة بتنظيم أكثر من ثمانين امرأة لمداواة حرحى حماة من ثوارها عام 1945 ، وأنشأت مركزا اداريا لنقل الذخائر للمجاهدين الذين يحاصرون الفرنسيين وخاصة في معارك أواخر شهر أيار عام 1945 ، وقمن بتوزيع البطانيات وغير ذلك مما يحتاجه المجاهدون من طعام ولباس وشراب.

وهي التي انتسبت الى المنظمات العسكرية الفلسطينية من أجل تحرير فلسطين من النهر الى البحر ، وكان ذلك الانتساب سببا لدعوتها الى مؤتمر بلودان عام 1946 ، ولما حضرت المؤتمر كانت جريئة في طلباتها من المؤتمرين ، وعلى رأسهم الأمين العام للجامعة العربية ، حيث طلبت منه الاتصال بالمجاهدين العرب واعادة الاعتبار لهم والاستفادة منهم وعلى رأسهم القائد المجاهد فوزي القاوقجي.

أخيرا ، كانت المرحومة السيدة بدرية الكيلاني كريمة عطاؤها للأطفال عظيم تحبهم ويحبونها ، وكانت ترعى المحتاجين الفقراء وتطبخ لهم في بيتها وجبات على حسابها الخاص ، وقد قال عن ذلك قريبها الشاعر نجيب الكيلاني :

كانت اذا أعطت فضول نقودها … جادت علينا بالعطاء بكثرة
أجزت سخاء لا أشك بنبله … فجزاها ربي في علاه بجنة

ربما من المفيد ذكر قول الشاعر عدنان الكبيسي عنها :
هذه الشخصية العظيمة كان حقا علينا أن نطلق عليها ” أم حماة ” تيمنا بأم الشام أخت السلطان صلاح الدين الأيوبي.
كان عام 1980 عام وفاة المرحومة بدرية الكيلاني ، كما روت السيدة ماجدة العلواني الكيلاني.
وحسب رواية قريبها السيد علاء الدين الكيلاني فيقول بأنها توفت يوم 18 / 2 / 2013

رحم الله الرجال العرب القدوة والنساء الماجدات المجاهدات في جميع ميادين الحياة