مهزلة إنزال مساعدات أمريكية جوا الى غزة! / سماك العبوشي

192

سماك العبوشي ( العراق ) – الأحد 3/3/2024 م …

بعد يومين فقط من قيام إسرائيل بقتل عشرات الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات الإنسانية في إطلاق نار مباشر في شارع الرشيد شمالي الغزة، فيما سمي بـ (مجزرة الطحين)، فإذا بالأنباء العالمية تطالعنا وتفاجئنا بنبأ استعداد الولايات المتحدة الامريكية بإنزال المساعدات الإنسانية على قطاع غزة جوا، هذا في وقت كان تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قد أشار بأن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة (أي ما يعادل ربع سكان القطاع) قد باتوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة!!.

لعل من المفارقات المضحكة أن نرى الولايات المتحدة الامريكية التي ساندت وآزرت إسرائيل بحصارها وتجويعها لأبناء غزة تارة، وتارة أخرى بقتلهم وذبحهم بأسلحتها الأمريكية الفتاكة طيلة 148 يوما متواصلة، فإذا بها اليوم وبشكل مفاجئ تضع قناع الإنسانية والرحمة فتعلن عن استعدادها لتأمين (بعض) حاجات أبناء غزة عن طريق الإنزال الجوي الأمريكي!!

وعلى ضوء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية هذا، فإن جملة من التساؤلات الملحة تطرح نفسها:

– الم يكن بمقدور الولايات المتحدة الامريكية – حليفة أسرائيل الكبرى والعظمى – إجبار إسرائيل على فتح المعابر البرية التي طال انتظار قوافل المساعدات عند بواباتها، وبالتالي دخولها وتوزيعها على أبناء غزة الذين يتضورون جوعا وعطشا ومرضا!!!؟

– الم يكن بمقدور الولايات المتحدة الامريكية التوقف ولو لمرة واحدة عن استخدام حق النقض الفيتو الذي تتمتع به في مجلس الامن من أجل تمرير قرار إيقاف القتال والعدوان الوحشي على غزة، لتتمكن بالتالي قوافل المساعدات الإنسانية من الوصول بيسر الى أبناء غزة عن طريق المعابر الحدودية التي تتحكم بها إسرائيل بالمطلق!!؟ 

– من الذي سيضمن عدم تكرار حدوث مأساة قتل المواطنين الغزاويين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي (جوا أو برا) كما فعلت في مجزرة (كيس الطحين) الذي أودى بحياة 116 غزاويا!!؟

– ما هي مفردات ومكونات وطبيعة مواد المساعدات الإنسانية التي ستقوم الولايات المتحدة الامريكية بإلقائها – جوا على غزة، وكم ستكفي هذه الوجبات يا ترى!؟

– وهل سيكون لإسرائيل يد في اختيار نوعية هذه المواد الملقاة جوا!؟

– وهل سيكون لإسرائيل يد في اختيار أماكن إلقاء هذه المواد جوا!؟

– ما مصير المعابر الحدودية البرية!!؟

ختاما …

في حقيقة الأمر، فإنني لم أكن الوحيد الذي استغرب واستهجن واستخف بإعلان الولايات المتحدة الأمريكية المتمثل باستعداد طائراتها لإنزال المساعدات الإنسانية على قطاع غزة جوا، وبالتالي إنقاذهم من المجاعة المتحققة أولا، ومن الإبادة الجماعية وسفك دماء أبنائها ثانيا، فها هو (روبرت فورد)، السفير الأمريكي السابق في الجزائر وسوريا يكتب منشورا تهكميا على منصة أكس، يتحدث بمرارة وسخرية عن تلك العملية الامريكية المزمع تنفيذها جوا، واصفا إياها بأنها أسوأ إذلال تقوم به إسرائيل بحق حليفتها وسندها وداعمها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال وأقتبسه نصا مترجما: “رأيت إسرائيل تهين الإدارات الأمريكية السابقة، لكن بصرف النظر عن الغارة الجوية الإسرائيلية القاتلة عام 1967 ضد سفينة البحرية الأمريكية ليبرتي، فإن الولايات المتحدة تُجبر الآن على القيام بإنزال جوي للمساعدات على غزة كما لو أن الولايات المتحدة ليست أفضل من مصر والأردن، ويعد أسوأ إذلال إسرائيلي للولايات المتحدة الأمريكية شهدته في حياتي”… انتهى الاقتباس!!، ويسترسل (روبرت فورد) بتهكمه وسخريته فيقول وأقتبس نصا: “ويجب أن أضيف أن الولايات المتحدة ستقوم بإسقاط المساعدات الإنسانية جواً لسكان غزة إذا وافقت القوات الجوية الإسرائيلية بكل لطف على عدم إسقاط الطائرات الأمريكية فوق غزة”.. انتهى الاقتباس!!

ومثال آخر على استخفاف إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية، فنذكر قضية (جوناثان بولارد)، محلل معلومات سابق في سلاح البحرية الأميركية الذي سجن 30 عاما بأميركا لتجسسه لحساب إسرائيل، والذي القي القبض عليه عام 1985 خارج السفارة الإسرائيلية في واشنطن، والذي صدر بحقه حكما بالسجن مدى الحياة، والذي منحته إسرائيل الجنسية الإسرائيلية بينما كان يقضي فترة حكمه في السجن، كما ومارست ولوقت طويل الضغوط على رؤوساء أميركا للإفراج عنه، حيث استقبله النتن ياهو بعد إطلاق سراحه بالأحضان قائلا له “نحن في انتظارك بذراعين مفتوحتين حتى رغم فيروس كورونا، وسوف تستمتع بالحضن الحقيقي للشعب الإسرائيلي!!

 

التعليقات مغلقة.