متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّادس والخمسون / الطاهر المعز

288

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 28/1/2024 م …

يتضمّن العدد السادس والخمسون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرات عن تداعيات العدوان الصهيوني على فلسطينيي غزة وفقرة عن المرتزقة الأجانب في أوكرانيا وخصوصًا الفرنسيين منهم، وفقرة عن التّسريحات بالجملة بالدّول الصناعية المتقدّمة ومن بينها قطاع التكنولوجيا وفقرة عن إضراب سائقي القطارات بألمانيا التي تمر بصعوبات ناتجة عن تبعية سياسات البلاد للولايات المتحدة، منذ هزيمة النازية والجيش الألماني بنهاية الحرب العالمية الثانية، رغم الدّور الرّيادي للإتحاد السُّوفييتي في هزيمة ألمانيا النازية، وفقرة عن تراجع قيمة الصادرات الصينية سنة 2023 بفعل التّوترات الجيوسياسية التي تُثِيرها الولايات المتحدة

 

من تداعيات العدوان 1

قَدّرت بعض مؤسسات الإتحاد الأوروبي وكذلك منظمة التّجارة العالمية تراجُعَ حجم التجارة الدّولية بنحو 1,3% خلال شَهْرَيْ تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2023، فيما انخفض حجم الصادرات من الاتحاد الأوروبي بنسبة 2% و والواردات بنسبة 3,1% وانخفضت صادرات الولايات المتحدة بنسبة 1,5% ووارداتها بنسبة 1%، رغم إن طريق البحر الأحمر التجاري أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة، أما تجارة الصين فقد ارتفع حجم صادراتها بنسبة 1,3% ووارداتها بنسبة 3,1% ، وحصلت هذه التراجعات في حجم التجارة الدّولية بفعل عمليات المُقاوَمَة اليَمَنِيّة التي تستهدف السّفن الصهيونية أو التي تتعامل مع الكيان الصّهيوني والتي تعبر البحر الأحمر على حدود اليمن، وفق برقية لوكالة رويترز بتاريخ يوم الخميس 11 كانون الثاني/يناير 2024، وأكَّدَ مركز أبحاث السياسة التجارية الألماني انخفاض عدد الحاويات العابرة يوميًّا البحر الأحمر من حوالي 500 ألف يوميًا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر إلى حوالي 200 ألف حاوية يوميًا، في بداية شهر كانون الثاني/يناير 2024 وأدّت عمليات تحويل طريق السفن التجارية من البحر الأحمر وقناة السويس إلى رأس الرجاء الصّالح بجنوب إفريقيا، إلى تأخير وصول وتفريغ السلع، بفعل زيادة مدة الرحلات بين مراكز الإنتاج الآسيوية والمستهلكين الأوروبيين بمعدّل عشرين يومًا، فضلا عن زيادة تكاليف الرحلات…

 

من تداعيات العدوان 2

تُشكّل المقاومة اليمنية للإحتلال السعودي الإماراتي – بالوكالة عن حلف شمال الأطلسي – جزءًا من جبهة مقاومة العدوّ الصهيوني ومنذ بداية العدوان الصهيوني المُكثّف على فلسطينيِّي غزة، كثفت المقاومة اليمنية هجماتها في البحر الأحمر ضد السفن التجارية المُرْتَبِطَة بالكيان الصهيوني، فتضرّرت حركة النقل البحري التجاري وانخفضت إيرادات قناة السويس، لأن هذه السفن تتجنب المرور في قناة السويس، ما شكّل معضلة للنظام المصري – أول نظام عربي يمارس التّطبيع العَلَنِي مع الكيان الصّهيوني – الذي يُعاني من أزمة اقتصادية حادّة، وأظْهَرت البيانات التي نشرها صندوق النقد الدولي انخفاض حجم السّلع المنقولة عبر القناة بنسبة 35% خلال الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/يناير 2024، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2023، وبالمُقابل ارتفع حجم السفن والسلع العابرة رأس الرجاء الصالح قبالة جنوب أفريقيا بنسبة 67%. خصوصًا بعد تحويل وجهة سُفُن شركة الشحن الدنماركية العملاقة “ميرسك” منذ يوم الجمعة الخامس من كانون الثاني/يناير 2024، حيث أعلنت الشركة: “سيتم تحويل جميع سفن ميرسك التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن جنوبا نحو رأس الرجاء الصالح”…

أعلن الجيش الأمريكي عن تنفيذ المقاومة اليمنية 25 هجومًا خلال شهرين على السفن التجارية العابرة البحر الأحمر والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة أو المتعاملة مع العدو الصهيوني، واغتنمت السلطات الأمريكية الفرصة لإعلان تأسيس تحالف من 25 دولة، ثم خفضت العدد المُعْلَن إلى أربعة عشر دولة بهدف “تأمين حرية التجارة والملاحة بالبحر الأحمر”، وأرسل الجيش الأمريكي إلى المنطقة الأسطول الذي يضم حاملات الطائرات النووية والمدمرات والفرقاطات، فضلا عن مركز قيادة “سنتكوم” بالبحرَيْن والقواعد العسكرية الضّخمة المنتشرة في الخليج، بالإضافة إلى القواعد الأمريكية في الأردن والعراق وسوريا ومخازن السلاح في فلسطين والأردن وغيرها…

تمر نحو 12% من التجارة العالمية عبر الشريط البحري الرابط بين اليمن ومصر، أي بين مضيق باب المندب، على البحر الأحمر وقناة السويس ، وفقا لغرفة الشّحن الدّولية ( ICS ) وتمثل إيرادات القناة مَصْدَرًا هامًّا للنقد الأجنبي للدولة المصرية التي أحْكَمت إغلاق معبر رفح (وهي مدينة يقع جزء منها بمصر والجزء الآخر بغزة) كي لا يتمكّن الفلسطينيون من الخروج من سجن غزة، سواء للعلاج أو الدّراسة أو التّسوّق، وتتعامل السّلطات المصرية مع الشعب الفلسطيني من منطلقات أمنية ومن خلال جهاز المخابرات، بالتنسيق مع العدو الصهيوني…

من تداعيات العدوان 3

بعد انطلاق الحرب في أوكرانيا (24 شباط/فبراير 2022) ضغطت حكومات أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) وأوروبا على شركات التّأمين لكي لا تُؤَمِّنَ شركات الشحن التي تنقل سفنُها البضائع من روسيا، والآن، ومنذ قصف المقاومة اليمنية السفن المُتّجِهة إلى أو القادمة من موانئ فلسطين المحتلة (أم الرشراش وأشدود وحيفا ) أو المتعاملة مع الكيان الصهيوني، أصبحت شركات التأمين ترفض تأمين سفن الشركات “الغربية” وخصوصًا السفن التجارية لأمريكا وبريطانيا بسبب تزعّمهما العدوان على اليمن ودعمها المُطلق لعدوان الكيان الصهيوني، وأدّى قصف المُقاومة اليمنية إلى ارتفاع قيمة تأمين السفن التجارية من 0,8% من قيمة السلع المشحونة إلى 1% وارتفع سعر شحن الحاويات من ألف دولار إلى أربعة آلاف دولار، كما أدّى إلى انخفاض حجم الشحن عبر قناة السويس بنسبة 41% عن ذروته العام الماضي (2023)، وتراجعت إيرادات القناة بنسبة 40% خلال الفترة من 01 إلى 11 كانون الثاني/يناير 2024، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وانخفضت حركة الترانزيت البحري بنسبة 30% سنويا خلال الفترة من 1 يناير إلى 11 من الشهر ذاته، وكان الانخفاض من 777 سفينة إلى 544 سفينة مقارنة بـنفس الفترة من العام الماضي، بينما انخفضت الحمولة بنسبة 41% خلال نفس الفترة مقارنة بالعام السابق، وفق رئيس هيئة قناة السويس (وهو ضابط بالجيش المصري)، وانخفض متوسط عدد السفن من 83 إلى 49 رحلة يومية يوم الأحد 14 كانون الثاني/يناير 2024، فيما ارتفع عدد السفن التي تمر عبر رأس الرجاء الصالح (جنوب أفريقيا)، ما يُمَدّد الرحلة بمعدل أسبوعَيْن تقريبأ، ويُعرّض بعض السلع إلى التّلَف، واستغلت الشركات العابرة للقارات ظروف الحرب وزيادة زمن الرحلات البحرية لرفعِ أسعار السلع الغذائية في أوروبا، وأعلنت اللجنة الأوروبية للصناعات والمنتجات الزراعية، إن هذا الوضع سَبّب خسائر واردات وصادرات الاتحاد الأوروبي بنحو سبعين مليار دولارا – عن وكالة “رويترز” بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2024

 

فرنسا – الوجه الإستعماري

ذكرت وسائل إعلام فرنسية مُشاركة ما لا يقل عن أربعة آلاف فرنسي أو ن مزدوجي الجنسية في العدوان على فلسطينيي غزة ضمن جيش العدو الصهيوني، وذكرت وسائل إعلام روسية وأوروبية إن روسيا وجهت خطابًا شديد اللهجة إلى حكومة فرنسا تطالبها بِسحب مرتزقتها من أوكرانيا، وأن تتحمل نتائج مشاركتهم في الحرب، وذلك بعد أن أصابت الصواريخ الروسية يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/يناير 2024 مبنى في خاركوف كان يُستخدم كمركز رئيسي للمرتزقة الأوروبيين رفيعي المستوى ومعظمهم من الفرنسيين وأسفر قصف المَبْنَى عن مقتل ما لا يقل عن 60 شخصًا وإصابة 20 آخرين، وكان معظم القتلى، وعددهم 54، يرتدون الزي العسكري الفرنسي ويستخدمون الأسلحة والمعدات العسكرية الفرنسية الرسمية، وعلى إثر القصف، استدعت وزارة الخارجية الروسية السفير الفرنسي إلى وزارة الخارجية الروسية، لأن هؤلاء المرتزقة ( الأوروبيون والفرنسيون) لم يأتوا إلى أوكرانيا – لمحاربة روسيا – كأفراد، بل هم من قوات النخبة، من المتخصصين المدربين تدريباً عالياً ويعملون على أنظمة أسلحة متطورة بعدية المدى ومعقدة للغاية بحيث لا يمكن للمجندين وجنود المشاة الأوكرانيين التعامل معها بنجاح.

يوجد في أوكرانيا مرتزقة أمريكيون وبريطانيون وبولنديون ومليشيات يمينية متطرفة منذ سنة 2015، وارتفع عددهم في بداية الحرب (24 شباط/فبراير 2022) من العديد من البلدان، بالإضافة إلى عملاء ضُبّاط النخبة من دول حلف شمال الأطلسي، ومنذ 2023، ارتفع عدد الضباط والمُدربين والمرتزقة رفيعي المستوى الذين خضعوا إلى دورات وتدريبات خاصة ليحل الجنود المحترفون الأجانب محل القوات الخاصة الأوكرانية في عدد من مواقع جبهات الحرب إلى جانب كتيبة آزوف والقطاع الأيمن، وهما من مليشيات اليمين المتطرف جيّدة التدريب والتّسليح…

أقَرّ الإتحاد الأوروبي خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2023 “مُساعدات” ( هي قُرُوض طويلة المدى) لأوكرانيا بقيمة 50 مليار يورو (33 ملياراً في هيئة قروض و17 ملياراً في هيئة “منح” أي بنسبة فائدة ضعيفة) على مدى أربع سنوات ابتداءً من سنة 2024، وطلب رئيس الولايات المتحدة من المجلس (الكونغرس) “مساعدات” لأوكرانيا بشكل أساسي بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار من الميزانية الإضافية، منها حوالي 14 مليار دولارا إضافية للكيان الصهيوني.

 

ألمانيا، عدو تاريخي للعرب وشعوب إفريقيا

دعمت الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، وبالأخص ألمانيا وفرنسا، العدوان الصهيوني المستمر على فلسطينيي غزة وهاجمت حكومات هذه الدّول جنوب إفريقيا التي قدّمت شكوى إلى محكمة العدل الدّولية – التي لا يُتوقّع أن تُسفر عن قرارات وإجراءات عَمَلِيّة ملموسة ولكنها تُشكل إجراءًا رَمْزِيًّا – وأعلنت ألمانيا عزمها التدخل نيابة عن الكيان الصهيوني في الشكوى المتعلقة بالإبادة الجماعية التي قدمتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ورَدَّتْ كل من جنوب أفريقيا وناميبيا ودول أفريقية أخرى بغضب على ألمانيا، مذكّرة إياها بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها بين سنتَيْ 1904 و1908 ضد شعبي هيريرو وناما الأصليين، في جنوب القارة الإفريقية، وفي توغو والكاميرون وغيرها، وضد شعوب شرقي إفريقيا بين سنتَيْ 1891 و 1907، خصوصا في “تنجانيقا”، وهي جزء من تنزانيا الحالية، وجاء في بيان صادر عن الحكومة الناميبية أن “الحكومة الألمانية لم تكفر بعد بشكل كامل عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها”، واتهمت برلين بعدم القدرة على “تعلم الدروس من تاريخها المروع”، وأعلنت بعض وسائل الإعلام الألمانية (منها “شبيغل”) إن ألمانيا قَرّرت زيادة عدد الأسلحة الثقيلة والقذائف من عيار 120 ملم التي تُزوّد بها جيش العدو، فضلا عن الإمدادات الطبية ومعدات الحماية، واستخدام احتياطيات الجيش الألماني من الأسلحة والذّخيرة في حال طالت فترة العدوان وارتفعت طلبات الجيش الصهيوني، وأشارت نفس الصحيفة إلى إرسال أسلحة فتاكة ألمانية إلى الجيش الصهيوني، ما جعل حركة “حماس” تُصدر بيانًا ورد ضمنه: “إن إرسال قذائف الدبابات إلى الجيش المعتدي سيجعل من ألمانيا حليفاً مباشراً في الحرب ضد شعبنا في غزة… يبدو أن ألمانيا تكرر تاريخها من الخطايا ضد الإنسانية، ولم تستخلص الدروس التي يفترض إنها تعلمتها من الماضي القريب”.

 

ألمانيا:

بعد احتجاجات المُزارعين الذين أغلقوا الطرقات بشاحناتهم وجراراتهم وعرقلوا حركة المرور، دعت نقابة سائق القطارات بشركة السكك الحديدية الوطنية “دويتشه بان” إلى تنفيذ إضراب لسائقي قطارات المسافرين والشّحن لمدة ثلاثة أيام، من الأربعاء 10 إلى الجمعة 12 كانون الثاني/يناير 2023، وضطرت الشركة إلى إلغاء الرّحلات التي كانت مُقرّرة لنقل مئات الآلاف من الأشخاص، وندّدت وسائل الإعلام (التي لا تخرج عن توجّهات الإيديولوجية السّائدة) بالإضراب والمُضربين والنقابات وتحدّثت عن “الفوضى التي عمّت البلاد، في أكبر اقتصاد أوروبي”، وعن توقف حركة شحن السلع وعدم تمكّن العاملين في مجالات حيوية كالصّحة من الوصول إلى مقر عملهم (هل دعمت وسائل الإعلام موظفي الرعاية الصِّحِّيَّة عندما طالبوا بتحسين ظروف العمل والرواتب؟ – الجواب كَلاَّ) وعن المحطات الخالية من المُسافرين في برلين وكولونيا وغيرها من المدن، بينما وصلت دراجة الحرارة (أو البُرُودة) إلى عشر درجات تحت الصّفر في بعض مناطق البلاد…

تواجه حكومة ائتلاف ما يُسمّى “اليسار” (بمقاييس ألمانيا) و”الوسط” و”الخُضر” ( أكثر أطراف الحكومةِ مُوَالاةً لحلف شمال الأطلسي) أزمة اقتصادية حادّة بسبب رضوخها للتعليمات الأمريكية، مثل مقاطعة الغاز الروسي، والتّورّط في أي عدوان عسكري واقتصادي للولايات المتحدة، وبسبب دعمها المطلق لليمين المتطرف في أوكرانيا وللكيان الصهيوني، ولذلك ارتفعت حدّة الإضرابات احتجاجًا على ضُعف الأداء الإقتصادي ونقص العمالة الماهرة والمُدَرّبَة وارتفاع الأسعار، وأعلن بيان نقابة سائقي القطارات “إذا لم تستجب شركة “دويتشه بان” لمطالبنا بحلول مساء الجمعة 12 كانون الثاني/يناير 2024، فسنأخذ فترة راحة ثم نبدأ الجولة التالية من الإضراب الصناعي”.

 

بعض التأثيرات الإقتصادية للعدوان

أعلن الجيش الأمريكي تنفيذ عمليات عدوانية ضد اليمن يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/يناير 2024، إثْرَ إصابة سفينة ترفع العلم اليوناني وتُبْحر من فيتنام إلى موانئ فلسطين المحتلة، عبر البحر الأحمر، ويُدْرِج قادة وجيش أمريكا هذا العدوان – كما عشرات الإعتداءات الأخرى عبر العالم – ضمن “حماية الأمن القومي الأمريكي” الذي يُشبه في ضبابيته حدود الدّولة التي أنْشَأها الكيان الصهيوني على أرض شعب فلسطين، فلا أحد يعرف أين تبدأ حُدُود الأمن القومي الأمريكي وأين تنتهي، فهي على ما يبدو تشمل جميع أجواء العالم وبحاره وبَرَارِيه، وتدّعي الولايات المتحدة الدّفاع عن حرية الملاحة، تلك الملاحة التي تَحْظرها على السّفن التي تقترب من جزيرة كوبا أو من فنزويلا وكوريا الشمالية، وكانت صواريخ المقاومة مُوَجّهَة إلى السفن الصّهيونية أو المُتعاملة مع الكيان الصّهيوني، إلى أن أعلنت الحكومة الأمريكية الحرب – تضامنًا مع الكيان الصهيوني – من خلال إنشاء وقيادة قُوّة عسكرية دولية في البحر الأحمر، بعد عَجْزِ قوات السعودية والإمارات والمرتزقة والقوات الخاصة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها عن إلحاق الهزيمة بالمقاومة اليمنية التي تُدافع عن أراضي اليمن وحدوده البحرية (البحر الأحمر) والبَرِّيّة، وأعلن مسؤولون أمريكيون إن حكومة بلادهم تُخَطّط لإعادة ترسيم المقاومة اليمنية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بعد أن شطبتها منها سنة 2021…

لا يحظى إنشاء القوة العسكرية الدّولية – بقيادة الولايات المتحدة – بإجماع حلفاء أمريكا من حلف شمال الأطلسي، بينما تتردّد قيادات الإتحاد الأوروبي (رغم إعلانها الدّعم المبدئي للولايات المتحدة وبريطانيا) وتمتنع دول أخرى، مثل فرنسا – على سبيل المثال – عن المُشاركة، وأعلنت السعودية والإمارات ومصر عن المُشاركة (وهي التي شاركت في العدوان على العراق وسوريا وليبيا واليمن)، فيما أعلن بعض المديرين التنفيذيين للمجموعات المصرفية الدولية في منتدى دافوس عدم ارتياحهم للتصعيد الأمريكي في البحر الأحمر لأنه “قد يسبب ضغوطا تضخمية وقد يؤدي إلى تأخير أو عكس تخفيضات أسعار الفائدة وتعريض الآمال في هبوط اقتصادي ناعم في الولايات المتحدة للخطر… كما تؤدّي اضطرابات البحر الأحمر إلى تعطيل الواردات الأوروبية وارتفاع تكلفة البضائع القادمة من آسيا إلى أوروبا وإلحاق الضّرر بالمستهلكين الأوروبيين وبالاقتصادات المتقدمة فضلا عن ارتفاع أقساط التأمين على الشحنات العابرة للبحر الأحمر…

أدّى التّأخير في تسليم المواد الخام إلى احتمال وقف الإنتاج في أربعة مصانع مملوكة لشركة صناعة الإطارات الفرنسية ميشلان، بأسبانيا، بسبب توقُّف سفن الحاويات مؤقتًا عن عبور البحر الأحمر، أو تغيير مسارها من البحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس، أسرع طريق شحن من آسيا إلى أوروبا (تمر حوالي 12% من حركة الشحن العالمية من هذه الطريق)، للإبحار حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا بدلاً من ذلك، مع تأخير بمعدل 12 يوما للرحلة الواحدة، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/نوفمبر 2014، أن الولايات المتحدة أوقفت جميع الشحنات عبر البحر الأحمر إلى أجل غير مسمى، فيما أوردت وكالة رويترز، يوم الإربعاء 17 كانون الثاني/يناير 2024، تحذيرات الرأسماليين ورجال الأعمال المُشاركين في منتدى دافوس من تعطيل الشحن الذي قد يؤثر على سلاسل الإمداد لعدّة أشهر ويؤدي إلى نقص الناقلات اللازمة لنقل الوقود وإلى ارتفاع أسعار الشحن التي تضاعفت خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2023، وإلى تباطؤ التجارة بين آسيا وأوروبا عبر البحر الأحمر، أحد أهم شرايين التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، وتتخوف السلطات الإيطالية من استمرار تعطيل الموانئ الإيطالية التي أثّرت على تدفق الإمدادات وعلى نشاط الشركات…

 

سَلْطَنَة عُمان، بؤرة عمالة وتجسس

يتمركز ما لا يقل عن ألف جندي بريطاني في عُمَان، وهي مستعمرة بريطانية سابقة، تتمتع حاليا بالإستقلال الشّكلي، ويحتفظ مركز اتصالات الجيش البريطاني ( GCHQ ) بثلاثة مواقع مراقبة، إحدها على الساحل الجنوبي، بالقرب من مدينة صلالة، على بعد 120 كيلومتراً من اليمن، وكانت سرية ومعروفة باسمها الرمزي (كلارينت)، وتم الكشف عن وجودها سنة 2014 بفضل تسريبات إدوارد سنودن ” (موظف متعاقد سابقًا مع وكالة الإستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي الأمريكيتَيْن)، ونشر موقع ( Declassified ) منذ سنة 2020 صورًا وأخبارًا عن توسيع الجيش البريطاني مراكز تجسسه في المشرق العربي ومن ضمنها “توسيع مرافق محطة التتبع في مركز اتصالات الجيش، في الشرق الأوسط تحسبا للحرب مع إيران”، وتظهر صور الأقمار الصناعية أنه تم تنفيذ سلسلة من أعمال البناء في قواعد عُمَان، نظرًا لموقعها الإستراتيجي، بين إيران واليمن، وتستخدمها بريطانيا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني حاليا للتجسس على إيران ولمواجهة المقاومة اليمنية وفق وزير الحرب البريطاني، وأظْهرت الوثائق التي نشرها موقع (Declassified ) صور قاعدة (Clarinet ) وقُبَّة الرادار الخاصة بها، ثم تم توسيع القاعدة بين سنتَيْ 2021 و 2023، لتضم مباني جديدة بحجم ستة ملاعب تنس وتتكون من عدة طوابق، ضمن محيط الموقع الذي يبلغ 1,4 كيلومترًا، وتتضمن الواجهة البحرية للقاعدة شبكة من الكابلات البحرية التي تسمح بمراقبة الاتصالات الرقمية بين القارات، وباختراق الشبكة الإلكترونية، ويجري حاليا مَدُّ كابل اتصالات جديد بطول عشرة آلاف كيلومتر، بين ميناء “صلالة” في عُمَان وميناء “بيروث” في أستراليا، وادّعت أستراليا في البداية إنه مشروع تجاري تُشرف شركة “سوبكو” الأسترالية على تنفيذه، إلا أنه يمر في الواقع عبر القاعدة العسكرية الأمريكية البريطانية في جزيرة دييغو غارسيا المرجانية في المحيط الهندي، ودفع الجيش الأمريكي 300 مليون دولار لإعادة توجيه الكابل عبر دييغو غارسيا، في عملية أطلق عليها اسم “الموجة الكبيرة”، ودييغو غارسيا جزء من جزر تشاغوس، التي قام المستعمرون البريطانيون بترحيل سكانها الأصليين خلال ستينيات القرن العشرين لإقامة قاعدة أمريكية، مقابل خصم على شراء غواصات نووية، وكانت القاعدة نقطة انطلاق رئيسية للقوات الأمريكية التي احتلت العراق وأفغانستان، ويهدف تركيب كابل الألياف الضوئية عدم اعتماد القاعدة العسكرية الأمريكية على اتصالات الأقمار الصناعية للتواصل مع البر الرئيسي، كما أصبحت مدينة بيرث وميناؤها، في غرب أستراليا والتي تستضيف الطرف الآخر من الكابل، قاعدة استراتيجية ضخمة للجيوش الأمريكية والبريطانية، ضمن اتفاقية “أوكوس” أو العيون الخمسة، وتستضيف غواصات نووية، وأصبحت القاعدة مُنْطَلَقًا لدوريات الغواصات الأمريكية والأطلسية بالقرب من الصين

 

تسريحات بالجملة بقطاع التكنولوجيا

دشّنت العديد من المصارف والشركات العابرة للقارات سنة 2024 بإعلان تسريح الموظفين، بعد تخفيض الوظائف على نطاق واسع خلال سَنَتَيْ 2022 و2023، حيث تم فصل أكثر من 260 ألف موظف في قطاع التكنولوجيا العالمي سنة 2023، وفقًا للبيانات التي جمعها موقع “ليوفز فاي” وأعلنت العديد من الشركات الآن مشاريع وأقسامًا مختارة أثناء إعادة ترتيب أولويات مواردها، فقد ألغت أمازون مؤخرًا بعض الوظائف في قسم المساعد الصوتي ألكسا، وألغت مايكروسوفت وظائف في شبكة لينكدين ومن المقرر أن تقوم خدمة “تويتش” التابعة لشركة أمازون بتسريح 500 موظف، أو حوالي 35% من قوتها العاملة، فارتفعت أسهمها بأكثر من 80% سنة 2023، وأعلنت شركة غوغل التابعة لشركة ألفابت يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/يناير 2024 تسريح مئات الموظفين ( تقدّرها بعض المصادر بستمائة موظف)، بهدف خفض التكاليف، في وحدة المساعد الصوتي الخاصة بها، وإلغاء بضع مئات من الأدوار في فريق الأجهزة المسؤول عن Pixel وNest وFitbit، مع الاستغناء عن غالبية الأشخاص في فريق الواقع المعزز (AR) والمئات من الأدوار في فريق الهندسة المركزية…

كانت شركة غوغل قد اشترت شركة Fitbit سنة 2021 وهي مختصّة في مجال تتبّع الصحة واللياقة البدنية مقابل 2,1 مليار دولار، لكنها استمرت في طرح إصدارات جديدة من Pixel Watch، وهو منتج يتنافس مع بعض أجهزة Fitbit و Apple Watch ، وأجرت خلال النصف الثاني من سنة 2023، بعض التغييرات التنظيمية التي تشمل بعض الأدوار، وأعلنت شركات أخرى مثل مايكروسوفت عمليات إعادة تنظيم بفعل تزايد الاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI)

أعلنت شركة ألفابت (الشركة الأم لغوغل) في كانون الثاني/يناير 2023، عن خطط لإلغاء 12 ألف وظيفة، أي ما يعادل 6% من قوتها العاملة العالمية التي بلغت 182381 موظفا خلال شهر أيلول/سبتمبر 2023، وأعلنت خلال نفس السّنة عن خطط لإضافة قدرات الذكاء الاصطناعي إلى مساعدها الافتراضي” ليسمح بالقيام بعمليات إضافية مثل مساعدة الأشخاص في التخطيط لرحلة أو متابعة رسائل البريد الإلكتروني ثم طرح أسئلة المتابعة.

أعلنت الشركة العملاقة “آمازون” للبيع بالتجزئة عبر الشبكة الإلكترونية، سنة 2023، إلغاء أكثر من 27 ألف وظيفة كجزء من موجة من عمليات تسريح العمال في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة بعد أن شغّلت الآلاف من العاملين خلال انتشار وباء كوفيد – 19 للعمل عن بُعْد، وأعلنت يوم الإربعاء العاشر من كانون الثاني/يناير 2024 تسريح عدة مئات من الموظفين في عمليات البث والاستديو الخاصة بها، في مواصلة للخفض الكبير بعدد الوظائف الذي أعلنته الشركة سابقا لسنتَيْ 2023 و 2014 لأن شركات التكنولوجيا مثل آمازون أو غوغل أو مايكروسوفت أو آبل وغيرها غَيَّرت مجال استثماراتها بهدف التركيز على المحتوى وبعض المنتجات التي تحقق مزيدًا من الأرباح مع خفض التكاليف، ولذلك أنفقت أمازون خلال السنوات الأخيرة مبالغ كبيرة من أجل تعزيز الإعلام التابع لها، ومن بين استثماراتها صفقة بقيمة 8,5 مليارات دولار لشركة MGM وحوالي 465 مليون دولار ل”بريم فيديو” سنة 2022، التي لا يمكن لغير المشتركين متابعتها…

طالت تخفيضات عدد الموظفين القطاع المالي، حيث توقّع المدير المالي لمجموعة “سيتي غروب”، ثالث أكبر مصرف أمريكي، يوم الجمعة 12 كانون الثاني/يناير 2024، تسريح نحو عشرين ألف موظف خلال السنتَيْن القادمَتَيْن، أي بحلول سنة 2026، بالإضافة إلى التخلص من أربعين ألف موظف آخرين يعملون بالوحدة الإستهلاكية “باناميكس” (المكسيك) التي تعتزم المجموعة المصرفية بيعها، وجاء هذا التصريح بعد إعلان خسائر قدرها 1,8 مليار دولار خلال الربع الرابع من سنة 2023، ويعتزم المصرف الذي يُوظّف نحو 240 ألف موظف بجميع فروعه العالمية تنفيذ “عملية إعادة تنظيم شاملة”، ليصل العدد الإجمالي للموظفين إلى 180 ألف موظف، وحال إعلان التسريح ارتفعت أسهم المصرف بنسبة 3,3%

 

الصين – تَرَاجُعُ قيمة الصادرات

ظَلَّت الصّادرات رُكْنًا أساسيا لتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين، على مدى العقود الأربعة الماضية، قبل أن تُشدّد الولايات المتحدة الخناق على الإقتصاد الصّيني الذي بدأ يُنافس الدّول الرأسمالية التقليدية في قطاعات التكنولوجيا والمجالات التي تُحَقِّق قيمة زائدة مُرْتَفِعَة، وأدّت زيادة التّوتّر مع الولايات المتحدة وحلفائها، وتعَثُّر الاقتصاد العالمي إلى تراجُعِ الصادرات الصينية سنة 2023، لأول مرة منذ سبع سنوات، فضلا عن الصعوبات التي تعترض حكومة الصين لتعويض نقص قيمة الصّادرات من خلال تشجيع الإستهلاك الدّاخلي، ما قد يجعل الصين تواجه خطر إذا لم تُقِرّ خططًا لتحفيز الاقتصاد، وسبق أن انْكَمَشَ الإقتصاد الصِّيني خلال شهر تموز/يوليو 2021

تُشير تفاصيل البيانات الرّسمية للجمارك الصينية وبيانات المكتب الوطني للإحصاءات التي نُشِرَت يوم الجمعة 12 كانون الثاني/يناير 2024 إلى تَرَاجُعِ حجم التجارة السنوية مع الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وإلى انخفاضها بنسبة 4,6% سنة 2023، في أول تراجع لها منذ سنة 2016، وتراجعت الواردات بنسبة 5,5% خلال سنة 2023، بينما بلغت التجارة مع روسيا مستوى قياسيا رغم الضغوط الأطلسية الرامية لعزل موسكو في إطار الحرب الأطلسية- الروسية، وكانت روسيا والصين قد استهدفتا بلوغ قيمة التجارة الثنائية بينهما 200 مليار دولارا بنهاية سنة 2023، غير إن قيمة المبادلات التجارية الثنائية تجاوزت 240 مليار دولارا، بزيادة سنوية نسبتها 26,3%، وبلغ حجم التجارة بين الولايات المتحدة والصين 664 مليار دولار سنة 2023، بانخفاض نسبته 11,6%، وهو أول تراجع منذ العام 2019، وقد تَسُوءُ العلاقات الإقتصادية خلال السنة الحالية ( 2024 ) بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، بحسب “بلومبرغ نيوز” ووكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب 12 كانون الثاني/يناير 2024

 

التعليقات مغلقة.