30 عامًا على اغتيال المناضل الأممي الرفيق كريس هاني ( سكرتير عام الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا ) / رشيد غويلب

765

Foundation honours the memory of Chris Hani – Nelson Mandela Foundation

مدارات عربية – الأحد 23/7/2023 م …

رشيد غويلب

كتب رشيد غويلب ( العراق ) …

قبل 30 عامًا اغتيل كريس هاني، أحد أكثر قادة النضال ضد الفصل العنصري احترامًا في البلاد. اغتال العنصري البولندي اليميني يانوش جاكوب والوز، هاني أمام منزله في داون بارك، إحدى ضواحي جوهانسبرغ، في جنوب أفريقيا. لقد نفذ القاتل تعليمات عضو حزب المحافظين اليميني المتطرف في جنوب إفريقيا، كلايف جون ديربي لويس، الذي أعطاه السلاح والمال وحدد له الهدف.
في العاشر من نيسان 1993 وفي ظل مفاوضات حساسة مع السلطة التي يهمين عليها البيض بهدف تنظيم أول انتخابات ديموقراطية في البلاد، قتل زعيم الحزب الشيوعي بالرصاص أمام منزله في شرق جوهانسبرغ أمام ابنته البالغة من العمر 15 عاما. لقد أدت عملية الاغتيال هذه إلى تفاقم التوتر العرقي وسببت أعمال شغب عنيفة. ودعا نيلسون مانديلا حينها إلى الهدوء فيما قدمت السلطات تنازلات.
كان هاني السكرتير العام للحزب الشيوعي في جنوب افريقيا ومسؤول الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الأفريقي يتمتع بشعبية كبيرة. وبعد ثلاثين عامًا من مقتله، لا يزال هاني يتمتع بها بين الكثيرين، وخاصة السود في جنوب إفريقيا. وكلما تعمق شعورهم بخيبة الأمل، تزدهر مكانته الأسطورية في أذهانهم. ويتأسفون لفقدان أيقونة نضالهم.

المطلع | اغتيال أحد ابطال مكافحة الفصل العنصري كريس هاني قبل 30 عاما ما زال يهز جنوب إفريقيا
جمهورية جنوب إفريقيا اليوم بعيدة كل البعد عن المجتمع الذي تصوره هاني وغيره من مناضلي التحرير. الواقع المعاش يتعارض مع ما تحدث وكتب عنه، ولو كان هاني على قيد الحياة، لأصيب بخيبة أمل مما آلت اليه تجربة البلاد ومسيرة المؤتمر الوطني الأفريقي.
وقال المعلق السياسي جاستس مالالا الذي يعد كتابا عن هذه الشخصية البارزة، إن كريس هاني “يكاد يكون نقيض ما أصبحت عليه جنوب إفريقيا”. ويشير مالالا إلى أن كريس هاني كان شخصية جذابة قادرة على التحدث عن الكاتب اليوناني سوفوكليس أو عن الديانة مع الاسقف ديسموند توتو و”فرض نفسه بسرعة صوتا لخيبة أمل الشباب والفقراء”، مؤكدا أنه “الزعيم الأكثر شعبية بعد مانديلا”.

تخريب قبر البطل الأفريقي المناهض للفصل العنصري كريس هاني | شبكة الأمة برس

الحزب الشيوعي يطالب بإعادة التحقيق
يغذي اغتيال كريس هاني الذي بدت ملابساته واضحة للوهلة الأولى، كل انواع نظريات المؤامرة بدءا من ضلوع الاستخبارات إلى مكائد داخل المؤتمر الوطني الإفريقي.
وكان الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا قد دعا أخيرا إلى إجراء تحقيق جديد. ويقول سولي مابيلا السكرتير العام للحزب الشيوعي “لم تتم دراسة عدد كبير من العوامل بشكل صحيح”، مشددا على أنه “يجب أن نعرف الحقيقة”. ويرى على غرار عدد من المراقبين اليساريين أن كريس هاني جسّد رؤية جريئة لتحول جذري بما في ذلك إعادة توزيع الأراضي والموارد، لم تتحقق في ظل المؤتمر الوطني الإفريقي الحزب الحاكم منذ نهاية الفصل العنصري. ويرى مابايلا أن السياسة الليبرالية للحكومة تشكل “عارا”. في ذكرى استشهاد هاني يشعر سكان جنوب إفريقيا بالإحباط بسبب اقتصاد يعاني من الركود وارتفاع معدلات الجريمة والتضخم وانقطاع التيار الكهربائي. كذلك، يشعر كثيرون بالأسف على القادة السياسيين في هذه الفترة. وقال مالالا إن كريس هاني نفسه كان “يشعر بالارتياب من رفاقه وما قد يفعلونه عندما يصلون إلى السلطة”.
Chris Hani by Yaakov Ariel - Ebook | Scribd
اسلوب نضال واقعي
نشأ هاني في مجتمع لم يكن يُنظر فيه إلى السود في جنوب إفريقيا على أنهم مواطنون متساوون. كان يؤمن بشدة بضرورة الكفاح المسلح لمواجهة حكومة الفصل العنصري وكان استراتيجيًا رئيسيًا في تخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية، لهذا كانت كراهية حكومة الفصل العنصري له ولرفاقه استثنائية، وأصبح أحد أهم أهدافها.
كان هاني لا يعير اهتماما لتهديد الأعداء، وكان الخوف بعيدا عنه، لقد كان يحمل وعيا ثوريا عميقا. ولم يتعامل بفعل برد الفعل العنصري، ويحمل فهما عميقا للماركسية، وهذا جعل التزامه بالدفاع عن الديمقراطية عاليا. وأكد ان النضال ضد الفصل العنصري لم يكن مجرد كفاح ضد العنصرية، بل أيضًا كفاحًا من أجل العدالة الاقتصادية والاجتماعية. وكان ينتقد السياسات الاقتصادية للحكومة بعد نهاية نظام الفصل العنصري ودعا إلى تأميم الصناعات الرئيسية وإعادة توزيع الثروة.
كان هاني قريبا من الشعب ويعرف كيف يخاطب الحشود، كانت خطبه طويلة، لكنها سلسة وتحمل قناعات سريعة الوصول إلى عقول مستمعيه، وبالتالي كان قادرا على كسب المزيد من الأنصار. وكان ارتداء زي المقاتل بالنسبة له رسالة تؤكد التزامه بحقوق المضطهدين الاقتصادية والاجتماعية.
في عام 1969، طرح هاني وستة من رفاقه مذكرة تاريخية في المؤتمر التاريخي لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في موروجورو بتنزانيا، والمؤتمر يعرف حتى اليوم بمؤتمر “مذكرة هاني”:
“نحن منزعجون من نزعة قيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الخارج الذين أصبحوا، بمعنى الكلمة، سياسيين محترفين بدلاً من ثوريين محترفين. لقد توصلنا إلى استنتاج أن دفع رواتب العاملين في المكاتب يضر بشدة بالنظرة الثورية للذين يتلقون مثل هذه الأموال. مما لا شك فيه أن مثل هذه المدفوعات تفسد الكوادر في جميع المستويات ولها تأثير في جعل الناس يؤدون واجباتهم أو يشغلون المكاتب بسبب إغراء المال بدلاً من التفاني في سبيل القضية، فهم في الواقع مجرد موظفين يتلقون رواتبهم من الحركة. لقد حان الوقت الذي يتم التعامل فيه مع جميع أعضاء وكوادر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، سواء أكانوا أعضاء في الجناح العسكري أم لا، معاملة متساوية وان يقيموا على أساس تفانيهم وتضحياتهم من أجل القضية التي نخدمها فقط”. على الرغم من عدم معرفته بما سيحدث لاحقا، فقد حدد العفن الذي سيصيب يومًا ما أوساط ليست قليلة في الحركة. هذه الشجاعة في قول أشياء التي لا يود البعض سماعها، أثبتت التزامه بالثورة الحقيقية في جنوب إفريقيا.
قال ذات مرة أثناء مقابلة شهيرة، “ما أخشاه هو أن يظهر المحررون كنخبة يتجولون بسيارات مرسيدس ويستخدمون موارد هذا البلد للعيش في القصور ويجمعون الثروات”. ومضى في شرح ذلك: “الاشتراكية لا تعني المفاهيم الكبيرة والنظرية الثقيلة. الاشتراكية تهتم بالمأوى اللائق لمن لا مأوى لهم. وبتوفير المياه لمن ليس لديهم مياه صالحة للشرب. انها تهتم بالرعاية الصحية، وبحياة كريمة لكبار السن. وبالتغلب على التباين الهائل بين المناطق الحضرية والريفية. وتهتم بتعليم لائق لجميع ابناء شعبنا”.

حلم مؤجل
لقد مرقرابة 30 عامًا على الانتخابات التاريخية في نيسان 1994 التي أتت بالمؤتمر الوطني الأفريقي إلى السلطة. وعلى الرغم من أن السود في جنوب إفريقيا في وضع أفضل مما كانوا عليه في ظل نظام الفصل العنصري، إلا أنهم يواصلون حصد معاناتهم من سياسات الليبرالية الجديدة، التي يستمر فيها فساد الاقتصاد ويدفع غالبية السكان إلى فخ الفقر.
وسياسة الأوساط المتنفذة في الحكومة اليوم لا تقترب من حلم هاني بالثورة الاشتراكية التي تضمن تكافؤ الفرص والموارد للجميع. لقد قال أحد السياسيين ذات مرة، “لم نكافح لنكون فقراء”. اندمجت غالبية الطبقة السياسية بسلاسة مع الطبقة الرأسمالية، وتحولت إلى رجال أعمال سياسيين يسعون إلى امتلاك أكبر المنازل وأكبر السيارات في الضواحي. وليس لهم علاقة بالواقع وبالظروف المادية التي يعيشها معظم سكان البلاد.
يستمر غالبية السود في جنوب إفريقيا في تلقي تعليم من الدرجة الثانية، ووظائف من الدرجة الثانية، وظروف معيشية من الدرجة الثانية. وجنوب أفريقيا بلد يعاني من العديد من التحديات. تبلغ نسبة البطالة حاليًا 34 في المائة، وبين الشباب قرابة 69 في المائة. لقد انهار النظام الصحي،. فشلت الحكومة في تنفيذ خطة التأمين الصحي الوطنية التي وعدت بها، مما دفع المتمكنين من شراء تأمين صحي إضافي من القطاع الخاص. بالمقابل هناك 90 في المائة من السكان لا يستطيعون تغطية تكاليف مثل هذا التأمين.
تواجه جنوب إفريقيا العديد من التحديات، مثل توزيع الأراضي، والبطالة، والعنف ضد النساء، والفقر المتفشي، وتغير المناخ، والجريمة. ولا تزال ملكية الأرض قضية خلافية، لان ملكيتها لا تزال محصورة بأيدي أقلية صغيرة، أي أولئك الذين يتحكمون في وسائل الإنتاج.
لقد شيدت الحكومة أكثر من مليون منزل للفقراء، إلا أن العديد منها منخفض الجودة، كما هو الحال في فري ستيت، حيث تم بناء منازل لذوي الدخل المنخفض باستخدام مواد تحتوي على المادة المسرطنة الأسبستوس. و تم الإفراج عن السكرتير العام السابق لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، آيس ماغاشول ، بكفالة بعد أن ارتبط اسمه بعقود الأسبستوس عندما كان رئيس وزراء للولاية .تُظهر هذه القضية وغيرها كيف يعمل السياسيون في جنوب إفريقيا مع رجال الاعمال الفاسدين ويستغلون المال العام.

حياة حافلة بالنضال
ولد مارتن ثيمبيسل (كريس) هاني في 28 حزيران 1942 في بلدة كوفيمبابا الريفية في مقاطعة كيب السابقة. وهو الخامس من بين ستة أطفال. كان والده، عامل مناجم يعمل في المهجر، وأمه عاملة زراعية غير متعلمة. كان على هاني وأخوته السير مسافة 25 كلم للوصول إلى المدرسة يوميا. والمسافة ذاتها للوصول إلى أقرب كنيسة في يوم الأحد. نشط الصبي في الكنيسة وأراد ان يصبح كاهنا، لكن والده منعه من دخول المدرسة الدينية.
وبعد بضع سنوات فقط، في عام 1948، وصل الحزب الوطني المؤيد للفصل العنصري إلى السلطة، وفرض نظام الفصل العنصري، والتمييز ضد السكان غير البيض، وإعادة توطين السود قسريًا في ما يسمى بجمهوريات “البانتوستانات”، التي نظمت على أسس قبلية.
شكلت سنوات الطفولة التي عاشها في ظل نظام الفصل العنصري ومشاهدته للمظالم التي يتعرض لها السود في جنوب إفريقيا آراءه السياسية وقادته إلى النضال ضد الفصل العنصري. انخرط في النضال السياسي وهو في سن 15 عندما أصبح عضوًا في عصبة شباب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. كان والده ناشطًا في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
حصل هاني على شهادة الثانوية العامة من مدرسة لوفديل الثانوية عام 1959. ومثل العديد من القادة السود من معاصريه، درس هاني في جامعة فورت هير، إحدى الجامعات القليلة التي كانت تقبل الطلاب السود من جنوب إفريقيا، وهي نفس الجامعة التي تخرج منها نلسون مانديلا وقادة ثوريون آخرون. ودرس فيها الأدب الحديث والكلاسيكي باللغات الإنجليزية واليونانية واللاتينية. وفيها تعرف على الفلسفة الماركسية. تخرج في عام 1961 حاصلا على درجة البكالوريوس في الأدب الكلاسيكي واللغة الإنجليزية. وفي نفس العام أصبح شيوعيا. شارك هاني باندفاع في النشاط الطلابي وطُرد في النهاية بسبب انتمائه الشيوعي، بموجب قانون تحريم الشيوعية عام 1963، قبل ان يستكمل مشواره الدراسي إلى نهايته. والتحق بوالده في المنفى بعد ان حاول واستنفد جميع الطعون القانونية المحتملة ضد إدانته.
تدرج بسرعة في مهامه الحزبية لكفاءته والتزامه. تم إرسال هاني إلى الاتحاد السوفييتي للتدريب العسكري وعاد في عام 1967 ليقوم بدور نشط في حرب الأدغال الرودسية، حيث عمل كمفوض سياسي في الجيش الثوري الشعبي في زامبيا. وبعد فشل الحملة العسكرية في أوائل عام 1967، هرب هاني بأعجوبة إلى بوتسوانا، ليتم إلقاء القبض عليه وسجنه لمدة سنتين لحيازته أسلحة. عاد هاني إلى زامبيا في نهاية عام 1968 لمواصلة نشاطه المسلح.
في عام 1973، انتقل هاني إلى ليسوتو. هنا نظم وحدات الجناح العسكري لتنفيذ عمليات الكفاح المسلح داخل جنوب أفريقيا. وبحلول عام 1982، أصبح هاني بارزًا بما فيه الكفاية في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، ليكون هدف العديد من محاولات الاغتيال،. وقد نُقل من عاصمة ليسوتو، ماسيرو، إلى مركز القيادة السياسية للمؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا، زامبيا. وفي ذلك العام تم انتخابه لعضوية اللجنة التنفيذية الوطنية التابعة للمؤتمر الوطني الأفريقي، وبحلول عام 1983 تم ترقيته إلى المفوض السياسي للجناح العسكري، والعمل مع المجندين الطلاب الذين انضموا إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في المنفى، وبعد انتفاضة الطلاب في عام 1976 ، استمر في تولي المواقع القيادية في المؤتمر الوطني الأفريقي، في عام 1987، أصبح رئيس اركان الجناح العسكري للحزب. وفي نفس الفترة أصبح من الشخصيات القيادية في الحزب الشيوعي.
بعد إلغاء الحظر المفروض على حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والحزب الشيوعي في 2 شباط 1990، عاد هاني إلى جنوب أفريقيا وأصبح متحدثًا جماهيريًا وشعبيًا في البلاد. وبحلول عام 1990، عُرف بأنه كان من المقربين من جو سلوفو، السكرتير العام للحزب الشيوعي. وكان جو وهاني شخصيتين يخافها اليمين المتطرف في جنوب افريقيا بتشكيلاته المختلفة. بعد اعلان جو سلفو اصابته بالسرطان في عام 1991، أصبح هاني سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي. وفي عام 1992، تخلى عن مهامه في الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الأفريقي ليتفرغ لقيادة حزبه الشيوعي. كان الشيوعيون بارزين في المؤتمر الوطني الإفريقي، لكنهم كانوا معرضين للتهديد، لقد أدى انهيار التجربة الاشتراكية في أوروبا إلى اضعاف الحركة الشيوعية وعموم اليسار في جميع أنحاء العالم، وكانت مناقشة استقلالية مواقف الحزب الشيوعي في سياق الدعوة، التي كانت منتشرة، إلى الانضمام إلى مجموعات مناهضة للفصل العنصري جارية. قاد هاني حملة لتعزيز مكانة الحزب الشيوعي كحزب سياسي وطني، وحقق نجاحا لافتا)، إذ أصبح الشيوعيون أكثر تأثيرا في المجتمع، وفي أوساط الشباب بشكل خاص، لم يعرفوا الديمقراطية في عقود الفصل العنصري، وكانوا تواقين إلى المواقف الثورية أكثر منه للاعتدال الوسطي.
وسرعان ما وصف هاني بأنه ساحر وعاطفي وجذاب، وسرعان ما تحول إلى نقطة جذب متميزة، بالنسبة لمجموعات الشبيبة المدافعة عن مدنها، والتي بدأت تبتعد عن المؤتمر الوطني الأفريقي. وكان يمكن ان يكون لبرنامج الحزب الشيوعي الذي طرحه هاني أفضلية في انتخابات 1994 على المؤتمر الوطني الأفريقي.
لقد تم اغتيال هاني في لحظة حرجة للحزب الشيوعي والبلاد عموما، وساعدت عملية الاغتيال في إقناع المفاوضين المشاكسين في منتدى تفاوضي متعدد الأحزاب بأن يحددوا أخيراً موعداً لأول انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا.
في الأول من كانون الأول 2022 أطلق سراح قاتل هاني، بعد ان أمضي قرابة 30 عاما في السجن. وأدى القرار، الذي وصفته أرملة هاني بأنه “شيطاني”، إلى احتجاجات من قبل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم والحزب الشيوعي في جنوب افريقيا.
وفي الختام لا بد من القول ان اغتيال القيادات المبدعة في لحظات التحول المفصلية، ليست جديدة، فاليمين وقوى الردة في داخل هذه البلدان، والمؤسسات المخابراتية في المراكز الرأسمالية، وفي دول الإقليم المجاورة تعرف جيدا دور مثل هذه القيادات التاريخية في تحديد المسارات المقبلة، لذلك تضع التخلص منها في مقدمة اولويتها.
لكن ذاكرة الشعوب، حتى في أعمق لحظات التراجع والخراب تحتفظ بسيرة هؤلاء كمعين لمستقبل قادم أفضل. هكذا كان جيفارا حافزا لنضالات شعوب أمريكا اللاتينية في عقود الانقلابات وسيادة حكومات العسكر. وفي العراق ورغم الخراب السائد لا تستطيع حتى أكثر الأوساط تطرفا ورجعية التقليل من مثال فهد وسلام عادل وحسن سريع، وخالد احمد زكي وغيرهم من المناضلين من اجل حرية الشعب وسعادة البلاد.