الياس فاخوري يكتب: يا سودان …  يا شرفة التاريخ، يا راية منسوجةً من شموخ النساء، وكبرياء الرجال … يا سودان … اوقفوا “الكوميديا الجاهلية”، وكفى لعبا بين يدي بيرنارد لويس وصحبه!

2٬823
هل غضب الله علينا إلى هذا الحدّ لتؤول ادارة البشرية للبيت الأبيض؟! / الياس  فاخوري – مدارات عربية
الياس فاخوري* ( الأردن ) – الجمعة 5/5/2023 م …
 

اوقفوا “الكوميديا الجاهلية”، لقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس و صحبه اصحاب بدع وخطط وخدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی اسرائيل .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما – و ترامب فبايدن بالتاكيد! لا تدعوا “الخب” يخدعكم .. الا تذكرون كم حدثتنا “ديانا” عن ملجأ 11 ايلول 2001 الاستراتيجي السري الذي جمع بوش الابن و ديك تشيني بالبروفيسور الصهيوامريكي برنارد لويس؟ عندها عرض لويس خرائطه طارحآ التحالف ضد “الخطر الايراني” كتكتيك لتسهيل تفكيك الدول العربية والاسلامية خدمة لاسرائيل وحماية لها من الخطر المصيري .. وهذا يعيدنا إلى يوم أوقعنا “الخب” في الفخ بشن الحرب على ايران عام 1980.. اما بريجنسكي، فقد بدأ يفكر بتنشيط حرب خليجية ثانية لتفتيت المفتت و“تصحيح اتفاقية سايكس بيكو”.. وعليه قامت وزارة الدفاع الأميركية بتكليف برنارد لويس بوضع مشروع عملي لتفكيك المنطقة على أسس دينية، طائفية، مذهبية، عرقية، ثقافية، وتمت المصادقة على مشروع لويس هذا في جلسة سرية للكونجريس الامريكي عام 1983!

نعم كم حدثتنا “ديانا” عن برنارد لويس وخرائطه وكم وكيف دعا الى عدم القلق لرؤية الشرق الأوسط وقد تحول الى مهرجان للجثث، فالزمن عندنا – كما يرى لويس – يبدأ بعد الموت وقد تستقبلنا الملائكة بالكوكاكولا .. استدراكآ أو استثمارآ لأفكار لويس و أقواله، هناك من يحرض اليوم على الأردن باعتباره جزءآ اقتطعه الانجليز من السعودية ليفصلوها (السعودية) عن سوريا والبحر المتوسط .. وقد يعاد اليها مقابل تصفية نهائية للقضية الفلسطينية واقامة علاقة استراتيجية مع اسرائيل متوسلين أخوة اسحق واسماعيل .. ولكم حاولوا اغواءنا – في الأردن – تارة بالوصاية على العراق أو بعضٍ منه، وطورآ بالوصاية على سوريا أو جزءٍ منها، ومرة بالوصاية على السعودية أو قطعة منها .. وهم ما فتئوا يحاولون بالتعاون مع داعش والنصرة …
اما عن الجمال الذي يملأ كأس الفيتوري “فيفيض الجمال” .. اما عن “الأرض التي يحملها ملء دمائه، والتي ينشقها ملء الهواء، والتي يعبدها في كبرياء” .. اما عن السودان فماذا في مخططات وخرائط برنارد لويس؟
 
تفتيت السودان لأربع دويلات:
1 ـ دويلة النوبة (المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان).
2 ـ دويلة الشمال السوداني الإسلامي.
3 ـ دويلة الجنوب السوداني المسيحي.
4 ـ دويلة دارفور الغنية باليورانيوم والذهب والبترول.
 
وقد تمّ تنفيذ الجزء الاول من مشروع برنارد لويس في مطلع العام 2011؛ دويلة إسلامية في الشمال ودويلة مسيحية في الجنوب حيث امتثل الرئيس المعزول (صاحب التوجهات الفكرية الإخوانية) عمر البشير للارادة الأميركية .. واليوم تواصل الادارة الاميركية إشعال الداخل السوداني بالنيران عبر مختلف الأدوات وبالمواجهات المسلحة الشرسة بين الجيش السوداني (حوالي مئة ألف جندي، وهو مخترق إخوانياً خلال حكم البشير)، وميليشيا الدعم السريع غير الشرعية صنيعة البشير نفسه وذراعه القوية في تأديب المتمرّدين في إقليم دارفور (قرابة مئة ألف مسلح أيضاً)، وكلاهما مدعوم من قوى خارجية، ولا انتصار لطرف على الآخر.
 
كما ترون فان المخطط يستهدف المنطقة بكاملها ضمن الهجوم على النفوذ المتنامي لروسيا والصين وسط أفريقيا وتعطيل ولادة الخريطة الدولية الجديدة متعدّدة الأقطاب اذ تزداد الخشية من تمرد أوروبا وخروجها من الحظيرة الأميركية لتلحق بالرياض وطهران، عبر القاطرتين الفرنسية والألمانية، دون أن يعني ذلك ادارة الظهر للضفة الأخرى من الأطلسي .. الم يإن الأوان لاعادة تشكيل العالم بذهنية أخرى، واكثر ادراكاً لجدلية الأزمنة!؟  وليتذكر الأميركيون أن أمبراطوريتهم إنما هي صـناعة أوروبية قبل ان تأتي بعض عجائب التاريخ لتُحٓوِّل القارة الى صنيعة أميركية ربما افادت الأوروبيين في الحربين العالميتين الأولى والثانية!؟

واليوم أكرر النداء – نداء “ديانا” – ان كونوا مع الامام علي اذ قال: “لست بخب، والخب لا يخدعني” .. وتعالوا ليوم مرحمة وكلمة سواء .. انزلوا عن الشجرة، واوقفوا قطار الموت ومهرجان الدم .. المال الذي عبأ الشيعة/الحوثيين شعوبا وقبائل ضد عبد الناصر والعرب السنة يعود اليوم ليعبيء سنة العالم ضد ايران و قوی المقاومة! كان الامام البدر شيعيا/حوثيا ولم نتردد في التحالف معه ضد عبد الناصر والعرب السنة! كان الشاه شيعيا/فارسيا، ولم يمنعنا ذلك من الارتماء في الحضن او – ان شئت – الحصن الايراني حينها! تذكروا ان الله كٓرَّم الامام علي فلم يدعه يسجد لصنم قط، فكان هو السني الاول في التاريخ .. فانزلوا _ يا هداكم الله _ عن الأشجار ولا تقطعوا الغصن الذي تجلسون عليه او ذاك الذي قد يظللكم .. لا تسمحوا بتنفيذ مخطط “برنارد لويس” لتفكيك المنطقة وتشظيتها وتفتيتها .. نعم لا نمل من تكرار هذه الدعوة لمغادرة الجانب المظلم من التاريخ .. تعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء ولا تغرقوا في العدم!

 يا قوم اعقلوا وثبتوا البوصلة باتجاه فلسطين وتعالوا نبني جنة العلم و العمل على الأرض .. ولنكف (نحن العرب) عن مراقصة الغيب في مهرجان وثني قد لا يتوقف عند الأبد كما يرى بيرنارد لويس .. أم هل ترانا أرهقنا الله بما فيه الكفاية فتركنا و شأننا كما يرى روجر كوهين؟! يا قوم اعقلوا وليكن بأسكم على العدو شديدا .. ولتكن عقولكم وقلوبكم وسيوفكم جميعآ واذكروا قوله تعالى في الآية الكريمة 14 من سورة الحشر:

“بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعآ وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون”!

نعم لا نمل من تكرار دعوة “ديانا” هذه لمغادرة الجانب المظلم من التاريخ .. تعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء ولا تغرقوا في العدم فمن الشرق الأقصى قد تشرق شمس الشرق الأدنى!

وهكذا لا بد للحزن الا ان يكون عَلَيْكِ (ديانا) عظيمًا،
والمأساة تدوس على جثث الكلمات .. 
 
ولكنّي أُصغى لصدى خطواتِكِ فى أرض فلسطين واردد مٓعٓكِ:
دائمة هي فلسطين، والدائم هو الله
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
* الياس فاخوري – كاتب عربي اردني