الدليل الناجح والمضمون إلى الفشل / ابراهيم غرايبة

0 209

ابراهيم غرايبة ( الأردن ) – الأحد 29/6/2025 م …

نقول “خراب البيوت بدو مواقفة” الواقع أن الفشل عملية ذكية وعبقرية، وليست عفوية ولا بسبب نقص المعرفة والمهارات؛ ذلك أنه ما من فرد أو جماعة أو مؤسسة إلا وهي قادرة على امتلاك المعرفة والمهارات اللازمة للنجاح بعد فترة من الزمن، واما إذا بقي الفشل وتراكم فهذا يعني أنه عملية واعية ومدبرة. إن الفشل بما هو فكرة وواقع يكون حتما مصالح، وتنشأ حوله طبقات مستفيدة، ثم يتحول ويا للهول إلى عمليات عبقرية!

تبدأ الظواهر والجماعات والمهن والافكار نبيلة، ثم يستولي عليها الشيطان والمتسولون. يمكن أيضا أن يحدث العكس؛ تبدأ الحالة ضحلة أو بائسة ثم يطورها الناس بحاجتهم الحقيقية إليها وبوعيهم ونضجهم إلى حالة نبيلة.

على سبيل المثال ابتدأ الطب والقضاء في أعمال الاستعانة بالغيب والقوى الخارقة، ثم تطور إلى علوم ومهن نبيلة، وبدأ السحر والشعوذة في علوم الطبيعة و الكيمياء والفلك، ثم حولته لهفة الناس وتطلعاتهم إلى ما يفوق قدرة العلم والعلماء.

تستدل على نهاية الحالات والظواهر والمهن والجماعات النبيلة (بدأت نبيلة) وأن أن الشيطان والمتسولين هيمنوا عليها عندما تصعد أو تظهر الحالات المضادة أو المناقضة لرسالتها وروايتها المنشئة؛ كما تظهر الصراصير عندما تغلق شبكات الصرف الصحي.

هكذا يمكن ملاحظة الفشل والنهايات..
يفشل الاقتصاد ويتحول إلى الوهم والتسول والرثاثة عندما ينفصل عن التقدم في الحياة في معناها الأساسي ومهاراتها وخدماتها الأساسية والضرورية: الزراعة والماء والطاقة والغذاء والدواء والسكن والأثاث واللباس والبيئة والتعليم والصحة والبيئة والنقل والثقافة والرعاية الاجتماعية، والسلام. وعندما لا يشارك الناس جميع الناس في الملكية والولاية على القطاعات الأساسية، وتهيمن عليها قلة من الأوليغارش، فتتحول الأمم إلى طبقتين: قلة من المحتكرين وأغلبية تعمل في خدمتها وفي أعمال ومجالات لا تعود بالنفع والفائدة إلا لفئة قليلة من الاوليغارش والوكلاء التجاريين والمستوردين والمروجين للتفاهة والأوهام.

تفشل السياسة عندما تتحول من ثنائية الحكم والمعارضة إلى صراع اجتماعي طبقي، فلا تعود الحريات مصلحة محركة للناس، ويحل مكانها الانتماءات والصراعات الطبقية والاجتماعية.

تفشل المجتمعات والثقافات عندما يعجز المحتوى الثقافي (الشعر والإبداع والفلسفة والفنون والموسيقى والقصة والرواية والتصميم والعمارة والعادات والتقاليد والقيم والأعراف والذوق وأسلوب الحياة،.. ) عن تقديم المعنى واستيعاب الحياة والقدرة على تحسينها، أو الاستجابة للحاجات والتطلعات الحقيقية للناس، .. فيتصدر مشاهد ومؤسسات الثقافة والفنون وفضاءها العام شلل من المتسولين الذين لا يقرأون ولا يكتبون.

يفشل التعليم عندما يكون المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمعلم أقل من أهمية التعليم والحاجة إليه، وعندما لا يعود يملك الكفاءة والمعرفة الجديدة التي تمكنه من استيعاب وتطوير المناهج التعليمية.

تفشل الدول عندما يختل التوازن بين أدواتها الأساسية (السلطة والمعنى والموارد) وتعتمد بشكل أساسي في بقائها وعملها على الخوف والقهر.

تفشل المهن عندما تعجز عن استيعاب التحولات ولا تعود رسالتها الأساسية هي ما ينظمها ويحركها،.. يتحول الطبيب الى شريك مع مندوبي المبيعات، وسمسار رنين مغناطيسي وعمليات وفحوصات من غير استماع وبحث متأني ونزيهة وكفؤة.

يتحول الصحفيون إلى زعران في خدمة جماعات الأتاوات والخاوات. ويتحول المحامون إلى بودي غارد ومحصلون يعملون للبنوك والشركات. تتحول السلطات نفسها الى جماعات أتاوات وتحصيل اموال البنوك شركات التأمين والاتصالات.

وأخيرا تفشل الأمم (بمعنى المجموع التفاعلي للسلطات والمجتمعات والأفراد والأعمال والأسواق والمصالح) عندما تعجز النخب (بمعنى القيادات السياسية والاقتصادية والاجتماعية) عن إلهام وتحريك الناس والمؤسسات والتأثير الإيجابي فيها، وتحويل التقدم (بمعنى التغير الإيجابي في الدخل والحريات والتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية) إلى رواية جامعة للناس والمؤسسات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

18 − تسعة =