مدارات عربية – الخميس 20/10/2022 م …

الشهيد عديّ التميمي بطل عمليّة حاجز شُعفاط في القدس المحتلّة، البالغ من العمر (22 عامًا) أيّ في ريعان الشّباب، سيَدخُل التّاريخ بتوجيهه رسالتين تُجسّدين لمضمونهما ذروة البلاغةِ والتّعبير:

  • الأولى: كتبها بالرّصاص الحيّ مرّتين في شُعفاط عندما هاجم “الجُنود الإسرائيليين (لاحظوا الجُنود وليس المدنيين) وأطلق رصاص مُسدّسه حتى الطّلقة الأخيرة، وغادر المكان بكُل هُدوء وثقة مرفوع الرّأس، بعد قتل مُجنّدة وإصابة ثلاثة جُنود آخرين، واختَفى لمُدّة عشرة أيّام دوّخ خِلالها قوّات الأمن الإسرائيليّة ولم يَعُد للظّهور إلا بعد توجّهه إلى مُستوطنة (معاليه أدوميم) وإطلاق النّار، ومن مُسدّسه نفسه، على حرّاسها، وأصاب أحدهم، وظَلّ يُطلِق الرّصاص رُغم كثافة النّيران حتى انتقل الى جوارِ ربّه.

  • الثانية: كتبها بقلم حبر جاف على ورق كرّاسته المدرسيّة رخيصة الثّمن وتركها كوصيّة لأصدقائه وكُل الشّباب الفِلسطينيّ والعربيّ والمُسلم في مُختلف الأراضي المُحتلّة والعالم، وكانت من أبلغ الرّسائل وأكثرها تأثيرًا، خاصَّةً تلك العِبارة التي قال فيها “أنا المُطارد عدي التميمي أعلم أنّني سأستشهد عاجِلًا أمْ آجِلًا، وأعلم أنّني لم أُحَرِّر فِلسطين بهذه العمليّة، ولكن نفّذتها وأنا أضع هدفًا أمامي أن تُحَرّك العمليّة مِئات الشّباب ليَحمِلُوا البُندقيّة من بعدي”.

مفعول هذه الرّسالة العفويّة البليغة الصّادرة من قلب مُؤمن، يتطلّع صاحبها إلى الشّهادة، ويُعَجّل بالسّعي إليها، سيكون كبيرًا جدًّا، وستجعله قُدوةً ومَثَلًا لمِئات الآلاف من الشّباب العربي والفِلسطيني، إنّها رسالة أقوى وأبلغ من كُل وسائل الإعلام، ومن كُل الخطب الجماهيريّة وستَقُضّ مضاجع الإسرائيليين قادة سِياسيين وجِنرالات ومُستوطنين، وستجعل حياتهم كوابيسًا مُستمرّة حتّى الرّحيل من الأراضي المُحتلّة للنّجاة بأرواحهم، وبحثًا عن الأمان في مناطقٍ أُخرى من العالم لأنّهم لن يستطيعوا العيش في عرين الأسود.

إرث الشّهيد عديّ التميمي سيكون عُنوانًا المرحلةِ المُقبلة في جميع الأراضي العربيّة الفِلسطينيّة المُحتلّة، وسيكون هذا الإرث هو مِيثاق، وخريطة طريق منظّمات المُقاومة الشبابيّة الجديدة وعلى رأسها “عرين الأسود”.

لا نعرف من الذي صَوّر فيديو اللّحظات الأخيرة من حياة الشّهيد عدي التميمي، ووثّق إطلاقه الرّصاص على الجُنود الإسرائيليين حتّى الرصاصة الأخيرة في مُسدّسه، وهو وجسده الطّاهر يتقلّب من شِدّة النّيران وكثافتها، سواءً كانَ الاحتِلال بهدف تخويف وإرهاب الشّباب الفِلسطيني، أو أحد الشبّان الفِلسطينيين، ولكن ما نعرفه أن هذا الفيديو القويّ المُعبّر سيظلّ لعُقودٍ، وربّما لقُرون، الوثيقة التي ستَعودُ إليها الأجيال القادمة للاطّلاع على فُصول المُقاومة الفِلسطينيّة المُشرّفة في مُكافحة الاحتِلال، وتقديم الأرواح والدّماء لتحرير الأرض المُقدّسة، مثلما ستكون الرّد القويّ على كُلّ الذين شكّكوا، ويُشكّكون، بهذا الشّعب ونِضاله المُشرّف مُنذ بدأت المُؤامرة لإقامة دولة الاحتِلال على أرضه.

الشّباب الفِلسطيني سيُنفّذ حتمًا وصيّة الشّهيد عديّ التميمي، ولن يُخيّب أمله ورجاءه، وسيكون وفيًّا للوعد والعهد، وسنَرى ترجمةً عمليّةً لكُلّ ما نقول بدأ بالإضراب الذي شمل كُل أنحاء الضفّة الغربيّة وجرى الالتِزام بالدّعوة إليه بنسبةِ مِئة بالمِئة تكريمًا لرُوحِ الشّهيد، وانتهاءً بتكثيف فعاليّات الانتِفاضة، أو الثّورة التي تتجمّع عواصفها وتمتدّ إلى مُختلف أنحاء الضفّة وقُراها ومُدُنها ومُخيّماتها.. والأيّام القادمة ستَشْهدُ الكثير من المُفاجآت.