نحو بناء الحزب الثوري  / محمود فنون  

348

محمود فنون  ( فلسطين ) – الأربعاء 7/9/2022 م …

 الحزب الثوري هو الوسيلة الاساسية لتنظيم وحشد طاقات الجماهير وزجها في معمعان النضال من أجل تحقيق أهدافها. ولا سبيل غير ذلك . فالحزب الثوري بالاضافة لكونه تعبيرا سياسيا عن مصالح الجماهير هو كذلك أداة الاتصال بها من خلال اسلاك موصلة متنوعة من أجل استكمال بناء أطر شعبية واتحادات متنوعة  تجعل الحزب على اتصال باوسع قاعدة شعبية  كما التغلغل والتأثير في الاتحادات المهنية وغيرها ليصبح حزبا جماهيريا واسع الانتشار. كي نصل إلى أكبر حشد جماهيري منظم بكل أشكال التنظيم  

اشكال التنظيم السري وشبه السري والعلني وفقا للقطاعات الشعبية والإتحادات الشعبية  والشبابية مع تخصيص إضافي للوصول للمرأة زيادة على وجودها في  كل الأماكن .  

وبهذا يستطيع أن ينشر دعايته وتحريضه  ومواقفه ومبادئه على اوسع نطاق .  

ولا بد أن يصل إلى مستوى من الإنتشار الجغرافي والقطاعي  والإتصال بالجماهير التي تشكل مادته البشرية من العمال والفلاحين والفقراء وكذلك النابهين والمتنورين والمثقفين من الشرائح الإجتماعية التي اكتسبها إلى جانبه وانحازت للطبقات الشعبية واهدافها في التحرر من نير الراسمالية وبناء المجتمع الاشتراكي .  

وكما قال من سبقونا ” لا حزب ثوري بدون نظرية ثورية ” والنظرية الماركسية اللينينية هي المبدأ والمرشد لعمل الحزب الثوري مهما كانت المحطة النضالية التي يخوضها سواء كانت تحرر وطني  من الإستعمار بالآفاق والرؤية الإشتراكية أو تحرير البلد من التبعية  وتحرير ثرواته من سيطرة الأجنبي وأعوانه أو الإنقلاب الثوري على النظام الرأسمالي والشروع في التأسيس والبناء للمجتمع الإشتراكي .  

إن الحزب هو أداة الثورة  وهو الممثل السياسي للطبقات الشعبية .  

مقابل الأحزاب البرجوازية التي تمثل الطبقات البرجوازية وشرائحها  وتخدم أهدافها وترسخ بقائها ووجودها وتدافع عنها في الصراعات الطبقية وبكل السبل العنيفة وغير العنيفة وفي شتى الميادين  في وجه قوى التغيير الثوري .  

والاحزاب البرجوازية بيدها جهاز الدولة وهو أقوى أداة في وجه التغيير وقوى التغيير وهو الذي يمارس العنف الرجعي ضد الثوريين بواسطة أجهزة القمع الممثلة بالجيش والشرطة وقوى الأمن المختلفة والمحاكم  والاعلام  ورجال الدين وكل ما بيد الدولة البرجوازية من وسائل  .  

إذن تنتصب الدولة بأجهزتها والطبقات البرجوازية بقواها المنظمة وأحزابها دفاعا عن النظام الإقتصادي الإجتماعي القائم والذي تستهدفه القوى الثورية لإضعافه واسقاطه كشرط للتقدم إلى الأمام .  

تواجهه القوى الثورية بالتحريض والتعبئة والإضرابات والإحتتجاجات وكل أشكال النضال السياسي والفكري  والإقتصادي والمطلبي ..  

وهذا التنوع من الصراع هو الصراع الطبقي ، والصراع الطبقي هو حامل التغيير والتقدم إلى الأمام .  

إن الحزب الثوري هو أداة الثورة الرئيسية .  

وهو بدعايته وتغلغله في القطاعات الشعبية واجتذابها للعمل السياسي وتنظيمها في الأطر المناسبة واستمرار تحشيدها ودفعها للنضال وتشجيع مبادراتها والتقاطها وتعميمها ، هنا يتحول الحزب إلى قائد للجماهير. قائدا للعمال والفلاحين الفقراء وعموم الفقراء ، ويستنهضهم ويدفعهم في المعارك اليومية  ويستمر في دعم قضاياهم المطلبية وغير المطلبية بحزم وثبات وصبر ودون مساومات رخيصة في جميع الأحوال .  

يجتذبهم للعمل المطلبي والعمل السياسي  والنضال ضد ممارسات السلطة وأنظمتها وقوانينها وعلاقاتها الخارجية ،وينورهم بالمستقبل والدعاية الاشتراكية ليضمن أعمق انحياز . وذلك في ظل التنافس الكبير بين الاحزاب من أجل اكتساب الجماهير وانتزاعها من براثن الاحزاب البرجوازي الراسخة.  

والحزب الثوري لا يمتلك المال ولا دول داعمة وإعلام متنفذ ، ولذلك فإن وسائله للاتصال بالجماهير وجذبها وتوعيتها يعتمد على الوسائل المتاحة لديه مقابل البذخ المالي والضخ الاعلامي والتشويه وكل اشكال الدعاية المضادة .  

إن أكبر وسيلة للحزب هي كفاحيته في الميادين المختلفة وشعاراته المعبرة عن متطلبات النضال والمفهومة للجماهير ، وزعماؤه الاقوياء الصادقين المقبولين بحكم صلابتهم وكفاحيتهم وأخلاقياتهم الثورية والمسلكية وشجاعتهم في مواجهة العدو الاجنبي والعدو الطبقي والعدو القطري خادم تفتيت الوطن العربي والذي يحكم بالنيابة عنه ويقمع بالنيابة عنه وبدعمه  .  

والحزب الثوري في أي قطر لا بد وأن يتواصل ويتفاهم مع فروع الأحزاب الثورية الأخرى في الوطن العربي الكبير .  

فالوطن العربي هو وطن الأمة العربية التواقة للحرية والإنعتاق والوحدة السياسية الإقتصادية الإجتماعية ، وطن واحد لإمة واحدة  وبإصرار يعيد وضعية النهوض القومي العربي عبر المحطات التاريخية السابقة ويستخلص منها  العبر ويجترح الوسائل التي تدفع باتجاه انجاز هذا الهدف .  

ليس المقصود التنسيق كما الأحزاب الصديقة  إنما على قاعدة وحدة الهدف والاتجاه ورفع الشعارات  الموحدة المعبرة عن هذا النهوض .والدعاية لوحدة الوطن العربي من منطلقات بناء المجتمع الاشتراكي وتمكين الجماهير من ثرواتها وتطوير الاقتصاد والبنى التحتية وتطوير الكفاءات البشرية ووسائل الإنتاج في الزراعة والصناعة وكل شيء .  

واستمرار رفع شعارات تطهير الوطن العربي من النفوذ الاجنبي والمعاهدات المذلة  ونفوذ البنك الدولي وديونه ،وتحرير فلسطين من الإستيطان الصهيوني اليهودي الغربي تحريرا تاما وناجزا ومعاقبة المحتلين كما العرف الدولي .  

هذا يتوجب أن يكون في برامج جميع الفروع في الأقطار العربية كلها .كحزب  واحد بفروع متعددة .  

وكلها تضع مهمة النضال في وجه الفكر الرجعي والظلامي وكل ما تبقى من مخلفات العصور وكل ما ضخته القوى الامبريالية من خلال أدواتها  الثقافية وناطقيها السياسيين .  

والنضال ضد كل الارث الاستعماري التقسيمي القطري والطائفي والجهوي والقبلي من أجل التمكن من بناء مجتمع الحداثة الإشتراكي  القابل للتطور والنمو دون كوابح من الداخل الاجتماعي وبطرائق تتقبلها الجماهير وتشجعها وتندفع لها للتخلص من كل تكبيل وكل قيد وكل ظلم. وتطةير الحراكات الثورية ضد التخلف بمقدار انضمام الجماهير ومشاركتها الفاعلة في قَحر كل القديم المتعفن والتمهيد لبناء الجديد النامي.  

 

إن بناء الحزب الثوري هو مهمة الثوريين العروبيين المؤمنين بوحدة الامة العربية والمتمثلين لنظرية الثورة الإشتراكية  

والحزب الثوري ليس انعزاليا بل قريب من القوى صاحبة المصلحة في التحرر والوحدة ويسعى باستمرار لتوسيع قواعد النضال وتوسيع الإصطفافات في وجه الرجعية والقطرية وفق برامج مناسبة لكل محطة من محطات النضال وأن يسعى دائما لفكفكة القوى الملتفة حول النظام لاضعافه وسحقه في الوقت المناسب وسحق مقاومته بعد سحقه ، وتفريغه من قواه الاقتصادية والاجتماعية والتعامل مع جهاز الدولة بطرائق تمكن من إخضاعها ومن ثم إحداث التغييرات اللازمة دون هوادة ودون قفز في الهواء وذلك  في ثورة دائمة مآلها النهائي الوحدة والاشتراكية . .  

إن الوقوف في وجه الإمبريالية يتطلب الإصطفاف مع القوى والدول المعادية للامبريالية والمتصارعة معها وحتى المختلفة معها ومع نهجها . ويحيط بنا اليوم محور المقاومة قيد النمو والتعمق ، وهو وربما يكون الحليف الأهم حول شعارات التحرر من النفوذ الأمريكي وكل النفوذ الإستعماري وكل النفوذ الرجعي ومن أجل طرد القواعد الأجنبية المعادية  وإلغاء المعاهدات التي فرضها الإستعمار ولا زال يفرضها  ومن أجل تحرير فلسطين التي يتوجب أن تكون في مقدمة البرنامج وعلى رأس جدول الأعمال .  

إناء بناء الحزب الثوري اليساري العربي عموما وفروعه في كل قطر خصوصا هو مهمة الثوريين العروبيين اليسارييين .  

وهم الذين يتوجب عليهم الإنطلاق في بناء الأنوية الحزبية في كل أماكن تواجدهم في الوطن العربي والشتات  . وتوجد خمائر خلفتها التجارب الحزبية السابقة ممن لم يتلوثوا بأمراض الامبريالية والرجعية .  

هناك حاجة للانطلاق من الصفر وليس من الصفر . فالبناء الجديد هو من الصفر بينما الخمائر والتجارب ليست من الصفر وهناك من تملك الخبرة في ميادين البناء والنضال من رجالات ( ونساء ) صلبة تصمد في وجه القهر والتحقيق والملاحقة ولا تبوح مطلقا بأسرار التجربة تحت كل الظروف . .  

هؤلاء عم العدّة التي يركن إليها في الإنطلاق والعمل الذي يبدأ منمنما ثم يفرض وجوده  في كل الجغرافيا العربية . وقيادته تحفظ أمنها وأمن عملها بالإلتزام بالسرية وكل وسائل الإحتماء ولا تتعرض للضرب كل يوم حتى لو اضطر القسم المقيم منها في الداخل إلى الإختفاء تحت الإرض بحزم وعزم لتستمر القيادة في عملها دون انقطاع قيادي .  

وكذلك تستمر إصدارات الحزب بدرجة معقولة من الإنتظام .  

ملاحظة : هناك تجربة حزب البعث التنظيمية وتجربة حركة القوميين العرب كبنى منتشرة في انحاء الوطن العربي وهناك فيض من الكادرات المجربة في اليسار العربي  والتي يمكن انتقائها و استمالتها للبدايات الضرورية .  

هل يمكن العمل في بلد واحد ؟ من حيث الإنطلاق نعم يمكن الانطلاق من بلد واحد إذا اختلف تزامن الإنطلاق أو تعمقت التجربة في بلد قبل الآخر  على أن يستمر النضال في هذه الجغرافيا ولا يجلس أحد للانتظار . فالنضال هو أكبر عنصر استقطاب وأكبر وسيلة لإقناع الجماهير وأكبر وسيلة لنشر دعاية الحزب .وقطاع الشباب في الوطن العربي متعطش للنضال والتخلص من أزمات المجتمع وصولا إلى مجتمع يؤمّن سبل العيش والحياة الكريمة والحرية من نفوذ الاجنبي .