المفكر العربي الأردني المحامي محمد احمد الروسان يكتب: التوتر الصيني الأمريكي قد يؤسس لاصطفاف لنفوذ توازن دولي جديد … روسيا والصين تقارب أكثر وتحالف أعمق ضد أوكوس وخمس عيون

618

 

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 30/7/2022 م …

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …   

تتهندس مشاهد منحنيات الصراع الأفقي، ضمن كليّة جلّ مسارات ومسارب المشهد الراهن، بمرجعية ما يجري في الكواليس والخطوط الساخنة، على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينية بتصاعد وتوتر غير مسبوق، لدرجة التعقيد والتعقيد المزمن، وحيث الصراع يتخطّى جغرافية بحر الصين الجنوبي ومسطحاته المائية وجزره المختلفة، بما فيه جزيرة تايوان الى النفوذ في العالم.

 

والأسئلة والتساؤلات هنا عديدة وكثيرة ومن شأنها أن تحفّز العقول الضعيفة والمريضة والقوية على التفكير وعلى شاكلة التالي:

 

هل التصعيد الأمريكي المتعمّد والمقصود إزاء الصين يحقق نجاحات هنا وهناك في احتواء بكين؟. وهل أمريكا تملك القدرة في احتواء المارد الصيني؟. وهل التوتر الصيني مع واشنطن يؤشر الى حالة من اصطفافات دولية وإقليمية متفاقمة، من شأنها أن تؤسس لتوازن دولي جديد على الكوكب الأرضي، خاصةً وأنّ هذا التوتر وكما أسلفنا، يتجاوز بحر الصين الجنوبي ومسطحاته المائية، وكذلك يتجاوز تايوان، الى الصراع على مساحات وساحات النفوذ في العالم؟.

 

قواعد مواجهة جديدة في عالم متغير، والشراكة الروسية الصينية قاعدة أساسية في العالم الجديد، فمحور الصين روسيا تقارب أكثر ومعه ايران، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، فكيف يقضي الصراع الجيو – سياسي، على بقايا عالم الأحادية القطبية، حيث يلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب الفاعل والفعل الروسي؟.

 

والكارتل الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتخلى عن سياسة الغموض الاستراتيجي نحو الصين، فبعد أن تخلت روسيّا عن مفهوم منظومة الحذر الاستراتيجي مع واشنطن دي سي، ها هي الصين تتبعها وبعمق وتتخلى عن هذا الحذر الاستراتيجي، لا بل وتحرر نفسها الى حد ما، من نهج سياسة الصبر الاستراتيجي والمقرونة بالمرونة الاستراتيجية مع أمريكا، وتبدأ بكين تحركاتها من فضائها الخارجي كمجال حيوي، والبداية من جزر سليمان التي زارها وزير الخارجية الصيني، في رسالة رد وتحدي، على الاستفزازات الأمريكية، كون هذه الجزر تشكل بؤرة صراع صيني أمريكي متفاقم ومتصاعد.

 

وثمة استفزاز آخر قاده جو بايدن من بوّابة اليابان، حيث أطلق معركة جس نبض مع الصين، فجاءت المناورة الروسية الصينية المشتركة لقاذفات استراتيجية عملاقة وفوق بحر اليابان وفي مضيق تايوان، وامتد ذلك الى توقيع اتفاق إسطنبول لتصدير القمح، تجنباً لأزمة غذاء عالمية، سببها إصرار أمريكي على استمرار المواجهة الأطلسية مع الروس عبر أوكرانيا، فمن يجوّع العالم هم الأمريكان وليس الروس.

 

اليانكي الأمريكي وعبر إدارة الرئيس جو بايدن، والتي تعيش حالة مرضية متقدمة من هواجس النفوذ، يتحرك وبكل صفاقة سياسية ومخابراتية، في المجال الحيوي الصيني، والرئيس فلادمير بوتين يضعه، ورفاق إدارته ومدير استخباراته على القائمة السوداء.

 

ويظهر بشكل جلي، أنّ التوتر شرقاً، يتزامن مع التشابك الأطلسي الروسي غرباً في أوروبا، حيث الناتو يعزّز توجهه، الى عسكرة أوروبا الشرقية في مواجهة روسيا.

 

وان كانت الحرب الروسية الأطلسية تهدد أوروبا والعالم طاقويا الأن، فانّ أي مواجهة أمريكية صينية ستنهي العالم بشكله الحالي، حيث موسكو تحقق انتصارات ميدانية حقيقية في الداخل الأوكراني، وتحرر جيب أزوفستال نواة الفايروسات البيولوجية الأمريكية، لجهة سلاسل توريد فايروس جدري القردة الى مختبراتهم في نيجريا، وبتحرير جيب أزوفستال فانّ موسكو تؤمن الطريق البري مع القرم، وتغلق بحر أزوف في وجه أوكرانيا.

 

ولأنّ اللعبة الأمريكية الغربية، شبه انتهت في أوكرانيا، بعد كشف المخابرات الروسية مراكز البحوث البيولوجية في أوكرانيا والتي يديرها هنتر بايدن وتم تدميرها، ها هو والد الأول جو بايدن، يبحث عن ساحات ومساحات جديدة لمراكز حروبه البيولوجية وخاصة في اليابان وكوريا الجنوبية، وتوظيف اليابان في مواجهة روسيا وابتزاز كوريا الجنوبية وطوكيو ماليا، عبر البعبع الكوري الشمالي والحروب البيولوجية:

 

العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي في استراتيجيتها الغامضة نحو الصين(ثمة غموض استراتيجي أمريكي باتجاه الصين)تعتبرها تحديّاً ومنافساً يصل درجة الخصم العاقل، وفقاً للرؤية الأمريكية ذاتها، والصين ترفض هذه الرؤية الشيطانية، التي تشير الى تفكير عصابة حاكمة، وتعتبرها خطيرة وغير مسبوقة باعتياد.

 

واشنطن دي سي، ترى في جلّ دول شرق أسيا أولوية استراتيجية أمريكية أولى لها، لمواجهة صعود الصين المتسارع في مختلف المجالات، وخاصةً الاقتصادية والمالية والعسكرية والنووية، وتستمر الولايات المتحدة الأمريكية وفي زخم وبشكل متدرج، في مواجهة ايران والفدرالية الروسية ودول البريكس، لمحاصرة مشاريع الصين الاقتصادية والتنموية في عروق جغرافية الكوكب.

 

تذكرون رفاق: حلف أوكوس ما غيره، الذي هندسه اليانكي  الامريكي مع استراليا وبريطانيا(الأنجلو – سكسون)لمواجهة الصين ونفوذها وتمددها، وحتّى بالقارة السوداء – أفريقيا، حيث النفوذ الصيني يتعاظم هناك في عروقها الجغرافية والديمغرافية.

 

الصين هي هي، تتمسك بتايوان الجزيرة، كجزء من صين واحدة موحدة بنظامين مختلفين، وتعتبر المسألة التايوانية شأن صيني داخلي، وتعمل على تجذير ذلك وتهيكله باستمرار، والأكثر أهمية وخطورة: هو أنّ جيل الحكم في بكين يرى الصين قوية وقوية فقط.

 

أحسب وأعتقد، أنّ المكالمة الهاتفية الطويلة في اللقاء الافتراضي غير الحضوري بين جو بايدن وتشي، أعطت مؤشرات عميقة على حدّية ورأسيّة وأفقيّة الخلافات، على جلّ مشهد العلاقات الأمريكية الصينية، حيث الخلافات كبيرة والفجوات واسعة، وتشي يحذر نظيره الامريكي، من تداعيات وعقابيل، سياسة ومعادلة اللعب بالنار مع الصين عبر المسألة التايوانية.

 

ولأنّ جو بايدن الناطق باسم البلدربيرغ الأمريكي، عالق وعالق في مضيق تايوان، بسبب عميق الدولة الولاياتية الامريكية وكارتلات حكمها، نجد أنّ عميق هذه الدولة وحلفائها يشيطنون الصين الدولة والمؤسسات ويسلّحون تايوان، وبكين تعتبر التسليح الأمريكي والغربي لتايوان، قد تجاوز الخطوط الحمر وخطير للغاية.

 

في حين نجد أنّ الناتو وضع استراتيجية وسياسة التوسع، بعد أن تم إعادة الحياة له، من قبل واشنطن تكتيكياً، بسبب المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، التوسع المضطرد في كلّ أسيا وخاصةً شرقها، وقد هندس خطة عمل ضد الصين ونفوذها، ويراهن هذا الحلف العجوز ومعه عاموده الفقري المتقوس الغرب، على ضعف موقف الصين بعد ما جرى ويجري في أوكرانيا – المواجهة الروسية الأطلسية، وهو رهان خاسر وفاشل، ومقامره سياسية وعسكرية، وتايوان سوف تعود الى حضن الدولة الصينية الأم الرؤوم، وبدون اطلاق حتّى رصاصة واحدة.

 

بالمناسبة: مراكز الدراسات في أوروبا وأمريكا، تخدع الإدارات الغربية والأمريكية، فهي مراكز للتظليل والفبركة والخداع، وغسل الأدمغة وصناعة الأعداء، وفن صناعة الكذبة، وتحت عنوان عريض: اكذب ثم اكذب ثم اكذب، حتى تصدّق نفسك، ويصدّقك الأخرين، وخير مثال على ذلك: فن صناعة الكذبة في سورية وعبر الميديا، ودور قناة الجزيرة في ذلك.

 

مراكز التفكير هذه، هي من تصوغ السياسات الأمريكية، بإيعاز من عميق الدولة وكارتلات حكمها، والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والشركات المتعددة الجنسيات، حيث تعمل الآن على تضخيم خطر الصين على العالم، لغايات اقناع مفاصل الرأي العام الأمريكي، بضرورة التطور والتطوير العسكري الأمريكي، عبر دفع الضرائب للدولة، لغايات التصنيع العسكري، للحفاظ على رفاهية الشعب الأمريكي، شعب اليانكي ومعه شعب الأنجلو – سكسون، من خلال قطعات وقطاعات الجيش الأمريكي، كون الاقتصاد الأمريكي قائم على الحروب، والجيش الأمريكي هو الجيش الوحيد في العالم الذي لا يستريح، وأين ما تجد المصالح الأمريكية في أي بقعة في الكوكب، تجد جيش اليانكي الأمريكي هناك وتحت مسميات وعناوين إنسانية، تطرب الأذن البشرية لسماعها.

 

فهل تغامر وتقامر العجوز الشمطاء بيلوسي وتزور تايوان، خاصةً وانّ من خيارات الصين كما يقول الخبراء في هذا الشأن، محاصرة طائرتها؟ فمراكز التفكير الأمريكي تتحدث، انّ إصرار نانسي بيلوسي على زيارة تايوان، لكي تقول لأصدقاء أمريكا وحلفائها: انّ واشنطن ضد سياسات الصين.

 

انّ العالم تغير ويتغير بوتيرة متسارعة ولكنها ثابتة، بسبب تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية عبر المسألة الأوكرانية، لا أحد أياً كان في أمريكا، يريد أن يصدّق ذلك ويقتنع به! ونضيف: انّ الحديث شيء عبر الميديا الغربية والأمريكية، وهي ميديا رأي لا ميديا خبر views not news  والواقع وعلى الميدان شيء أخر، هذا ما لم تريد أمريكا أن تدركه وتفهمه، فما زالت هذه القلعة الفولاذية التي تعاني من شقوق كبيرة وكثيرة، ويعمل العرب بمالهم وذهبهم الأسود على رتقها ورتقها مع كل أسف وحسرة وحزن وقهر، ما زالت تفكر أمريكا بعقلية الهيمنة والسيطرة، وما زال هذا اليانكي يفكر بعقلية الحرب الباردة، والتي تبعث من جديد، وفكره يعاني من شيخوخة متأصّلة ذات أمراض مزمنة.

 

أمريكا تصنع الأزمات، وتستخدم الأزمة كأسلوب إدارة لذات الأزمات التي تخلقها أو تخلّقها، كل ذلك للحفاظ على الدولار، والاقتصاد الأمريكي يعاني من تضخم متسارع، ورغم رفع المجلس الفدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق، ومنذ أكثر من ستين عاماً وللمرة الثالثة على التوالي، فانّ الاقتصاد الأمريكي دخل في ركود مزمن وكذلك الأوروبي.

 

الأسباب متعددة وكثيرة، وأهمها تداعيات وعقابيل المواجهة الروسية الأطلسية، والعقوبات الأحادية الجانب على روسيا، والعالم اليوم يعيش أزمة اقتصادية، والأمريكان اليانكيون، ما زالوا يعيشون بعقل الهيمنة الأحادية القطبية، وأي مواجهة أمريكية صينية واشنطن ستخسرها، وستكون ساحات ومساحات مملكات القلق العربي على الخليج، ساحة صراع رئيسية، لعمق النفوذ الصيني عبر الشركات هناك، وأي أزمة عسكرية أو اقتصادية مع الصين، الاقتصاد العالمي سوف ينهار والمعمورة لم تعد تحتمل أكثر.

 

وان كانت سياسة واشنطن وأوروبا مع الروس بسبب أوكرانيا توصف كمن يطلق النار على قدميه، فانّ أي مواجهة عسكرية أو اقتصادية او مالية مع الصين، ستكون كمن يطلق النار على رأسه.

 

العالم لم يعد يحترم الهيمنة الأمريكية ويرفضها، ويريد التعامل مع الصين التي تنشئ نظاماً اقتصاديا ومالياً جديداً، بالتعاون مع الروس ودول البريكس كمعادل اقتصادي ومالي موضوعي مع الاتحاد الأوروبي الذي ينهار، بجانب منظمة شنغهاي وتعزيزها كمعادل عسكري فوق استراتيجي إزاء الناتو المنظمة الهجومية العدوانية وإزاء حلف أوكوس الأمني.

 

في الشكل والمضمون، وفي العمق الاستراتيجي، رسالة تحالف أوكوس: أنّ أميركا جادة بمقاومة الهيمنة الصينية، حيث الشراكة الجديدة مع أستراليا وبريطانيا تخدم المصالح الأميركية، على الرغم من الغضب الفرنسي، والصراع البريطاني الأمريكي الخفي(صفقة تزويد أستراليا غواصات أميركية تعمل بالطاقة النووية).

 

قطعاً الجميع تابع ورشات الميديا العالمية للدول الخصوم، والدول الحلفاء لواشنطن على حد سواء، في استنكار صفقة كارتلات الحكم في أمريكا، عبر اعلان الناطق الرسمي باسمها في وقته، الرئيس الأميركي جو بايدن لتعميق الشراكة الاستراتيجية للولايات المتحدة مع أستراليا والمملكة المتحدة، كقوّة موازنة للصين، بحيث أشارت إلى أنّ شراكة أوكوس، بالتطوير المشترك للغواصات الأسترالية التي تعمل بالطاقة النووية، على عكس الغوّاصات التي تعمل بالديزل، والتي كانت باريس تخطط لبنائها في كانبيرا، وخسارة فرنسا بلغت جرّاء الالغاء مائة مليار يورو على الأقل.

 

عميق مفاصل الدولة الأمريكية الغارقة في وحل مصالحها، وشبكة مصالح المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، ترى هذه الكارتلات الاقتصادية والحربية، أنّ صعود تحالف أوكوس، يستحق التوتر، ان كان دائماً، وان كان مؤقتاً مع فرنسا، حيث تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، الحفاظ على توازن عسكري ملائم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فأستراليا ليست جزءً من حلف الناتو، لكنها حليف للولايات المتحدة، تتعرض لضغوط قسرية من الصين، فقد فرضت بكين تعرفة جمركية على المواد الغذائية والمواد الخام الأسترالية، بعد أن دعا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، إلى إجراء تحقيق في أصول فيروس كورونا، كما اعتقلت الصين مواطنين أستراليين لشبهة التجسس، وطالبت المسؤولين المنتخبين والصحافة الحرّة في أستراليا، بوقف انتقاد النظام السياسي الصيني.

 

رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون، لم يستسلم لتهديدات الصين بشأن التجارة معها، وأحد الدروس المستفادة لبكين هنا، هو أنّ مثل هذه التكتيكات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تكشف لدول أخرى، عن المعاملة المبيّتة لها، حيث يمتد انتشار الصين الاقتصادي والعسكري في جميع أنحاء العالم.

 

 الكارتل الحربي والاقتصادي في أمريكا، يصف استراتيجية بكين المتفاقمة، بانّها سياسة فرق تسد، وتتعاون مع الفدرالية الروسية في مسارات ومسارب ذلك، ومبادرة أوكوس تظهر التضامن الغربي، وأضاف هذا الكارتل الأمريكي الثنائي، أنّ التركيز على الغوّاصات، كمبادرة أولى يرسل كذلك الرسالة الصحيحة.

 

واشنطن دي سي، ترى في التعزيز البحري الصيني وخاصةً الأخير غير عادي، وطموح بكين المعلن يتصاعد، وهو السيطرة على تايوان، والسيطرة على المياه المتنازع عليها في غرب المحيط الهادئ، لذلك نلحظ أنّ واشنطن أنّها لا تريد الخيار العسكري مع ايران، بقدر ما تلوّح بهذا الخيار العسكري، بعبارة أخرى التلويح بالقوّة العسكرية لمواجهة الاستراتيجية الايرانية، الرامية لكسب الوقت واستثماره لأستكمال استعدادها لتملك السلاح النووي – هكذا ترى أمريكا، وما مناورات البحر الأحمر الأمريكية الأسرائيلية مع الدول المطبّعة مع الكيان الصهيوني التي جرت سابقاً، والتي ستجري لاحقاً، الاّ ضمن هذا السياق، التلويح بالقوّة كرسالة ردع لأيران، لدفعها الى تنازلات، في ضرورة تعديل الاتفاق النووي لعام 2015 م، وهي مناورات القلق بالنسبة لأسرائيل مما يجري في اليمن وانتصارات صنعاء في مأرب والساحل الغربي رغم الهدنة، ومناورات الضرورة بالنسبة لأمريكا، والعرب المشاركين ملحقين بها فقط، كونه أي حرب مع ايران المستفيد منها هو الصين وروسيّا، ضمن الظروف والمعطيات الحالية في المشهد الدولي، ما بعد اعادة التموضع الولاياتي الأمريكي في الأفغانستان وشبه القارة الهندية.

 

وفي تقنية الغواصات الثماني أو أكثر، التي تعمل بالطاقة النووية والتي ستساعد كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أستراليا في بنائها، يصعب على البحرية المعادية اكتشافها، لأنّها تسافر مسافات طويلة للاستطلاع أو منع الملاحة البحرية عند الحاجة والضرورة، فهي يمكن أن تظل مغمورة بسرعات عالية لفترات أطول من القوارب التي تعمل بالديزل، والتي تحتاج إلى الصعود إلى السطح بشكل دوري لحرق الوقود.

 

وبالمحصّلة والنتيجة، تخلق مشاركة التكنولوجيا الأميركية بعض المخاطر، لكن فوائد توسيع القاعدة الصناعية الدفاعية عبر الحلفاء المقربين كبيرة، وهذا ما تؤمن به الدولة العميقة الأمريكية، وأمريكا وكارتلات الحكم فيها ترى، أنّ المهم من هذه الشراكة تقويض تحالف خمس عيون  FIFE EYES مجموعة الدول الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي تضم نيوزيلندا وكندا، إلى جانب أميركا وبريطانيا وأستراليا.

 

فتحالف خمس عيون، يدور حول تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتي ستستمر وتتعمّق، ومع ذلك كندا لا تريد غواصات نووية، ونيوزيلندا، التي اتخذت موقفاً أكثر ليونة تجاه الصين من الدول الأخرى في المجموعة، تقول إنها لن تسمح للغواصات الأسترالية بدخول مياهها الإقليمية.

 

تيّار كبير في مؤسسات الولايات المتحدة مؤثر الى حد ما يقول: ينبغي على واشنطن ألاّ تتجاهل غضب فرنسا بسبب خسارة صفقة دفاعية كبيرة، لكن أستراليا رأت أن هذا اتفاق أفضل، وحرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التأكيد على الاستقلال الاستراتيجي عن الولايات المتحدة، بما في ذلك تجاه الصين وروسيا وإيران.

 

خلاصة الرسالة الأمريكة الموجّهة إلى أوروبا من تحالف أوكوس، هي أنّ الولايات المتحدة، جادة في مقاومة الهيمنة الصينية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأنه لا يمكن لأوروبا أن تلعب لعبة فرق تسد الصينية بشأن القضايا الاقتصادية والاستراتيجية من دون عواقب على علاقتها مع الولايات المتحدة، والأبعد من ذلك استراتيجياً: واشنطن تريد شطب أوروبا.

بدأت خطة أوكوس تتشكل سراً منذ أن استلم جو بايدن منصبه، لكن طرحها الآن يناسب هدف بايدن بإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال حليفاً عسكرياً قوياً، على الرغم من انسحابها الفوضوي من أفغانستان، وإنّ الهدف من المبادرة هو تعزيز الاستقرار الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ورسم كيفية تتطوره، ومن الواضح أن التركيز غير المذكور، لجهود مشاركة التكنولوجيا العسكرية الحسّاسة مع اثنين من الحلفاء الرئيسيين، يستهدفها – أي الصين وتحالفها مع الروسي.

 

والهدف على المدى القصير، لتحالف المحيطين الهندي والهادئ، هو مساعدة أستراليا، في الاستعداد لبناء غوّاصة هجوم نووي، والتي ستكون منصة إطلاق أسلحة خفية تحت البحر، في وقت تكون فيه السفن السطحية مكشوفة بشكل متزايد للصواريخ المضادة للسفن الصينية، وتخطط استراليا على بناء أكثر من عشر غوّاصات على مدار عقدين من الزمن قادمين.

 

والتأثير الأعمق هو أن الدول الثلاث ستتعاون، خارج المشروع الفرعي، على مجموعة واسعة من التقنيات العسكرية الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، والصواريخ فوق الصوتية، والأسلحة السيبرانية، والأنظمة الجديدة تحت سطح البحر، ويمكن لهذا التحالف التكنولوجي الثلاثي أن يحرك قطاع الدفاع الأميركي المنعزل والبطيء الحركة أحياناً، كما يأمل فريق جو بايدن.

 

مبادرة أو تحالف أوكوس من المفترض أمريكيّاً، أن يكون علاجاً لما يبدو أحيانًا إدماناً أميركياً لأنظمة الأسلحة القديمة، مثل حاملات الطائرات والطائرات المقاتلة، والتي ستكون لها فاعلية متناقصة ضد الجيش الصيني عالي التقنية، ومؤخراً سمعنا الجنرال جون هيتين، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، في جلسة في معهد بروكينغز، من أن البنتاغون كان بطيئاً بشكل لا يصدق في التحديث العسكري.

 

وحذّر الجنرال هيتين قائلاً: نحن بيروقراطيين للغاية، ونكره المخاطرة للغاية، ويرى محللو الدفاع أن هذا التباطؤ ناتج عن رغبة الخدمات العسكرية والمتعاقدين الدفاعيين وأعضاء الكونغرس في حماية الأنظمة القائمة والوظائف المصاحبة لها، وفي غضون ذلك، تسابق الصين لتحقيق ما قاله هيتين بأنه تحديث نووي غير مسبوق، إلى جانب أنظمة أسلحة جوية وبرية وبحرية وفضائية جديدة.

 

مبادرة أوكوس تهدف إلى تعزيز الحلفاء في آسيا، والبدء من أستراليا، الذين يواجهون ضغوطاً شديدة من الصين التي تسعى إلى الهيمنة الإقليمية، بينما تراجعت أستراليا، ردت بكين برد فعل اقتصادي حاد وبالتدخل في السياسة الأسترالية، وضغطت أستراليا على البيت الأبيض، بعد فترة وجيزة من تنصيب جو بايدن، لا تتركونا وشأننا في الميدان يا واشنطن وعلى الفور تقدم فريق جو بايدن بسرعة، بعد التشاور مع بوريس جونسون ومجلس اللوردات في لندن، الذي يروّج لبريطانيا أممية من جديد، عبر صراع لندن واشنطن الخفي، وصولاً ليالطا جديدة رقم 2 .

 

تتطلب الغوّاصات التي تعمل بالطاقة النووية، تقنيات متطورة لم تشاركها الولايات المتحدة إلا مع بريطانيا بموجب اتفاقية 1958م، بحيث تحرس البحرية الأميركية بحرص شديد على هذه الأسرار، وكانت مترددة في البداية في مشاركتها مع دولة أخرى.

 

وعلى الرغم من أن تحالف أوكوس يربط ثلاث دول ناطقة باللغة الإنكليزية بجذور أنغلو – سكسونية، إلاّ أن الإدارة الأميركية تخطط كذلك لتعميق علاقاتها مع الشراكة الإستراتيجية المعروفة باسم الرباعية، والتي تضم الهند واليابان بالإضافة إلى أستراليا والولايات المتحدة، ويعقد مدراء الاستخبارات في هذه الدول الأربع اجتماعات دورية سريّة.

 

الاستراتيجية الأمريكية ازاء الصين، لها وجهان لا ثالث لهما، تشبه إلى حد كبير موقف الصين تجاه الغرب، فعلى الجانب التصالحي، اتصل بايدن بالرئيس الصيني شي جينبينغ مراراً، للتأكيد على رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع الصين في المجالات التي تتلاقى فيها مصالحهما، مثل تغيّر المناخ ووقف الانتشار النووي، لكن لاحقاً، أعلن جو بايدن عن تحالف عسكري جديد يهدف إلى ردع القوة المتنامية للصين – أوكوس.

 

أوكوس كمشروع وتحالف عميق، يحظى هذا المشروع بدعم قوي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذه إشارات قوية ستساعد في جعل تعهد إدارة جو بايدن بتعزيز الردع الأمريكي في غرب المحيط الهادئ، في أعقاب اعادة التموضع الأمريكي في أفغانستان، والذي سمّاه الامريكي  بالانسحاب الكارثي من أفغانستان، أكثر واقعية، لكن هذا التأكيد ظهر مشكوكاً فيه، بعد الخروج الفوضوي العجول من كابول، لكنه أصبح أكثر تماسكاً الآن مع التحركات الدفاعية الجديدة في آسيا، وأقصد مبادرة أوكوس.

 

 والذي يثير حفيظة واشنطن هو ذاك الصاروخ الصيني، الذي يفجّر نبضة كهرومغناطيسية قادرة على شل الأقتصاد الأمريكي، حيث يعمل علماء صينيون في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق، على تصميم صاروخ قادر على إنشاء صدمة أو نبضة كهرومغناطيسية قوية جداً، قادرة على شل الاقتصاد الأمريكي بحسب مصادر استخبارات دولية

.

وينطلق الصاروخ الجديد بسرعة تفوق 6 ماخ(ماخ – سرعة الصوت) وقادر على قطع مسافة تقدر بنحو 3000 كم في 25 دقيقة من الطيران، وبحسب معلومات استخبارية تكنولوجية دقيقة، يبحث العلماء منذ خمسينيات القرن الماضي، في مجال التأثيرات الكهرومغناطيسية للأسلحة النووية على الاتصالات والأنظمة الكهربائية(ثمة نجاح في كوريا الشمالية في سياق هذه التقنية).

 

وقطعت بعض الدول، بحسب المعلومات، مثل أمريكا وروسيا والصين وكوريا الشمالية خطوات واسعة في البحث والتطوير لأنظمة أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية، لكن الإضافة الصينية الجديدة تمنح بكين ميزة على منافسها اللدود الولايات المتحدة الأمريكية.

 

آلية عمل الصاروخ الجديد

ربط الباحثون والعلماء بداية بين انفجارات النبضات الكهرومغناطيسية بالرؤوس النووية، كان الافتراض البسيط خلف ذلك هو انبعاث كمية كبيرة من الإشعاع الناتج عن الانفجار النووي، لكن التطورات اللاحقة لمجال النبضات الكهرومغناطيسية، مثل مشروع الصواريخ المتطورة التابع للقوات الجوية الأمريكيةCHAMP، تحدت هذه الفكرة، الذي يعمل عن طريق مولد الميكروويف، لكن العلماء الصينيين توسعوا في هذا المفهوم، وأضافوا رأسا حربيا كيميائيا متفجراً، لتوليد انفجار كهرومغناطيسي أكبر وأشد، ويؤدي الانفجار الكيميائي إلى ضغط مغناطيس مشحون كهربائيًا يُعرف باسم مولد ضغط التدفق، الذي من شأنه تحويل طاقة الصدمة إلى دفعات قصيرة، ولكنها قوية جداً من الموجات الدقيقة.

توليد الكهرباء من طاقة الصاروخ الذاتية:

يستخدم هذا العمل، لتوليد الكهرباء، التي بدورها تعمل على توليد ضغط التدفق المغناطيسي، حيث تؤدي سلسلة من العمليات إلى قيام الصاروخ بتوليد كميات كهرباء كبيرة دون الحاجة إلى بطاريات، وستستخدم هذه الصواريخ المكثفات الفائقة التي تتميز بكثافة طاقة تزيد 20 مرة عن البطاريات، علاوة على ذلك، يمكن شحن هذه المكثفات أثناء التنقل عن طريق الاستفادة من تحويل طاقة الحرارة إلى كهرباء، حيث يزعم الباحثون الصينيون أن هذا النهج يمكن أن يفرغ قدرًا كبيرًا من الطاقة في غضون 10 ثوانٍ، الأمر الذي يحدث خللا كهرومغناطيسياً عظيماً.

 

وتقول المعلومات، بعد بحث كبير أجريته، وقاطعت نتائجه كباحث مع أكثر من مصدر، إلى أنّ هذا الصاروخ يمكن أن يؤدي إلى إتلاف نظام الاتصالات، حيث يمكن لإشعاع النبضات الكهرومغناطيسية حرق الأجهزة الإلكترونية في دائرة نصف قطرها 2 كيلومتر، الأمر الذي يشكل خطراً على المؤسسات الاقتصادية بشكل عام، لكن البعض اعتبر أن تأثيرات هذه الأسلحة مبالغ فيها إلى حد كبير.

 

اذاً: هل تقرع طبول حرب جديدة؟ ستكون هذه الحرب هي الأخيرة ان حدثت، ولن يكون هناك أحداً من البشر، يسجل تاريخها ويعمل على تأريخها، أواكس اسم مختصر أثار ضجّة كبيرة ويشير الى الارتياب.

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111     خلوي: 0795615721

سما الروسان في: 31 – 7– 2022 م.

هاتف المنزل: 5674111    خلوي : 0795615721

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A