مجدي حسين يكتب: تبريد جبهة أوكرانيا ..واشتعال فى سوريا

423
 
مجدي حسين* ( مصر ) – الأحد 25/4/2021 م …
* رئيس تحرير جريدة الشعب المصرية …
رغم الحشود العسكرية الضخمة حول أوكرانيا، والمناورات الروسية في شرقها وجنوبها، ومناورات مضادة لحلف الناتو في الغرب والشمال، وازدحام البحر الأسود بمختلف القطع البحرية من الجانبين، فإن الأمر لا يمكن أن يزيد على استعراض عضلات، فلن تتحمس أوروبا لأن تكون ساحة لحرب ضارية، فالخسائر ستكون أقرب إلى الانتحار الجماعي، لذا بدأ الطرفان في التهدئة، ويبدو أن روسيا قد أدركت أن الحرب المحتملة ستكون في سوريا وليس أوكرانيا، فقد رصدت تحركات واسعة لمسلحي داعش، تجمعت قرب قاعدة التنف الأمريكية على المثلث الحدودي بين الأردن وسوريا والعراق، وبدأت التسلل بأعداد كبيرة نحو البادية السورية قرب تدمر، وفي شمال شرق سوريا تعزز الولايات المتحدة تسليح قوات سوريا الديمقراطية، وشنت الطائرات الروسية مئات الغارات على تجمعات مسلحي داعش وقتلت المئات، فيما يبدو أنها ضربات استباقية لهجوم مرتقب تشارك فيه داعش وقوات سوريا الديمقراطية، وهو ما أكده قائد القوات الوسطى الأمريكية الجنرال ماكينزي الذي توقع اندلاع مواجهات واسعة بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية، فهل تريد الولايات المتحدة تمكين حلفائها من السيطرة على الحدود السورية العراقية، وقطع الطريق بين إيران وكل من سوريا وحزب الله اللبناني؟ إنه سيكون التعويض المناسب الذي يمكن أن تقدمه واشنطن لرئيس الوزراء الإسرائيلي نيتانياهو الغاضب من تقدم المباحثات حول عودة واشنطن للإتفاق النووي، وإلغاء معظم العقوبات على إيران، وبلغ غضب نيتانياهو أن وصف الولايات المتحدة بأنها تهرول نحو إيران، وتنفذ كل مطالبها، لكن الولايات المتحدة تمضي قدما نحو الاتفاق النووي، رغم بعض الخلافات العالقة، والتي تقتصر على تحديد نوع العقوبات المندرجة تحت بند الاتفاق النووي، ومطلب إيران بعدم فرض عقوبات في المستقبل، حتى لا تلغيها الولايات المتحدة من باب الاتفاق النووي، لتعيدها من شبابيك حقوق الإنسان أو دعم الإرهاب أو أي ذرائع أخرى، لكن مضي الولايات المتحدة في دعم قوات سوريا الديمقراطية، ومحاولة السيطرة على الحدود السورية العراقية ظل هدفا لم يتوقف، فهو أيضا يحقق للولايات المتحدة عدة أهداف، في مقدمتها وقف تقدم طريق الحرير الصيني الجديد الحزام والطريق، وعدم ترك روسيا تتمدد في المنطقة، وأن تجني الولايات المتحدة وحلفاؤها ثمار الضغوط الاقتصادية القصوى على سوريا، بالإضافة إلى المصلحة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في فصل إيران والعراق عن سوريا ولبنان، لهذا لم يكن غريبا أن ترافق فرقاطات روسية ناقلات نفط إيرانية إلى الموانئ السورية، لتزويد سوريا المحاصرة بحاجتها من مشتقات البترول، وإرسال روسيا شحنات من القمح إلى دمشق، فلا يمكن بعد هذا الجهد في منع سقوط سوريا بالحرب تركها تسقط بالحصار الاقتصادي، فالصراع حول المنطقة سيستمر، ويصعب تصديق أن الولايات المتحدة بصدد الانسحاب منها بعد أن حققت الاكتفاء الذاتي من النفط، فالمنطقة لها أهمية جيوستراتيجية لا تقتصر على النفط، لكنها تواجه مشكلات صعبة، فلا أرض صلبة تقف عليها، وإسرائيل ليست مؤهلة لأن تحل محل الولايات المتحدة، والتي تتجنب خوض حرب مباشرة مع إيران، لأن نتيجتها خسارة السباق مع الصين وروسيا، ووجودها الهش في أفغانستان والعراق وسوريا لا يمكن أن يستمر طويلا، وقوات سوريا الديمقراطية لا يمكن أن تصمد في أي حرب حقيقية، أما العرض الإسرائيلي بتوجيه ضربة عسكرية قوية لإيران فلا يزيد على كونه مقامرة خطرة، ولا يستبعد الإعلام الإسرائيلي أن تكون إيران نسقت مع حلفائها حادث إطلاق الصاروخ من قرب دمشق لينفجر فوق منطقة قريبة من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي، قاطعا ما يزيد على مائتي كيلو متر فوق القبة الحديدية دون أي اعتراض، ورجحت أن يكون الصاروخ رسالة تحذير شديدة اللهجة بأن قلب إسرائيل وأشد منشآتها أهمية في مرمى نيران التحالف الإيراني، ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق ليبرمان الحادث بأنه سحق قوة الردع الإسرائيلية، وتساءل الإعلام الإسرائيلي: ماذا لو كانت عدة صواريخ أكثر تطورا؟ ومما زاد من ارتباك الحكومة الإسرائيلية المترنحة وقوع حادثين غامضين الاول في مصنع للصواريخ، قالت إسرائيل إنه ناجم عن خطأ في تجهيز صاروخ لحمل قمر صناعي، والثاني تسرب لمادة الآمونيا السامة في حيفا، وقبلهما استهداف سفينة إسرائيلية قرب مضيق هرمز، وهو ما فسره موقع جلوبز الإسرائيلي بأنها على الأرجح عمليات ثأر إيرانية وسورية، ومهما تباينت التفسيرات فإن في الأفق نذر جولة جديدة من الصراع ستغير وجه المنطقة.