تاريخ حيّ … عنف القوى العالمية / الديمارو باريو
الديمارو باريو* ( فنزويلا ) – السبت 28/3/2020 م …
* منسق المشاريع في المركز الوطني لتاريخ فنزويلا
فيما يتعلق بالاتهامات الأخيرة التي وجهتها الولايات المتحدة الأمريكية، عندما أشارت إلى السلطات الفنزويلية بضلوعها بتجارة المخدرات، من المهم تحديد جوهر المسألة، التي لا تقل أهمية عن التعامل مع الوضع الوبائي الحالي. كلا الحالتين تعتبران جزء من العنف ضد حقنا في العيش بسلام وتنمية قدراتنا الإنتاجية المستقلة كدولة قومية.
اقترح بعض المؤلفين المعاصرين في مسألة القوة والعنف السياسي، مجموعة من الأفكار حول السلوكيات الجديدة لمراكز القوى العالمية فيما يسمى “العولمة” ، والتي تتمثل في تبرير تصرفات القوى المهيمنة على حكومات ذو نموذج الدولة القومية في النظام العالمي الرأسمالي، كما صورها إنمانويل وايرستاين، والذي يوضح كيف يتصرف النموذج الاحتكاري للرأسمالية العالمية الإمبريالية من حيث القانون و الحق في التدخل في تلك الدول، كونها دول خارج المجال الذي أنشأته القوى العالمية. هذا النوذج قادر على تطبيق أساليب رهيبة مثل الحرب البكتريولوجية التي طورتها الولايات المتحدة في فيتنام وكوبا في الستينيات، وكذلك الوباء الحالي والذي لم يحدد حتى الان مدى مسؤوليتها فيه.
هذا الموضوع يعرضه ايضا استيفان ميسزاروس في عمله “ما وراء رأس المال” الذي يوصف فيه سلوك اقتصاد السوق كالتالي: “تم بناء نظام رأس المال من مكونات غير قابلة للدمج تحت شعار الرأسمالية ليس فقط بسبب القوة الخاضعة للسيطرة غير المنضبطة لـ “اليد الخفية” ، ولكن أيضًا بسبب الوظائف القانونية والسياسية للدولة الحديثة … ” والنتيجة هي الاختطاف والسلب.
كل هذا مغلف في الحملات الإعلامية المكثفة التي تشوه الواقع أو تضلله لتفسر تصرفات القوى المهيمنة وتغير الأنا القانونية. إن فنزويلا ليست تهديدًا لأي دولة ، ولا تعتبر دولة مخدرات كما هو الحال في الدولة الكولومبية ، ومع ذلك تعتبر القوى العالمية فنزويلا “تهديدا غير عادي”، ويتم إتهامها بكافة أنواع الذرائع بطريقة تظهر انها من اطراف متعدده، بينما في الواقع هي إجراءات من طرف واحد تحاول زيادة مستويات العنف وبالتالي تبرير التدخل الخارجي بهدف إزالة الفوضى في الدولة القومية، لأنها ليست من تصميمات القوى العالمية.
يجب أن ندرك أن هذا العنف المنهجي للحرب يترك سلسلة من الآثار الثانوية على المواطنين و تعرض أجيالًا للاجتثاث والارتباك وعدم اليقين والإرهاب النفسي، وبالتالي غياب التماسك الجماعي والقيم الإنسانية والإحساس بالإنتماء إلى مكان ما او إلى رابط عائلي بالإضافة إلى قيم تنموية اخرى للإنسان.
الآن ونحن في الحجر الصحي يجب علينا في المقام الأول حماية الأسرة ومن ثم استخدام الوقت لفتح أنفسنا للمعرفة وتعزيز وعينا التاريخي، لأن الأوقات الصعبة ستأتي متمثلة بكساد عالمي بدون نموذج تاريخي، ولكننا سنتغلب على هذه المصاعب بإراده الشعب من خلال تعلم كيفية المقاومة، وبالإقتناع بأن واقع آخر ممكن بالصبر والتعايش والتضامن بين الجميع. وأخيرًا فإن أولئك الذين لا يزال لديهم شكوك حول هذا الواقع وحول الأكاذيب التي تخيم على فنزويلا أن تزول وإلى الأبد.
.
كاراكاس ، 26 آذار 2020
التعليقات مغلقة.