تأثير كورونا على الاقتصاد السوري وفرص الاستفادة من الأزمة / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الجمعة 27/3/2020 م …
يعتبر فيروس كورونا من أخطر الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، حيث أدى انتشاره في بعض الدول إلى تأثيرات سلبية، بينها زيادة تباطؤ الاقتصاد العالمي ونزيف الأسواق العالمية و تقييد حركة السفر والتجارة بين البلدان، كما زاد الإنفاق على العملية الاحترازية للحد من انتشاره ، وبحكم الترابط العالمي بين اقتصاديات الدول فإن هذه الأزمة لن تستثني أي دولة بما فيها سورية التي ستدرك لاحقاً عمق الأزمة الاقتصادية التي سيحدثها هذا الوباء، كل ذلك يطرح تساؤلاً هاماً حول احتمالية تأثر الاقتصاد السوري بالأزمة.
استمرار تفشي وباء كورونا يمكن أن يسبب أزمة اقتصادية لشرق آسيا بأكملها، ويتسبب أيضاً في خسائر اقتصادية عالمية قدرت الـ 50 مليار دولار، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أن الاقتصاد العالمي معرض لخسارة أكثر من 2 ترليون دولار، و بالمقابل انعكس انتشار الفيروس على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط، كما أثر بالسلب على معنويات المستثمرين، وهو ما دفع الكثير منهم إلى التوجه نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب، والتي ينظر إليها كملاذ آمن أثناء الأزمات.
البنك الدولي بدوره أعد دراسة، أكد فيها أن انتشار الأوبئة والأمراض يكلف الاقتصاد العالمي نحو 570 مليار دولار سنوياً، أو ما يوازي نحو 0.7% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وعلى خط مواز، جدد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في دراسة علمية أن الصدمة التي تتسبب بها كورونا ستؤدي إلى ركود في بعض الدول وستخفّض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5%، داعية إلى وضع سياسات منسقة لتجنب الانهيار في الاقتصاد العالمي خاصة بعد أن أصبحت الدول على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.
كذلك، فإن الاقتصاد يتأثر بالفيروس، وفقاً لعاملين، هما: ثقة المستثمرين والمستهلكين، والصادرات، على الرغم من ذلك، فإن انتشار الفيروس عالمياً قد يؤثر على حركة استيراد السلع والحصول على الدولار الأميركي، نظراً لاعتماد سورية على الواردات الصينية والإيرانية، وهما الدولتان الأكثر تأثراً بـ”كورونا”.
حيث تستورد سورية نسبة كبيرة من مضاداتها الحيوية والأدوات الدقيقة والآلات ومعدات السيارات وأجهزة الاتصالات، وهذا يعني أن كل هذه المنتجات ستشهد ارتفاعا كبيرا في الأيام القادمة بسبب النقص في الإنتاج، بالإضافة إلى الحصار الإجباري المفروض بين البلدان والتكاليف الإضافية للتامين على البضائع وتكلفة النقل المتزايدة بسبب مخاطر العدوى، وهذا يعني ظهور المزيد من التضخم في الأسواق السورية باعتبار أن اغلب المواد الأولية والمواد المصنعة يتم استيرادها من الخارج.
بالإضافة إلى قطاع النقل والطيران والخسائر في هذا المجال ستكون كبيرة جدا وسيكون لها في المستقبل تأثير على خروج شركات طيران من السوق فيما ستحاول شركات الاندماج مع شركات أخرى، ولا ننسى الزيادة في الإنفاق الحكومي على كل القطاعات المتضررة جراء كورونا و مثل هذا الإنفاق يشكل ضغطا كبيرا عليها والتي تعاني أصلا من مشاكل اقتصادية كبيرة.
وبخصوص الإجراءات الاقتصادية و المالية الواجب اتخاذها للحد من الآثار السلبية على الأفراد و المؤسسات، فإن المؤشرات الاقتصادية تكشف عن أنه ينبغي على الحكومة السورية تعزيز محركات نمو اقتصادي جديدة وتكثيف الإصلاحات الاقتصادية مع التأكيد على أن سورية لديها هامش مناورة كبير لمواصلة آلية النهوض الاقتصادي، ومن هذا المنطلق تبرز أهمية تعزيز الابتكار وتشجيع التكنولوجيات الجديدة مع ضرورة إلغاء العقبات التي لا تزال موجودة في الاقتصاد وتخفيف العقبات أمام المنافسة في السوق مع الاهتمام بتقديم دعم أكبر للشركات الصغيرة المتوسطة، كما يتعيّن في السياق نفسه التحكم في الأسعار و انتظام تزويد السوق بالمواد الضرورية و كذلك تفعيل دور كل الأجهزة الأمنية و المراقبة الاقتصادية لمقاومة الاحتكار والمحافظة على القدرة الشرائية.
التعليقات مغلقة.