خيارات نتنياهو المرّة ودراسة «الدولة الواحدة» / د. فايز رشيد
لكن نتائج استطلاعات الرأي الإسرائيلية المختلفة، تشير إلى بقاء الوضع على حاله، من حيث موازين القوى، التي ستبقى متقاربة بين كتلة اليمين وحزب (كاحول لافان ـ أزرق أبيض) برئاسة الجنرال بيني غانتس، ولهذا فالمعركة تحتدم بينهما.
خيار نتنياهو محصور في أمرين، فهو یسعى إلى الفوز من أجل الفوز أولا، وإلى إيجاد مخرج للتهرب من محاكمته بتهم فساد خطیرة، الرشوة والاحتیال وخیانة الأمانة بعدة طرق، فقد نقلت صحیفة «یدیعوت أحرونوت»، عن وزراء رفیعي المستوى من اللیكود قولهم، إنه في حال فوز كتلة أحزاب الیمین والحریدیین المتدینین بـ61 عضو كنیست، فإن نتنیاهو سیدفع إلى سن «القانون الفرنسي»، الذي یمنع محاكمته طالما یتولى منصب رئیس الحكومة، وأضافوا أن الإمكانیة الأخرى، أنه في حال تشكیله الحكومة، سیطلب مجددا الحصول على حصانة من الكنیست، بهدف تأجیل محاكمته إلى ما بعد نهایة الولایة المقبلة. وقال الوزراء: «نتنیاهو سیفعل أي شيء كي لا یرى القضاة». وتوقع أحد الوزراء أنه في حال خسر نتنیاهو في الانتخابات لصالح رئیس كتلة «أزرق ابیض» بیني غانتس، فلن یكون أمامه خیار سوى طلب صفقة ادعاء مع النیابة العامة .
وفي سیاق متصل، وفقا لصحیفة «معاریف» وموقع «عرب 48»، وتقارير منشورة في الصحف الأردنية، عن قیادیین في اللیكود قولهم إن «نتنیاهو یتشاور مع محامیه وجهات أخرى حول وضعه، ویدرس طلب ألا یمثل في جلسة المحكمة الشهر المقبل. فصورة لنتنیاهو في المحكمة ستلحق ضررا بالغا باللیكود، بعد الانتخابات أیضا. المحاكمة ستبدأ بعد یوم واحد من أداء أعضاء الكنیست القَسم، یذكر أن المستشار القضائي للحكومة أفیحاي مندلبلیت، أعلن في نهایة ديسمبر الماضي، عن فحوى لائحة الاتهام ضد نتنیاهو في ثلاثة ملفات فساد، 1000 و2000 و4000، وتنسب له مخالفات تتعلق بتلقي الرشوة والاحتیال، وخیانة الأمانة. وقدم نتنیاهو طلبا إلى الكنیست من أجل الحصول على حصانة، لكنه تراجع وسحب الطلب، بعدما أیقن أنه لا توجد أغلبیة في الكنیست توافق على طلب كهذا، إضافة إلى أن الحصانة تكون ساریة حتى نهایة دورة الكنیست التي تمنحها، أي حتى الانتخابات القریبة، وسیحاكم نتنیاهو في المحكمة المركزیة في القدس، أمام هیئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، برئاسة القاضیة ریفكا فریدمان ـ فیلدمان، وعضویة القاضیین عودید شوحام وموشیه بارعام.
ویعتبر القاضیان فریدمان ـ فیلدمان وشوحام متشددان حیال قضایا الفساد، وريفكا فریدمان ـ فیلدمان كانت القاضیة التي دانت رئیس الحكومة السابق إیهود أولمرت، بقضیة فساد، وقضى بعد إدانته، عقوبة السجن.
وأعلن بیني غانتس، عن رفضه محاولة نتنیاهو منع محاكمته، كما وصف دعوة نتنیاهو لمناظرة معه بأنها «خدعة إعلامیة» لن يشارك فیها، ورغم أن نتنیاهو لن یتمكن من سن قانون كهذا في حال لم یفز في الانتخابات، إلا أن غانتس صرح بأن «كل من سینضم إلى حكومتي سیتعهد بمعارضة «القانون الفرنسي». وقال غانتس عن نتنیاهو، «إن متهما بالرشوة والاحتیال وخیانة الأمانة، لا یمكنه تولي رئاسة الحكومة، لا من الناحیة الأخلاقیة ولا من ناحیة الأداء، وهذه حقیقة بسیطة وواضحة. وفي 17 مارس سیفقد التفویض وتبدأ المحاكمة، وسینتقل من كرسي رئیس الحكومة إلى كرسي الاتهام. ولهذا السبب بالضبط فإن نتنياهو مستعد لتحطيم المؤسسات الرسمیة لدولة إسرائیل، وفي مقدمتها المؤسسات القانونیة، وأضاف غانتس أن نتنیاهو «لیس لدیه حدود ولا مسؤولیة تجاه دولة إسرائیل. وهو یهتم بنتنیاهو فقط ولیس بمواطني إسرائیل. وقد هاجم رئيس الحكومة الشرطة ومفتشها العام الذي عیّنه (نتنياهو) بنفسه، ثم هاجم النیابة العامة، وفي الأیام الأخیرة نرى حملة نزع شرعیة، وتصریحات منفلتة ضد المستشار القضائي للحكومة، لم نر مثیلا لها في إسرائیل سابقا». وتابع غانتس أن «نتنیاهو لا یرید الانشغال بأمن سكان الجنوب، ولا خفض أسعار السكن والاعتناء بأزمة الطب العام. وبعد علينا أن نمنع عنه الحصانة. یرید نتنیاهو أمرا واحدا، تشكیل ائتلاف یسمح له بسن قانون یمنع جلب رئیس حكومة إلى المحكمة. هو یرهن دولة كاملة من أجل التهرب من المحاكمة، ونحن لن نسمح بذلك». ورد نتنیاهو على رفض غانتس مناظرة تلفزیونیة معه بالقول: «إن «غانتس یخاف وهو یعرف السبب. وإسرائیل بحاجة إلى قائد قوي ولیس جبانا. وإسرائیل بحاجة إلى حكومة یمین قویة ولیس إلى حكومة تعتمد على القائمة العربیة المشتركة. وإذا كان غانتس یخاف من مواجهة مع رئیس الحكومة فكیف سیواجه التحدیات الكبرى أمام دولة إسرائیل؟».
خيار نتنياهو محصور في أمرين، فهو یسعى إلى الفوز برئاسة الوزراء أولا، وإلى إيجاد مخرج للتهرب من محاكمته بتهم فساد خطیرة
على صعيد آخر، أجرى «معهد الأمن القومي في جامعة تل أبيب» دراسة حديثة (نقلتها صحيفة «الرأي» الأردنية)، خلصت فيها إلى نتيجة، بأنّ اتفاق ترامب ـ نتنياهو على «صفقة القرن هو اتفاق ساذج، «يسرّع قيام الدولة الواحدة»، ولذلك يحذّر من مخاطر الخطة الأمريكية على مستقبل إسرائيل. تفسّر الدراسة موقفها، بأن الخطة تشمل ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية إلى إسرائيل، وذلك «ينطوي على مخاطر كثيرة في كافة المجالات ـ الأمنية، الاقتصادية، المدنية والاجتماعية، ومكانة إسرائيل الدولية وإلإقليمية، ذلك أنها تنال انتقادا كبيرا من العديد من دول العالم، ومن الهيئات الدولية، ومن معظم دول الجمعية العامة للأمم المتحدة ـ وبالتالي فهي تحمل بين طياتها خطر تسريع التوجه نحو واقع الدولة الواحدة، واعتبرت الدراسة أنه «من أجل الحفاظ على دولة إسرائيل يهودية ديمقراطية، آمنة وأخلاقية، ينبغي تبني مركبات الخطة التي تحسن الأمن، وإلى جانب ذلك تشكل رافعة لتحريك عملية انفصال عن الفلسطينيين وإنشاء واقع استراتيجي أفضل لإسرائيل». ولفتت الدراسة إلى أنه على الرغم من أن الخطة تمنح إسرائيل «ردا شاملا لمطالبها الأمنية. لكن ترجمتها إلى ظروف ميدانية ـ حدود طويلة وملتوية، جيوب ومستوطنات معزولة، خلط سكان ـ سيقود إلى واقع سيواجه فيه الجيش الإسرائيلي صعوبة في تطبيق الترتيبات الأمنية. وستنشأ صعوبة في نشر قوات من أجل دفاع متواصل على طول محاور/شوارع طويلة وضيقة. وأضافت الدراسة أن «حراسة أمن المستوطنات، خاصة تلك الواقعة في عمق الأراضي الفلسطينية، ستتطلب زيادة حجم قوات الجيش الإسرائيلي بشكل كبير. وفي الظروف التي ستنشأ سيكون هناك احتمال ضئيل لتعاون أمني وثيق وفعال مع أجهزة الأمن الفلسطينية. كذلك سيتطلب نقل (جدار الفصل العنصري) إلى مسار الحدود الجديدة، وفي جنوب البلاد (فلسطين) سيتصاعد التحدي الأمني عند محور فيلادلفي (رفح) – تهريب أسلحة وتسلل جهات متطرفة من سيناء إلى الأراضي الفلسطينية التي ستتسع إلى جيب في النقب الغربي. ولذلك، فإنه إذا تم تطبيق الخطة بصيغتها الحالية، سيكون من الصعب ضمان واقع أمني أفضل قياسا بذلك القائم اليوم.
وأشارت الدراسة إلى أن الفصل الاقتصادي في الصفقة، الذي استعرض خلال ورشة البحرين، العام الماضي، يقضي برصد 50 مليار دولار، بينها 28 مليار دولار تستثمر في مناطق السلطة الفلسطينية، على مدار 10 سنوات، أي 8.2 مليار دولار سنويا. بداية، فالدراسة وحتى تتخذ هذا الشكل، عليها أن تتسم بالموضوعية حتى بالنسبة للأعداء، وكأن دراسة جامعة تل أبيب كتبها جهاز الموساد الإسرائيلي! تماما مثل مقررات مؤتمرات هرتسيليا الإسرائيلية الاستراتيجية السنوية. إن الهدف من كل هذه المؤتمرات: تمتين الوضع الإسرائيلي وبناء إسرائيل اليهودية، التضييق على الفلسطينيين وإيجاد السبل الكفيلة لجعلهم يخرجون طواعية (وهذا ما أشار إليه إيلان بابية ونورمان فنكلشتاين وإسرائيل شاحاك) فمن وجهة نظرهم، سيكون من الصعب على إسرائيل إجراء ترانسفير حالي للفلسطينيين (على غرار سنوات 47، 48، 49) في القرن الواحد والعشرين بسبب الانتقادات الدولية التي ستواجهه.. التقرير يتناول الفلسطينيين من النواحي التالية: هم سيؤثرون في يهودية إسرائيل وديمقراطيتها. وتقول بالحرف الواحد: «ستعمل جهات في إسرائيل، تنتظر فرصة لضم كافة المناطق الفلسطينية» وتستطرد: «في كل الهيئات الإسرائيلية المسؤولة يعتقدون أن ضم المستوطنات المعزولة في عمق الأراضي الفلسطينية، أهم من مناطق في النقب، وتشكل عمقا استراتيجيا لإسرائيل، التي تحاول التخلص من فلسطينيي منطقة المثلث في قلب إسرائيل؟ وفي أي هيئة جرى بحث الحاجة إلى حراسة حدود طولها قرابة 1400 كيلومتر وضم 450 ألف فلسطيني؟ وسينطوي ذلك على تهديد حقيقي على حلم الدولة اليهودية والديمقراطية، لأنه بموجبها، سيتم استيعاب مئات الآلاف من الفلسطينيين في إسرائيل. وإذا انهارت السلطة الفلسطينية بعد عمليات ضم إسرائيلية، فإن إسرائيل ستضطر إلى تحمل مسؤولية جميع السكان الفلسطينيين والانتقال إلى واقع الدولة الواحدة، وهذا ما يحاربه الإسرائيليون قيادة وشعباً.
التعليقات مغلقة.