مشاهد جديدة من العدوان الصهيوني المتصاعد على غزة

مدارات عربية – الأحد 20/4/2025 م …
كتب محمد الجمل:
يتصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بشكل كبير، وتتوسع رقعة العمليات البرية، وتتسارع عمليات النزوح من مختلف المناطق، ما فاقم معاناة المواطنين، وضاعف الأزمات في القطاع.
“الأيام” واصلت رصد وتوثيق مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منها مشهد يرصد تصاعد العدوان البري شرق مدينة غزة، ومشهد آخر يُوثق استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية على نحو كبير، ومشهد ثالث تحت عنوان: “شح المُسكّنات يزيد الأوجاع”.
تصاعد العدوان شرق غزة
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً كبيراً في العدوان الإسرائيلي المتواصل على مناطق شرق مدينة غزة، خاصة أحياء الشجاعية، والتفاح، والتركمان، والمناطق الشرقية والجنوبية من حي الزيتون.
ودفعت قوات الاحتلال بتعزيزات جديدة باتجاه تلك المناطق، وبدأت بعض الآليات بالتقدم التدريجي نحوها، بالتزامن مع غارات مكثفة تعرضت لها المناطق المذكورة، مصحوبة بقصف مدفعي عنيف.
وارتكبت قوات الاحتلال سلسلة من المجازر المروّعة في أحياء الشجاعية والتفاح خلال الفترات الماضية، راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، لدفع مَن تبقى من المواطنين إلى إخلاء بيوتهم، تمهيداً للسيطرة على تلك المناطق التي تقع بمحاذاة خط التحديد، وتحويلها إلى منطقة عازلة.
ووفقاً لمصادر محلية وشهود عيان، فإن جيش الاحتلال صعّد خلال الساعات الماضية عمليات إطلاق النار بشكل مكثف باتجاه أحياء الزيتون والتفاح والشجاعية شرق مدينة غزة، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف استمر طوال الوقت وبلا توقف.
كما أُفيد بقيام قوات الاحتلال بتفجير ونسف عدد من المباني السكنية في الأطراف الشرقية لحي الشجاعية، وتسوية الأرض مكانها.
وذكر مواطنون نزحوا عن مناطق شرق مدينة غزة، أن الوضع هناك أصبح خطيراً للغاية، وأن الاحتلال عازم على إحكام سيطرته على تلك المناطق، خاصة الأجزاء الشرقية منها.
بينما قال المواطن هشام عوض، الذي نزح من شرق مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع، إن “كل المؤشرات شرق غزة تؤكد أننا أمام سيناريو مشابه تماماً لما حدث في مدينة رفح، فالاحتلال يُعمق سيطرته التدريجية على شرق مدينة غزة، بهدف تحويلها إلى مناطق عازلة، تضمها إسرائيل لمستوطنات الغلاف”.
وأكد عوض، الذي مكث في حي الشجاعية طوال الفترة الماضية، أن جيش الاحتلال يُسارع لتدمير كل المنازل والمباني في تلك المنطقة، ويعمل على مسحها بشكل كامل، ثم يتعمق ويحتل منطقة أخرى، وهكذا.
وأشار إلى أن غالبية المواطنين من سكان مناطق شرق غزة نزحوا بالفعل عن بيوتهم، هرباً من الموت الذي يلاحقهم، والوضع هناك يزداد خطورة.
وسبق أن أعلن جيش الاحتلال نيته السيطرة على مناطق جديدة بعد رفح، وضمها إلى المناطق العازلة، وتهجير سكانها منها، في حين أكدت منظمات حقوقية أن هذه الإجراءات مخالفة للقوانين الدولية، وترتقي لجرائم إبادة وتهجير، وسط دعوات بمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها في القطاع.
ارتفاع متواصل على الأسعار
طرأ ارتفاع متواصل على أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في قطاع غزة، مع مرور نحو 50 يوماً على الحصار الإسرائيلي المشدد الذي يشهده القطاع.
وسجلت أسعار السلع الأساسية في قطاع غزة ارتفاعاً كبيراً خلال الأيام الماضية، إذ تجاوز ثمن كيس الطحين وزن 25 كيلوغراماً 330 شيكلاً، وقفز ثمن كيلو السكر إلى 40 شيكلاً، والأرز وصل ثمن الكيلو إلى 23 شيكلاً، مع ارتفاع كبير على أسعار الخضراوات المُنتجة محلياً.
وبيّن باعة وتجار أن ارتفاع الأسعار يتواصل مع تناقص السلع المتواجدة في الأسواق، وانخفاض العرض على الطلب، وتوقف توزيع المساعدات الغذائية، وهذا ينذر بكارثة وشيكة، ومزيد من الارتفاع على الأسعار.
كما أشار مواطنون إلى أن ارتفاع الأسعار يتزامن مع غياب كلي لكل أشكال الرقابة على الأسواق، ما يجعل كبار التجار، الذين يمتلكون السلع، يتحكمون في الأسعار بشكل أساسي.
وأوضح المواطن إبراهيم مصباح، أن الأسعار ترتفع في الأسواق المحلية بشكل مستمر، فحتى خلال اليوم نفسه يكون للسلعة أكثر من سعر، فالسكر كان قبل أيام بـ25 شيكلاً، والآن أصبح 40 شيكلاً.
وأشار مصباح إلى أن ارتفاع الأسعار على هذا النحو الكبير يخلق ضغطاً إضافياً على العائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل، ويجعل أرباب الأسر عاجزين عن تلبية احتياجات أبنائهم، خاصة في ظل توقف توزيع المساعدات الإنسانية.
من جهته، قال الجهاز المركزي للإحصاء، إن الرقم القياسي لأسعار المستهلك سجل ارتفاعاً حاداً في قطاع غزة بنسبة 40.58% خلال شهر آذار الماضي، مقارنة مع شهر شباط 2025.
وذكر “الإحصاء” أن أساب ارتفاع الأسعار يعود بشكل أساسي إلى استئناف العدوان الإسرائيلي منذ الثامن عشر من آذار الماضي، وإغلاق المعابر التجارية على قطاع غزة، الذي نتج عنه نقص حاد في السلع الأساسية، نتيجة عدم السماح بدخولها إلى قطاع غزة.
ووفق جهاز “الإحصاء” فإنه وبشكل عام تشهد مستويات الأسعار تقلباً حاداً بين الارتفاع والانخفاض في قطاع غزة، والأمر مرتبط بتطورات العدوان، وليست نتيجة تغيرات ناتجة عن تفاعل عوامل السوق، وبالتالي يكون تأثيرها كبيراً على الرقم القياسي العام للأراضي الفلسطينية.
شح المُسكنات يزيد الأوجاع
ما زالت تداعيات الحصار الإسرائيلي المُستمر على قطاع غزة منذ نحو 50 يوماً تتفاقم، وتمس مختلف قطاعات الحياة، وتؤثر على جميع المواطنين في القطاع.
ومن بين تداعيات الحصار شح الأدوية والعقاقير الطبية، خاصة مُسكنات الآلام، التي زاد استهلاكها لوجود عدد كبير من الجرحى بحاجتها، لتسكين آلامهم.
ويُعاني المرضى والجرحى بشكل كبير، جراء شح المسكنات بشكل عام، سواء في المستشفيات، أو العيادات، أو حتى في الصيدليات.
وقال المواطن سعيد طه، إن ابنه يُعاني من آلام شديدة جراء كسور مضاعفة في قدمه، وذراعة، وإصابات أخرى في البطن، حيث كان أصيب جراء غارة إسرائيلية، ويحتاج إلى أنواع قوية من المُسكنات، حتى يستطيع النوم، ويواجه مشكلة كبيرة في توفيرها، رغم امتلاكه وصفات طبية، مبيناً أن المُسكنات المذكورة مفقودة من الصيدليات والمستشفيات، وفي حال وجدت في بعض الصيدليات تكون أسعارها عالية جداً.
وأشار إلى أنه يلجأ للمسكنات التقليدية، فهي الأخرى شحيحة، لكن العثور عليها أسهل، ويضطر نجله لأخذ جرعات عالية منها، حتى تخف أوجاعه بعض الشيء.
وأوضح طه أنه وخلال رحلة البحث عن المسكنات، شاهد أشكالاً من المعاناة، وهناك مئات المرضى تفاقمت معاناتهم جراء شحها.
وأكد صيادلة أنه ومنذ بداية العدوان على غزة، هناك نقص شديد في الأدوية خاصة المسكنات، التي تم توفير القليل منها، بعد وقف إطلاق النار الأخير، ولكن عادت مؤخراً مشكلة نقص المسكنات وظهرت من جديد، خاصة في ظل ازدياد أعداد الإصابات والجرحى بين المدنيين، وأن الشح يشمل المسكنات الخاصة بمرضى السرطان، والأمراض المزمنة، وأغلب المسكنات مفقودة مثل “الترمال، والمورفين”، نتيجة الحصار والإغلاق.
وتأتي هذه المعاناة في ظل انهيار كامل في المنظومة الصحية بغزة نتيجة الإغلاق بعد الحرب، وتتمثل في نقص الكوادر الطبية والأدوية، نتيجة منع جيش الاحتلال دخولها إلى غزة، ما يفاقم معاناة المريض.
وقد حذرت وزارة الصحة في أكثر من تصريح، من تفاقم أزمة نقص الأدوية في القطاع جراء الحصار المُشدد، وإغلاق المعابر من قبل الاحتلال، مع مواصلته حرب الإبادة منذ عام ونصف العام، مشيرة إلى أن “أزمة نقص الأدوية تعيق عمل الطواقم الطبية لإتمام التدخلات الطارئة للمرضى والجرحى، ومرضى السرطان، والفشل الكلوي، والقلب الأكثر تأثراً بنقص الأدوية والمهام الطبية”.