“سوريا للسوريين، والسوريون أمة تامة” .. كما على الأرض كذلك في السماء: سوريا، خالقة الأزل، تعيد كتابة التاريخ وتعيد توجيه البوصلة طبيعيا نحو فلسطين! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) الخميس 10/10/2019 م …
“سوريا للسوريين، والسوريون أمة تامة”. اما الأكراد، رغم ارتهان بعض زعمائهم للأميركي والإسرائيلي، فهم جزء من ذاكرة سوريا .. اسألوا القيادي الوطني السوري عبد الحميد درويش، رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي، أقدم حزب سوري كردي تأسس عام 1957. لطالما طالب درويش قوات “قسد” بالانسحاب الفوري من المناطق الحدودية في شمال شرق سورية، وإفساح المجال لانتشار الجيش السوري على طول الشريط الحدودي مع تركيا .. واليوم يواجه الأكراد مأزق الارتهان الخاسر للمحور الصهيواعروبيكي عاجزين عن التصدي للغزو التركي. تركهم ترامب منفردين كما ترك حلفائه (دول الخليج مثلا) من قبلهم ومن بعدهم، وكأني به يستعين بالآية الكريمة (24) من سورة المائدة:
“قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”!
يضحي ترامب ب”قسد” بقصد استراتيجي في خطوة تعيد الإمساك بتركيا فيحشرها في خانة الأهداف الأميركية الكبرى باستمرار احادية الهيمنة، ويضرب التقارب التركي المستجد مع روسيا وينسف صفقات الغاز والسياحة والتجارة بين البلدين والتي تقدر بمليارات الدولارات .. وهكذا يستمر الاميركان بالمماطلة في حسم الملف السوري ضخا لبعض الدم في جثة الهيمنة الأحادية الأميركية على المنطقة فتتفجر الحروب في الميدان السوري من جديد.
اما أردوغان فما فتئ، ومنذ بداية العدوان على سوريا، يحاول “تتريك” الشمال السوري تارة بالرهان على “الإخوان المسلمين” و طورا على تنظيم “داعش”، واليوم على “جبهة النصرة” وفصائل أخرى كـ “الجيش الحر”، ودائما بحجة مواجهة خطر “الأكراد” وابعاده عن الحدود حيث يُعتبر “المشروع الكردي” خطراً على الداخل التركي .. كما يتوخى الأتراك إنشاء منطقة آمنة داخل الأراضي السورية في محاولة لاستيعاب حوالي مليونَيْ لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الحالي الى جانب سرقة النفط السوري والاستثمار برعاية داعش!
واليوم أيضاً لا بد ان أكرر انه كما على الأرض كذلك في السماء: سوريا، خالقة الأزل، تعيد كتابة التاريخ وتعيد توجيه البوصلة طبيعيا نحو فلسطين!
تحررت دمشق، ولم تسقط مجرد طائرات او صواريخ العدو في المحور “الصهيواعروبيكي”.. أسقطت سوريا ثقافة “النعجة” عربيا و ثقافة “الرامبو” اسرائيليا! سوريا: أنا أقاوم، اذن أنا موجودة!
إنها سوريا المقاومة .. سوريا العربية العلمانية الموحدة .. مثوى ألف نبي .. فكرة خمسة عشر الها خرافيا .. أم لستة من أباطرة روما .. لؤلؤة العرب و جوهرتهم!
سوريا .. صاحبة عبقرية الأزل محكومة بالمقاومة و الممانعة منذ الأزل .. قاومت الإغريق و الرومان و المماليك و العثمانيين و ما زالت تقاوم قوى الشر الصهيوأعروبيكية .. و لعل هذا ما يمثل جوهر وجودها التاريخي و علة كونها الاستراتيجي!
سوريا هذه تجسد قصة الحب الأزلي بين الله و الانسان في كنيسة “حنانيا” و شقيقتها الكبرى “المريمية” .. كما في “المسجد الأموي” و ماء “بردى” و ضريح “محي الدين ابن عربي” في سفح قاسيون .. و كان “ابن عربي” قد أوصى بدفنه في دمشق حيث يستطيع أن يرى الله بالعين المجردة .. دمر هولاكو بغداد و أسلم في دمشق .. حرر صلاح الدين القدس و طاب موتا في دمشق .. قدم لها الحسين بن علي و يوحنا المعمدان و جعفر البرمكي رؤوسهم طلبا لرضاها .. و ما بين قبر زينب و قبر يزيد خمس فراسخ .. انها دمشق، لا تعبأ بكارهيها .. و تتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا عالقين تحت أظافرها!
سوريا هذه لن تنحني للأشد كفرا و نفاقا من شيوخ القبائل أو شيوخ الطرق التائهين بين براميل النفط و الكازينوهات و تجارة السلاح!
فلا غرو اذن ان يكلم الله الشعب العربي في سوريا مبشرا بالنصر (جامعا البشارة والنصر): أنتم قلعة العرب، و انكم انتم الغالبون!
وبعد هنالك من لا زالت تمنعه الغطرسة من تقبيل ختم السفر الاول على جواز سفره (الاردني) – ختم الدخول الى سوريا!
التعليقات مغلقة.