الحج تحت الخُف الأمريكي / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) الإثنين 22/7/2019 م …
* خبر وتعليق قصير
مُلخّص الخبر:
قبل موسم الحج ببضعة أسابيع، نَسَبَتْ صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى مسؤولين حكوميّين أمريكيين قولهم، إن وزارة الحرب الأمريكية سَتُرْسِل، قريبًا (إن لم يكن ذلك قد حصل بَعْدُ) عدة مئات من الجنود إلى السعودية كجزء، أو دفعة أولى، من حشدٍ للقوات في مواجهة التهديدات المحتملة من طهران وحلفائها، وأعلنت مصادر أمريكية أخرى، إن الولايات المتحدة أرسلت دفعة أولى، تضمّنَتْ أكثر من 500 جندي إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية قرب الرياض، وبثّت شبكة “سي إن إن” وثائق وصُوَر تُؤَكّد الخبر، واستشهدت بتصريحات رسمِيِّين أمريكيين، من عسكرِيِّين ومَدَنِيِّين…
التعليق – في “فقه الحج”:
ليس الحج فَرْضًا من الناحية الدينية، بل يأتي في ذَيْل “قواعد الإسلام” الخمسة، فهو “لمن استطاع إليه سبيلا”، أي، بحسب تأويل واجتهاد المُفسِّرين الأوائل للقرآن، إن من يحج إلى مكة من خارج الجزيرة العربية، يجب أن يملك مُدّخرات غذائية ومالية تُمكّن أسرته من العيش دون ضيق، لفترة 12 شهرًا، وفق إجماع الأئِمّة والمُجتهدين، في القُرون الأولى للإسلام…
وَجَبَ أن نُطالِبَ بتدخّل مصلحة الضّرائب في دول المُسلمين، لمعاملة الحجيج كأثرياء، وفَرْضِ، ضريبة إضافية (قد تكون ثابتة، أو بمبلغ يختلف باختلاف ثروة “الحاج”، أو “الحاجّة”) على المبالغ التي ينفقها الذاهبون إلى مكة، للحج أو العُمْرة، وتتمثل الضريبة في خصْم نسبة مُعينة، على نفقات الحج (المُرتفعة)، وعلى الإدّخار الذي لا يُعلنونه، وعلى دَخْلِهِم الذي مكّنهم من ادخار عدة آلاف من الدولارات للحج، وإنفاق حصيلة هذه الضرائب (التي يجب أن تتسم بالشفافية، وتُراقبها هيئات شعبية) على برامج دعم الفقراء (المسكن والشُّغل والعلاج والتعليم وغير ذلك)… لأن قواعد الإسلام أَقَرّت بوضوح، لا لُبءسَ فيه، إن الحج للأثرياء، ولذلك وجب على من يحْشُرُ نفسه ضمن فئة الأثرياء، وأن يستحق صفة “حاج”، أن يُنفق بعض المال “في سبيل الله والفُقراء والوطن”، بدل تبذير المال بين وكالات الأسفار وتُجّار الحج في مكة والمدينة، ف”الأقربون أَوْلَى بالمعروف”...
اعرف إن الحجيج ليسو دائمًا من الأثرياء، لكن مقترح تدخّل إدارة الضّرائب في مراقبة دَخْل الحجيج يتنزّل ضمن طرح مسألة الثقل الذي يتحمّله العمال والأُجَراء بما يعادل 80% في المتوسط، من إيرادات إيرادات الضرائب المباشرة (على الدّخل) في معظم الدّول، ويتنزل ضمن معركة ما يُسمونها “الشفافية”، التي صدّع بها رُؤُوسَنا صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والمنظمات المُسمّاة “غير حكومية”، ولذلك فإن “الشفافية” تقتضي مراقبة عملية تحصيل الضرائب (على الحج، كما على دخل الأثرياء وأصحاب المهن “الحرة”، أي غير الأُجَراء)، من قِبَل لجان تُمثل المواطنين، ومنظماتهم، ونقاباتهم وأحزابهم، وهي معركة صغيرة (تكتيك) ضمن معركة أكبر (استراتيجية)، نتعلّم من خلالها النقاش في مواضيع جدّية وعَمَلِيّة (إلى جاني القضايا النظرية)، ونتعلم أساليب المُقاومة وطرح البدائل، سواء ما يُمْكن تطبيقه حاليا، تحت رقابة المواطنين، أو البدائل الإستراتيجية (بعيدة المَدى)، الهادفة استخدام كافة أساليب المقاومة، بهدف إزاحة الطبقة الحاكمة (أو التّحالف الطبقي)…
لنَسْتخْلِص الدّروس من انتفاضتَيْ تونس ومصر، حيث غاب البديل، وغاب الإستعداد لإزاحة النظام، والطبقات التي تُمثِّلُه، فانقضت قوى الدّين السياسي، التي لم تُشارك في الإنتفاضة، على السّلطة، بدعم أمريكي وأوروبي…
التعليقات مغلقة.