أوكرانيا أضعفت ترمب أم بيدره الوافر حصاداً؟ ماذا عن فلوريدا؟ / ميخائيل عوض

0 181
ميخائيل عوض ( لبنان ) – الأربعاء 11/6//2025 م …ا
أخفق ترمب في وضع وعده الانتخابي بوقف حربي غزة وأوكرانيا ساعة تطأ قدمه البيت الأبيض وقبل تسلمه مهامه دستورياً.
رضخ نتنياهو وأوقف الحرب بهدنة قبل يوم من تسلمه مهامه، ثم تمرد واستأنف حربه لتدمير غزة وتجويعها وإبادة ناسها بعسف وشدة، ولم يراعي طلبات ترمب ولا استجاب لمبادرات وضغوط ويتكوف.
أما زيلنسكي فقد تحداه في المكتب البيضاوي، وناور واستنجد بالأطلسي، ورفض إملاءاته، ولم تنفع تهديدات ترمب له ولا لبوتين. وفشلت المفاوضات بل أنجزت أوكرانيا ضربةً أمنية مؤلمة لروسيا بتدمير طائرات المثلث النووي على مرابضها، استوجبت رداً روسياً لتدمير بنيتها التحتية وانتزاع البلدات والمدن على طول خط الاشتباك.
٢
الانطباع أن ترمب هُزم وأنه يُستضَعف ويفقد الكثير من مما اعتد به من عناصر، والأمر يساق على المفاوضات النووية الإيرانية التي تشهد -شد ورخي-، ويبقى سيف نتنياهو مسلطاً على رقبة الملف النووي الإيراني
٣
عزز القول بضعف ترمب وتراجع قوته الصراع العلني مع ماسك وخروجه العاصف من البيت الأبيض وانقلابه على إدارة ترمب.
أضافت أحداث كاليفورنيا المزيد من الأدلة لدى الكثيرين عما تعانيه إدارة ترمب من أزمات وإخفاقات قد تصل إلى الاطاحة به أو اغتياله، وفي تنظيرات وافرة قد تكون شرارة اجتياح الربيع العربي أمريكا نفسها.
٤
في الشكل أخفق ترمب بفرض رؤيته لوقف حرب أوكرانيا بسبب تعنت بوتين ومشروعاته في أوكرانيا وأوروبا والعالم الجديد الساعي إليه مع الصين، وبسبب رفض زيلنسكي التلميذ النجيب للوبي العولمة وأدواته في إدارة الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
إلا أنَّ ترمب تاجر ومحارب ويعرف من أين تؤكل الكتف، فقد حصد ٥٠٠ مليار دولار تعويضاً عن الديون التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا بذريعة الدعم، فباعتها أسلحةً قديمة خردة وأغرقتها بالفساد ونهبت الأموال بين أولغارشية زيلنسكي والشركات ورجالها في واشنطن.
إذن في الواقع حقق ترمب هدفه وسعيه، وانتزع توقيع زيلنسكي بدل أن يكون مكرماً في المكتب البيضاوي صاغراً في السفارة الأمريكية.
لماذا يريد ترمب بعدها وقف الحرب؟
استمرار الحرب مصلحة لأمريكا الترمبية، فهي جارية تستنزف خصمين كبيرين لوبي العولمة وبقاياها والأطلسي والاتحاد الأوروبي. وهو سبق أن أعلن رغبته بتدميرهما، وتحرير أمريكا من أية التزامات لإسنادهما.
وتستنزف روسيا التي ستكون خصماً ندياً وعنيداً لأمريكا الترمبية في قابل الأيام والمراحل.
٥
فشل في إلزام نتنياهو بوقف الحرب فتركه على غاربه عارفاً بقدراته وبعجزه وجيشه عن تحقيق أهداف الحرب في غزة.
كسب بأن انتزع من العرب تريليونات الدولارات لإسناد الاقتصاد الأمريكي وتعزيز قوته في الداخل في حربه المقدسة وذات الأولية لإعادة هيكلة أمريكا. وخطط لانتزاع سورية من يد نتنياهو وحليفه إردوغان وكلاهما محوريان كأدوات لوبي العولمة في الإقليم. ونجح في شطب نفوذ نتنياهو ولوبي العولمة في البنتاغون ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية. ويعزز الفريق اللبناني والأرابسك، وربما يراهن على تصليب العهد والسلطة في لبنان، على حساب مشروع نتنياهو وأهدافه في تحويل لبنان محمية إسرائيلية، بهدف اعتماده محمية ترمبية ومنصة لإدارة الشرق العربي. وقد أعلنها مبعوثه لسورية توم باراك؛ إنهاء سايكس بيكو وتقسيماته الكارثية، وسياسيات الغرب الاستعمارية على حد وصفه.
نصيحتنا مرة جديدة “مع ترامب دققوا بما يفعل لا بما يقول”.
٦
بينما تجري الأمور مع ترمب في الملفات الخارجية بما يخالف أقواله وتصريحاته ويحقق في أعماله ما يريد، انفجرت أزمة ترحيل اللاجئين من كاليفورنيا وتكساس، وشهدت الشوارع تظاهرات وتمردات استغلها ترمب هجومياً -دققوا بكلمة هجومياً-، وجاوز بحسب البعض صلاحياته وزجَّ بالحرس الوطني الفيدرالي وأرفقها بتكليف وحدات المارينز، وأعلن هدفه تحرير كاليفورنيا من اجتياح الغرباء وممن يحملون أعلام غير الأمريكي ويعتدون على الأملاك العامة والخاصة وعلى رجال الدولة، وبلغت فيه الجرأة بإعلان رغبته اعتقال حاكمها الديمقراطي واليساري المتراخي برغم تضامن ٢٢ حاكم ولاية معه!
ترمب يهاجم، إذن هو ليس مهزوماً ولا مثلومة قوته، وكاليفورنيا خامس اقتصاد عالمي وولاية ركنية تاريخياً للديمقراطي، ولا يتهيب انفجاراً في أمريكا؟
هل تسرَّع؟
هل ستكون كاليفورنيا موطن الشراة لإشعال الحقل اليابس، وتنفجر أزمات أمريكا وما أعمقها وما أكثرها؟
قد تكون دنت ساعتها، والقاعدة أنَّ التطورات الكبرى تتسبب بها أحداث عابرة، وتلك الحادثة التي فجرت تونس ” أبو العزيزي أحرق نفسه في مدينة نائية” وأطلقت شرارة ما سمي بالربيع العربي.
٧
الأزمة مع كاليفورنيا إذا لم تتحول إلى شرارة إشعال الغابة، فستكون مبادرة ومن تخطيط ترمب لإجهاض الديمقراطي ولوبي العولمة وشركاته ودولته العميقة المتوطنَّة بالولاية المركزية عنده، وسيكون ترمب قائد محارب ذكي كما هو تاجر صفقات مشهود له.
وقد يكون للتوقيت علاقة بالتحضير للانتخابات النصفية، وسعي ترمب لكسبها كي لا يتحول الى بطة عرجاء بعدها.
٨
انفجار أمريكا وخريطة أزماتها ونضجها للحريق سنعالجها تباعاً في قادم الأيام وكذا الأهمية القصوى لمعركة كاليفورنيا بين لوبي العولمة وشركات الـ Hi Tec المعادية لترمب، فالأمر أعقد من أن يُعالج بتغريدة، وفهو يحتاج إلى التشارك مع أحداث وقضايا كبرى.
أما في الملف النووي الإيراني وحرب غزة فمكالمة ترمب نتنياهو أمس حملت جديداً نوعياً تعزز قولنا مع ترمب “لا يهم ما يقول، الأهم ما يفعل”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

11 − تسعة =