العكوب والهليون والهندباء وأعشاب فلسطين الكثيرة: الطبيعة أمنا ودواؤنا

في ذروة فصل الربيع وموسم النباتات على أنواعها التي تباركت فيها الديار الفلسطينية من بحرها لنهرها، هذه مناسبة للتذكير بأهمية الاعتماد على أعشاب غذائية وطبية من أجل المحافظة على الصحة وزيادة المناعة في مواجهة أمراض كالسكري والسمنة وأمراض القلب وغيرها وفيما يلي نتوقف عند عينات من هذه الصيدلية الغذائية الوقائية. يزاوج باحثون ومعالجون وأطباء بين العلم الحديث والموروث الطبي العربي الإسلامي، ويلفتون إلى العلاقة العضوية بينهما في مجال التداوي، وينصحون بتناول النباتات البرية والزراعية للوقاية والعلاج في هذا الموسم. ولابد من الإشارة لحيوية تناول النباتات والأعشاب والخضروات والفواكه بعكس الأغذية المصنعة لما بها من قيمة غذائية ووقائية وعلاجية، علما أن العالم الغربي أيضا بدأ يعود للطبيعة من هذه الناحية. وفي حالتنا الفلسطينية حيث الهوية الوطنية مهددة أكثر من أي وقت مضى هناك أهمية بالغة لرواية المكان ونقلها من جيل إلى جيل بما في ذلك نباتات الطبيعة أسماؤها، خواصها وقصصها كونها واحدة من المعلومات المؤسسّة للذاكرة الجماعية وللهوية الوطنية وبدون ذلك سيعيش الأبناء والأحفاء في حالة اغتراب في وطنهم الذي يشهد عملية منهجية لعبرنة ملامح البلاد.
العكوب والهليون: يشار على سبيل المثال إلى أن نبتة العكوب المنتشرة عادة في المناطق الجبلية تقوي الجهاز العصبي والدم، وتعالج الجهازين البولي والهضمي وفيها مواد تستخدم في علاج تسمم الكبد وتشمعه كما هو الحال مع الهندباء والحويري المفيدة للخصوبة أيضا. كما لابد من الاشارة لحيوية تناول الهليون لعلاج التهابات المسالك البولية والكليتين وتنظيف المثانة من الحصى والترسبات وتفتيت الحصى ودر البول وفتح الشهية، وهي مفيدة لمعالجة بعض حالات الروماتيزم ومكافحة حالات الإرهاق وتنشيط الجسم. وكلاهما، العكوب والهليون منتشران جدا في مختلف أنحاء البلاد في مثل هذه الأيام.
الهندباء (العلت): تؤكد التجارب أن العلت (الهندباء) نبات واقٍ للمعدة والكبد من الإصابات والاضطرابات، كما أنه مدر للبول وينقي المجاري البولية ويفك احتباسها، فهو منظف جيد للجسم من الفضلات والسموم، كما ويعمل العلت أيضاً على تنشيط وظائف الكبد والمرارة والكلى. وثبت أن تناول الهندباء واستخدامها كعقار طبي بعصر أوراقها وأزهارها وعروقها بدون تحلية العصير ولو بعسل النحل يفيد جداً في تنقية الكبد والدم من الرواسب وجميع الشوائب وتهدئة البواسير. وأهم خاصية جعلتنا نتحدث عن الهندباء هي قدرة ذلك النبات على تخفيض نسبة الشحوم والدهون والتراكمات والتأكسدات غير المرغوب فيها من الجسم ومن الدم والمسالك البولية والتنفسية.
أيقونة المطبخ الفلسطيني: أما الخبيزة فتحوي معادن وفيتامينات خاصة ومواد فيها فوائد وقائية لعضلة القلب والأوعية الدموية ومعها نبتة الزعتر «أم النباتات العطرية ورمز النباتات الوطنية»، فقيمتها الطبية تتعدى غناها مضادات الأكسدة إضافة لمواد مضادة للجراثيم والبكتيريا ولأوجاع الحلق والجهاز الهضمي. ويعتبر الزعتر أيقونة المطبخ الفلسطيني فهي تلقب وبحق بـ«أم النباتات العطرية» و«رمز النباتات الوطنية» فأقراص ومخبوزات الزعتر التي تعد داخل مطابخنا لا مثيل لها بمذاقها الطبيعي الطيب وحينما يقترن تناولها مع شرائح الطماطم تصبح عظيمة ويشتهيها العرب والأجانب. ومما يضاعف أهميتها قيمتها الطبية وغناها بمضادات الأكسدة إضافة لمواد مضادة للجراثيم والبكتيريا ولأوجاع الحلق والجهاز الهضمي. لم أشعر يوما كإمرأة بالراحة النفسية والسعادة داخل المطبخ وأنا أعد مأكولات بيتية مثل الشعور الذي يلازمني حينما أعد مخبوزات الزعتر الذي تعطّر رائحته البيت بل الحارة. حال الزعتر كحال فنجان القهوة في الصباح فهي مناسبة للقاء الأحبة والجيران وهي تحمل رسالة ثقافية تربوية كبيرة للأبناء.. كيف لا وهي طريق سريع لقلوبهم لا لبطونهم فحسب لأنها تنمي بصمت وعمق الروابط الوجدانية بين الإنسان والمكان، بيننا وبين وطننا الذي يمنحنا بحب هذا الخير طيب المذاق قدرة على البقاء والتجذر بالأرض والطبيعة تماما كقصة عشقنا مع الزيتون، ولذا ليس صدفة أننا نعبر عن هذا البقاء بالقول «نحن باقون بقاء الزعتر والزيتون». وكل هذه النباتات متوفرة كمستحضرات في الصيدليات أيضا والإقبال عليها في العالم بازدياد واللافت انها وردت في أدبيات الطب العربي منذ قرون.
موروث إسلامي
ويوضح علماء الدواء أن 40 في المئة من مجمل الأدوية اليوم مستمدة مباشرة من النباتات الطبية، ويقدر علماء النبات اليوم أن هناك أكثر من 250 ألف صنف نباتي في العالم تم تصنيف نحو 90 في المئة من مجملها تصنيفاً علمياً. أن إنجازات العرب والمسلمين في مجال الطب النباتي عريقة وما زالت تحتفظ بقيمتها، بل أصبحت بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى البحث والتطوير. وهناك أسماء كبيرة في عالم الطب والتداوي بالأعشاب لمعت وكان أبرزها أبو بكر الرازي وابن سينا الزهراوي وابن رسول وابن حيان وابن البيطار، ويلفت أن علماء النبات يقدرون اليوم أن هناك أكثر 250000 صنف نبات على وجه البسيطة، تم تصنيف حوالي 90 في المئة من مجملها تصنيفاً علمياً.