نحن مدينون للعالم باعتذارين عن خطيئتين ارتكبناهما بحق الانسانية والكون برمته! / الياس فاخوري

0 210
 
الياس فاخوري ( الأردن ) – السبت 15/3/2025 م …
نحن مدينون للعالم باعتذارين عن خطيئتين ارتكبناهما بحق الانسانية والكون برمته – هكذا عهدت اليَّ اليوم جدتي (واسمها الحركي مونا Moona/Crescenta) باعادة تقديم اعتذار “ديانا” عن خطيئة كولومبوس المميتة، كما كلفتني بتقديم اعتذار اخر عن اهدائنا العالم “خوارزميات الذكاء الاصطناعي”!
الاعتذار الاول عن خطيئة كولومبوس المميتة حين ضل طريقه الی الهند لينتهي باكتشاف امريكا سيما وأن الرحلة تمّت بتمويل عربي .. نعم كان التمويل عربيا حيث غطتها ايزابيلا بالجواهر التي تركها العرب في غرناطة لينعم العالم ب“الويلات المحتدة الامريكية” .. فأمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا!
الاعتذار الثاني عن هدية الخوارزمي للحضارة وللعالم التي أدّت لولادة الذكاء الاصطناعي .. وكنتُ قد تمنيّتُ – بمنطق الخوارزميات هذا – ان نهجر التركيز على القواسم الى تعظيم الجوامع .. خاطبتكم وأخاطبكم بتواضع من قدّم أهلُه – العرب والمسلمون – الخوارزميات (تكراراً) هديةً للحضارة والعالم ليولد من رحمها الذكاء الاصطناعي، واخص هنا خوارزميات “التجميع” في الذكاء الاصطناعي .. وباختصار شديد البساطة، الخوارزمية هي مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما .. وسميت الخوارزمية بهذا الاسم نسبة إلى العالم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الذي كان أول من ابتكرها في القرن التاسع الميلادي وأنجز معظم أبحاثه بين عامي 813م و833م في دار الحكمة في بغداد .. وبالاستعارة والكناية والتشبيه والمجاز وكل محسنات البيان والبديع وعلوم البلاغة، رجوتُ ان نهجر القواسم الى الجوامع بمنطق الخوارزميات فمن القاسم الأكبر الى الجامع المشترك الأعظم!
 
اعتذر عن إنجاز خوارزميات الذكاء الاصطناعي حيث تَمَكَّنت دول المحور الصهيواوروبيكي من إساءة
استخدامه سلاحاً هدّاماً واستغلاله شراً مطلقاً في حروب امريكا و”اسرائيل” .. وها هي سلطات الأمن الداخلي الأميركيّة تستغل هذا “السلاح” للقبضَ (مثلاً) على الطالب الفلسطيني، محمود خليل، وهو يحمل ورقة الإقامة الخضراء، ومتزوّج أيضاً من أميركيّة .. كما باشرت جامعة كولومبيا وكليّة برنارد المرتبطة بها – استناداً للذكاء الاصطناعي – بطرْد ثلاثة من التلاميذ بسبب مشاركتهم في الاحتجاج ضدّ حرب الإبادة (ولم تطرد جامعة كولومبيا طلّاباً بسبب الاحتجاج منذ نيّف و57 عاما) .. نعم، إنّ الحريات المدنيّة بدات تتراجع في الغرب حيث تقوم الحكومات هناك بفرض جوّ القمع عبر تزويد اجهزة الشرطة والأمن والهجرة والقضاء الاداري بتقنية الذكاء الاصطناعي لاصطياد وتوقيف وترحيل المتظاهرين دعماً لفلسطين .. كما تمنع التمويل الفدرالي للجامعات التي تسمح باحتجاجات ضدّ إسرائيل .. حكومات الغرب اليوم هي مرآة للصورة الظالمة التي رسموها عن أنظمة أوروبا الشرقيّة .. وهنا اكتقي بعنوانيين من 
(The New York Times ([email protected] باعدادها الاخيرة:
 
– “Yale Suspends Scholar After A.I.-Powered News Site Accuses Her of Terrorist Link”
– “Trump Officials Warn 60 Colleges of Possible Antisemitism Penalties”
اذن، لا يمكن النظر الى التكنولوجيا باعتبارها منفصلة عن المفاهيم السياسية والاقتصادية والثقافية، وعليه فان استنباط التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لأغراض المواجهة العسكرية والأمنية يفرض أيضاً مراجعة المفاهيم السياسية والاقتصادية والثقافية!
وهنا اكرر ان “القصة تبدا من بعيد .. من عند الغرب العربيد .. ومن امريكا بالتحديد”، أُسُّ الطغمة المالية {بلا رأس (مال)، او برأس (رأسمال) أراد ماركس الإطاحة به نحو مساواة “عرارية” محققة تنفي الفوارق بين الجار والجار}! 
 
هتاف طالما ملأ الساحات ويعود ليملأها مجدداً على نبض ساعة السابع من اكتوبر/تشرين الاول 2023 .. فامريكا كانت، وأَضْحَت، وأَصْبَحَت، وأَمْسَت، وبَاتَت، وصَارَت، ومَا زَالَت، وما بَرِحَت، وما انْفَكَّت، وما فَتِئَت، وظلَّت على الأسوار (أسوار غزة، والقدس، وكل فلسطين) تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية ..
 
كما أُحيلكم اليوم لكتابات “ديانا فاخوري” فقد أفردت عدة مقالات لهذا الموضوع ( منها بتاريخ March 11, 2022 وFebruary 13, 2019) اذ تناولت الرئيس الامريكي (ترامب في ولايته الاولى) {الذي عين نفسه إلها اعلى على الكون يمنح القدس عاصمةً لإسرائيل وفنزويلا ولايةً لخوان غوايدو في الوقت الذي يحاول التوصل لاتفاقات مع طالبان وداعش وماشابه .. يلغي اتفاقا نوويا هنا، ويجمد اخر هناك، ويعقد ثالثا في زاوية اخرى من الكرة الأرضية .. كاني به يتمثل “تاجر البندقية” (The Merchant of Venice)‏ لويليام شكسبير — له مال العالم، ذهب العالم، نفط العالم، وغاز العالم .. له الجزية وكل الضرائب و”الخُوّات” .. له الشمس، والقمر، واحد عشر كوكبا – بل كل النجوم والأجرام وكل صفقات الإجرام! أكرر: من أعطاك هذا الحق؟ من سماك بأسماء الله الحسنى؟ كيف إغتصبْتَها فتأخذ ما تشاء وتمنع ما تشاء!؟ هل غدوت الرحمن على العرش استوى تقبض وتبسط وتلعن وتبارك .. تعز من تشاء وتذل من تشاء .. تدين من تشاء وتسامح من تشاء؟! “من نصبك (بالشدة وبدونها) “هُبَلا” (بفتح الباء) على مجموعة “هُبل” (بتسكين الباء) كما يبدو من تغريداتك ومقابلاتك وبياناتك، وكلها تنوء بحمولتها من إشارات التعجب وعلامات الاستغراب!؟}
 
وتجدر العودة لميخائيل نعيمة وموقفه الذي يكاد ان يكون مجهولاً اذ قال مخاطباً امريكا: 
 
“من أنتَ حتى تحكمَ البشرا، كأن في قبضتيكَ الشمس والقمرا.
هل أنت نور السما؟ أم أنت خالقها، تسيّر الفلكَ والدوارَ والقدرا؟
أم أن ربّك لاقى فيك سيّده، فعاف من أجلك السلطان وانتحرا”!
 
ثم، ألم يتحدث بابلو نيرودا عن “تلك الامريكا التي تقتل البريق الذي في عيوننا”؟! .. ألم يقل محمود درويش “أمريكا هي الطاعون والطاعون امريكا”!؟ هي الطاعون، والطاعون هي من يوم التكوين الی يوم الدين .. فهل يعيدها “أهل البيت الأبيض” أرض ميعاد نقية صافية للامريكيين بلا مهاجرين ولا مسلمين وقد أحاطوا “البيت” بشخصيات من شأنها الإطاحة بمجموعة المصالح الاستراتيجية والمؤسسات المتنفذة؟!
 

وهذه “الويلات المحتدة الامريكية” انما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش وابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الاصليون؟! الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين؟!

الم يُشعل هؤلاء حرباً عالمية أدت لمقتل 10 ملايين عسكري، و7 ملايين مدني، لتعقبها حرب عالمية أخرى تراوح عدد ضحاياها بين 62 مليوناً و78 مليوناً، بينهم ما يزيد عن 27 مليون سوفييتي!؟ وماذا عن حرب المائة عام بين الانكليز والفرنسيين (1337 ـ 1453 ) التي قضت على نصف سكان انكلترا!؟

ثم ماذا عن ضحايا فيتنام (1.353.000 ضحية)، وأفغانستان (176000 )، والعراق (1.033.000 ) وكوريا (5000.000 )!؟ وماذا عن ضحايا الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1.5 مليون)!؟

رائع ريجيس دوبريه، رفيق تشي غيفارا في أدغال أميركا اللاتينية، حين قارن بين آلهة النار في الميثولوجيا الاغريقية وآلهة النار في الميثولوجيا الأميركية، ليسأل “ألم يتجاوز هاري ترومان، بالقائه القنبلة النووية على هيروشيما، كل آلهة الخراب في الميثولوجيات القديمة”؟

جعلت أميركا من الكرة الأرضية نسخةً عن الجحيم؛ صراعات وحروب في كل مكان .. وماذا فعلت الولايات المتحدة سياسياً للآخرين، ومنذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، سوى تكديس الجماجم من الهند الصينية الى شبه الجزيرة الكورية، ومن أميركا الوسطى الى الشرق الأوسط؟
أبادوا 20 مليون من السكان الاصليين المعروفين بالهنود الحمر، ثم اعتذروا! .. أبحروا الی افريقيا وعادوا بالوف الافارقة فأسسوا أسواق النخاسة .. قصفوا اليابان بالنووي .. أبادوا قُریً عن بكرة أبيها في فيتنام .. دمروا العراق بذريعة (اعترفوا بزيفها) امتلاكه السلاح النووي وجعلوه يبابا ..  اعتدوا علی الجيش السوري الملتحم مع داعش في دير الزور ..
 
كم كررّنا وأعدنا التكرار أنها “الويلات المحتدة الأمريكية” .. أنها الطاعون والطاعون هي .. انها البلاء والبلاء هي وقد استحقت عن جدارة لقب:
 
 Thief/Killer-in-Chief و CRS: Chief Rogue State
 
 اكَّدنا انه لن تعود لأمريكا عظمتها MAGA: Make America Great Again .. وقدَّمنا عينة قليلة من مئات المؤامرات والأساليب القذرة التي حاكتها بحق شعوب و دول العالم على مدى قرنين من الزمن!
 
اما Moona/Crescenta فقد درست اصل الأنواع ونظرية التطور (النشوء والارتقاء) على لامارك ودارون، وقامت بمراجعة الواقع والمفاهيم الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والامنية والعسكرية في المنطقة خلال العقود الأربعة/الخمسة الماضية وانتهت لنتيجةٍ اساسيةٍ حاسمةٍ قاطعةٍ مؤدّاها ان المخلوقات نوعان: 
1) الذين جاء ذكرهم في الأيتين الكريمتين: المائدة – 56، والمجادلة – 22!
2) الذين يتمنّون لو انهم كانوا كذلك! 
 
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

عشرين + 11 =