متابعات، نشرة أسبوعية – العدد السّابع والتّسعون / الطاهر المعز

0 216

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 9/11/2024 م …

يتضمن العدد السابع والتسعون، من نشرة “متابعات” الأسبوعية تعليقًا قصيرا على الإنتخابات الأمريكية وفقرة عن إحدى خصائص العدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان، وتعليقًا على الإنتخابات الأمريكية ليوم الخامس من تشرين الثاني 2024، وفقرة عن الإستغلال الفاحش لعمال شركة “كارفور” في السعودية، ونُشير إلى إن “كارفور” من الشركات التي تُصرّ على التعامل مع الكيان الصهيوني ولذا فهي تحتل مكانة قارة ضمن قائمة المُقاطَعة، وفقرة عن ارتفاع إيرادات وأرباح قطاع صناعة الأسلحة، مقابل انخفاض الإنفاق على التعليم والصحة والخدمات الأساسية وفقرة عن قمة مجموعة بريكس التي انعقدت ب”قازان” (روسيا) خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/اكتوبر 2024 وفقرة عن سرقة الإتحاد الأوروبي أموال روسيا المودعة في المصارف الأوروبية، ومَنْح عائداتها إلى أوكرانيا، وفقرة عن الفوارق الطبقية المجحفة بين أثرى أثرياء العالم ومئات الملايين من المواطنين الفقراء

 

مقدمة:

يُشكّل انتخاب دونالد ترامب فشلاً ذريعا “للبديل التّقدّمي” الزائف، وانتصارًا للأوليغارشية والمجمع الصناعي العسكري ووول ستريت والشركات المتعددة الجنسيات والإنجيليين الصهاينة والجناح اليميني الأشدّ تطرّفًا في الساحة السياسية الأمريكية والأوروبية، لكن ما يُزعجنا لدى ترامب هو العداء السّافر والفَجّ للعرب ولكل الشّعوب التي يجب – حسب رأيه – أن تخضع للأمريكيين الأنغلوسَكْسُونِيِّين البيض البروتستنْتِيِّين ( وَاسْب) وهو أشدّ صهيونيةً من الصهيوني الكبير جوزيف بايدن، ومن داعمي إقامة “إسرائيل الكبرى” بإشراف صهره “جاريد كيرشنر” وبأموال النفط العربي، مما يزيد من المخاطر المحيطة بنا من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي…

 

من خاصّيّات العدوان الصّهيوني

يُعْتَبَرُ المدنيون أولَ ضحايا الحُرُوب بشكل عام ولا يختلف العدوان الصهيوني الذي أدّى إلى قَتْل وإصابة وتجويع وترحيل وتشريد ملايين المواطنين اللّبْنانِيِّين والفلسطينيين، ويكمن الفرق بين هذا العدوان وغيره في عدم وجود جيش فلسطيني كما إن الجيش اللبناني غائب تمامًا، لذا لا يوجد جيش يُدافع عن الفلسطينيين واللبنانيين وإنما مُقاومة مُسَلّحة وشعب مُحاصر عسكريا واقتصاديا وإعلاميا من قِبَل الكيان الصّهيوني والإمبريالية الأمريكية والإتحاد الأوروبي وصهاينة العرب، خصوصًا في مصر والأردن والخليج، والمليشيات العميلة التي يتزعمها سمير جعجع ومحمود عباس وغيرهما من الأعداء الدّاخِلِيِّين… 

يُشكّل هذا العدوان استكمالاً للمشروع الإستيطاني الصّهيوني الرّامي إلى التّهجير القَسْرِي لمن تبقّى من الفلسطينيين في بلادهم، رغم الحصار والتّجويع، وقد لا يكتفي الكيان الصهيوني بضَمّ غزة والضفة الغربية – إن تمكّن من ذلك بنهاية هذا الفَصْل من العدوان الحالي – وإنما يستهدف احتلال أراضي أردنية ومصرية ولبنانية وسورية، كجزء من مُخَطّط “من النّيل إلى الفرات”، ولذلك لا غرابة في استهداف سُكّان القرى والمدن وتجمّعات اللُّجُوء والنّزوح بالأسلحة الثقيلة الأمريكية والأوروبية، من طيران وصواريخ وأسلحة فَتّاكة، ويندرج التّدمير المنهجي للمباني السّكنية والمدارس والمستشفيات والبُنى التحتية وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، في إطار تحويل المناطق المُدَمَّرَة إلى أماكن غير قابلة للسّكن وغير قابلة للحياة، وبذلك يضطرّ النّاس إلى الرّحيل، سواء بفعل القصف والقنابل الحارقة والأسلحة الفتاكة أو بفعل الهجومات اليومية التي يُنفّذها المستوطنون المُسلّحون في الضفة الغربية والقدس، بإشراف الجيش، حيث لا يوجد مَدَنِيُّون في مجتمعات الإستعمار الإستيطاني…     

 

الإنتخابات الأمريكية والخيارات الزائفة

تَفْرِضُ المبارزة الانتخابية في أميركا الشمالية بين الحزب الديمقراطي/كامالا هاريس والحزب الجمهوري/دونالد ترامب على الناخبين “حرية” الاختيار بين المرشَّحَيْن اللّذَيْن عَيَّنَهُما حِزْبان يختلفان قليلاً أو لا يختلفان أحيانًا في التطبيقات السياسية العَمَلِيّة، رغم تناقضاتهما شَكْلاً، فيما يُمثل المُجَمَّع العسكري – الصناعي – التكنولوجي القوة الحقيقية في الولايات المتحدة والدول “الغربية” ( الإمبريالية) وهو اندماج بين قوة جهاز الدولة والشركات الإحتكارية، ويعكس إِجْمَاعَ الحزبَيْن الجمهوري والديمقراطي على الحاجة إلى قمع شرس للفقراء والكادحين في الداخل وإلى قوة عسكرية ضخمة لقمع واضطهاد الشُّعُوب في جميع أنحاء العالم، ويعمل النظام السياسي القائم على هذا الاندماج بين الدولة والشركات الكبرى، عملياً، كحزب واحد ذي اتجاهين قطعا علاقاتهما مع الناخبين منذ فترة طويلة، إلا خلال “الحملات الانتخابية“.

إن انتخابات 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 هي خيار بين اتجاهَيْن ضيقي الأفق، يُمثل أحدهما جاهل، أجْوَف وخطير، والآخر جاهل ومعتل اجتماعيًا، وكلاهما خطير على الشعب الأمريكي والإنسانية، كما تمثل الانتخابات الأميركية لحظة تنافس بين مُمَوِّلِي ‘مُقاوِلي ) حملات المرشحين، لأن مُمَوِّلِي الأحزاب والمرشحين هم أشخاص أو كيانات لا تهتم سوى بما يمكن جَنْيُهُ من المكافآت والعوائد التي تبرر الإستثمارات في الإنتخابات، ولذا فإن المبارزة بين كامالا هاريس ودونالد ترامب تخضع لقواعد مُزَوَّرَة، بعلْم وموافقة الطّرَفَيْن، وما إلقاء ورقة داخل صندوق الاقتراع سوى مجرد تفصيل مُضَلِّل للعبة “الديمقراطية اللِّيبرالية” وأحد الطقوس الدّوْرِية التي تجري كل أربع سنوات، لتحديث الدعاية حول فضائل الرأسمالية و”الديمقراطية الليبرالية” المهددة ببربرية البلدان الفقيرة والشُّعوب التي تقاوم (مثل الشعب الفلسطيني) ومُهَدّدة كذلك من قِبَل الصين وروسيا وإيران وكوبا والعرب وثلاثة أرباع سُكّان العالم

يُعْتَبَرُ دونالد ترامب صورة لمافيات الطوائف الدينية ( الصهيونية المسيحية مثلاً)، لأنه غشاش وكاذب ومُخادع، ادعى الخروج من سوريا، لكن أظْهرت الوقائع تعزيز الإحتلال بإعادة الإنتشار على حدود سوريا والعراق والأردن، حيث انتشرت القواعد العسكرية وتَعَزّزَ نَهْبُ المحروقات والمحاصيل الزراعية السّورية، بمساعدة الصواريخ ووحدات من القوات لضمان سرقة ثروات الشعب السوري بتواطؤ من مليشيات العشائر الكُرْدِيّة، كما عزز القواعد العسكرية في العراق، ناهيك عن الدعم غير المشروط للكيان الصهيوني، لكن هذا الدّعم وهذه “البَلْطَجَة” ليست حكرًا على دونالد ترامب، بل يُشكل العدوان على الشعوب ودعم الكيان الصهيوني بَعْضَ القواسم المشتركة العديدة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، فيما يتعلق بالسياسات الخارجية الأمريكية، التي تخضع لمصالح المجمع الصناعي العسكري والتكنولوجي والشركات عبر الوطنية إلخ.

على الصعيد الداخلي، تستمر الفجوة بين الأغنياء والفقراء في الاتساع، سواء تم تصنيف الأزمة على أنها عابرة أو مُعمِّرَة، وتستمر حصة الميزانية المخصصة للتعليم والصحة والبنية التحتية العامة والنقل والمدارس والإسكان في الأحياء المحرومة في الانخفاض.

لا تَقِلُّ السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي عدوانيةً عن الحزب الجمهوري، وهناك استمرارية في تنفيذ مُخَطّطات عسكرة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، مما أدّى إلى تضاعف الاعتداءات العسكرية الأمريكية المباشرة أو بالوكالة، بواسطة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والكيان الصهيوني وتايوان وكوريا الجنوبية وأوكرانيا وغيرها، أو بواسطة “الثورات الملونة” و”العقوبات” الاقتصادية وهي إحدى جوانب “القوة الهادئة” أو “الناعمة” ( أي غير العسكرية) للدبلوماسية الأميركية، ولكن العواقب مميتة بالنسبة للشعوب التي تُعاني من الحصار و”العُقُوبات” الإقتصادية، في كوبا وفنزويلا وسوريا وإيران واليمن وغيرها.

إن نهب خيرات العالم وثرواته هو السمة المميزة للإمبريالية ولا يتأثّر بالإختيار بين كامالا هاريس أو دونالد ترامب، لأن كليْهما جزء من المشكلة وليس جزءًا من الحل.

 

السعودية

تحتل شركة “كارفور” ذات المَنْشأ الفرنسي – ثاني أكبر شركة عالمية في قطاع تجارة التجزئة، بعد شركة وولمارت الأمريكية – مكانة “مرموقة” منذ سنوات عديدة في قائمة الشركات الدّاعمة للكيان الصهيوني، وفضلا عن ذلك فهي من الشركات التي رفضت الإعتراف بمسؤوليتها عن ظروف العمل السيئة لعمال البلدان الفقيرة الذين يصنعون الملابس وبعض البضائع الأخرى التي تبيعها في محلاتها بعشرات أضعاف سعر التكلفة، وصدر تقرير يتهم مجموعة كارفور بالعبودية والإستغلال الفاحش لعملها في السعودية، “ففي متاجر كارفور، لا يُعامل العمال كمخلوقات بشرية”، وفق منظمة العفو الدولية ( الإثنين 21 تشرين الأول/اكتوبر 2024)، وندّد التقرير بظروف العمال المهاجرين لدى المجموعة، وهي شبيهة بظروف عمال مستودعات آمازون للتجارة الإلكترونية في السعودية، التي ندّدت بها منظمة العفو الدّولية بنهاية سنة 2023، ويذكر التقرير إن عمال “كارفور” يشتغلون أكثر من 60 ساعة عمل أسبوعية “في انتهاك” للقوانين السعودية، فضلا عن ساعات إضافية غير مدفوعة الأجر، وشكوك حول “العمل القسري” في يوم الإجازة، وذكرت منظمة العفو الدّولية إنها أجرت مقابلات مع 17 عاملا من نيبال والهند وباكستان، تم توظيفهم من قبل شركات متعاقدة مع كارفور لتوفير اليد العاملة الرخيصة، وتُشرف شركة محلية (شركة ماجد الفطيم، ومقرها دُبَيْ) على إدارة متاجر مجموعة “كارفور” السعودية، منذ 1995، وتُدير نحو 500 متجر كارفور في 30 دولة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وحققت سنة 2023، إيرادات بلغت 34,5 مليار درهم (8,6 مليار يورو) وأرباحًا صافية قدرها 2,7 مليار درهم (674 مليون يورو)، وفقًا لتقاريرها المالية، وتُعَدُّ السعودية أكبر سوق للشركة خارج الإمارات، وفق وكالة الأنباء الفرنسية ( أ.ف.ب. 21 تشرين الأول/اكتوبر 2024)

 

تجارة القَتْل

تُشكّل الحُروب العدوانية جُزْءًا من استراتيجية الامبريالية لعَسْكَرَة الإقتصاد والعلاقات الدّولية بافتعال الحروب الدائمة التي تستفيد منها شركات السلاح، لأن الحرب مُرْبِحَة، وكُلّما ارتفع الإنفاق العسكري زادت أرباح هذه الشركات، ففي سنة 2022، ارتفع الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 3,7% مُقارنة بالسنة السابقة ليبلغ 2,24 تريليون دولارًا، وأمرت الولايات المتحدة الدّول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي بزيادة نسبة الإنفاق العسكري لتبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عضو في الحلف، لترتفع إيرادات أكبر شركات صناعة الأسلحة (حوالي 15 شركة) سنة 2026 إلى حوالي 52 مليار دولار، ومن المتوقع أن تستحوذ خمس شركات أمريكية (Lockheed Martin, RTX, Northrop Grumman, Boeing, General Dynamics) على 50% من هذه الإيرادات السنوية، وأدّى ارتفاع الإنفاق العسكري سنة 2023 إلى ارتفاع أسهم شركات السلاح  في مؤشر ستوكس الأوروبي بأكثر من 50% فيما ارتفعت أسهم بعض الشركات (selsan, Hindustan Aeronautics, Rheinmetall) بنسبة بلغت 340% سنتَيْ 2022 و 2023، ويُعزى هذا الإزدهار إلى تعدد الحروب والتهديدات التي تطلقها الولايات المتحدة وحلفاؤها (الكيان الصهيوني وأوكرانيا وتايوان…)، ويُؤَدِّي ارتفاع خطر اندلاع الحروب إلى زيادة الإنفاق الحكومي (من المال العام أي من ضرائب العُمّال والأُجَراء) على الأسلحة، بدل زيادة الإنفاق على التعليم والرّعاية الصّحّيّة والسّكن والنّقل العمومي والخدمات الاجتماعية، وتجدر الإشارة إن العُمال والكادحين والفُقراء يشكّلون النسبة الأكْبَر من ضحايا الحُروب… (وردت الأرقام بموقع صحيفة فاينانشال تايمز بتاريخ التاسع من أيلول/سبتمر 2024 )

 

بريكس
نشأت مجموعة “بريكس” إثر مُشاورات بين روسيا والهند والصين والتحقت البرازيل ثم جنوب إفريقيا وبقيت المجموعة تتكون من هذه الدّول الخمس، قبل أن تُقرّر قُبُول طلبات الإنضمام من قِبَل مصر والحبشة وإيران والإمارات وقد تنضَمُّ السّعودية مُستقبلاً، فيما تنتظر الجزائر قبولها، وتُمثل المجموعة عشية انعقاد قِمّة “قازان” (روسيا 23 تشرين الأول/اكتوبر 2024) نحو 45% من سكان العالم و35% من الناتج الإجمالي العالمي (على أساس تعادل القدرة الشرائية)، وتمثل الصين أكثر من نصف حجم اقتصاد المجموعة، وأعلن الرئيس الرُّوسي “فلاديمير بوتين” خلال افتتاح قمة قازان “إن أكثر من ثلاثين دولة أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، لكن من المهم – خلال عملية ضَمّ المزيد من الأعضاء – تحقيق التوازن في أي عملية توسع قادمة”، وأكّد الرئيس الرّوسي على ضرورة “تأسيس منصّة بديلة للتحويلات المالية ومدفوعات التّجارة والمبادلات الدّولية، لتحصين اقتصاد ومالية هذه الدّول ضد العقوبات الغربية” التي تُطلقها الولايات المتحدة وتنفذها جميع دول العالم، لارتهانها للدّولار ومنصة “سويفت” للتحويلات المالية ولهيمنة الولايات المتحدة على المنظومة المصرفية والمالية الدّولية بفعل هيمنة الدّولار، وبفعل التهديدات العسكرية الأمريكية…

تناقش مجموعة بريكس منذ سنوات بدائل للدّولار لكن تَبَيّنت صعوبة إنجاز هذه الخطّة نظرًا لاندماج اقتصاد الدّول ( العولمة) والترابط الإقتصادي والتجاري تحت هيمنة الدّول الإمبريالية التقليدية، فيما لم تتخذ دول مجموعة بريكس قرار إلغاء (أو خفض) الرُّسُوم الجمركية بين أعضائها كخطوة عَمَلِيّة لزيادة حجم التجارة البَيْنِيّة، فضلا عن الخلافات الكبيرة – والقديمة – بين الهند والصّين، أكبر دول المجموعة من حيث عدد السّكّان وحجم الإقتصاد، وتُشكل الشراكة الاستراتيجية بين الصين وروسيا أهم ركائز التعاون الإقتصادي بين دول المجموعة.

حاول الإعلام الروسي من خلال تغطية أشغال قمة بريكس فَشَل محاولات أمريكا الشمالية والإتحاد الأوروبي عَزْلَ روسيا، خصوصًا منذ بداية الحرب في أوكرانيا (شباط/فبراير 2022) فيما استغلت الصين فرصة العقوبات ضد روسيا لتفرض الشروط التي رفضتها روسيا طيلة عشر سنوات، وأصبح الإقتصاد الروسي مرتبطًا بالصين، حيث تشتري الصين والهند نحو 90% من النفط الروسي، ويمثل بيع المحروقات ( النفط والغاز) أعهم مصادر العملة الأجنبية لروسيا، ثاني أكبر مُصَدِّر عالمي للنّفط…

أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن “الاتجاه نحو الدور القيادي لمجموعة البريكس في الاقتصاد العالمي سوف يتعزز بفعل النمو السكاني والتوسع الحضري وتراكم رأس المال ونمو الإنتاجية، كعوامل رئيسية لإنجاز هذا الهدف…”، وأكد على “إمكانات النمو الهائلة التي تتمتع بها البرازيل وروسيا والهند والصين”، وأعلن المُشاركون إنهم سَيَسْعَوْن إلى “مواصلة تطوير التنمية المؤسسية لمجموعة بريكس”، لكنهم لم يقدموا خططا أو مقترحات عَمَلِيّة، وَتَضَمَّنَ البيان الختامي عددا من المشاريع التي تهدف إلى تسهيل التجارة بين دول مجموعة البريكس – بما في ذلك نظام دفع بديل للدولار – لكنه لم يتضمن تفاصيل أو جداول زمنية، بشأن مجمل القضايا الرئيسية والمواضيع الجيوسياسية والذكاء الاصطناعي وأنظمة التحويلات المالية البديلة.

أما أهم نقاط ضُعف مجموعة بريكس فتتمثل في افتقادها للإنسجام، من خلال الجمع بين دول متخاصمة (مصر والحبشة أو الهند والصين) لا يجمعها هدف سياسي أو اقتصادي مشترك، باستثناء الخوف الذي أثارته الولايات المتحدة باستيلائها على أُصُول واحتياطيات روسيا وأفغانستان وفنزويلا، الموجودة بالمصارف الأجنبية، وتفتقر المجموعة إلى أهداف واضحة وإلى طموحات مشتركة لمعالجة القضايا الرئيسية الدّولية.

 

أوكرانبا

أعلنت مجموعة السبع (مجموعة الثمانية قبل إقصاء روسيا)، في بيان يوم الجمعة 25 تشرين الأول/اكتوبر 2024، بأنها قررت رصد قرض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا بهدف تعزيز الدعم المالي والعسكري لها في ظل استمرار الحرب، لكن هذا المبلغ هو جزء من فوائد عائدات الأصول الروسية في المصارف الأوروبية والتي قرر الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تجميدها، وتصل قيمتها إلى 300 مليار يورو وتدرّ عوائد تصل إلى ثلاثة مليارات يورو سنويا، وجاء في البيان بأن “عائدات القرض ستصرف عبر قنوات عدة لتعزيز الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا وإعادة إعمارها”، مشيرا إلى أن الاتفاق يرمي إلى بدء صرف الأموال بحلول نهاية العام 2024، كما أشار البيان إلى أن “خدمة هذه القروض وسدادها سيتم ضمانها من خلال تدفقات دخل استثنائية مستقبلية من تجميد الأصول السيادية الروسية، وفقا للأنظمة القانونية الخاصة بدول مجموعة السبع والقانون الدولي، وفي الواقع فإن هذا “القانون الدّولي” يتمثل في اتفاق توصّل إليه قادة دول مجموعة السبع خلال شهر حزيران/يونيو 2024، يقضي باستخدام الفوائد الناتجة عن الأصول الروسية المجمّدة في مؤسساتهم، لضمان قرض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا، وفق وكالة الصحافة الفرنسية ( أ.ف.ب. 26/10/2024)

 

 من أيْن لهم هذا؟

ارتفعت ثروة “إيلون ماسك”، مالك شركة “تِسْلاَ” للسيارات الكهربائية، الى ما يقارب 277,3 مليار دولار، بفعل الأرباح المرتفعة لشركة تسلا، وتَخطّت ثروته بذلك ثروة منافسه  “جيف بيزوس” 210 مليار دولار و برنارد ارنو 193 مليار و لاري لارسون 173 مليار و مارك زوكربيرغ 176 مليار و لاري بيغ 150 مليار و سيرغي برين 143 مليار و بيل غيتس 133 مليار و ستيف بالمر 130 مليار و وارن بافيت 128 مليار، وفق ترتيب موقع مجلة فوربس يوم 25 تشرين الأول/اكتوبر 2024.

لم تتسع الفجوة بين الأثرياء والفقراء بهذا القَدْر الذي يحصل في ظل النظام الرأسمالي الإحتكاري، ولم يحصل أي من هؤلاء الأثرياء، ومن جميع أثرياء العالم على الثروة بفضل العمل الشّاق والكَدْح، بل بالوراثة وبالمضاربة في أسواق المال، وبينما تُحاول الأمم المتحدة جَمْعَ أربعة مليارات دولارا لتَجَنُّب المجاعة في اليمن، ترتفع ثروة إيلون ماسك ب35,5 مليار دولارا خلال يوم واحد، أي مبلغ يفوق الميزانية السنوية للعديد من دول العالم، في ظل سيادة نمط الإنتاج الرأسمالي الذي يُبيح هذا التراكم الهائل للثروات الذي يقابله عشرات أو مئات الملايين من الجائعين – منهم العديد من العاملين الفُقراء – بفعل انخفاض الدّخل أو الجفاف أو الحُرُوب، حيث يموت شخص واحد من الجوع كل 48 ثانية في شرق افريقيا، خصوصًا في الحبشة وكينيا والصُّومال، حيث ارتفعت نسب الذين يعانون من الجوع من 10 ملايين شخص 2021 الى 23 مليون شخص سنة 2022، بسبب الديون الرأسمالية على هذه الدول…

عَلَّقَ كارل ماركس على عبارة لأحدهم عن النقود تقول “تجيء ( النّقود ) إلى الدنيا وعلى خدها لطخة دم بالولادة”، ويضيف كارل ماركس “إن رأس المال يُولَدُ وهو ينزف دماً وقذارة، من جميع مسامه، من رأسه وحتى أخمص قدميه“. ووَرَدَ في موقع آخر من نفس الكتاب: إن تراكم الثروة في أحد القطبين؛ هو في الوقت نفسه تراكم للبؤس، وعذاب العمل، والعبودية، والجهل، والوحشية، والانحطاط العقلي، في القطب الآخر”.. كارل ماركس – رأس المال 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

11 + واحد =