هل يمكن لإسرائيل فعلاً القضاء على حزب الله؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 12/10/2024 م …
ما يتعرّض له الجنوب اللبناني اليوم يأتي في سياق إستكمال مشروع الإخضاع والسيطرة الذي يمارسه الكيان الصهيوني وأدواته في المنطقة، وكل كلام آخر خارج هذا الفهم لا معنى له، بل هو مجرد تسويق وترويج يقوم بهما الكيان و أدواته الوظيفية المشبوهة من صحفيين وإعلاميين، محمّلين المقاومة مسؤولية ما يتعرض له الجنوب وأهله، ويصب ذلك في خانة خلق الذرائع والمبررات لنتنياهو وتشكيل مظلة حماية وشبكة أمان لهذا الكيان، لعدم مساءلتهم عن جرائمهم ومجازرهم التي أودت بألوف الشهداء والجرحى من أهلنا في لبنان، ليكشف الغرب عن دعمه اللامحدود لإسرائيل المعتدية ضارباً بعرض الحائط كل القوانين الدولية.
ويظهر العهر الدولي في إزدواجية المواقف، فإذا كان إطلاق صاروخ من الجنوب اللبناني على المدن الإسرائيلية أمر تدينه أمريكا وغيرها، فهل يعني هذا أنه مسموح للإسرائيليين أن يدمروا أحياء كاملة في لبنان؟ وهل مسموح لهم إستباحة الدم اللبناني؟ وواضح أن غضّ النظر عن جرائم إسرائيل يقود شعبها الى مزيد من التطرف الذي يعزز إستمرار الصراع الشرق الأوسطي.
واليوم وصلت الوقاحة الأمريكية الى أعلى مستوياتها، فوزير خارجيتها أنتوني بلينكن يتوسط لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل بشرط نزع وتجريد سلاح المقاومة اللبنانية لإنهاء دورها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، هل هناك أكثر من مثل هذه الوقاحة في زمن الهزائم الأمريكية؟ إذ تأتي المبادرة الأمريكية لتحقق مطالب إسرائيل وهي نزع وتجريد المقاومة من سلاحها وإبقاء القوات الإسرائيلية على الحدود، ويعتبر هذا تحيزاً كاملاً للجانب الإسرائيلي .
في سياق متصل تُظهر أمريكا وجهها القبيح من خلال ردود فعلها المؤيدة لإسرائيل، على ما يجري في لبنان من قتل وتدمير، وكأن حزب الله هو الذي يحتل أراضي الصهاينة ويقصف مدنهم وقراهم، فهي دائماً تقلب الصورة وتصبح الضحية جلاداً والجلاد ضحية، لذلك تكرر حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها كما عودتنا دائماً، بالرغم من أن اسرائيل هي التي تعتدي وهي التي تملك احدث الأسلحة والتي تزرع الموت والدمار وتملك مئات الرؤوس النووية وكأنها دولة مُعتدى عليها.
وفي إطار ذلك تهدف إسرائيل من العدوان على الجنوب اللبناني وفق ما تعلنُه هو العودة إلى معادلة “هدوء مقابل هدوء”، أما في الحقيقة فإن حكومة نتنياهو تريد من عدوانها أن يحقق ضربة قاصمة للبنية التحتيّة للمقاومة، وكسر إرادة المقاومة، لذلك تطفو إلى السطح النبرة الإسرائيلية التهديدية، وتتصاعد مطالبتها لنزع سلاح المقاومة، في مقابل ذلك تبدو أطروحات مثل هذه في ميزان حزب الله ضرباً من ضروب المستحيل ، فرهان الصهاينة على تجريد المقاومة من قوتها، لن يكون غائباً عن أذهان قادة المقاومة، فالسلاح هو الوسيلة الوحيدة التي تصنع إرادة الشعوب الداعمة لتحرير الأرض وطرد الصهاينة.
بالرغم من حملة الإبادة المستمرة التي تشنها إسرائيل لا تزال المقاومة صامدة وتطلق صواريخها التي تصل يومياً إلى مختلف أنحاء إسرائيل، وترفض القبول بمعادلة “تهدئة مقابل تهدئة”، وتطالب بأن يشمل أي إتفاق جديد وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.
على ما يبدو بالرغم من شراسة العدوان وضراوة التآمر والتواطؤ الإقليمي والدولي فإن المقاومة اللبنانية صابرة وثابتة، فهي تقدم الدليل القاطع على أن هذا الشعب العظيم لابد وأن ينتصر, فالمقاومة أذهلت العالم بإبداعاتها وشجاعتها وطول نفسها، وستظل المقاومة هي الدرع الحصين لهذا الشعب الذي تخلى عنه الجميع، وأنها لن تساوم على سلاحها، ولن تستسلم لأنها مقاومة شعب لا يركع إلا لله، لذلك فالخطأ الأكبر الذي وقعت فيه اسرائيل هو سوء تقديرها لقوة خصومها، وقدرة حزب الله وحلفاؤه على الصمود طوال هذه السنوات، برغم الدعم الغربي والأمريكي لها
مجملاً…. ستظل المقاومة صامدة شامخة بعد أن أغلقت الأبواب بإحكام وأبقت على فتحات إستنزاف الكيان الصهيوني و الغرب وحلفاؤهم، وهنا يمكن القول إن الكيان الصهيوني يلفظ آخر أنفاسه، لذلك فإن الأيام المقبلة حاسمة، خاصة في الميدان الذي يميل لمصلحة المقاومة التي حسمت أمرها في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي، وبذلك أثبتت المقاومة أنها الوحيدة والقادرة على هزيمة جيش الاحتلال وأنها حائط الصد وصمام الأمان في المنطقة.