محاولة اغتيال نتنياهو المزعومة بين المخاوف والحقائق / مهدي مبارك عبد الله
مهدي مبارك عبد الله ( الأردن ) – الإثنين 23/9/2024 م …
بالتوازي مع الصراع المتصاعد على حدود إسرائيل مع جنوب لبنان وفي ظل حالة الارباك المتصاعدة بعد العدوان الاسرائيلي الواسع عبر الهجمات الالكتروتية عل اجهزة البيجر واللاسلكي بحق معظم ابناء لبنان صدر يوم الخميس 19 / 9 / 2024 بيان مشترك لجهازي الشرطة والاستخبارات الاسرائيليين جاء فيه إنه جرى في شهر آب الماضي اعتقال مواطن إسرائيلي ( رجل أعمال ) يقيم في تركيا بشبهة تورطه بالتعامل مع إيران وتكليفه بعدة مهام امنية خطيرة منها التخطيط لاغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس جهاز الأمن الداخلي الشاباك رونين بار ومسؤولين آخرين بارزين مثل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت
اضافة الى تكليفه بنقل أموال لمنظمات معادية ومعدات تجسس حساسة وتصوير أماكن هامة ومزدحمة والعمل على تهديد مواطنين إسرائيليين آخرين يعملون لصالح إيران إذا لم ينفذوا المهام المطلوبة منهم حيث تأتي هذه الخطوة كجزء من الرد الايراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وبعدما تم تجنيد العميل الاسرائيلي من قبل الاستخبارات الإيرانية تم تهريبه مرتين إلى دخل الأراضي الإيرانية عبر الحدود التركية والتقى هناك بجهات استخباراتية وحضر اجتماعين على الأقل في إيران وقد طلب المشتبه به مليون دولار مقابل تنفيذ المهمات الموكلة اليه ولم يتم الموافقة على ذلك وتم تسليمه مبلغ 5 آلاف يورو قبل مغادرته لقاء مشاركته في الاجتماعات بحسب زعم البيان
وقي ذات السياق وبعد تعرض حزب الله لليوم الثاني لهجمات متطورة تم خلالها تفجير عن بعد العديد من اجهزة الاتصال البيجر و اللاسلكي ادعى جهاز الامن الداخلي الشباك بأنه احبط الأسبوع الماضي مخطط لاغتيال وزير الدفاع السابق موشيه يعالون عبر خلية مدعومة من اللبناني وضعت عبوة ناسفة في منتزه اليركون ليلة رأس السنة الماضية
عبر الاحندة الاسرائيلية للترويج لمحاولة اغتيال نتنياهو المزعومة اعلنت وزيرة الاسرائيلية أوريت ستروك التي تنتمي إلى اليمين المتطرف من الحزب الديني الوطني قبل ايام قليلة ان نتنياهو ربما يكون هدفاً لمحاولة اغتيال بسبب التحريض ضده واتهمت الوزيرة جهاز الأمن العام الإسرائيلي ( الشين بيت ) بعدم القيام بما يكفي لضمان سلامته خاصة بعد صدمته الكبيرة بخبر تعرض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمحاولة اغتيال جديدة الشهر الجاري حتى ان يائير نجل نتنياهو ابدى خشيته الواضحة بان يلقى والده مصير مشابه لما حدث مع ترامب ولهذا شن هجومً حاد على المعارضة وطالب بوقف حملات التحريض المستمرة ضد والده والتي تجري منذ عامين بتمويل مئات الملايين من الدولارات ويقودها جنرالات سابقون وأعضاء في اليسار ووسائل الإعلام الإسرائيلية مذكرا اياهم بان التحريض في الولايات المتحدة وحده الذي أدى إلى محاولات اغتيال الرئيس السابق ترامب
بعض الوزراء الإسرائيليين قارنوا الغضب الشعبي ضد رئيس الحكومة نتنياهو بالتهديدات ضد ترامب كما حذّروا من أن تصاعد القلق في إسرائيل قد يؤدي إلى حدوث أمر مشابه تماما مع نتنياهو خاصة وان البعض في الساحات العامة وعلى ألسنة الصحفيين والمثقفين والمحاضرين الأكاديميين وأعمدة الثقافة وعلى المنصات وأمام الجمهور والكاميرات وصفوا نتنياهو بالخائن والظالم والعدو الذي قسم الشعب وشبهوه بهتلر وهدّدوه بحبل المشنقة
واخرين قالوا عنه أنه ابن الموت وإن نهايته ستكون مثل ماري أنطوانيت ولويس السادس عشر الذين تم اعدامهما بالمقصلة ونيقولاي تشاوشيسكو الذي أعدم رميا بالرصاص فيما نشرت صحيفة هآرتس مقال بعنوان كبير نتنياهو (عدونا الأكبر وإزاحته واجبنا المقدس ) وعلى أنقاض بيته في قيسارية سنبني حديقة وبركة وسنمحو ذكراه من الوجود وكذلك تم توجيه رسالة الى بيتسلئيل سموتريتش وزير المالية جاء فيها قل لزوجتك أن تشتري فستانًا أسود للجنازة نحن ثمانية رجال قادمون لإخراجك من الأرض ستموت يوما ما سنقتلك ونحرقك أنت وعائلتك وسنضع رصاصة في الرأس وهكذا فإن الأمثلة عديدة أكثر من أن تُحصى ناهيك عن تعاظم الضغوط الداخلية التي يواجها نتنياهو من أهالي الأسرى المحتجزين في قطاع غزة من أجل إبرام اتفاق مع حماس في المقابل يهدده وزراء اليمين بالانسحاب من حكومته إن فعل ذلك ما يعني فعليا انهيار حكومته
الملاحظ بوضوح في هذا الجانب انه مع تصاعد المظاهرات والاحتجاجات الإسرائيلية اليومية تتزايد حالة التحريض التي تجتاح دولة الاحتلال وصولا إلى ما يعتبره اليمين أن دماء رئيس الحكومة نتنياهو قد استبيحت إلى الدرجة التي تذكرهم بما عاشته الدولة عشية اغتيال سلفه الراحل إسحاق رابين على يد يغال عامير عام 1995فيما يسود الصمت المطبق أوساط المعارضة والصحافة ووسائل الإعلام وهو ما يراه أنصاره بانه لامبالاة من المستشار القانوني للحكومة وتنصلا غامضا من جانب رئيس الدولة وكلها مؤشرات تعني أن نتنياهو ربما باتت حياته في خطر فعلي وماذا سيحدث لإسرائيل لو تم اغتيال رئيس حكومة مرة أخرى
التحريض ضد نتنياهو يتوسع يوما بعد يوم حيث صل إلى أبعاد مخيفة وربما لن ينتهي إلا بالدم والعنف وهو أصعب بكل المقاييس مما كان عليه ضد رابين في ذلك الوقت وان المخاوف الإسرائيلية تكشف عن خطر حقيقي قد يكتنف حياة نتنياهو وإمكانية واقعية لتكرار سيناريو اغتيال رابين وقد يأتي التنفيذ من يسار ووسط الخارطة الحزبية والسياسية في ضوء الخطابات الساخنة والتحريضية في الساحات والمظاهرات والصحف التي تذهب باتجاه واحد مفاده أن دم نتنياهو أصبح مهدور وسط صمت مطبق من أقطاب الحلبة الحزبية الذي يعني موافقةتهاعلى هذه التهديدات التي ستأخذ دولة الاحتلال إلى مزيد من المجهول أكثر من الذي تجد نفسها فيه بسبب تورطها في العدوان على غزة
على الرغم من ان رئيس الوزراء الإسرائيل يخضع لإجراءات أمن مشددة فى إسرائيل والخارج الا ان هنالك بعض المحاولات التي جرت لاغتياله فقبل اعوام قليلة القت قوات الأمن الإسرائيلية ألقت القبض على شاب إسرائيلي يبلغ من العمر 25 سنة بعدما أرسل رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يهدده فيها بمحاولة اغتياله وإنه اشترى مسدس روسي مخصوص لكى يطلق النار على رأسه مباشرة واثناء زيارة نتنياهو للعاصمة الكينية خلال احدى جولاته الأفريقية قبل سنوات اعتقلت السلطات الامنية شخصين لعلاقتهما بمخطط تفجير عبوات ناسفة بموكبه نتنياهو اثناء خروجه من المطار وفي عام 2016 تم ضبط فلسطينيين اثنين من شرق القدس ينتميان إلى حركة حماس خططا لاغتيال نتنياهو بقاعة مؤتمرات فى القدس وأحدهما كان يعمل بشركة حراسة فى القدس حيث خطط لوضع عبوة ناسفة بقاعة ” ارنا ” الواقعة فى وسط القدس أثناء خطاب كان سيلقيه بنيامين نتنياهو بينما خطط الآخر لارتداء حزام ناسف شديد الانفجار للقيام بعملية انتحارية وفي عام 2018 اعتقلت الشرطة الإسرائيلية إسرائيلي ملثمٌ قرب منزل نتنياهو في منطقة قسارية بقضاء حيفا بعد أن صرخ في وجه حراس المنزل أريد ان أقتل نتنياهو قال لهم مهدداً لا تقتربوا مني أنا أحمل حقيبة مفخخة كما تم في وقت سابق ارسال عدة طرود بريدية مسمومة الى مكتب نتنياهو اصيب جرائها اربعة موظفين في ديوانه بأعراض تسمم كيميائي لكن نتنياهو لم يكن متواجدا في المكتب ولم يتعرض لأي أذى
هنالك عدة وزراء ونواب اسرائيليين من اليمين المتطرف يعتقدون أن حجم التحريض على رئيس الوزراء قد يؤدي إلى وقوع محاولة اغتيال مشابهة للتي تعرض لها ترامب حيث طالبوا النائب العام باتخاذ تدابير لحمايته في ظل وجود تحريض على قتله وان نتنياهو يواجه بالفعل تهديدات بسبب حرب غزة وعدم الافراج عن عشرات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس منذ ما يقرب من 9 أشهر ومقتل آخرين وهو يخشى بالفعل من اغتياله وعائلته باعتباره هدف صريح لإيران ودول وتنظيمات معادية اخرى ( هناك معها حساب دم مفتوح ) ولهذا كان يطالب دائما بتمديد وتشديد الحراسة عليه واسرته من حكومة بينيت السابقة بعدما قررت اللجنة الوزارية لشؤون الشاباك (جهاز الأمن العام) تقصير مدة حراسة انذاك على أسرة نتنياهو إلى 6 أشهر فقط بدل من عام اعتبارا من نهاية مهامه كرئيس للوزراء
ضمن المهمات الامنية الرفيعة تتولى حدة “ماغن” المختصة تأمين الشخصيات في مكتب رئيس الوزراء مهمة تأمين زوجة نتنياهو وولديه وهي الوحدة المسؤولة أيضا عن حراسة الوزراء أما نتنياهو نفسه ولكونه رئيس للوزراء فيحظى بحراسة مشددة وسيارة مصفحة بسائق لمدة 20 عام من نهاية ولايته حيث ترأس نتنياهو الحكومة بين 31 مارس/آذار 2009 وحتى الان
قطاع كبير من المراقبين في داخل اسرائيل وخارجها يتساءلون هل باتت حياة نتنياهو بخطرٍ فعليّ وحقيقي وهل ستشهد إسرائيل اغتيال سياسيً جديد تتم فيه تصفية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وهل في حال خروج هذا الأمر إلى حيِّز التنفيذ سيؤدي لاندلاع الحرب الأهلية داخل المجتمع الاسرائيلي الذي يُعاني من حالة انقسامٍ حادّةٍ وخلافاتٍ عميقةٍ منذ طوفان الاقصى لم يشهد مثيلها منذ إقامة دولة الاحتلال في العام 1948؟
في الختام نؤكد كالعادة أن الكيان الاسرائيلي بات مهزومًا ومهزوزًا بسبب العدوان على قطاع غزّة الذي بدأ مع أكبر إخفاقٍ في تاريخه علمًا بأن أهداف الحرب التي وضعتها حكومة نتنياهو وأهمها القضاء على حماس وتحرير الرهائن لم تتحقق وباتت وهمًا وسرابًا يحسبه الضمأن ماء
كاتب وباحث متخصص في العلوم السياسية