فصل جديد في فنون الإبادة / د. صبري الربيحات

0 224

د. صبري ربيحات ( الأردن ) – السبت 21/9/2024 م …

لو قامت دولة أو جهة عربية بما قام به الصهاينة في جنوب لبنان لوجدت مجلس الأمن منعقدا حتى الساعة ولتوالت الادانات العربية قبل الغربية ولتحدثت الصحف عن وحشية العرب وجرى تأصيل ذلك في الدين وجرت المطالبة الامريكية بسحب كل آيات القتال من المناهج ومراجعة الاحاديث ولطافت علينا صحافة الغرب لسؤالنا اذا ما كنا ندين هذا الفعل.. المؤسف ان لا شيء من ذلك يحدث وكل ما نسمعه الإشادة بقدرة الاستخبارات الصهيونية على الفتك بالمسلمين وتهنئتها على هذا الإنجاز العظيم.

الاجهزة التي جرى التعاقد على تصنيعها وتهيئتها وتفخيخها وإرسالها لجنوب لبنان وتفجيرها عملية معقدة تقلب كل مفاهيم الحرب والسلام وتثير اسئلة كبيرة حول كل ما يمكن التفكير به من ادوات ووسائل واسلحة ومؤامرات واستخدامها في الحروب التي اعتقدنا انها تقف عند نوعيها التقليدي وغير التقليدي..

بعد اليوم على العالم ان يفكر مليا بموضوع أمن السلع واخلاق التجارة وانواع الاختراقات التي تتعرض لها التجارة الدولية وخطورة التعاطي مع المصادر واحتمالات تحويل كل مادة او سلعة او اداة الى سلاح قاتل .

في ضوء ما حدث تبرز الحاجة الى انماط جديدة من الحماية والتحقق والرقابة لكافة مراحل الاعداد والتصنيع والنقل والوكالات والعلاقات التجارية والتعاون بين المنتجين وغيرها من المسائل التي لم نكن نتوقف عندها كثيرا.

ما حدث في لبنان امر خطير لكنه غير مستغرب فقد كشف عن خبث وقذارة العدو ووحشية ايدلوجيته التي لا ترى في غير اليهود خدما او كائنات دنيئة ينبغي ابادتها اذا ما حاولت الوقوف في وجه اطماعهم التوسعية ورغبتهم في الهيمنة على العالم .

المؤسف ان الساحات العربية اصبحت مفتوحة لهؤلاء الوحوش يجوبونها كيفما شاءوا ويحصلون على الدعم والتسهيلات والمساندة باسم التنسيق والتعاون ومواجهة الاخطار الامنية المشتركة التي يجري توليدها والترويج لها لتبرير وجودهم في الفضاء العربي.

أحداث تفجير اجهزة الاتصال لحزب الله كشف عن تباين واضح في المستوى التكنولوجي والفكري والتكتيك القتالي بين العدو والمقاومة اللبنانية وأوضحت مستوى هشاشة نظم الحماية والاستخبارات وضعف البنى التنظيمية وسهولة اختراقها وتدمير شبكات اتصالها..

في ذات الوقت جاء هذا الحدث لينبه العالم الى مستوى غطرسة الكيان وتمرده وعبثيته وخطورته على الامن فقد بينت الحادثة وبما لا يترك مجالات للشك ان الاحتلال لا يأبه لاحد ولا تقلقه الادانة بعدما تحلل من كل الضوابط والقيود فلا معنى للقانون الدولي ولا قيمة لكل ما يقال لأنهم يرون نفسهم فوق القانون .

الواجهة الاخرى برهن سلوك الكيان خلال العام الاخير على قلة اكتراثهم لما يمكن ان يقوم به عدوهم فقد اتضحت ايدلوجيتهم ونظرتهم للغير واستباحتهم لدماء البشر وسيطرتهم على القوى الفاعلة والمؤثرة في العالم وحصولهم على مباركة هذه القوى لتوحشهم وهمجيتهم .

القدرة التي وظفها الاحتلال في ابتداع اساليب مبتكرة لضرب اهداف عسكرية ومدنية في محيطهم تبين مدى امكانية تحرك هذا الكيان على خريطة العالم ببراعة وأساليب لا يمكن تخيلها من قبل القوى والجيوش والاجهزة الامنية التي استكانت وفقدت قدرتها على الخيال .

لا أحد يختلف مع ان ما قامت به اسرائيل خرق لكل الاعراف والاخلاق والقيم والمعاهدات والاستخدام الآمن للتكنولوجيا غير الحربية او متعددة الاستخدام وفيه الكثير من التضليل والخيانة والخداع وخرق للاتفاقيات التجارية والاقتصادية وضرب لاسس العلاقات الدولية لكنه يعبر عن مدى الخطر الذي يمثله هذا النظام على الأخلاق والاعراف والسلامة للأمم والشعوب .

حتى قبل ايام كنت أظن أن المقصود بسلاح اللاسلكي إدارة اجهزة وعملية الاتصال التي يحتاج لها الجنود في المعارك ولم يخطر ببالي ان تتحول اجهزة الاتصال الى قنابل موقوتة يمكن توجيه تفجيرها في اي لحظة

فيما حصل في لبنان دروس للساسة والعسكريين والتجار وخبرات العلاقات وأجهزة الامن والتجسس ولنا جميعا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

اثنان × 4 =