القائد الشيوعي العراقي فهد: مسيرة نضال وإرث سياسي / عاطف زيد الكيلاني
عاطف زيد الكيلاني ( الأردن ) – الأربعاء 18/9/2024 م …
مقدمة:
يُعتبر فهد، المعروف باسم “فهد شفيق”، أحد أبرز القادة في التاريخ السياسي للعراق، حيث لعب دوراً محوريًا في الحركة الشيوعية خلال النصف الأول من القرن العشرين. وُلد في عام 1910 في مدينة “الكوت”، وترعرع في بيئة فقيرة شهدت الظلم الاجتماعي والاقتصادي. منذ صغره، كان فهد يشعر بمعاناة الطبقات الكادحة، مما دفعه إلى البحث عن حلول لتلك التحديات، وأسهم في بناء وعي سياسي واجتماعي عميق في المجتمع العراقي.
البدايات والنشأة:
نشأ فهد في عائلة تعاني من الفقر، وشهد التمييز الاجتماعي والاقتصادي الذي كان يعاني منه الكثيرون. انتقل إلى بغداد لدراسة الطب، ولكنه سرعان ما انخرط في النشاط السياسي، حيث التقى بمجموعة من الشبان الذين كانوا يسعون لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق. انضم إلى الحزب الشيوعي العراقي في عام 1934، وبدأ في تنظيم الفئات الاجتماعية المهمشة، مما ساهم في تعزيز الحركة العمالية والفلاحية في البلاد.
الفكر والمبادئ:
تأثر فهد بالفكر الماركسي، الذي آمن بأنه يمكن أن يوفر حلاً لمشكلات الفقر والظلم. كان يعتقد أن التوزيع العادل للثروة هو المفتاح لتحقيق العدالة الاجتماعية. قدم رؤية شاملة تستند إلى مبادئ الاشتراكية، حيث دعا إلى تأميم الموارد الأساسية وحقوق العمال والفلاحين. كان لفكرته حول “المقاومة من أجل الحقوق” صدى قوي بين الفئات الكادحة، حيث اعتُبر صوتًا مدافعًا عن حقوقهم.
النضال السياسي:
خلال الأربعينيات من القرن الماضي، قاد فهد العديد من الحملات السياسية والاجتماعية.
ساهم في تنظيم الإضرابات والتظاهرات من أجل تحسين ظروف العمل.
كان لديه دور بارز في حركة العمال، حيث شجعهم على المطالبة بحقوقهم.
ونتيجة لذلك، نمت شعبية الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفترة، وأصبح فهد رمزًا للنضال من أجل الطبقات الكادحة.
التحديات والاعتقالات:
على الرغم من نجاحاته، واجه فهد تحديات كبيرة، حيث تم اعتقاله من قبل السلطات الملكية في عام 1948.
خضع للسجن لفترة طويلة، ومع ذلك، استمر في التفاعل مع الأوضاع السياسية من خلال كتابة المقالات والمناشدات.
كانت محنته تعكس قوة إيمانه بقضية الطبقات المهمشة، حيث زادت معاناة الأسر التي تعتمد على عمله السياسي.
المنفى والنشاط السياسي:
بعد إطلاق سراحه، اضطر فهد إلى العيش في المنفى، لكنه لم يتوقف عن العمل من أجل قضيته.
في تلك الفترة، بدأ تنظيم الجاليات العراقية في الخارج، ونسج علاقات مع حركات شيوعية أخرى في المنطقة.
واصل نشر أفكاره ومبادئه، وأصبح صوتاً مسموعاً يدعو إلى التغيير في العراق.
عودة فهد إلى العراق:
بعد ثورة 14 تموز 1958، التي أطاحت بالنظام الملكي، عاد فهد إلى العراق.
تم تعيينه في عدة مناصب حكومية، وكان له دور في تشكيل السياسات الجديدة.
قدمت الثورة فرصًا كبيرة لتطبيق أفكاره، ولكن في نفس الوقت، زادت الانقسامات بين القوى السياسية المختلفة، مما جعل البلاد تعاني من عدم الاستقرار.
الأزمة السياسية:
مع تصاعد الأزمات السياسية في العراق، تعرّض فهد لاعتقالات جديدة، حيث شهدت البلاد صراعاً بين القوى السياسية المختلفة، بما في ذلك البعثيين والشيوعيين.
في عام 1963، تعرض الحزب الشيوعي لضغوط كبيرة بعد انقلاب بعثي جديد، وتم القبض على فهد مجددًا.
تم الحكم عليه بالإعدام، ورغم محاولات إنقاذه، إلا أنه أُعدم في نفس العام.
الإرث والتأثير:
لم يكن فهد مجرد قائد سياسي، بل أصبح رمزاً للنضال من أجل العدالة الاجتماعية.
ساهمت أفكاره في تشكيل مسار الحركة الشيوعية في العراق، حيث استلهم الكثيرون من تجربته ونضاله.
واصل العديد من الأجيال اللاحقة البحث عن العدالة الاجتماعية والمساواة، بناءً على المبادئ التي طرحها فهد.
فهد في الذاكرة الشعبية:
تظل ذكرى فهد حية في وجدان الشعب العراقي، حيث يُنظر إليه كبطل قومي وصوت الكادحين.
تخلد ذكراه في العديد من الأنشطة الثقافية والسياسية، حيث يُحتفى به كرمز للنضال من أجل حقوق العمال والفلاحين.
يتردد اسمه في النقاشات حول العدالة الاجتماعية والمساواة، ويعتبر قدوة للعديد من الناشطين في الحركة الاجتماعية.
الخاتمة:
فهد شفيق، بصفته قائدًا شيوعيًا بارزًا، يمثل رمزًا للتغيير والنضال من أجل العدالة الاجتماعية في العراق.
رغم التحديات والمآسي التي واجهها، ظل ملتزماً بقضية الطبقات الكادحة، وترك إرثًا سياسياً وأخلاقياً يظل حاضراً حتى يومنا هذا.
إن قصته تُعبر عن الأمل والإيمان بقدرة الأفراد على تغيير مجتمعاتهم، مهما كانت التحديات.