نحن الطرف الضامن / إنتصار الماهود
إنتصار الماهود ( العراق ) – الأحد 18/8/2024 م …
”خسارة كبيرة تعرض لها البارتي بخسارته لكركوك بعد ان خسر الموصل “.
هذا الكلام هو ما يتردد عقب تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، بعد إختيار ريبوار طه عن الإتحاد الوطني الكوردستاني محافظا، و إختيار إبراهيم محمد الحافظ عن العرب كرئيس للمجلس، ربما البعض سيسأل هل تم ذلك وفقا للتوافقات السياسية، أم هو إستحقاق إنتخابي للكتل الفائزة، أين دور البارتي و التركمان وسط هذه المعمعة؟!.
لنعرج أولا على كركوك كمحافظة، نعرف ماهي وما طبيعتها المختلفة عن باقي المحافظات العراقية، قبل الخوض في مسألة الإستحقاقات، تعتبر كركوك من المحافظات التي تتميز بتنوع عرقي وسياسي وإجتماعي وديني، وهذا ما يعطيها خصوصية رائعة،(فهي عراق مصغر جميل يحتوي على كل الأطياف )، وأبرز القوميات فيه العرب والكورد والتركمان، إضافة للأقلية المسيحية، وبالطبع ليس من السهل تشكيل حكومة محلية تنال رضا الجميع، خاصة أننا نعرف بأن المحافظة لم تجري فيها إنتخابات منذ العام 2011، بسبب وضعها الخاص والتنازع على السيادة فيها بين المركز والإقليم، والخاص بتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، كركوك أيضا غنية بالثروات النفطية والتي تعتبر من أجود الخامات النفطية في العالم، ولها موقع مهم ومميز صعّب مهمة الحكومة المركزية في الحفاظ عليها بعيدا عن الصراع، حاول الأقليم خاصة الحزب الحاكم البارتي من ضم كركوك اليه خاصة بعد دخول داعش للمناطق الغربية، إلا أن الحكومة المركزية إستعادت الوضع وأعادت بسط سيطرتها على كركوك، ونحن لا نقصد فقط السيطرة العسكرية لا بل هي سيطرة سياسية تتحكم بالقرارات المهمة، وفي ضم المحافظة للإقليم بعد فشل مشروع ضم الموصل اليها، وبالطبع أن السيطرة في الإقليم بيد الديمقراطي الكوردستاني و الإتحاد الوطني الكوردستاني، وهما من يتحكمان بمقررات الإقليم السياسية والتحكم بمقدراته الإقتصادية رغم وجود حركات أخرى مثل، (جيل جديد والحركة الإسلامية و جماعة أنصار الإسلام وغيرها )، إلا أن البارتي والوطني هما من يتقاسمان السلطة وكل شيء مع إقصاء لباقي الأحزاب وتقسيم مناطق النفوذ، أربيل ودهوك بيد الپارتي والذي يميل بعلاقاته لتركيا و المحور الغربي وأمريكا، و السليمانية بيد الوطني الكوردستاني والذي إنطلق بتشكيل علاقاته بعيدا عن الأول، حيث يميل ويصورة واضحة لإيران والحكومة المركزية، كما ويضم مقرات الأحزاب الصغيرة التي تعارض البارتي، وكل حزب يحاول توسيع رقعة نفوذه في العراق وإن كان على حساب المصلحة العامة.
بالنسبة لقادة الإقليم محافظات أكثر تعني تحكم وسيطرة على القرارات المحلية والإقليمية أكثر، ولأن كركوك تضم ثلاث قوميات، فالسياسيين الذين يمثلون هذه القوميات يسعون الى كسب أكبر عدد من المكاسب، ولأن العملية السياسية في العراق توافقية ديمقراطية وهنالك إنتخابات دورية تجري في البلاد، وسياسيون يمثلون مكونات الشعب يحددون كل شيء بناءً على مخرجات صناديق الإقتراع، والتي أفضت محليا عن فوز العرب ب 6 مقاعد و الإتحاد الوطني الكوردستاني 5 مقاعد والبارتي مقعدين، والتركمان مقعدين ومقعد واحد كوتا للمكون المسيحي.
أعترض بعض الاعضاء العرب و التركمان، ولم يحضروا جلسة الإختيار وطعنوا فيها وأعلنوا أنهم لم يكونوا على علم بموعدها، رغم أن الحكومة المركزية في بغداد تبنت هذه المفاوضات لتشكيل الحكومة منذ شهرين أو أكثر، إذا ما الذي حدث ولم سكت التركمان، ومن الذي تحدث نيابة عنهم؟!، لا يخفى عليكم أن القرار التركماني محكوم بسياسات خارجية مرتبطة بتركيا والمصالح التركية في كركوك، والتي تدعى دوما حماية المكون التركماني وحقوقه، (كلام عمو أردوغان هذا معلينا بيه كلشش خايف ع التركمان ويعرب عن قلقه)، ولذلك لم يشاركوا في الجلسة التي دعا اليها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والذي تبنى مشروع لتقريب وجهات النظر لحلحلة الأمور في كركوك، وإعلان تشكيل حكومتها المحلية مع الوقوف بمسافة واحدة من الجميع، وتم تشكيل الحكومة في الجلسة المعلن عنها في بغداد حتى بغياب عدد من الإعضاء، فهي دستورية وقانونية بحضور النصف زائد واحد، وتم الإتفاق على أن يكون منصب المحافظ (مدورا)، أي يكون أولا للأكراد ثم العرب يليهم التركمان وهكذا، من أجل ضمان إستقرار الأوضاع في المحافظة وتطمين جميع الأطراف ومشاركتهم مع التاكيد على أهم شرط وهو: (عراقية كركوك )، أي أن من يتولى السلطة في كركوك يقر بعراقية كركوك، وهذا ما وافق عليه الحزب الوطني الكوردستاني ذو الخمس مقاعد وأكد عليه، على العكس من حزب الديمقراطي الكوردستاني الذي أصر على كوردستانية كركوك وليس عراقيتها، والتركمان لم يعلقوا وسط هذه الأحداث وإنما أعلنت تركيا الفيتو على تشكيل الحكومة المحلية في كركوك بحجة غبن حق التركمان بإختيار محافظ كوردي، خاصة أن الاتحاد الوطني الكوردستاني بعيد عنهم ومقرب للحكومة المركزية وله علاقات طيبة مع باقي الكتل السياسية وإيران.
كركوك إنتخبت من يمثلها منذ 8 شهور ولم يمارسوا عملهم ويخدموا مواطنيهم حتى وقت قريب، والسبب هو التجاذبات والتقاطع في المصالح السياسية، فما كان من رئيس الوزراء سوى المبادرة بحلحة الأزمة وتقريب وجهات النظر بعد مضي 13 عاما دون إنتخابات محلية.
وأخيرا تشكلت الحكومة لكن بضمانات من جهات سياسية لها ثقلها في الشارع العراقي، فرئيس الوزراء لايستطيع أن يكون ضامنا بل مقربا ومحايدا، كيلا يتهم بالتدخل لصالح جهة سياسية على حساب أخرى وألا ينحاز لها.
إن هذه الشخصية السياسية لها مقبولية واسعة في الشارع العراقي لما أثبتته من رؤية سياسية وقرارات قوية ومدروسة، وبعد نظر وقراءة مستقبلية للواقع العراقي، وهل يوجد ضامن أفضل من الشيخ قيس الخزعلي لإنسابية هذه العملية؟!، القيادي الذي إستطاع أن يكون بيضة القبان، لضمان نجاح تشكيل أول حكومة بعد سنوات طويلة في كركوك.
لقد تدخل الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، لغاية واحدة هي الحفاظ على السلم الأهلي وضمان حقوق المواطنين في كركوك، والتاكيد على عراقيتها ومساعدة الحكومة المنتخبة في التركيز على الإمن والسلم والإعمار في كركوك، والحفاظ على حقوق المواطنين على إختلاف قومياتهم.
حيث أشار الأمين الخزعلي الى أن خصوصية كركوك العرقية وعراقيتها، تطلبت أن يتدخل ليكون الضامن لتشكيل الحكومة المحلية وضمان حقوق المكونات، وليعلم الجميع أنه لا توجد مصلحة شخصية او سياسية لأمين العصائب في كركوك، فلا مقعد إنتخابي ولا منصب تنفيذي له، وهذا ما يبعد أي كلام بخصوص هذا الموضوع، وكما أشار أن في السياسة هنالك حلفاء ومصالح وطنية هي الأهم، وبالطبع الإتحاد الوطني الكوردستاني هو حليف قد قَبِل بشرط الضامن، وهو عدم المساس بعراقية كركوك والتأكيد عليها وهذا ما إعتبره الأمين الشرط الأهم للإستقرار في كركوك، بعيدا عن صراع الحزبين الكورديين حول النفوذ فيها(والعباس كركوك عراقية).
وفي الختام نؤكد أنه لا توجد كتلة سياسية أو حزب دون طموح وخطط يحاول أن ينفذها على أرض الواقع، وهو حق مشروع لكن يجب أن يكون هذا الطموح وطني ويخدم العراقيين ككل وليس فئة واحدة دون الجميع، وكركوك تستحق أن تمثلها حكومة محلية تمثل مصالح الجميع ومضمونة من الأمين.