(إسرائيل) وتابعتها الذليلة (سلطة رام الله)!! / سماك العبوشي

311

 سماك العبوشي ( العراق ) – الإثنين 29/7/2024 م …

إستهلال وتوطئة:

ماذا لو كان للخيانة وجهة نظر!!.

تلك والله وتالله وبالله لطامة كبرى!!

بمعنى أن تقوم قيادة ترزح هي وشعبها تحت الاحتلال، ثم تَقْدِم تلك القيادة بصلافة وجرأة وخسة على خيانة أبناء شعبها، من خلال إصرارها على منع انعتاقه وتحرره من الاحتلال البغيض الرابض على صدره، والأدهى والأمرّ أن يأتي بعد ذلك المطبلون لهذه القيادة لتبرير نهجها ذاك ويسوّقون لها الأعذار، في محاولة منهم لتجميل صورتها المهلهلة المخزية، فهذا هو العار بأقبح وأبشع صوره وتجلياته!! 

هذا ما يحدث فعلا في مشهد قيادة السلطة (الوطنية!!) الفلسطينية وممارساتها ومحاولاتها الحثيثة من أجل خنق مقاومة وإجهاض جهاد أبناء مدن وقرى الضفة الغربية!!

حين يواجه أبناء فلسطين في الضفة الغربية قوات الاحتلال الإسرائيلي ويتصدون له، ويقارعونه ويشاغلونه دفاعا عن حقهم الإنساني والقانوني والدولي في التحرر والدفاع عن أنفسهم وحقهم في الحياة واسترداد أرضهم السليبة، فذاك لعمري أمر طبيعي وبديهي جدا، كان قد حثّ عليه الشرع الإسلامي ودعا لاتباعه، كما وأقره ميثاق الأمم المتحدة بنص المادة 51 الذي ينص على (شرعية) حق المقاومة للشعوب من أجل الدفاع عن نفسها إذا داهمها العدو بقصد احتلالها!!، ومن الطبيعي جدا والمنطقي أن يكون ظهر أبناء شعب فلسطين مسنودا ومحميا من سلطة فلسطينية، لاسيما وأنها تصف نفسها على الدوام بـ (الوطنية)!! 

ولكن …

أن يمارس أبناء فلسطين في الضفة الغربية جهادهم ومقاومتهم للاحتلال الاسرائيلي، ولا يدرون متى تأتيهم الطعنة الغادرة من ظهورهم، وتحديدا على أيدي قوات أمن سلطة (وطنية!!) فلسطينية ادعت يوما أنها من أطلقت الرصاصة الأولى ورفعت شعار التحرير، ثم يأتي بعد ذلك من يبرر لتلك السلطة الفلسطينية طعنتها لأبناء شعبها بشتى الاعذار الواهية، فهذا أمر مستغرب، بل ومستهجن جدا!!

ذلك لعمري ما يحدث لأبناء الضفة الغربية في مدنها وقراها، على يد سلطتهم (الوطنية!!) الفلسطينية من خلال ذراعها المتمثل بقوات أمنها، منذ نشأتها إثر توقيع اتفاقية أوسلو المشؤومة، والتي ارتفعت وتائر ممارسات قوات الأمن الفلسطينية تلك في مطاردة واعتقال نشطاء المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلهم لتأخذ مداها الأوسع والقبيح بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023!!

منذ بدء معركة طوفان الأقصى، وجيش الاحتلال الإسرائيلي بمختلف صنوفه القتالية (البرية، البحرية، الجوية، الصاروخية) يشن حربا شعواء مدمرة على قطاع غزة، وكان من نتائجها سقوط عشرات آلاف الشهداء الفلسطينيين (نصفهم من الأطفال والنساء) مع تدمير شبه كامل للبنى التحتية والابنية في القطاع، وكان من البديهي أن يتحرك الشارع الفلسطيني بالضفة، ويهبوا وينتفضوا بوجه الاحتلال الإسرائيلي لمساندة ومؤازرة أشقائهم في غزة العزة والرباط والصمود، وسرعان ما تحركت قوات الامن الفلسطينية لإجهاض ذلك الغليان الشعبي الفلسطيني في الضفة الغربية ومحاصرته ووأده، لضمان عدم انتشاره ليصبح انتفاضة شعبية كاسحة تؤرق الاحتلال وتقض مضاجعهم وتربك حساباتهم كسابقاتها، ولقد تزامن تحرك قوات الامن الفلسطيني مع ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاك لمدن وقرى الضفة الغربية وقمع واعتقال لأبنائها، واجتياح المستوطنين لمدنهم وقراهم!!

الكل يدرك بأن الخطوب والكوارث والأزمات تجمع الصفوف، وتوحد الطاقات وتشحذ الهمم لتجاوزها وعبورها، ولكن، وبرغم العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة وأبنائها منذ أكثر من 9 أشهر ونيف، إلا أن ذلك لم يمنع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من الاستمرار بمتابعة قيامها المناط بها بمهام التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال، فاستمرت على نهجها الدنيء بملاحقة المقاومين والتضييق عليهم وعلى أنشطتهم، وذلك امتثالا منها وتنفيذا لخطة أمنية جديدة كانت قد طرحتها الولايات المتحدة الامريكية في فبراير/ شباط 2023، والتي سميت “خطة فنزل” على اسم المنسق الأمني الأميركي الجنرال (مايكل فنزل) الذي صاغها، ولعل ذلك يوضح لنا حقيقة المشهد الفلسطيني، ويضع النقاط على الحروف لنفهم ما نقرأه جليا واضحا.

فما هي خطة (فنزل) هذه!!؟

وما الهدف منها!؟

هي باختصار شديد، عبارة عن خطة أمنية جديدة تم الاتفاق عليها بعد اجتماع بإشراف أميركي من طرف بيرت ماكرغك (مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط)، وشارك فيه – وفق صحيفة يديعوت أحرونوت – باربارا ليف (مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط) ، وحضر من الجانب الإسرائيلي تساحي هنغبي (مستشار الأمن القومي)، ورئيس الشاباك رونين بار، ومنسق عمليات الحكومة الإسرائيلية بالمناطق الفلسطينية اللواء غسان عليان، في حين شارك من الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، ومجدي الخالدي المستشار الدبلوماسي لرئيس السلطة، وتتلخص خطة فنزل -بحسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت- بإنهاء ووأد المقاومة المسلحة في الضفة الغربية تحديدا، وتغيير توجهات السلطة الفلسطينية بحيث تصبح أكثر صلابة في التعاطي مع المقاومين الفلسطينيين، كما تركز أهداف الخطة على ضرورة إنهاء السلطة الفلسطينية لأي محاولات منها لفتح قنوات للتواصل مع عناصر المقاومة، بل والعمل على ضرب بناهم التحتية والقضاء عليهم!!.

قد نجد الأعذار للولايات المتحدة الأمريكية وتفسيرا لسعيها الحثيث في خدمة إسرائيل وحمايتها وتأمين وجودها واستقرارها!!

كما وقد نستطيع تفسير ما أقدم العدو الإسرائيلي على اقترافه من مجازر بحق أبناء غزة العزة، وما رافقها وزامنها من اجتياحات واقتحامات القوات الاحتلال لمدن الضفة!!

ولكن ما يصعب تبريره حقيقة وإيجاد الذرائع له ما أقدمت عليه أجهزة الأمن (الوطني!!) الفلسطيني من ملاحقة أبناء (شعبها) الفلسطيني الرافض للاحتلال ومحاولة اعتقالهم وزجهم في معتقلات وسجون السلطة، مما تسبب بتوتر شديد بينهم وبين قوات أمن السلطة، مما يؤكد وبشكل قاطع لا لبس فيه – لاسيما بعد اطلاعنا على خطة (فنزل) آنفة الذكر- بأن السلطة (الوطنية!!) الفلسطينية مازالت على عهدها ونهجها، برغم المجازر التي طالت أبناء شعبها في غزة، وأنها مازالت تراوح في مكانها، ولم تغادر مربع المراهنة على مسار المفاوضات العبثي غير الموجود، وغير الفعال وغير المجدي، والالتزام التام بالتنسيق الأمني مع الاحتلال!!. 

والتساؤل الذي يطرح نفسه:

ما الذي يعنيه هذا بربكم!!؟

1- ألا يعني ذاك بأن إقامة ما يسمى بالسلطة (الوطنية) الفلسطينية إنما جاء من أجل استحداث كيان مسخ مهلهل فاقد للطعم والرائحة، مهمته تنحصر بحماية ظهر الاحتلال الإسرائيلي في مدن وقرى الضفة الغربية، وكبح جماح النضال الفلسطيني الساعي للانعتاق والتحرر من الهيمنة الإسرائيلية!!؟

2- ألا يعني ذلك إطلاق يد قوات الاحتلال الإسرائيلي لتفعل بالفلسطينيين ما تشاء، ووقتما تشاء، وكيفما تشاء!؟

3- ألا يعني ذلك قيام السلطة الفلسطينية بمنح الاذن والموافقة المسبقة وغير المشروطة لقطعان المستوطنين الإسرائيليين باجتياح واستباحة مدن وقرى السلطة الفلسطينية، وعدم التعرض لهم أثناء دخولهم لها، والخروج منها آمنين مطمئنين دون أن تتعرض لها قوات الأمن الفلسطينية!!؟

والأنكى من كل هذا وذاك، والأكثر قتامة في المشهد الفلسطيني، يتمثل بقيام قوات الأمن الفلسطيني بمطاردة شبان المقاومة في مدن وقرى الضفة في محاولة منها لاعتقالهم وزحهم في سجون ومعتقلات السلطة نيابة عن قوات الاحتلال الإسرائيلي!!   

إن ما دفعني حقيقة لكتابة هذا المقال، ما نشر وأعلن مؤخرا عبر وسائل الاعلام المقروءة والمُشاهَدة من أنباء اندلاع مواجهات بين أبناء مدن الضفة الغربية وعناصر من قوات الأمن الفلسطينية، حيث طالعتنا الأنباء مؤخرا وعلى سبيل المثال لا الحصر:

1- اندلاع مواجهات بين مواطنين وعناصر في الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمدينة بيت لحم، قرب مقر حرس الرئاسة، وكانت مظاهرات قد انطلقت من مخيم الدهيشة باتجاه مقر الأجهزة الأمنية دعما واسنادا للمقاومة وتنديدا بمحاولة الأجهزة الأمنية اعتقال مطاردين فلسطينيين بالضفة الغربية!!

2- قيام مجموعة من المحتجين الفلسطينيين بإغلاق شوارع في مدينة طوباس بالضفة الغربية بالإطارات المشتعلة وذلك بعد محاولة أفراد من الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقال أحد الشبان المطاردين التابعين لعناصر كتيبة طوباس التابعة لسرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي-!!

3- أقدام أجهزة أمن السلطة الفلسطينية على حصار قائد كتيبة طولكرم محمد جابر الملقب بـ “أبو شجاع” في المستشفى بعد أن وصل مصابًا في يده، حيث سارع الأهالي الكرام بإصدار النفير العام في مخيم نور شمس ومخيم طولكرم لمنع اعتقاله، حيث توافَد الأهالي إلى المستشفى، وتمكّن المواطنون من إخراجه من المستشفى وسط التكبير والتهليل!!

4- حدوث مواجهات عنيفة في بلدة اليامون غرب مدينة جنين بالضفة الغربية بين مقاومين فلسطينيين والأجهزة الأمنية (الوطنية!!) الفلسطينية، بعد رفض الأخيرة السماح بتعليق صورة للشهيد “إسلام خمايسة!! 

5- قيام قطعان من المستوطنين بإشعال النيران في عدد من مركبات الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم في خربة قلقس بالخليل في ظل غياب قوات الأمن الفلسطينية عن المشهد!!

6- قيام سلطات الاحتلال بتخفيض كميات المياه المزودة لمدينة الخليل!!

7- اجتياح قوات الاحتـلال الإسرائيلي داخل بلدة بيتونيا غرب رام الله (معقل السلطة الوطنية الفلسطينية)!! 

هذا لعمري، غيض من فيض ما تمارسه قوات الامن الفلسطينية التابعة للسلطة (الوطنية) الفلسطينية داخل مدن وقرى الضفة، فأي عار تلبّس السلطة (الوطنية !!) الفلسطينية وقيادتها وعلى رأسهم محمود عباس جراء ما تقوم به قوات أمنه من انتهاكات تصب في صالح دولة الاحتلال الإسرائيلي، والرامية لمنع المقاومة من مشاغلة قوات الاحتلال داخل الضفة من جانب، ولإجهاض فتح جبهة مساندة في الضفة تساند أبناء غزة في تصديهم البطولي!!

وإنصافا للتاريخ، وقولا للحقيقة، فقد كان للقوات الفلسطينية إبان الانتفاضة الثانية عام 2000، دور كبير ومشرف في مواجهة قوات العدو الإسرائيلي، حيث كانت هناك اوامر من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أبو عمار (رحمه الله) لها بمواجهة العدو، ولقد أوقعت القوات الفلسطينية خسائر في صفوف العدو، كما وقدمت الشهداء والأسرى، غير أن هذا الأمر للأسف الشديد قد تغير تماما بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في 2004 وانتخاب محمود عباس (مهندس أوسلو) رئيسا للسلطة الفلسطينية، الذي بدأ بإجراء تعديلات تدريجية على الأجهزة الأمنية، كما وتجدد في عهده التواصل بين قوات الأمن الفلسطينية وأجهزة الأمن الإسرائيلية، حيث ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الجهود من خلال استحداثها لـما يسمى بـ “فريق التنسيق الأمني الأمريكي  (ussc)“، الذي انيط به الإشراف على إعادة بناء وتطوير قوات الأمن الفلسطينية بقيادة الجنرال كيث دايتون!!. 

ختاما …

لي أمل كبير في أن ينهض يوما (ليس ببعيد) الشرفاء والغيارى من أبناء (فتح) ليستردوا ما كان قد سرقه من تاريخهم ومسيرتهم المشرقة في غفلة منهم بعض نفر ضال تسيد المشهد الفلسطيني، وسعى حثيثا من أجل تحقيق مصالحه الشخصية وارتباطاته، ففرطوا بفتح ومكانتها وتاريخها أولا، وبالقضية الفلسطينية ثانيا!!  

قال تعالى في محكم آياته من سورة الحج، الآية 38: “إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوانٍ كفور”.

وقال تعالى في سورة الأنفال، الآية 27: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ”. 

سماك العبوشي

بغداد في 29 تموز 2024

 

التعليقات مغلقة.