قاب قوسين او ادنى / د. صبري ربيحات

275

د. صبري ربيحات* ( الأردن ) – الثلاثاء 30/4/2024 م …

لم يعد لدى الغزيين ما يخافون عليه فقد اعطوا اموالهم وارواحهم في سبيل حياة تسر الصديق ..حياة كرامة وعزة ومستقبل لقنوا فيه الصهاينة وحلفاءهم دروسا لن ينسوها .فقد اصبح الجميع يعرف ان في هذه الامة رجال اشاوس يطلبون الموت في سبيل الحياة على ان تكون كريمة ولا يمكن شراؤهم بكل أموال الدنيا ولا بالمواقع التي يتصارع عليها من اختاروا التخاذل والاستسلام.

حال الغزيين اليوم انهم طلاب نصر وعزة وكرامة فلم يبقى لديهم ما يمكن ان يبتزهم فيه العدو …. واظن انهم حققوا الكثير من العزة والكرامة والكبرياء وهم في طريقهم الى قطاف ثمار النصر الذي يؤدونه لارواح الشهداء واحرار الامة واجيالها وانصار الحرية والكرامة بين شعوب العالم.

نعم، لقد كان الطوفان كاشفا.. فقد جاء بعدما طغى الخطب حتى غاصت الركب ….اليوم تنبه العرب بعدما ازاح الطوفان الرمال وغسل الغبار التي كانت تخفي تحتها الكثير مما ادهشنا وقلب مفاهيمنا..

كشف لنا بعدما تملكنا اليأس واستولى علينا القنوط بان في هذه الامة قوة عظيمة وخارقة وقادرة على الفعل والتغيير . تكمن هذه القوة في قلوب المؤمنين وتتجلى في قدرتهم على تجسيد أسمى معاني البطولة والتضحية والانتصار .

ومن دون ان نسأل فاجئنا الطوفان ليكشف لنا عن عمق ومتانة العلاقة بين بعض ابناء جلدتنا مع عدو أمتنا ووجودنا ، واستعداد هؤلاء الاصدقاء لئن يتنكروا للامة وقضاياها في سبيل خدمة اصدقاءهم واولياء نعمهم .

لقد اوضح الطوفان وبما لا يدع مجالا للشك ضعف و جبن الصهاينة وهشاشة نظامهم الذي اعتقدنا انه اسطوري بعدما صورته لنا الدعاية بأنه القوي الخارق الذي لا يمكن الوقوف في وجهه .

وفوق كل ذلك كشف لنا الطوفان مدى تغلغل الصهيونية وسعة نفوذها وهيمنتها على العالم الغربي الذي وقف ولا يزال في وجه كل محاولة نهوض عربية ليجهضها في مهدها بعدما سلب الشعوب ارادتها وسلم الأمور فيها الى اعوانهم ووكلاء عنهم يأتمرون بامرهم وينفذون كل ما يطلب منهم

اليوم وبعد مرور اكثر من نصف عام على انطلاق العدوان على غزة التي ظن الاعداء بانهم سيمحونها واهلها عن وجه الارض في ايام لا يزال نتانياهو يناور ويمارس لعبة التصريحات والبيانات التي لا يصدقها احد حتى من معسكره وائتلافه الحكومي .

في أحدث ما قاله نتانياهو اليوم ما يثير التساؤل ويشكك في صحة قوى الرجل وسلامة احكامه العقلية فبعد كل هذه الخيبات والهزائم والانسحابات يعود للقول ” بأن قواته ستدخل رفح لاستئصال حماس” وقد قال قبل ستة أشهر انه “سيغير خارطة الشرق الأوسط ” .

حتى اليوم لم يفلح ومعه كل الجهات الداعمة والعميلة ان ينال من عزيمة المقاومة او يزعزع ايمان الشعب الغزي والحركات الشعبية العربية وانصار الحرية في العالم بحتمية الانتصار لاصحاب الحق والهزيمة لقوى الشر والباطل..

المدهش ان بلينكن يسرح ويمرح في الفضاء العربي بضيافة الاصدقاء ويلقي خطابات عن مستقبل زاهر لشعوب المنطقة متجاهلا ما تقوم به بلاده من تدمير وتنكيل وإهانة وسلب لحق شعب يحاول بكل ما لديه من وسائل الدفاع عن وجوده وكرامته وحقه في الحياة .

لا يمكن اليوم لبلينكن ولا لبايدن ان يجدا في الولايات المتحدة ولا حتى في اسرائيل الترحيب والراحة التي يجدانها في عواصم العالم العربي التي يزورانها…الناس يسألون اذا ما كان ذلك مرتبط بالأخلاق العربية ام بالاغراءات التي تقدم من اجل نيل الرضا والقبول والمباركة.

في دافوس العرب هذلول العام اقسم رئيس السلطة الفلسطينية اغلظ الإيمان انه حريص على أمن اسرائيل وحقها في الوجود قبل ان يقحم بجملة زائدة كذلك الفلسطينيون لهم حق تقرير المصير ..

وفي نفس اللقاء وعلى نفس المنصة التي تحدث عليها الوزير ايمن الصفدي بوضوح وصراحة وجرأة وصدق بشرنا بعض الأخوة العرب ان الامور تسير بالاتجاه الذي يريده الامريكيون وانسباءهم واقرباءهم واصدقاءهم ..وان هناك تقدم لا تعرقله الظروف ولا الأحداث الدائرة . ..

في عالم اليوم الذي تنتفض فيه الجامعات وتتفشى روح الرفض والتمرد على القمع والتضليل والهيمنة الصهيونية على الفكر والسياسة والاعلام والاقتصاد تبرز روح شبابية جديدة وتصطدم الفلسفة مع الايدلوجيا والحياة مع الموت والفن والابداع مع القتل والدمار وتنهض الاغلبية البشرية لتطرح على النظام القائم المئات من الاسئلة التي لا تجد جوابا.

التعليقات مغلقة.