المحامي محمد احمد الروسان يكتب / دبلوماسية الجلوس: أمريكا وإيران وجهاً لوجه هل صارت خيارا؟ … أيّ إسرائيل والمبادرة الامريكية الأخيرة: مخاض ما بعد الحرب؟

1٬914

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 20/1/2024 م …

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

= = حرب سلامة نتنياهو ستقود العالم الى حرب عالمية صغرى.

= = عندما يتعلق الأمر بإيران على باكستان أن تبتعد عن الأمريكيين.

الحرب والعدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة، صارت حرب سلامة بنيامين نتنياهو، وعلى المنطقة والعالم أن يتقاطعا مع ذلك، ومن التوترات الباكستانية الإيرانية الأخيرة، والقصف الإيراني لمجاميع إرهابية في الداخل الباكستاني، والرد الباكستاني على ذلك في الداخل الإيراني، الى العدوان الأخير للكيان اللقيط الهارب الى الأمام في استهدافه لمبنى سكني في المزّة في العاصمة السورية دمشق، والذي استهدف مجموعات من المستشارين الإيرانيين، ارتقوا شهداء على طريق تحرير القدس والمسجد الأقصى، ومعهم ثلة من المواطنين السوريين الأبرياء.

في الوقت الذي أخذت فيه الأزمة في اسلام أباد، حول طموحاتها النووية وتطويرها وجهاً قبيحاً، فقد وجدت الباكستان نفسها مرة أخرى، تحت ضغوط سياسية أمريكية مستمرة، وذلك بسب توجهات السياسة الأمريكية الازدواجية، إزاء إيران بشكل خاص، وشبه القارة الهندية بشكل عام، حيث الأولى، تعتبر بلداً إسلامياً، يقع مباشرة في الجوار الإقليمي الباكستاني.

كانت الحكومة الباكستانية، وما تزال، عرضة لنيران الجماعات والأحزاب الإسلامية، بسبب دعمها، للحرب ضد ما يسمى بالإرهاب، التي قادتها وتقودها الولايات المتحدة الأمريكية الازدواجية في أفغانستان، رغم انسحاب واشنطن المزعوم من هناك، وعلى وجه الخصوص في المناطق الحدودية الباكستانية، في المقاطعة الشمالية الغربية من البلاد.

ضغطت في السابق، وتضغط الولايات المتحدة الازدواجية الآن، على كل من باكستان والهند، للامتناع عن استخدام المزايا التي يوفرها مشروع خط أنابيب الغاز الذي يربط: إيران – باكستان – الهند، وأن تفكر الدولتان في سبل أخرى لتغطية احتياجاتهما من الطاقة.

سبق وأن أخطرت الولايات المتحدة الازدواجية، الحكومة الباكستانية، بأنّ عليها أن تتوقع تمويلاً ومساعدات أخرى، إذا تم إكمال مشروع خط أنابيب نقل النفط الذي يربط: تركمانستان – أفغانستان وباكستان من جهة، وإذا تخلت عن مشروع خط إيران، من جهة أخرى.

شجّعت واشنطن الهند، على التخلي عن صفقة الغاز الإيرانية، مقابل أن تتعاون الولايات المتحدة الازدواجية معها، في مجال التكنولوجيا النووية المدنية السلمية، ومن الجدير بالذكر، أنّ مشاركة الهند، في مشروع الغاز الإيراني، سوف يجعل من المشروع أكثر إغراءً لباكستان، وذلك على أساس اعتبارات أنه ينتج عائداً سنوياً لباكستان قدره 700 مليون دولار.

وفي عدة تصريحات متباعدة، لمسؤولين إيرانيين وباكستانيين وهنود، بأنّ إيران، والهند، وباكستان، ستنفذ صفقة خط أنابيب النفط، الذي تبلغ تكلفته سبعة مليارات دولار.

وظاهرياً – يبدو الآن، كما لو أنّ الولايات المتحدة الازدواجية، غير قادرة على الدخول في حرب مع إيران، وذلك نظراً لعملها الذي لم يكتمل بعد في العراق وأفغانستان، ومن ثم، فإنّ فكرة إضافة بلد كبير، مثل إيران إلى قائمة التغيير والإرهاب الأمريكية، هي فكرة بلا معنى.

ولكن عملياً، من الناحية الأخرى، فإنّ الإدارة الأمريكية الازدواجية، قد حشدت وصعّدت أسلوباً ولغة خطابية، بحيث تبدو كما لو أنها تحضر لعمل عسكري، وقد قال البعض: بأنّ قياس ذلك مع المنطق الأمريكي، في التعامل مع الحالة العراقية خلال فترة مطالبة الإدارة الأمريكية بالحرب، يقود بشكل مباشر إلى استنتاج مفاده، أن أمريكا سوف تنفذ عملاً عسكرياً أيضاً ضد إيران، عندما تنضج الظروف الدولية والإقليمية، وتحدث حالة من الاسترخاء، في الاحتقانان الدولية، لتعود واشنطن ومن جديد، الى حقنها بتوترات أخرى، وهكذا دواليك، انّ الولايات المتحدة الامريكية الازدواجية كالضباع، لا تعيش الاّ على الجثث والقتلى وأشلاء الاخرين- وغزّة خير مثال حي الان.

وبالمقابل، لا يبدو أنّ إيران، سوف تكون هدفاً سهلاً، مثل: أفغانستان والعراق، وبالتالي، فإنّ القصاص والانتقام الإيراني من أمريكا، في حال اعتدائها على إيران، سوف يكون مؤكداً، وباكستان باعتبارها بلداً مجاوراً لإيران، سوف تكون معنية بالأمر، وهذا هو السبب الذي يفسر تزايد الضغوط الأمريكية الآن على باكستان، وذلك لأنّه لا يمكن أن يتم عمل عسكري ضد إيران، دون أن تقوم باكستان بالموافقة عليه وتأييده.

وهناك الكثير الذي يمكن أن تفعله إيران، فهي من الممكن أن تغلق مضيق هرمز(وهو ممر يربط بين الخليج العربي والمحيط الهندي – مع ما يجري في البحر الأحمر وبحر العرب، والمحيط الهندي بشكل عام، حيث حرب ظلال السفن تعود من جديد)، الذي يمثل البوابة التي تمر عبرها كل شحنات النفط من الخليج إلى بقية دول العالم، ويمكن لإيران إغراق عدد من حاملات النفط متوسطة الحجم، واللجوء إلى هذه الطريقة أو غيرها من قبل إيران، يجعل من أسطول سفن البحرية الأمريكية، أكثر انكشافاً وعرضة للهجوم.

واشارةً الى مسألة مادة النفط الخام، فاذا توقفت إيران، عن تصدير النفط لبضعة أشهر فقط، فإنّ ذلك سوف يؤدي إلى ارتفاع هائل للأسعار في أسواق النفط، وسوف تتجاوز السقف المحدد لها، وسوف تتأثر أنشطة الاقتصاد العالمي سلباً، وما هو مزعج لأمريكا، حقيقة، أنّ إيران في موقع القادر على توجيه الضربة المباشرة ضد إسرائيل، والتي يقال إنها بدورها تفكر في القيام بهجوم منفرد ضد إيران، وما ضرب حرس الثورة مؤخراً، مقر للموساد في إقليم كردستان العراق – مخلب قط الموساد الإسرائيلي في المنطقة – في أربيل وببعد عشرة أمتار عن مقر القنصلية الامريكية، الاّ رسائل بالحديد وبالنار لتل أبيب وأمريكا(تل حبيب بعض العرب وبعض المسلمين)، وكذلك ضرب مناطق لتجمعات إرهابية تديرها أمريكا وفرنسا وبريطانيا في حلب، حيث ادلب صارت رئة العالم الإرهابية، وتم في السابق قبل سنتين، ضرب مقرات للموساد في إقليم كردستان العراق  وكذلك مناطق تعج بداعش وماعش وفاحش وباعص، في شمال شرق سوريا، عبر صواريخ بالستية ايرانية.

وفي الباكستان، على المستوى الشعبي والعسكري، ثمة تصاعد رفض مهندس، لتأييد باكستان، لأي عمل عسكري تقوم به الولايات المتحدة ضد إيران، ولم يكن الرفض في أواسط الجماعات الإسلامية فقط أيضاً، بل امتد إلى الأوساط الأكاديمية، والفكرية، والسياسيين العلمانيين الأكثر شهرة في الباكستان.

جلّ السياسيون الباكستانيون يقولون: باكستان وإيران جارتان، ومن الأفضل ألاّ نتآمر أو نتواطأ مع الأمريكيين ضد هذا البلد، وبلا شك، فإنّ هناك ضغوطاً كبيرة على باكستان، لكي تقف إلى جانب الأمريكان، وهذا الأمر لا يمكن الموافقة عليه، وفي الوقت الذي يتعرض فيه، الجيش والاستخبارات الباكستانية، لضغوط من جانب واشنطن، فإنه ما يزال بإمكان اسلام اباد، الاستمرار في مقاومة هذه الضغوط، والاحتفاظ بموقفها الرافض، ولقد سعت باكستان للوقوف في صف الذين يعارضون هذه الحرب، كالصين وروسيا، وكذلك فإنّ المصالح الوطنية الباكستانية لا تستدعي حدوث أي شرخ في العلاقة مع إيران.

وكما أوضحت التجربة الأفغانية، فإنّ باكستان بدعمها لمغامرات واشنطن العسكرية، سوف تزيد من نقاط ضعفها، التي تتمثل في صراعاتها الاثنية الداخلية، إضافة إلى رفع حدة غضب المؤسسات الدينية في البلاد.

وستواجه باكستان مخاطر رفع مستوى التوتر بين طوائفها المنقسمة بالأساس، كما أنّ الوقوف مع الولايات المتحدة الازدواجية، سوف يعرّض السلام الاجتماعي في باكستان للخطر، وما تزال هناك حاجة كبيرة لتضميد الجراح التي سببها الأمريكيون في بلوشستان والسند وغيرها، وهي مناطق لا يقبل الرأي العام فيها، باتخاذ أي خطوة ضد إيران، لذلك يتوجب على باكستان أن تتوخى الحذر مع حليفتها المفترضة: أمريكا ذات الازدواجية في المواقف، لأنّ أي عمل ضد إيران، سواء كان من قبل أمريكا أو إسرائيل، فسوف يكون له تأثير هائل ومفزع في آسيا الجنوبية والوسطى، ولا يمكن لأي شخص أن يتصور القوة، التي سوف تنطلق من عقالها بسبب ذلك.

اذاً في الخلاصة: ليس لباكستان أي مصلحة في دعم العمل الأمريكي المتوقع ضد إيران، لذا: فالتوجه الرسمي الذي اتخذته الحكومة الباكستانية – وان كانت كفتاة لعوب بين يدي أمريكا – يعتبر صحيحاً، رغم ضعفه، لذلك لا بد من تقويته، لدعم السلام والوقوف إلى جانب العلاقات الباكستانية الإيرانية من ناحية، والى جانب إيران في دعمها، ولقد آن الأوان أمام باكستان، لتؤكد بأنّ نظامها الرسمي، غير مهيئ لكي يدفعها الآخرون لتلعب حربهم، وأنّه لا يوجد سبب مبرر لعمل عسكري أمريكي ضد إيران.

إنّ كل الضجيج والصخب بخصوص الحرب، يقوم على أساس ما يعتقده الأمريكان بخصوص رغبات إيران، وسواء صنعت إيران القنبلة أو لم تصنعها، فإنّ ذلك يجب أن يعتمد على الموقف الدولي، ويجب أن ينظر إلى حقيقة، أن إسرائيل تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة النووية، وكل القوى غير الحليفة وغير المنحازة لأمريكا، لا يمكن أن تكون راضية عن تلك الحقيقة، وعلى المدى الطويل، فإنّ إسرائيل ترغب في البقاء والاستمرار كقوة نووية وحيدة في المنطقة، بما يخدم قصدها وسوء نواياها، وهو أمر لا يمكن أن يحتمله الآخرون، ولكن إسرائيل والمنطقة بعد طوفان الأقصى، صارتا على طاولة الفك وإعادة التركيب من جديد، وصولاً الى منطقة خالية في الشرق الأوسط ليس من السلاح النووي، بل من شيء اسمه إسرائيل، وهذا صار واقعاً وحقيقةً، وكذلك فعلى الأمريكان أن يحسبوا بشكل صحيح التكاليف والمنافع التي تعود عليهم في حال السلام مع إيران من جهة، وفي حال الدخول في الحرب ضدها كما ترغب مستعمرتهم وأداتهم اسرائيل من جهة أخرى، ومن ثم بإمكانهم أن يتخذوا قرارهم، عندما يتبين لهم ما هو أكثر رجحاناً.

لقد اغتال الأمريكيون الازدواجين اليانكيين، معاهدة عدم نشر الأسلحة النووية، وذلك بعدم تقيدهم بتنفيذ الجزء المتعلق بنزع السلاح النووي، استناداً إلى النوايا السيئة وسوء القصد، فباكستان لا يمكن ألاّ تتأثر، إذا تم ارتكاب العدوان ضد إيران، لأنّ هذا العدوان الغاشم، سوف تكون له تأثيرات سياسية، اجتماعية، وسيكولوجية مباشرة على باكستان، والباكستانيون دائماً يعتبرون الإيرانيين أصدقاءهم، وعلى الأرجح سوف يستمرون في ذلك مستقبلاً، لذا فعندما يتعلق الأمر بإيران، فإنّ على باكستان أن تبتعد عن الأمريكيين.

ويبدو الان، أنّ إيران بدأت، تنتقل من الدفاع السلبي، إلى حالة متقدمة من الدفاع الإيجابي، حيث الصراع حول الملف النووي الإيراني، أصبح نطاقه يتزايد يوماً بعد يوم، على النحو الذي أدّى فيه هذا الملف إلى الاستقطابات الآتية:

سياسياً:

الموقف داخل إيران: الأغلبية العظمى من الإيرانيين تؤيد توجهات الحكومة الإيرانية الهادفة، إلى تطوير برنامجها النووي من أجل الأهداف السلمية.

الموقف خارج إيران: استطاعت إسرائيل وأمريكا حشد تحالف دولي للضغط على إيران، من أجل التخلي عن برنامجها النووي، واستطاعت أمريكا بدعم فرنسا وبريطانيا استصدار قرار بواسطة مجلس الأمن الدولي يفرض المزيد من العقوبات الدولية ضد إيران، أما الدول الحليفة لإيران مثل الصين وروسيا، فقد اكتفت بالعمل من أجل تخفيف شدة العقوبات الدولية المفروضة على  إيران.

كذلك استطاعت أمريكا، استقطاب بعض الأطراف في الشرقين الأوسط والأدنى، وحشدها ضمن التعبئة الدولية ضد الملف النووي الإيراني، ومن أبرز هذه الأطراف: السعودية وبقية الدول الخليجية، إسرائيل، الأردن، مصر، أذربيجان، أوكرانيا، وجورجيا.

وعسكرياً: تقوم الولايات المتحدة الازدواجية حالياً، بتحركات عسكرية تهدف إلى بناء طوق عسكري محكم حول إيران، فمن الجهة الشرقية: عزّزت أمريكا بمساعدة حلفائها الغربيين وجودها العسكري في كل من أفغانستان(رغم انسحابها المزعوم من هناك) وباكستان، ومن الجهة الغربية عزّزت أمريكا وجودها العسكري في العراق بحجة داعش وماعش وفاحش، ومن الجهة الجنوبية عزّزت أمريكا وجودها العسكري في منطقتي الخليج وبحر العرب، أما من الجهة الشمالية فقد عزّزت أمريكا وجودها العسكري في كل من تركيا وأذربيجان وجورجيا.

اقتصادياً: برغم أن قرارات مجلس الأمن الدولي، والتي تتناسل كالفئران إزاء ايران، قد ركزت على فرض عقوبات ضد إيران، تتعلق حصراً بالمعاملات الخاصة بحركة السلع والأموال والخدمات المرتبطة بالأنشطة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وأيضاً الأسلحة التقليدية، فإنّ أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل، عملت هذه القوى وبقوة وبمساعدة من بلدان الخليج، من أجل إضفاء الطابع الشمولي العام للعقوبات المفروضة ضد إيران، بحيث تكون عقوبات كلية شاملة، وذلك عن طريق استخدام مختلف الذرائع من أجل عرقلة النمو الاقتصادي الإيراني، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مشاورات جارية حالياً ومن جديد، لإقناع المصارف الأوروبية والغربية الكبرى، من أجل إيقاف المعاملات المالية والنقدية الإيرانية، ولكن تداعيات وعقابيل الحرب والعدوان على غزّة أجّل ذلك.

وعلى الجانب المقابل، يسعى الإيرانيون بنشاط إلى عدم الاستسلام والركون إلى تطبيق عملية(الدفاع السلبي)ضمن حدود إيران، بل تعمل الحكومة الإيرانية باتجاه تطبيق عملية (الدفاع الإيجابي)وذلك بالانتشار في العديد من أماكن العالم، حتى لا يتسنى لأمريكا وإسرائيل وحلفائهما، فرصة محاصرة إيران ضمن أراضيهما.

تقول المعلومات: بأنّ التحركات الإيرانية الجديدة أصبحت تتضمن الآتي: نشر شبكات صواريخ شهاب الإيرانية في فنزويلا، نشر شبكات صواريخ شهاب الإيرانية في كوبا، نشر شبكات صواريخ شهاب الإيرانية، على طول الحدود الإيرانية العراقية، لا بل وذهبت بعض المعلومات، أنّه من المحتمل ان توسعت الحرب، ان يصار الى نشر صواريخ شهاب في اليمن – هذا ان لم يكن قد تم نصبها ونشرها هناك في اليمن، كذلك على مناطق حدودية إيرانية مع الباكستان.

والمعلومات الاستخبارية تقول: كان هناك اجتماع هام عقد، وقد ضم هذا الاجتماع الجانبي، ثلاثة مجموعات من خبراء الاستخبارات، وقد ضمت هذه المجموعات عناصر إيرانية، وكوبية، وفنزويلية.

ويُقال وليس كل ما يقال صحيحاً: إن الإيرانيين كانوا قد اتفقوا مع حركة المحاكم الشرعية الصومالية – وقت الرئيس الأسبق احمد نجاد، في فترة زمنية خلت، على نشر عدد كبير من منصات إطلاق صواريخ شهاب البعيدة في الأراضي الصومالية، الأمر الذي دفع الأمريكيون إلى الاستعانة بالقوات الأثيوبية في حينه، وحثها على  التدخل بأسرع فرصة ممكنة من أجل القضاء، على حركة المحاكم الشرعية الصومالية، ذات زمان، وهذا مؤشر يقود، الى أنّ البيكار العسكري الدفاعي الإيجابي الإيراني، له رؤية شمولية ويعكس، تراكم قوّة لدى دولة إقليمية متعاظمة في المنطقة، في وقت يعاد فيه الفك والتركيب للمنطقة، بسبب معركة طوفان الأقصى وتداعياتها، التي ستستمر لسنوات طويلة.

في سيناريو المواجهة المفترضة، بين الولايات المتحدة الازدواجية وإيران، فلم تعد نظرية السيناريو، تطبق حصراً في مجال الفن، وذلك لأن تطبيقها، أصبح يدخل في كل شيء، يتميز بالأداء السلوكي، وما على المرء المتحفّز، قبل القيام بتنفيذ أي سلوك، سوى أن يقوم بـ(بناء السيناريو)، وذلك ليتسنى له معرفة الصعوبات والعراقيل، بشكل يتيح له توفير المعالجات المبكرة – التي تساعده من أجل الوصول إلى النتيجة والغاية التي ينشدها.

وفي تطبيقات نظرية السيناريو، في مجال الصراع والحرب: فقد درجت الجيوش، على القيام بإجراء المناورات والتدريبات التي تمثل نموذجاً مصغراً لعملية لحرب، وذلك على النحو الذي يتيح لها التعرف عملياً على بيئة الحرب، وتحقيق الانسجام والتكيف معها.

وتشهد وقائع التاريخ المعاصر، أن كل جيوش العالم ظلت باستمرار تقوم بالتدريبات والمناورات الميدانية، لقواتها البرية والجوية والبحرية، من أجل تحقيق التكيف العسكري مع ميادين ومسارح الحرب والمواجهة.

وفي نظرية السيناريو، واحتمالات المواجهة الأمريكية – الإيرانية: فعسكرياً قامت كل من إيران وأمريكا بإجراء الكثير من التدريبات والمناورات، على النحو الذي استعرض كل  طرف فيه قوته أمام الآخر – وما زالا، واستطاع أيضاً الحصول على صورة تقريبية للمشهد العملي الذي سوف يحدث، والتجربة التي سوف يخوضها عاجلاً آم آجلاً في مواجهة الطرف الآخر.

هذا وقد انتقلت دوائر التخطيط والدراسات والبحوث بنظرية السيناريو الحربي، من ميدان المواجهة العسكرية، إلى ميدان آخر يرتبط بها، وهو ميدان المواجهة الاقتصادية.

سيناريو المواجهة الاقتصادية:

يقول الخبراء بأنّ المواجهة المفترضة بين الولايات المتحدة وإيران سوف تتم وفقاً للتطورات التصعيدية الآتية:

– اليوم الأول: قيام مجلس الأمن القومي الأمريكي بفرض قرارات متشددة بشأن إيران والملف النووي الإيراني.

– اليوم الثاني: انسحاب إيران من معاهدة عدم نشر الأسلحة النووية، وربما قيامها بإجراء تفجير نووي اختباري.

– اليوم الثالث: قيام الولايات المتحدة أو إسرائيل أو الاثنين معاً بقصف إيران.

– اليوم الرابع: إعلان إيران وقف صادراتها النفطية للعالم.

– اليوم الخامس: قيام القوى الشيعية المسلّحة في العراق وبعض القوى السنية، بشن هجمات واسعة النطاق، ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف.

– اليوم السادس: إغلاق إيران لمضيق هرمز عن طريق إغراق الناقلات النفطية.

يقول الخبراء والمخططون، بأنّ على الإدارة الأمريكية والدول الغربية، التعاون من أجل إعداد الترتيبات والإجراءات الوقائية، التي تمنع تأثير هذه الصدمات سلباً على الاقتصاد العالمي عموماً، وعلى اقتصادات أمريكا والغرب خصوصاً، ومن أبرز هذه الترتيبات:

– نشر أعداد كافية من القوات العسكرية من أجل حماية حرية الملاحة في مضيق هرمز، ومنع إيران من النجاح في عملية إغلاقه.

– قيام الولايات المتحدة الازدواجية، وحلفائها الغربيين بتخزين الكميات الكافية، لإمداد الأسواق بما يغطي النقص والعجز في حالة حدوث السيناريو الأسوأ.

– أن يقوم الكونغرس الأمريكي بالموافقة على تخصيص مبلغ 30 مليار دولار من أجل دعم استهلاك الوقود.

– إعداد برنامج لدعم ذوي الدخل المحدود في أمريكا وقيام الكونغرس والإدارة الأمريكية بالموافقة عليه ووضعه موضع التنفيذ بمجرد حدوث الصدمات.

– إصدار تشريع بإلغاء الضرائب والرسوم على المواد البترولية.

– إعداد الترتيبات الإجرائية، وتوقيع المزيد من عقود شراء النفط الآجلة من البلدان المصدرة للنفط الأخرى خارج منطقة الشرق الأوسط، مثل: روسيا، أندونيسيا، الجزائر، نيجيريا، وليبيا.

ويقول الباحثون: في مجال الحروب وعلاقتها بالنفط، بأن التحضير للمناورات الحربية وتنفيذها، والكتابة عنها، هي في حقيقة الأمر عمل جماعي، يتطلب الكثير من المعلومات والجهد والخيال.

وعلى خلفية هذه(المناورات)الاقتصادية، نجد ثمة أسئلة تطرح نفسها: ظلت منطقة الشرق الأوسط عرضة للكوارث والنكبات والحروب، وحتى لا نجد أنفسنا كل مرة في مواجهة المأزق والصدمات المترتبة عليه، فإنه يتوجب على العلماء والباحثين وعلى الحكومات أولاً وقبل كل شيء، الاهتمام بالدراسات المستقبلية، والاستفادة من معطيات خبرة(نظرية السيناريو)في كل شيء، وذلك حتى نعرف السيناريو الذي سوف نتعرض له، وحتى لا تواجهنا أزمة المشاهد وتداعياتها الدراماتيكية، وحتى يصبح المسؤولون، أكثر قدرة على التصرف، لأنّه إذا عرف السبب، بطل العجب كما يقولون.

وتسعى دوماً الولايات المتحدة الامريكية الازدواجية، الى إضعاف قوة إيران – عبر ملف الأقليات الإيرانية، وسيناريو إشعال الصراع والعنف السياسي الداخلي، يمثل دوماً ودائماً، أحد الخيارات المدرجة على طاولة أي إدارة أمريكية، والمتعلقة بإضعاف قوة إيران، وعرقلة نموها المطرد، لتصبح قوّة كبرى إقليمية أو حتّى عالمية.

ففي التركيب الاجتماعي: تشير الإحصاءات، إلى أن نصف عدد سكان إيران(البالغ عددهم حاليا 86 مليون نسمة)لا ينتمون للأصل الفارسي، بل إلى أصول أخرى، الأمر الذي جعل إيران، بلداً متوسط التجانس، وعلى أساس الاعتبارات القائلة، بأن العنف السياسي، هو حالة هيكلية، تتعلق أولاً وأخيراً بالطبيعة التركيبية البنائية للمجتمعات، فإنّ المجتمع الإيراني، ينطوي على قدر من العنف الكامن داخل بنياته وهياكله الاجتماعية، شأنه في ذلك، شأن كل مجتمعات البلدان الأخرى، متوسطة أو قليلة التجانس الاجتماعي والسكان.

وتقول المعلومات: بأنّ نصف سكان إيران(أي 43 مليوناً) هم من أصول فارسية، والنصف الآخر(أي 43 مليون أيضاً)هم من الأصول: العربية 4%(جنوب غرب إيران)، الأذربيجانية 25%(شمال إيران)، الكردية 8%(غرب إيران)، الأفغانية (شرق إيران)، الطاجيك 3%(شمال شرق إيران)، التركمان 3% (شمال غرب إيران)، البلوش 3%(جنوب شرق إيران)،  الغيلاكي- مازانداراني 9%(شمال إيران)، إضافة إلى مجموعات غير فارسية أخرى.

وهناك سلة تناقضات كامنة في هذه التركيبة الاجتماعية، حيث أنّه، وبرغم التعايش الطويل بين القوميات الإيرانية، فإنّ عملية الاندماج الوطني الإيراني، لم تكتمل بعد، إلى المستوى الذي يمكن القول: بأنّه غير قابل للارتكاس والتراجع.

فالتناقضات المذهبية الطائفية، والاثنية، ماتزال موجودة، إضافة إلى التناقضات الأيديولوجية القائمة بين المطالبين بالطابع العلماني للدولة، وبين أنصار النموذج الإسلامي الحاكم حالياً في إيران، وقد لعبت الشعبية الواسعة المؤيدة لنموذج الثورة الإسلامية الإيرانية، دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار، خاصة، وأنّ الحكومات التي توالت على السلطة في إيران، بعد قيام الثورة الإسلامية، كانت تستند إلى صيغة متوازنة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع في إيران.

واستطاعت أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية، وضع وهندست العديد من مخططات الاستهداف – وما زالت، كما استطاعات هذه المنظومات الأمنية الاستخباراتية التحليلية الغربية، من التقاط المزيد من عناصر المعارضة الإيرانية، وقامت هذه الأجهزة أيضاً، وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية، بإنشاء المزيد من مراكز الدراسات المختصة بالشؤون الإيرانية، وبرز باحثون أمريكيون وغربيون، استطاعوا معرفة المجتمع الإيراني بعمق، يأتي في مقدمتهم خبير الشؤون الإيرانية، في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى باتريك كلاوسن، الذي ألّف العديد من الكتب والأوراق الاستراتيجية عن إيران.

انّ المفاصل الأساسية لمخطط استهداف إيران من الداخل تركز على الآتي:

– تجميع النخب البارزة في كل جماعة اثنية إيرانية.

– تنظيم الجمعيات والأحزاب والتجمعات ذات الطابع الاثني الاجتماعي.

– إثارة موضوع الأقليات الإيرانية.

– تسييس الخلافات الإيرانية – الإيرانية حول:

* حقوق الأقليات.

* قضايا اقتسام السلطة والثروة.

* التوجهات الشيعية للدولة الإيرانية.

* إعادة النظر في نظام المرجعيات الدينية.

– قضايا الحكم الداخلي، والمطالبة بتنظيم الدولة داخلياً من نظام المحافظات، إلى نظام الفيدراليات، ومناطق الحكم الذاتي الإقليمي العالي الاستقلالية، كأن يطالب الأكراد الإيرانيون بالحق في إقامة كردستان الإيرانية الذاتية الحكم على غرار كردستان العراقية.

التحركات الداخلية، ترتب الإدارة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا على مساندتها ودعمها، عن طريق المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن الدولي، ومنظمات الأقليات، وحقوق الإنسان الدولية والتابعة للأمم المتحدة.

تهدف أمريكا، إلى تزامن تحركات الأقليات الإيرانية، مع عملية فرض العقوبات الدولية الشاملة ضد إيران، إضافة إلى افتراض الإدارة الأمريكية الازدواجية، بأنّ تشديد العقوبات الاقتصادية، والحصار الاقتصادي ضد إيران، سوف يؤدي إلى تدهور الأوضاع الداخلية، على النحو الذي يوفر مجالاً خصباً لنمو المعارضة الداخلية وسخط الأقليات الإيرانية.

وعموماً، تتسم الدولة الإيرانية مثل غيرها بوجود ظاهرة المركز والأطراف، وحالياً يسيطر على(مركز)الدولة في إيران ذوو الأصول الفارسية، بينما توجد الأقليات في(الأطراف) الإيرانية، بحيث يسيطر العرب على المنطقة الجنوبية الغربية (إقليم عربستان- خوزستان)، والبلوش على المنطقة الجنوبية الشرقية(إقليم بلوشستان)، والأكراد على المنطقة الشمالية الغربية(إقليم كردستان الإيرانية)، والأذربيين على المنطقة الشمالية(أذربيجان الإيرانية).

وحتى الآن، حدثت بعض المناوشات والاضطرابات في هذه المناطق، ففي منطقة عربستان – خوزستان، قامت الأقلية العربية السنية، ببعض التحركات المعارضة، ونفس الشيء في منطقة أذربيجان الإيرانية، وكانت تتميز بطابعها السياسي السلمي المعارض، أما في إقليمي كردستان الإيرانية، وبلوشستان، فقد تميزت التحركات المعارضة بالطابع العنيف الذي يستخدم الوسائل العسكرية.

تشير كل التوقعات، إلى أن القوى والأطراف الأجنبية، بقيادة أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما الغربيين نجاحهما محدود، وذلك بسبب حركة التطوير والتحديث التي استطاعت الدولة الإيرانية إنجازها، على النحو الذي رفع من مستوى معيشة الأقليات الإيرانية، التي كانت تتعرض للكثير من الظلم والكبت والتهميش، خلال فترة حكم الشاهنشاه السابق رضا بهلوي الموالي لأمريكا والغرب وإسرائيل.

وتأسيساً على السابق ذكره وشرحه، نتساءل التساؤل الانتحاري التالي:

هل صارت دبلوماسية الجلوس البنّاء، ودينامياتها وميكانيزمياتها، السياسية، والاقتصادية، والاستخباراتية الواقعية وذات الغموض الاستراتيجي الإيجابي: خياراً ضرورياً وفوق استراتيجي – أي أمريكا وإيران وجهاً لوجه، بفعل مفاعيل الاقتصاد السياسي وغيره من العوامل والأسباب؟.

كلّ ذلك تجنباً لحرب عالمية صغرى، بفعل مفاعيل عدوان وحرب سلامة نتنياهو على غزة، بعد أن تم تكسير رأس إسرائيل عبر المقاومة، وفي ذلك مصلحة لعميق الدولة الأمريكية، ولعميق الدولة في ايران، بعد أن صارت إسرائيل عبء على نفسها، وعلى أمريكا وعلى المنطقة، وتلاشت مسألة أسرلة المنطقة، وبالتالي فشل دمجها لتل أبيب بالمنطقة، عبر التطبيع الكامل، مع العالم العربي والإسلامي، رغم المحاولات الأمريكية المستمرة، وأخرها المبادرة الامريكية – الصفقة الإقليمية العربية، التي تعمل على اعدادها واشنطن، بالرغم من أنّ هذه المبادرة التي ولدت ميته، تعكس المأزق الأمريكي الإسرائيلي البعض العربي، حيث لا مقومات لها، وهي غير جدية، ولكنها بعيدة عن المراوغة الأمريكية، كون واشنطن بحاجتها، لغايات انتخابات الرئاسة الامريكية القادمة.

وحيث هناك فجوة كبيرة، بين ما يحصل في الميدان العسكري، وبين المبادرة الامريكية، وكون واشنطن ليست وسيطاً نزيهاً، كونها شاركت بالحرب والعدوان على غزة، فالمعركة معركتها، وليست معركة الإسرائيلي بالأساس.

وأفكار هذه المبادرة اليانكيّة الأمريكية، أفكار كلاسيكية قديمة أكل عليها الدهر وشرب، خاصةً، وأنّ ليس نتنياهو من يرفض إقامة دولة فلسطينية فقط، بل الكل الاسرائيلي في الداخل يرفض ذلك، كون قيام دولة فلسطينية، يعني كتابة نهايات إسرائيل.

وباعتقادي أيضاً من ناحية أخرى: انّ هذه المبادرة اليانكية الأمريكية الازدواجية غير جديّة، وهي قنبلة دخانية، صيغت مع البعض من العرب، الذي لم يناصر المقاومة في غزة، لأعطا الوقت الكافي ومزيد منه، للكيان اللقيط، لكي يستمر في عدوانه، لغايات التغطية، على ما يجري من حرب إبادة في غزة.

وعلى واشنطن وإسرائيل أن تعرفان، أنّه ما لم يؤخذ بالميدان العسكري، لن تناله لا أمريكا ولا إسرائيل في السياسة والدبلوماسية وعلى طاولة المفاوضات، ومن جهة أخرى: هناك تحول جيوسياسي في العالم، تجاوز هذه المبادرة، ولا يوجد أي مقترح جدي في بنودها.

من زاوية تفكير أخرى: عميق الدولة في أمريكا دعمت نتنياهو في كلّ خطواته، وهذا سيقود الى اندلاع حروب لا متناهية، وهذا ما تريده أمريكا ومجمعها الصناعي الحربي وشركاتها المتعددة الجنسيات، كون جل الاقتصادي الأمريكي اقتصاد قائم على الحروب، وبعبارة أخرى وكما أسلفنا: الاقتصاد السياسي يقف وراء كل هذا الجنون الأمريكي في المنطقة، ومن يسيطر على القرار في إسرائيل، ليس نتنياهو بل أمريكا، وبالتالي بيبي يصار الى تحريكه، وفقاً للمصالح الامريكية، فواشنطن فرضت منذ 7 أكتوبر شكلاً من أشكال الوصاية والانتداب على حكومة بيبي، وهذا يقودنا الى التساؤل التالي: إسرائيل…. مخاض ما بعد الحرب، أي إسرائيل ستكون؟… وبالتالي الكيان غير قادر على وقف العدوان والحرب على غزة، وفي نفس الوقت غير قادر على الاستمرار في العدوان – كل ذلك بفعل الأمريكي، الذي يعمل على تكسير رأس إسرائيل دون انهائها – أداته لغايات ضبطها من جديد، وتوجيهها وفقاً لمصالحه في العالم، في ظل عالم متعدد الأقطاب قادم لا محالة.

اذا: انّ نهاية إسرائيل، يعني نهاية كل الدول القطرية العربية – دول اتفاقية سايكس وبيكو – قد تنتهي بانتهاء إسرائيل، حيث الولادة كانت معاً، والنهاية ستكون معاً – هكذا حركة التاريخ تقول وهو لسان الجغرافيا.

عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111    

خلوي: 0795615721

التعليقات مغلقة.