عميرة هاس تنحاز للفلسطينيين، وكلاب التطبيع تنهش لحمهم / أسعد العزّوني

808

أسعد العزّوني ( الأردن ) – الجمعة 20/8/2021 م …

حالتان تحدثان صدمة قوية وتحولا نوعيا في نفس المراقب المحايد والمتلقي ذي الصلة بالأمر على حد سواء ،الأولى:عندما ينصفك  بعض مثقفو عدوك العقلانيين، ويقفون إلى جانبك وينحازون إليك ، ويكتبون عن معاناتك التي سببها النظام المعادي لك ،ويصطفون إلى جانبك عمليا وبصدق،ويؤشرون على عدوك وهو من جنسهم أنه معطوب  إنسانيا؟؟!!!ونتوسع في الدلائل بطبيعة الحال في هذا المجال،ومثالنا الصارخ هنا هي الكاتبة اليهودية عميرة هاس ،التي تميزت في كتاباتها في صحف مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية،بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ،لتتفوق وبإمتياز متجاوزة كافة مكونات سلطة اوسلو المتأسرلة،وعلى العديد من المثقفين الفلسطينيين ومعهم عدد لا بأس به من المثقفين العرب،يتقدمهم  بغير شرف جراء التطبيع في الصحراء،وآخر “غزواتها” مقال نشر في جريدة هآرتز يوم 17 من هذا الشهر بعنوان:”بسرقتكم أراضي الفلسطينيين وهدم بيوتهم…من هو اللاسامي أيها الإسرائيليون؟”.

خاضت الكاتبة عميرة هاس  في موضوع ملحمي وشائك ومكهرب في الوقت نفسه ،وعبّرت عن شجاعة إنسانية كبيرة،دفع المفكرون الأجانب يتقدمهم المفكر الإسلامي الفرنسي  الفيلسوف روجيه غارودي ثمنا باهظا لخوضهم فيه ،وهو السامية بطبيعة الحال،ولم تلفّ أو تدور حول شجرة البلوط كما يقول المثل الإنجليزي،بل وجهت “بلطتها”نحو ساق الشجرة العريض  لتقطعه بضربة واحدة،دون أن تبالي بما سيترتب عليها من قبل سلطة مستدمرة إسرائيل الخزرية من عقاب أو ما شابه.

دانت عميرة هاس كافة حكومات مستدمرة الخزر المتعاقبة ،حدّ الإانة والتقريع ولم يسلم المستدمرون من سهامها الكهرو-مغناطيسية وطرحها المنطقي المدعم بالحيثيات المطلوبة لحسم أي قضية ، في حال كان هناك مجتمع دولي يرغب فعلا في إنصاف الشعب الفلسطيني وإدانة مستدمرة الخزر الإرهابية الشوفينية التلمودية،وقالت لهم في نهاية المطاف :أنتم اللاساميون وليس الفلسطينيين المكلومين الذين يدافعون عما تبقى من وطنهم المستباح إستنادا على أساطير ومخيلات الصهيونية والتوراة المزيفة ،ويحاولون الحصول  على بعض حقوقهم المنهوبة ،بعد أن تخلى عنهم القريب قبل البعيد.

نحجت عميرة هاس في تصوير الموقف وقدمت الدليل ،كي يتمكن أي محام مبتديء بواسطتها من الوقوف أمام أعتى القضاة يتقدمهم القاضي الإيطالي الذي حكم في قضية شايلوك المعروفة ،وأوقف شايلوك عن سداد دين أحد المعسرين في روما بطلبه سدادا يتمثل بثلاث كلغم من اللحم يقطعها من جسد المدين،ووافق له على ذلك شرط عدم إنزال أي قطرة دم من جسد المدين عند قطع اللحم ،ما جعل شايلوك اليهودي يتراجع عن طلبه،وقد نجحت هاس أيما نجاح في تصوير الواقع وتجسيد معاناة الفلسطينيين،وكانت رسامة ماهرة وواضحة المعالم والرسائل عند سردها معاناة الفلسطينيين ،وإختارت اللون الأسود في لوحتها لإظهار المستدمرين المسعورين الذين ينهبون أراضي الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية ،على غرار ما جرى في مستدمرة الخزر بشكل عام،وبذلك وضعت كافة الصهاينة في قفص الإتهام.

لم تكتب عميرة هاس موضوع إنشاء لتحصل على علامة عالية ،بل قامت بتوثيق ملف جرائم المستدمرين بكافة مستوياتهم الإجرامية منذ تأسيس مستدمرة الخزر في فلسطين حتى يومنا هذا ،وهي بذلك تعرض نفسها للخطر لأن الصهاينة لا يريدون يهوديا نقيا ،كما هو الحال بالنسبة لطائفة ناطوري كارتا المناهضة للصهيونية ومستدمرة الخزر.

أما الحالة الصادمة الثانية فهي :وقوف من كنت تحسبهم من أبناء جلدتك ضدك ،والإصطفاف مع عدوك والترويج له ،وتحقيق ما عجز عن تحقيقه بالقوة،مقابل زيارة تل أبيب مع إن عميرة هاس تركت تل أبيب وتقطن حاليا في الضفة الفلسطينية،ونعني بذلك جراء التطبيع في الصحراء الذين  سجلوا سقوطا أخلاقيا  ما بعده سقوط،وتفوقوا فيه على حكامهم الذين وظفوهم لممارسة مثل هذا السقوط.

لقد تبنى هؤلاء الجراء الذين تم تصنيفهم زورا وبهتانا على أنهم مثقفون ،كتابا وإعلاميون ومحللو “بول” سياسيون وفنانون في زمن الغفلة،تبنوا علانية  الرواية الصهيونية ،وإتهموا الفلسطينيين بأنهم باعوا أراضيهم لليهود ،وتفوقوا بقذارتهم هذه على الصهاينة الذين فشلوا في إقناع العالم بروايتهم المزورة الباطلة،وللتذكير فإن مبعوث مؤسس الحركة الصهيونية العلماني النمساوي ثيودور هيرتزل عام 1936 إلى فلسطين ،لكشف الواقع فيها آنذاك ،أخبره في برقية بعد أن جاب فلسطين طولا وعرض بأن “العروس لها زوج”،أي إن فلسطين فيها شعب ،وليس كما تروجون زورا وبهتانا إنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.

عموما فإن التاريخ والمنطق سيسجلان لعميرة هيس مواقفها بماء الفخر ،في حين سينظر إلى ما  قام به جراء التطبيع ،بعين الريبة والخسة والنذالة ،وهناك فرق بين من يترك الإقامة في تل أبيب وبين من يسقط أخلاقيا مقابل توجيه دعوة له لزيارة تل أبيب وخاصة شارع ديزنكوف؟؟؟؟!!!

التعليقات مغلقة.