ثلج – ثلج …. أكُلُ ثلجة تأتينا بتعطيل؟ ..   ادارة الكوارث والازمات وتقليل المخاطر في الاردن / أ. د. احمد الملاعبة

227

 

أ. د. احمد الملاعبة ( الأردن ) – الأربعاء 17/2/2021 م

— شاءت الأقدار أن أعيش في المانيا لمدة تعادل تقريبا   ال 10 سنوات منها  5 سنوات متصلة بين (1994-1989)  بهدف الدراسات العليا و مثلها 5 سنوات ولكن على فترات متقطعة  حيث انني ومنذ عام 1999 – ولغاية اليوم أسافر ألى ألمانيا بمعدل مرتين في العام وامضي هناك مدة تتراوح من الأسبوع الى الثلاثة أشهر … لأهداف كثيرة أهمها البحث العلمي والتدريس . صحيح أنه خلال تجربتي الألمانية الممتدة لسنوات عشت فيها كل احوال الطقس والمناخ كانت أشدها عندما انخفضت درجة الحرارة الى ما دون ال 40 درجة تحت الصفر المئوي ولكن المفاجأة أن المانيا مثلها مثل جاراتها الدول الاوروبية لم تعرف العطل او التأخر عن الدوام رغم هذه الظروف المناخية القاهرة والشديدة وبقيت الماكينة الالمانية تعمل بكل جدارة واقتدار وتحافظ على مقدرات المواطن واقتصاد البلد.– صناع ومنفذي القرار في المجتمع الألماني – على سبيل المثال – عملوا بكل بجد واخلاص خلال السنوات الماضية لإنشاء بنية تحتية للماء والكهرباء والغاز وشبكات الطرق والتحضر وتخطيط المدن وغيره مما يلزم … بحيث اصبحت الاجيال المتعاقبة تنعم بمقومات وتقنيات حضارية اهم عنصر فيها الأمان والسلامة العامة.

— اليوم المجتمع الاردني كما في الامس وكما كان قبل حوالي شهر وكما في كل عام  يدخل في سبات العطلة القسرية بسبب عدم جاهزية الاستعدادات وخصوصا نوعية الطرق – رغم حركة الآليات المكثفة ونشاط الأجهزة الرسمية والشعبية ولا اقول على – نظام الفزعة – ولكن الخطط وربما الفوضى المنظمة – وكلما نجى مواطن او عائلة أو … من حادث أو كارثة تبدأ موجات الاعلام ببث بشائر الفرح وكأننا حققنا نصر مؤزر … رغم انه واجب وطني عمله اجباري وشكره اختياري.

— ان ادارة الكوارث والأزمات الطبيعية والبشرية  المتعددة و تقليل مخاطرها والحد من تأثيرها يعتمد اهم قواعدها على الاستعدادات الشاملة والإدارة المتكاملة لمواجهة موجات وعواصف الثلوج والأمطار وهبات العواصف الشمسية و الحرارة الكامنة أو الاحتباس الحراري و التغيرات المناخية المتسارعة.

— ومن باب التذكير والمقارنة فإنه من جولات ورصد اليوم كانت الحفر التي احدثتها الامطار والثلوج في وسط الشوارع خطر كامن ومصائد خطيرة ومسبب اساسي للحوادث وحصد الارواح …اضافة الى ما حدث من انكسار وتهدم لمطبات منتصف الطرق على كثرتها – بحيث اصبحت تعرف شوارعنا بها – وبقوة تدفيق المياه وتحرك الثلوج صارت حوافها حادة تتلف أعتى الاطارات.

— إن الاردن بلد الكفاءات العلمية والمهنية -التكنوقراط- فهناك عشر جامعات رسمية  وحوالي العشرين جامعة خاصة – ومئات الآلاف من حملة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس والدبلوم في مختلف التخصصات- أليس من حق الوطن والمواطن ان نرى نتاج علمهم وابحاثهم على ارض الواقع – لماذا تبقى الطرق بين المحافظات والمدن الأردنية تشبه حالها الطرق الزراعية … منذ متى تمت صيانة و تعبيد العديد من الطرق الرئيسية مثل طريق الزرقاء – واربد – وخصوصا الجزء بين ارحاب والحصن – حيث ان المرء يشعر وكأنه بحاجة لمدرعة أو مجنزرة للسير عليه.

– وثمة نقطة هامة اخرى وهي لماذا تمر الطرق السريعة من منتصف المدن والبلدات – ومن الجدير الاشارة اليه انه عالميا يمنع العمار و الأنشاء على الطرق السريعة لمسافة تزيد عن  الكيلو متر منعا للحوادث والضجيج والثلوث الهوائي وضمانا لديموية حركة السير حسب السرعة المحددة والتي ربما تكون تزيد عن ال 100-130 كيلومتر في الساعة. هل من الحضارة ان نرى طريق عمان – العقبة السريع  وقد امتلىء بالمطبات وانتشرت على جنباته البيوت وانوية القرى والمدن الجديدة – اليس هذا مصدر كوارث وخراب جوانب الطرق السريعة -ولماذا تحدث الانهدامات الشتوية على طريق جرش – عمان والانزلاقات الارضية على طريق عمان – البحر الميت وأي مواصفات تنطبق على طريق العمري – الأزرق المتهدمة.

— أليس الأجدر بنا الأن أن نجهز شوارعنا وطرقنا ومنشآتنا بطريقة أكثر حداثة وحضارة  مع ضرورة مراعاة قواعد السلامة العلامة حسب المواصفات العالمية المعتمدة- و لماذا تبقى الخلطات الاسفلتية -رغم انخفاض اسعار المنتجات النفطية الان – لا تتجاوز سماكاتها في معظم الطرق البضعة سنتيمرات في الوقت الذي يقوم غيرنا بوضع فرش وخلطات طرق تتجاوز سماكتها  النصف متر وبنوعيات ممتازة عدا عن اضاءة وتخطيط الطرق بالمواد الفسفورية لتوفير الأمان الليلي.

— ان الأمثلة الأخرى في المواضيع ذات العلاقة والصلة والمهمة لبناء الحضارة الشاملة كثيرة من حيث آمن و جاهزية الغذاء والماء والدواء والتدفئة وآمان التنقل والحركة وسرعة الانجاز وغيرها وسط ظروف تجاوزها العالم ومنذ فترة زمنية طويلة.

— وفي النهاية – ومع مواكبة المرحلة – يبقى الشكر موصول لك من ساهم و يساهم بكل امانة واخلاص في مثل هذه … الظروف الاستثنائية التي قد تتكرر خلال هذه الفترة-والظروف الاعتيادية الطبيعية  لحين ايجاد ما يلزم مهما كانت التكلفة والجهد – لتوفير الأمان والأمن والحماية للمواطن اساس  ومحور التنمية الشاملة في الوطن و لكي ينعم  الجميع بالعمل والانجاز وعدم التأخير ولكي ننهي حاله نعت وجلد الذات ونزيد من وعي المواطن وإنتمائه لوطنه.

والله من وراء القصد

أ.د. أحمد ملاعبة
(استاذ الجيولوجيا والبيئة والتغيرات المناخية – خبير الكوارث الطبيعية والبشرية)