المثقف المقاوم … والمثقف المنافق / م. هاشم نايل المجالي

374

م. هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الأحد 29/10/2017 م …

المثقف في المفهوم الاصطلاحي ذلك الشخص الذي تتوفر فيه استنارة الذهن ولديه ملكة النقد فهو ناقد اجتماعي يحدد الموضوع ويحلله ويقيمه ويبين الايجابيات والسلبيات بعقلانية وشفافية وهو ممثل لقوى محركة اجتماعياً شعبية او حزبية او نقابية وغيرها اي انه يمتلك من خلال هذه القوى القدرة على تحريك الرأي العام من اجل تطوير المجتمع وتطوير افكار هذا المجتمع ومفاهيمه فهو صاحب نظرة شمولية فهو مبدع ويتجدد ابداعه مع كل حدث او ازمة وهو قادر على تكوين البنية الفكرية للمجتمع واذا اعتبرنا ان مهمته النقد للاداء فالغاية من هذا النقد البناء هو تطوير العمل سواء كان سياسياً او اجتماعياً او اقتصادياً او ثقافياً وينبغي للمثقف وهو يمارس النقد ان تتوفر لديه خلفية من اجل ان يكون قادراً على تحديد المساحات والمسافات الخاضعة للنقد من حيث طبيعتها وخصائصها والظروف التي تمر بها لكي يكون النقد ايجابياً وباتجاه البناء والتقويم والتجديد والتطوير فهو ينمي الحس النقدي ليكون التفاعل ايجابياً فهو لسان حال المجتمع ولا يجوز له ان يتخلى او يتقاعس عن تلك القضايا التي تهم الوطن والمواطن فالمثقفين يجب ان تتوفر لديهم مهارات قيادية ومعرفة كيفية صنع التوازن بين الامور حيث انه يفصل بين الاشياء خيوط رفيعة ومتشابكة لا تحتاج الا للتوازن اي قدرتهم ومعرفتهم كيف يوازنون الامور والاحداث ومختلف القضايا بين الحزم والغلظة وبين الغرور والثقة بالنفس وبين المغامرة والتهور وهذا ما يمنحه لقب المثقف الحكيم ويجعل منه شخصية قيادية والمثقف عندما يحلل قضية ما او حدث فانه يجب ان يتمتع بمصداقية ونزاهة وعليه ان لا يكون سهلاً بحيث تستقطبه كثير من القوى السياسية او الاجتماعية وغيرها لانه بذلك يخون نصه الابداعي فعليه ان يكون عكس التيار فهو يمثل المسكوت عنه وكل امر تم اخفاؤه والتجاهل عنه فهو يمثل نبض الجماهير وعليه ان يواجه القوة بخطاب الحق فهو المثقف المقاوم لانه يقاوم بفكرة ونشاطه وتحليله هيمنة الحكومة واصحاب النفوذ والشركات المهيمنة على حساب معيشة وجيوب الشعب وعادة ما تكتنف العلاقة بين المثقف والحكومة مجموعة ملابسات وتناقضات حينما تحكمها الريبة والتوجس وافتقاد المصداقية فالسلطة صاحبة قرار والمثقف الاضعف في هذه المعادلة او العلاقة فالمثقف في كثير من الاحيان يعاني من عدة ضغوط ورقابة مشددة اتجاه ما يكتبه ويحلله ويفنده من حقائق فهو بين مطرقة الحكومة وسندان مصداقيته امام الشعب لبيان الحقيقة او الغموض وقد يسقط بعضهم في احضان الحكومة او بعض القوى السياسية او الشركات الكبرى المحتكرة لمادة ما فيتحول الى بوق يساهم في تغطية وتبرير الاخطاء من اجل مصالحه الشخصية مدافعاً عن قراراتها وانجازاتها فيتحول الى مصفق فيصبح مثقفاً منافقاً بدل ان يكون مبدعاً ومنتجاً ومحللاً ومقيماً يفيد صاحب القرار في ابداعاته وتحليله وتقييمه لاداء كل هذه الجهات ويؤدي رسالته الوطنية بكل امانة واخلاق فهو القلب النابض للفكر والثقافة والمعرفة يخدم القضايا الوطنية والشعبية لا كما نشاهد على بعض الفضائيات من برامج لا يرى فيها سوى الصراخ والاتهامات والشتائم والفضائح والالفاظ الغير مهذبة بل علينا ان نرتقي بثقافة المواطن نحو الافضل من اجل مصلحة الوطن .

واصبحنا نلاحظ ان هناك بصورة او بأخرى من يطرح الفتن بأسلوب متلون على انها حرية رأي وتعبير والفتنة شرارة تضطرم ناراً لا تنطفيء ربما كان اولها ضحكة وفكاهة لكن منتهاها احزان وخوف وهلاك قال سول الله صلى الله عليه وسلم ( ان السعيد لمن جُنب الفتن ان السعيد لمن جُنب الفتن ان السعيد لمن جُنب الفتن ولمن ابتلى بصبر فواها ) ربما تكون بمثابة اراء واهواء وزلات نفسيه لكنها تصبح متناقضات واقتراف الناس مخالفة للحق والعقل والمنطق فلا بد من دفع الفتن والوقاية منها ولأن تبعاتها تقع على مسببها فالشيطان دائماً حاضر في الفتنة ودفع الفتنة قبل وقوعها خير من رفعها بعد وقوعها والعبث الفكري ليس حرية تعبير فأبعاده كثيرة ومعانيه عديدة فالحرية بالرأي والتعبير والتعليق تعني ان تفعل ما تريد لكن دون ان تؤذي غيرك فهناك اخلاق وقيم عامة تجعل من اي سلوك حر منضبطاً ومندمجاً في سياقه الاجتماعي والثقافي وغير ناشز عنهما ولا يحرض على العنف والكراهية او سلب الاخر حقوقه الانسانية وعدم الالتفاف على روح الحرية واستغلالها ليشوهها ويجعلها مجرد فتنة وفوضى منافية لمبادئها وتعاليمها وهنا يأتي دور المثقفين في التوعية حول ذلك .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

 

التعليقات مغلقة.