آفاق التطورات في سورية على خلفية معارك حقل العمر / أحمد صلاح
أحمد صلاح* ( سورية ) الأحد 29/10/2017 م …
في الأسابيع الأخيرة يراقب العالم بقلق التطورات السريعة على ضفتي نهر الفرات.
أعلن الجيش السوري يوم 15 أكتوبر عن إعادة السيطرة بالكامل على مدينة الميادين أحد آخر أبرز معاقل تنظيم داعش الإرهابي في سورية. وأصبح حقل العمر النفطي هدفا محتملا للجيش السوري لكن إرهابيي داعش دمروا جسرا على نهر الفرات في نقطتين أثناء تراجعهم وهكذا يعرقل تنفيذ هذا السيناريو.
استفاد مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة من (ارتباك في صفوف الجيش السوري) ولذلك فرضوا يوم 22 أكتوبر السيطرة على الحقل النفطي المذكور.
وبحسب وسائل الإعلام السورية نقلت قوات العمليات الخاصة الأمريكية بالتعاون مع قوات سورية الديمقراطية (“قسد”) إرهابيي داعش من مدينة الرقة نحو حقل العمر من أجل تحقيق هذه العملية بنجاح، وهو الحقل الذيي عتبر الأكثر أهمية استراتيجية بين حقول النفط والغاز في سورية. حيث كان إرهابو داعش يستخرجوا ما لا يقل عن 25 ألف برميل من النفط يوميا من حقلي العمر والتنك.
وتتعلق نتائج الحرب في سورية وموقف الأطراف المعنية في المفاوضات اللاحقة مباشرةً بالسيطرة على عدد من حقول النفط ، ونظرا لذلك يظهر السؤال المعقول حول المبادرات الاستراتيجية المتوقعة للأكراد (في الواقع هي المبادرات الأمريكية) والحكومة السورية في نضال من أجل السيطرة على حقول النفط والغاز شرق نهر الفرات.
وبهدف إخفاء تورط الولايات المتحدة في هذه العملية ، نقلت وسائل إعلام أمريكية نقلا عن مصادر لم تسمها في البيت الأبيض ، أن الإدارة الأمريكية ليست لديها خطة معينة بعد تحرير مدينة الرقة من مسلحي داعش ، وتعتبر هذه الأخبار مجرد حيلة فقط.
وتعتزم واشنطن مواصلة تقديم الدعم الشامل للأكراد في ما تسميه تحرير الأراضي السورية الواقعة شرق نهر الفرات من الإرهابيين. ولكنها تعتبر المهمة الرئيسة ليس استقرار الوضع في ريف دير الزور، كما يؤكد المسؤولون في تصريحاتهم، فحسب بل الإستيلاء على عدد كبير من حقول النفط والغاز.
على سبيل المثال أكد متحدث باسم قوات سورية الديمقراطية طلال سلو خطط الفصائل الكردية لمواصلة الهجوم في ريف دير الزور بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بعد تحرير مدينة الرقة.
وفي الوقت نفسه لم يذكر طلال سلو الأهداف الحقيقية وقال إن من بينها تقديم المساعدة للسكان الذين تم تحريرهم، حماية المدنيين وتحقيق المصالحة بين الأكراد السوريين وتركيا. مع ذلك لم يعلق على كيفية يؤثر هجوم الأكراد نحو الحدود مع العراق على عملية المصالحة بين الأكراد وتركيا.
يعتقد السفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري أن بعد (تحرير) مدينة الرقة يجب على واشنطن مواصلة نشر القوات الخاصة الأمريكية بما في ذلك وحدات التدريب والدعم لـ”قسد”. وقال أنه من الضروري مواصلة تسليح الجيش السوري (الحر) وتنفيذ المصالحة بين تركيا ووحدات حماية الشعب.
في المقابل دعا المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية ؛ الإدارة الأمريكية إلى دعم التقدم اللاحق لقوات سورية الديمقراطية على طول نهر الفرات واستخدام القبائل السنية من المناطق الشرقية السورية في محاربة داعش.
وقد علق الجنرال هيربرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي، عن خطط واشنطن اللاحقة ، قائلاً أن من بين المهام الرئيسة للإدارة الأمريكية منع محاولات إيران وحزب الله من تعزيز حشدهما في المناطق الشرقية السورية .
وقد أثار دعم الأكراد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ؛ الاستياء بين مختلف قادة الإقليم. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن الولايات المتحدة ستبذل جميع الجهود الممكنة لمواجهة إيران ومنع قوات الحكومة السورية من استعادة السيطرة على الحدود مع العراق ، وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفضه تعزيز الأكراد مرارا وتكرارا.
من الواضح أن المواجهات في منطقة شرق الفرات قد نشطت وأن الأوضاع ستتفاقم ، حينما ستبدأ حكومة الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة السيطرة على الأراضي الشرعية بكل الجهود ، وقتها ستسعي الإدارة الأمريكية إلى التلاعب بالورقة الكردية من أجل حصول على مرابح لشركاتها النفطية والغازية ، والإستيلاء على حقل العمر ، فالمعركة السياسية الكبرى لم تبدأ بعد .
* كاتب وصحفي سوري للمركز الإعلامي “سورية: النظر من الداخل“
التعليقات مغلقة.