هيا الى الفلاح بالكفاح، واصحب دعاءك لغزة بالقطران او اسحبه! / الياس فاخوري

0 226
الياس فاخوري ( الأردن ) – الخميس 20/3/2025 م …
حي على الفلاح بالكفاح، ولتجعلوا مع دعائكم لغزة وفلسطين شيئاً من القطران .. “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ” (الأنفال – 60)!
 
ابدأ بما قاله الامام علي بن أبي طالب – كرّم الله وجهه – (كما تُنسب القصة للخليفة عمر بن الخطاب وللامام الشعبي رضي الله عنهما) للرجل الذي اشتكى اليه مرض ناقته بالجرب، وأخبره بأنه لم يمل من الدعاء لها بالشفاء: “هلا جعلت مع دعائك شيئاً من القطران (القطران مادة سائلة كانت تستخدم لعلاج الإبل المصابة بالجرب) .. وفي هذا ردعٌ بيّنٌُ ومنعٌ من الاكتفاء بالدعاء، فالتوكل على الله تعالى لا ينافي الأخذ بالأسباب، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل المتوكلين على الله، يلبس لأْمة الحرب، وهو يمشي في الأسواق.
 
واعود لما كتبته في الاول من رمضان الحالي مهنئاً الأخوات والاخوة الأصدقاء بحلول الشهر الفضيل:
[عساكم من عُوّاده، لا بما مضى، بل بامر فيه تحرير – تحرير فلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش .. مع غزة بعزتها والاقصى بطوفانه صار الحال أفضل وبدت القدس اقرب بتوقيت ساعة السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 .. 
 
وذات رمضان، سأل حافظ ابراهيم البحر عن الدرِّ الكامن في احشائه، فجاءه الجواب من أحمد شوقي ان الجمال وسره في الضاد حيث يعود أصل كلمة “رمضان” للجذر الثلاثي “رمض” .. ومن جماليات اللسان العربي انه كيفما تغيّر ترتيب حروف هذا الجذر وتغيرت معه الكلمة، يظل المعنى واحداً (نوع من الشدة، أو النار والحر، أو المكابدة والسقم) الامر الذي يمنح لنوعية من الحروف سياقاً دلالياً شبه موحّد .. فمن الجذر “رمض” تنبت ستة كلمات كلها تشير إلى نفس المعنى: رضَمَ، مضرَ، مرض، ضرم، ضمرَ، رمض:
 
رضمَ ثقل عدْوه، ومضر الشديد، وضرم من شدة الحرارة فيقال اضرمت النار وضمر من شدة الهزال ونفسها المرض واخيرا رمض التي منها اسم شهر رمضان، تحمل معنى الشدة التي يفترضها شهر الصوم من مكابدة للجوع والعطش والتعب .. وفي قلب جميع حروفها وإعادة تشكيلها، تظل حاملة معنى الشدة، حيناً، أو المكابدة حينا آخر .. 
 
رمضان كريم بالخير والبركات بلا رمض ولا مرض ولا مضر ولا ضمر ولا رضم ولا ضرم .. ولا “اسرائيل”!]
 
وانسجاماً مع الردعٌ البيّنٌُ والمنعٌ من الاكتفاء بالدعاء كما جاء اعلاه، أُذكِّر ببعض المعارك والغزوات التي وقعت في الشهر المبارك: غزوة بدر، وفتح مكة، ومعركة القادسية، وفتح بلاد الأندلس، ومعركة الزلاقة، ومعركة عين جالوت، وموقعة حطين، وثم حرب رمضان/اكتوبر1973.
 
فالتوكل على الله يستدعي الأخذ بالأسباب، التي جعلها الله وصلة إلى مسبباتها .. كما يُملي إعداد العُدَّة، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رجلا جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأراد أن يترك ناقته، وقال: أأعْقِلها وأتوكل؟ أو أُطْلِقها وأتوكل؟! فقال – صلى الله عليه وسلم: “اعقلها (شد ركبة ناقتك مع ذراعها بحبل)، وتوكل”! وأما تارك السبب فلا يسمى متوكلا بل متكلاً عاجزاً مُفَرِّطاً” .. وتأملوا قوله تعالى “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ (الأنفال – 60) .. فهل يسأل الواحد مِنّا، قبل النوم، نفسه: ماذا فعلتُ – غير الدعاء – اليوم وكل يوم من اجل غزة وفي سبيل تحرير فلسطين!؟

كيف للعرب أن يسعدوا وفلسطين تحت الاحتلال، وغزة تحت الذبح و”العرقبادة” لتصبح منازل الفلسطينيين والعرب قبورهم كما قال “الحاخام” مئير كاهانا!؟

كيف للعرب أن يسعدوا – بل حتى كيف لهم أن يتوسدوا المخدات و“اسرائيل” تحتل فلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى ام الرشراش كما تحتل لبنان وسوريا، بل وتحتل الزمن العربي، تقتل من تشاء وتقتلع من تشاء وكأنها استولت على القضاء والقدر!؟ وفي وجوهنا وعلى مرأى من العالم اجمع، يرفع “الاسرائيليون” خارطتهم التوراتية التي تلتهم كامل أو بعض أجزاء من دول عربية .. نعم، انها “إسرائيل” ما انفكَّت تعتدي وتحتلّ، وتتمدَّد، وتهدّد، وتكشف – بكل عنجهية – عن خططها التوسعية!

كيف للعرب أن يسعدوا وامريكا ترتهنهم ل”اسرائيل” وهذا السفير الأميركي المعين لدى “اسرائيل” يدعو “لتغيير الشرق الأوسط  بأبعاد توراتية”!؟ الا يُذكّرنا هذا بالجنرال رافاييل ايتان (صاحب شعار “العربي الجيد العربي الميت”) الذي أراد أن يبني الهيكل الثالث بجماجم اللبنانيين العرب، لا بخشب الأرز!؟

وبعد، كيف للعرب أن تَقَرَّ عيونهم ويسعدوا وهم يستعيدون صلافة وعنجهية رئيسة وزراء إسرائيل بعد هزيمة عام 1967 اذ قالت: “إني أشم رائحة بلادي في الحجاز! وهي وطني الذي علي أن أستعيده”!؟ ومعها يتماهى الكاتب والسياسي الإسرائيلي Avi Lipkin في مؤلفه “Return To Mecca” .. عنوان الكتاب وغلافه يكفي حيث تدخل مكة المكرمة بمسجدها الحرام المبارك وكعبتها المشرفة كما المدينة المنورة ضمن مملكة يهوة!

وهنا لابد من مناشدة “يوسف الفلسطيني” (واليوم هو مناسبة تذكار القديس يوسف الصِدّيق) أن يسامح اخوته، سائلين الله والقدس وغزة الا يؤاخذوننا بما فعل السفهاء منا .. فهل يسأل الواحد مِنّا، قبل النوم، نفسه: ماذا فعلتُ – غير الدعاء – اليوم وكل يوم من اجل غزة وفي سبيل تحرير فلسطين !؟يميناً وفعلاً، لَنُقَدِّمن “حي على الفلاح بالكفاح”، ولَنَجْعَلَّنَّ مع دعائنا لغزة وفلسطين شيئاً من القطران!

الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

خمسة × 4 =