العراق بين المحن والمنح / سلام محمد العبودي
سلام محمد العبودي ( العراق ) – الإثنين 24/2/2025 م …
نتيجة لما عاناه شباب العراق خلال عقود, من تحديات كبيرة في مختلف المجالات، ابتداءً من الحروب الفكرية، وصولا لما قام بهِ نظام صدام من الحروب العبثية، وما صاحبها من العقوبات الاقتصادية, وشلل الحياة الاقتصادية وبدون أمل.. ساد شعور باليأس والإحباط.
تنفس شباب العراق وعاد يحدوهم الأمل في تحسين وضعهم المادي, ليُصدموا بنظام حكم يملأه الفساد المالي والاداري, تحت شعارات الديموقراطية, وسن قوانين دون دراسة, أدت الى تمايز اجتماعي, وضرب الدستور عرض الحائط, ولم يتم تأهيل المصانع المتوقفة, لتكون رافداً للموازنة السنوية, بل عمل الفاسدون على, التفكير لبيع بعض المصانع.. فزاد سوء حال الشباب وتدهور الاقتصاد, وإضافة لذلك ونتيجة للصراعات الداخلية، فقد تعرضت العديد من المدن العراقية للدمار؛ وتدهورت شبكات الكهرباء.
العراق لم يكن يوماً دولة فقيرة, ففيه من الثروات ما يكفيه وزيادة, ثروات طبيعية متنوعة وغنية، وتشمل عدة مجالات رئيسية, تؤثر بشكل كبير إيجابي على الاقتصاد العراقي, فالعراق من أكبر منتجي النفط في العالم، ويمتلك احتياطات ضخمة منه، ويشكل المصدر الرئيسي للإيرادات, كما يمتلك احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي، والتي تعد ثاني أهم مصدر للطاقة في البلاد بعد النفط, ولكنهُ لا يُستغل بشكل كامل، ولا يزال جزء كبير منه, يُحرق أو يُهدر لفقدان الإدارة, وكذلك يمتلك احتياطات متنوعة من المعادن مثل الكبريت والفوسفات, وكما يوجد فيه بعض المعادن الأخرى, مثل النحاس والذهب، لكن استخراجها لم يصل بعد, إلى الحجم الكافي لتكون, مصدرًا رئيسيًا للإيرادات.
يتمتع العراق بتربة خصبة، ويعتمد في الزراعة, على نهري دجلة والفرات, يزرع محاصيل متنوعه, مثل القمح والشعير والأرز، بالإضافة إلى الفواكه والخضراوات, وتعتبر الزراعة من القطاعات المهمة, للعديد من سكان الريف, العراق يعد من الدول, التي تعتمد بشكل كبير, على مصادر المياه من الأنهار، خاصة دجلة والفرات, ورغم تحديات شح المياه, نتيجة التغيرات المناخية, والسياسات المائية للدول المجاورة، إلا أن هذه المياه, تعد من الثروات الأساسية, التي تدعم الزراعة والمجتمعات المحلية, هناك إمكانيات كبيرة في العراق, للاستفادة من الطاقة الشمسية والرياح، بالرغم من أن هذه المصادر, لم تُستغل بشكل كافٍ حتى الآن, إضافة إلى ذلك، يملك العراق تاريخًا طويلًا, من الثروات الثقافية والحضارية, التي تؤثر إيجاباً على السياحة، مع مواقع أثرية شهيرة, مثل بابل و نينوى، والتي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
استطاع العراق أن يواجه الكثير من التحديات منذ عام 2003, ساعدت على عدم النهوض, وتدهور الحالة الاقتصادية, أهمها الاستقرار السياسي, كونه يعاني من تقلبات سياسية, وصراعات حزبية تحول دون تشكيل, حكومة مستقرة والعمل على, إصلاح النظام السياسي الذي يعد, من أهم العوامل لضمان استقرار المستقبل, إن التحدي الأكبر هو التنوع الاقتصادي, وتقليل الاعتماد على النفط، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية, وتطوير القطاع الخاص, هناك اهتمام متزايد بالاستثمار, في مشاريع الطاقة المتجددة والابتكار.
رغم تحسن الوضع الأمني, في أغلب المناطق, بعد هزيمة داعش وخلاياه النائمة، إلا أن هناك تهديدات أمنية مستمرة, بسبب التوترات الإقليمية, واستقراره يعتمد بشكل كبير, على تعزيز الأمن الداخلي, لتنوعه الثقافي والديني، ولكن هذا التنوع أحياناً, يؤدي إلى صراعات طائفية, ولبناء مجتمع شامل ومتنوع, يتطلب تعزيز التعايش السلمي, وتعليم القيم المشتركة, والتعامل مع مجموعة من التحديات السياسية، الاقتصادية، الأمنية والاجتماعية.
فتح المجال للطاقات الشبابية, وتنمية أفكارهم تعد من المهام الأساسية, لبناء الوطن والقضاء على مشاكله, واعتماد الاستثمار بالزراعة, على خريجي إعداديات وكليات الزراعة, لممارسة اختصاصاتهم, والاستفادة من الشباب بحملة استثمارية, في مشاريع البناء, بتأسيس شركات ودعمهم حكومياً, في بدء التأسيس كمرحلة أولية, بدل هدر المال والاعتماد, على شركات وهمية.
بالرغم من عمل الحكومة الحالية الجاد, فقد قطعت شوطاً كبيرا, إلا أن التحديات لا زالت كبيرة, فالصراع السياسي يتزايد, في كل دورة انتخابيه للتشويه, وبدلا من طرح برنامج, يعمل على التنمية وحلحلة الأزمات, يقوم بعض المرشحين بحملة, تنتقصُ مما تم إنجازه.
هناك محن يمكن تحويلها, لمنح يمكن استثمارها، وهناك منح ان أُسيء استغلالها ستتحول لمحن.