حتى لا يسقط القصر / المحامي عبد الكريم الكيلاني
المحامي عبد الكريم الكيلاني ( الأردن ) – الثلاثاء 31/12/2024 م …
عندما علم محمدرسول الكيلاني بان الملك الحسين رحمهما الله يحزم حقائبه للرحيل توجه مسرعا إلى قصر الحمر ، حينها اخبره الملك :
بان الأوضاع تخرج عن السيطرة ، وانه لا يريد ان تلقى عائلته مصير ابناء عمومته في العراق فتنفرد بهم ميليشيات الغوغاء في حالة من الفوضى .
تصرف الكيلاني بحزم ،قائلا :
سيدي لن نسمح بذلك ، مصيرنا واحد ، ان غادرت في هذه الظروف تسقط الدولة ، وأُمِر باعادة ما تم رزمه وهكذا كان .
كمحلل لهذه الرواية ، ارى انه من الوارد جدا ان يكون سلوك الحسين بالون اختبار لصلابة الرجال المحيطين به ، فلا يستطيع احد انكار حقيقة الحسين القائد الاكثر صلابة في كل التحديات التي واجهها الأردن داخليا و خارجيا.
إذا لماذا هذا العنوان اليوم ؟
لانه يعبر عن مخاوف و هواجس ، وتنبؤات عرافين وحتى هلوسات أناس طاش عقلهم ازاء ما يرون في الجوار ، ومن المهم التذكير بروايات شهود عيان لظروف، تم عبورها كان الوطن فيها على حواف الخطر .
عندما تهاوى القصر في دمشق اثار ذلك قلق البعض ،
وتساءلوا ، هل نحن محصنون ؟
و كيف يصلح القصر منظومته ؟
ومبعث التساؤلات بكل تاكيد ، هو الخوف من الفوضى وليست الرغبة في إثارتها .
في واقع الحال ان القصر اتبع نهجا يوطد دعائمه في الحكم عبر مائة عام
من عمر الدولة .
اولا :
نقطة البداية ان اوامر القصر في بلدنا -الحصين باذن الله- ليست قسرية ، هذا ليس طموحا مشروعا ، او مادة دستورية ،
أوامر الملك الشفوية او الخطية لا تعفى الوزراء من المسؤولية.
هل هذا نص دستوري فحسب ؟
كلا فرغبات القصر ليست اوامر .
ليس بالنصوص الجامدة ،
لا احد يقول يحق له القول او التذرع يالزعم : أوامر من فوق .
وما من لقاء او حوار مع واحد من اصحاب الدولة اجرى مقابلة او حوارا خلا حديثه من تاكيد هذه الحقيقة .
هل يمكن ان يقال للملك ، اعتذر عن تلبية الطلب صاحب الجلالة ؟
نعم وهذا حصل ويحصل ،
يذكر ان وصفي التل قالها مرارا ، بتزبطش مولاي، ودوَّنها الراحل بدران في مذكراته ، وأسَرَّ بها عدد من الرؤساء .
ثانيا :
محظور على اقارب الملك وأفراد العائلة الترشح لمجلسي النواب او التعيين في الأعيان .
هذا ايضا نص دستوري ، وله مقاصده ، فالملك وحده هو راس السلطات وحامي استقلالها .
وعدا عن القوات المسلحة وكادر الديوان الملكي لا يتولى افراد العائلة اية مواقع عامة في الدولة.
ثالثا :مؤسسة الحكم في الدوار الرابع ، ليست اطارا لتجميل الصورة ، بل هي سلطة فعلية ، للرئيس الذي يمتلك العزيمة لممارسة ولايته العامة.
فالنص الدستوري ان ذات الملك مصونة من كل تبعة ومسؤولية، يترجم من خلال حكومات كاملة الدسم تمارس سلطاتها وتخضع للرقابة البرلمانية و الشعبية ان لزم ، كما حصل مع حكومة د هاني الملقي ، التي غادرت الرابع على وقع الهتافات برحيلها .
رابعا :نظام زادته التجارب حنكة.
بعد احداث ٨٩ ، اجتمع الراحل الحسين مع عدد من القيادات الحزبية الذين شابوا في المعارضة.
قال لهم الراحل الكبير ممازحا ، لقد هرمتم في هذه السنين.
فأجابوا : كلنا هرمنا يا صاحب الجلالة.
فأجاب بحكمة الاب للأسرة الواحدة:
اجل كبرنا وعقلنا ايضا.
ملخص القول هو رشد النظام في التعقل و الترفع عن المناكفات الشخصية فالملك لا يخاصِم و لا يخاصَم
خامسا :
اصطياد مُوَاتٍ للحيتان والديناصورات السياسية .
رموز البيروقراط و الابتزاز السياسي ، و الفساد المبطن ، الذين تمت إزالتهم بالجملة من المشهد السياسي .
وهدا مهم جدا، فحمولة هذه الطبقة عبء ثقيل ومعطل لمركبة الإصلاح ، وازاحتهم من المشهد مدعاة للثقة ، ودفع لعجلة القوى الطامحة للتغيير.
سادسا :
اتصال القصر مع الرعية.
لا يمكن الحكم على قوة هذا الاتصال ، عبر لقاءات قصيرة ولو كانت متكررة ، سواء مع طلاب ، او زراع ، او صناع او مؤثرين مع اهمية ذلك لقياس نبض الشارع .
فالإتصال يحتاج المؤسسية في العمل ،وهذا حاصل فعلا ، فالديوان الملكي الذي يتلقى آلاف الطلبات من الإعفاءات الطبية ، ويعلن بشكل دوري عن توفير مساكن للفقراء، ويحضر بشكل متواصل في أفراح و أتراح المواطنين.
و يقدم البرامج الخدمية و التنموية المستدامة ، ليس مؤسسة بروتوكول، ولكنه مندمج مع العامة.
وعودا على بدء ، الوطن ولله الفضل و المنة في حرز منيع وان مؤسسة العرش تزداد رسوخا لأنها مصدر الطمأنينة لا الخوف ومنبع السكينة
لا الجزع ، والمواطنون هم اول من يذود وآخر من يتخلف لسان حالهم
لسان المقداد بن عمرو :
اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون