حتى لا يسقط القصر / المحامي عبد الكريم الكيلاني

0 6٬597

المحامي عبد الكريم الكيلاني ( الأردن ) – الثلاثاء 31/12/2024 م …

عندما علم محمدرسول الكيلاني بان الملك الحسين رحمهما الله يحزم حقائبه للرحيل توجه مسرعا إلى قصر الحمر ، حينها اخبره الملك :

بان الأوضاع تخرج عن السيطرة ، وانه لا يريد ان تلقى عائلته  مصير ابناء عمومته في العراق فتنفرد بهم ميليشيات الغوغاء في حالة من الفوضى .

تصرف الكيلاني بحزم ،قائلا :

 سيدي لن نسمح بذلك ، مصيرنا واحد ، ان غادرت في هذه الظروف تسقط الدولة ، وأُمِر باعادة ما تم رزمه وهكذا كان .

كمحلل لهذه الرواية ، ارى انه من الوارد جدا ان يكون سلوك الحسين بالون اختبار لصلابة الرجال المحيطين به ، فلا يستطيع احد انكار حقيقة الحسين القائد الاكثر صلابة في كل التحديات التي واجهها الأردن داخليا و خارجيا.

إذا لماذا هذا العنوان اليوم ؟

لانه يعبر    عن مخاوف و هواجس  ، وتنبؤات عرافين وحتى هلوسات أناس طاش عقلهم ازاء ما يرون في الجوار ،  ومن المهم التذكير بروايات شهود عيان لظروف، تم عبورها كان الوطن فيها  على حواف الخطر .

عندما تهاوى القصر في دمشق اثار ذلك قلق البعض  ، 

وتساءلوا ، هل نحن محصنون ؟ 

و كيف يصلح القصر منظومته ؟ 

ومبعث التساؤلات بكل تاكيد ، هو الخوف من الفوضى وليست الرغبة في إثارتها .

في واقع الحال ان القصر اتبع نهجا يوطد دعائمه في الحكم عبر مائة عام 

من عمر الدولة .

اولا :

نقطة البداية ان اوامر القصر في بلدنا -الحصين باذن الله-  ليست قسرية ، هذا ليس طموحا مشروعا ، او مادة دستورية ،

أوامر الملك  الشفوية او الخطية لا تعفى الوزراء من المسؤولية. 

هل هذا نص دستوري فحسب ؟ 

كلا فرغبات القصر  ليست اوامر .

ليس بالنصوص الجامدة ، 

لا احد يقول يحق له القول او التذرع يالزعم : أوامر من فوق .

وما  من لقاء او حوار مع واحد  من اصحاب الدولة اجرى مقابلة او حوارا خلا حديثه من تاكيد هذه الحقيقة .

هل يمكن ان يقال للملك ، اعتذر عن تلبية الطلب صاحب الجلالة ؟

نعم وهذا حصل ويحصل ، 

يذكر ان وصفي التل قالها مرارا ، بتزبطش مولاي، ودوَّنها الراحل بدران في مذكراته ، وأسَرَّ بها عدد من الرؤساء .

ثانيا :

محظور على اقارب الملك وأفراد العائلة الترشح  لمجلسي النواب او التعيين في الأعيان  .

هذا ايضا نص دستوري ، وله مقاصده ، فالملك وحده هو راس السلطات وحامي استقلالها .

وعدا عن القوات المسلحة وكادر الديوان الملكي لا يتولى افراد العائلة اية مواقع عامة في الدولة.

ثالثا :مؤسسة الحكم في الدوار الرابع ، ليست اطارا لتجميل الصورة ، بل هي سلطة فعلية  ، للرئيس الذي يمتلك العزيمة لممارسة ولايته العامة.

فالنص الدستوري ان ذات الملك مصونة من كل تبعة ومسؤولية، يترجم من خلال حكومات كاملة الدسم تمارس سلطاتها وتخضع للرقابة البرلمانية و الشعبية ان لزم ، كما حصل مع حكومة د هاني الملقي ، التي غادرت الرابع على وقع الهتافات برحيلها .

رابعا :نظام زادته التجارب حنكة.

بعد احداث ٨٩ ، اجتمع الراحل الحسين مع عدد من القيادات الحزبية الذين شابوا في المعارضة.

قال لهم الراحل الكبير ممازحا ، لقد هرمتم في هذه السنين.

فأجابوا : كلنا هرمنا يا صاحب الجلالة.

فأجاب بحكمة الاب للأسرة الواحدة:

اجل كبرنا وعقلنا ايضا.

ملخص القول هو  رشد النظام في التعقل و الترفع عن المناكفات الشخصية فالملك لا يخاصِم و لا يخاصَم 

خامسا :

 اصطياد مُوَاتٍ  للحيتان والديناصورات السياسية  .

رموز البيروقراط و الابتزاز السياسي ، و الفساد المبطن ، الذين تمت إزالتهم بالجملة من المشهد السياسي .

وهدا مهم جدا، فحمولة هذه الطبقة عبء ثقيل ومعطل لمركبة الإصلاح ، وازاحتهم من المشهد مدعاة للثقة ، ودفع لعجلة القوى الطامحة للتغيير.

سادسا : 

اتصال القصر مع الرعية.

لا يمكن الحكم على قوة هذا الاتصال ، عبر لقاءات قصيرة ولو كانت متكررة ، سواء مع طلاب ، او زراع ، او صناع او مؤثرين مع اهمية ذلك لقياس نبض الشارع  .

فالإتصال يحتاج المؤسسية في العمل ،وهذا حاصل فعلا ،  فالديوان الملكي الذي يتلقى آلاف  الطلبات من الإعفاءات الطبية ، ويعلن بشكل دوري عن توفير مساكن للفقراء، ويحضر بشكل متواصل في أفراح و أتراح المواطنين.

و يقدم البرامج الخدمية و التنموية المستدامة ، ليس مؤسسة بروتوكول، ولكنه مندمج مع العامة.

وعودا على بدء ، الوطن ولله الفضل و المنة في حرز منيع وان مؤسسة العرش تزداد رسوخا لأنها مصدر الطمأنينة لا الخوف ومنبع السكينة

لا الجزع ، والمواطنون هم اول من يذود وآخر من يتخلف لسان حالهم 

لسان المقداد بن عمرو :

اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

واحد × 5 =