الحزن الفلسطيني بلا حدود … حزن في بيت لحم على إبادة غزة- (صور)
ففي مثل هذا الوقت من كل عام كانت تتزين شوارع وأزقة وكنائس المدينة بحلة الميلاد، وتُنصب بساحة “كنيسة المهد” الشهيرة إحدى أجمل أشجار الميلاد في العالم، وسط حركة سياحية نشطة.
الفلسطينيون يقولون إن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية جعلت حياتهم حزينة وسرقت فرحة الميلاد، وإن طقوس المناسبة ستقتصر هذا العام على الشعائر الدينية والتزاور بين العائلات.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 149 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وبموازاة الإبادة وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 801 فلسطيني وإصابة نحو 6600 واعتقال 11 ألف و800.
هذه الإبادة المستمرة خيمت على كنيسة المهد، التي يُعتقد أنها شُيدت على المغارة التي ولد فيها عيسى المسيح، إذ تبدو فارغة تخلو من الحجاج والسياح.
تضيء سيدة شموعا في الكنيسة، وتضرع إلى الله بالدعاء قبل أن تخرج مسرعة، وتبقى الكنيسة فارغة إلا من حراسها وبعض رجال الدين والعاملين فيها.
وفي جوار الكنيسة، مئات المحال التجارية مغلقة، والتي عادةً ما تعتمد بشكل كامل على القطاع السياحي، وخصوصا في هذه المناسبة.
وعادة ما كانت تُنظم في بيت لحم حفلات إنارة شجرة الميلاد، وتشهد المدينة حفلات ومسيرات كشفية وطقوسا وأسواقا.
وتكون ذروة أعياد الميلاد ليلة 24 ديسمبر/ كانون الأول (حسب التقويم الغربي)؛ إذ يُقام قداس منتصف الليل، بحضور شخصيات فلسطينية رسمية ومسؤولين من دول عربية وأجنبية وآلاف الحجاج.
أعياد حزينة
المرشد السياحي سيف صبح، يقول: “لا يوجد أحد، الكنيسة والمدينة دون حجاج، أعياد الميلاد حزينة، في ظل ظروف الحرب التي يمر بها الشعب”.
ويضيف: “في مثل هذا الوقت من العام كانت تعج المدينة بالحجاج والسياح، لكنها اليوم فارغة، الأمور صعبة والناس لا تشعر أنها مقدمة على عيد ميلاد في ظل استمرار القتل والتدمير في غزة وفي الضفة أيضا”.
ويشدد على أن القطاع السياحي شُل بالكامل منذ بدء الحرب.
ومشيرا إلى مجموعة سياح لا يتعد عددهم العشرة يخرجون من الكنيسة يقول صبح: “قد نرى مثل هذه المجموعة السياحية مرة أسبوعيا أو أكثر من ذلك، يأتون من الأردن، وغالبيتهم من دول جنوب شرق آسيا”.
طقوس فقط
وحسب جاك جقمان، صاحب محل لبيع التحف الشرقية في شارع كنيسة الحليب الملاصق لكنيسة المهد، فإن “الوضع صعب جدا.. تراكمات عام من الحرب زادت الوضع الاقتصادي سوءا، المحال مغلقة بشكل كامل منذ أكثر من عام”.
ويتابع جقمان: “تبدو المدينة شبه فارغة من الزوار، يأتي لها أقل من 20 سائحا أسبوعيا عن طريق الأردن”.
ويردف موضحًا: “الوضع السياسي والإجراءات الإسرائيلية انعكست على كل مناحي الحياة الفلسطينية بما فيها أعياد الميلاد”.
ويلفت إلى أن “إسرائيل تغلق بيت لحم بالحواجز العسكرية، الأمر الذي يزيد من إعاقة أي حركة سياحية”.
ويتابع: “هذا العام بيت لحم تعيش حزنا بدلا من الفرحة، نصلي من أجل السلام، وستقتصر الاحتفالات على الطقوس الدينية”.
جقمان يفيد بأن مبيعاته تناقصت بنسبة 90 بالمئة خلال العام الجاري مقارنة بالسنوات السابقة. وهو يملك 3 محال تجارية لبيع التحف الشرقية، جميعها مغلقة منذ بدء الحرب حسب قوله، ويعتمد على بيع بعض التحف إلكترونيا.
عودة السلام
متحدث وزارة السياحة والآثار الفلسطينية جريس قمصية، يقول إن “العالم يستعد في هذه الأيام للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح الذي ولد هنا في بيت لحم”.
ويستدرك قائلا: “لكن مهد المسيح حزين مع استمرار العدوان على شعبنا في كل أماكن تواجده في غزة ولبنان والضفة”.
ومنذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي يسود وقف هش لإطلاق النار بين تل أبيب و”حزب الله”، بعد عدوان إسرائيلي على لبنان منذ 8 أكتوبر 2023، خلّف 3 آلاف و961 شهيدا و16 ألفا و520 جريحا.
ويردف قمصية: “هذا العام فلسطين لن تحتفل بالميلاد، وستقتصر المناسبة على الشعائر الدينية والفعاليات التي تدعو لإحلال السلام ووقف العدوان، وتدعو إلى التزام المجتمع الدولي لوضع حد للممارسات التي تقوم بها دولة الاحتلال، والتي تطال كل ما هو فلسطيني”.
وأشار إلى أن رسالة بيت لحم هي ضرورة وقف العدوان وعودة السلام.
ويقول: “نأمل أن تعود بيت لحم كما كانت قبلة للسياحة وترمم تلك الجراح في حال كانت الظروف الأمنية تسمح بذلك”.
و”بعد عام من العدوان ما يزال القطاع السياحي في فلسطين عامة وبيت لحم خاصة متوقف بشكل كامل، الأمر الذي أدى إلى خسائر كبيرة على كل مكونات القطاع”، كما يختم قمصية.