من ميشال شيحا وشارل مالك والامم المتحدة الى المقاومة: أنتم الحَلُّ والحِلُّ! / الياس فاخوري

0 252
الياس فاخوري ( الأردن ) – الخميس 21/11/2024 م …
■ ميشال شيحا: “ان من يتاخم اسرائيل يتاخم مشتلاً للعنصرية” …
■ شارل مالك: حذر مما يحضرون له .. حذر من العصر الصهيوني منذ  1949 م …
شارل مالك
عندما كان الدكتور شارل مالك وزير لبنان المفوض في الولايات المتحدة الأميركية عام 1949 رفع إلى وزير الخارجية اللبنانية تقريراً سرياً مع نسختين واحدة لرئيس الجمهورية وأخرى لرئيس مجلس الوزراء، وقد حذّر فيه من “أن العهد اليهودي آت لا بد إذا ظل العالم العربي على تأخره وتفككه .. فلسطين مرآة الوضع العربي العام ومحوره، والفترة الحالية هي فترة انتقال موقت تستعد فيها اسرائيل للتوسع، وتريد اسرائيل أن تبرهن انها هي المختارة لأن ترث وتنمي الشرق العربي. وكما ان الشرق الادنى عُرف في التاريخ، كله او جزؤه، بالعهد الروماني او بالعهد البيزنطي او بالعهد العربي او بالعهد التركي او بعهد الانتداب، فإن الصهيونية تريد ان يُعرف بالعهد اليهودي او الاسرائيلي، وسيأتي العهد اليهودي حتماً إذا ظل العالم العربي على تأخره وتفككه، وأن وزن العرب لا شيء الا في البلاد العربية، وحتى هذا ضئيل في الوقت الحاضر، وبرغم ذلك فلا يزال مصيرنا بيدنا .. كل ما حصل الآن في فلسطين، وفي صدد فلسطين، ليس سوى البداية. الخاتمة اما بمحق العالم العربي (وهذا ما تدعو اليه صلوات الحاخامات)، واستعماره من قبل اليهود، أو نهوضه مجدداً، عالماً يليق بالعصر، وشريكاً للحضارات الحية في صياغة القيم، وفي صيانتها، ومهما يكن من أمر، المؤشرات تدل على أن المستقبل القريب سيكون أكثر تلبداً من الحاضر، وأكثر خطراً من الماضي .. العهد الاسرائيلي في المنطقة سيكون أكثر سوداوية بكثير” .. ويضيف  “ثمة خطر أن يعقد، في الخفاء، اتفاق بين اسرائيل وبعض اللبنانيين القصيري النظر، فيقومون بانقلاب موال لها، ما يفضي الى فوضى، ثم الى تدخّل سوري. تالياً، حرب أخرى لن يكون لبنان فيها رابحاً بأي شكل من الأشكال”.
 
 
■ الامم المتحدة: يرفض كيان الاحتلال تطبيق ما يزيد على 1000 قرار صدرت عن مجلس الأمن، والجمعية العمومية .. ويُذكر ان القرار الوحيد الذي طبقه الكيان بالكامل هو القرار (273) المتعلق بقبوله عضوا في الأمم المتحدة .. ثم ماذا عن أوسلو وكامب ديفد مثلاً وماذا ان الضمانات الأميركية!؟
 
 
نبَّهٓنا ميشال شيحا وحَذَّرنا شارل مالك .. وهذه الامم المتحدة بكل مؤسساتها كأنها تقول ان دولة الكيان المحتل ان هي الا ظاهرة هجينة لا تبالي بالقرارات، او بالمواثيق الدولية (ولا حتى بالوصايا والعهود الالهية) .. أما الرعاية الأميركية فحاضرة دائماً أكان العهد ديموقراطياً ام جمهورياً، فكيف من الممكن حتى مجرد تخيّل دعوة الكونغرس الى فرض عقوبات على المحكمة الدولية وعلى المحكمة الجنائية الدولية لادانتهما دولة الكيان على المذابح الجماعية التي تنفذها على أرض غزة. 
 
 
هذا ويبدو ان اياً من الصلوات او الدعوات والأدعية وبكافة اللغات ومن كل الديانات لم تبلغ السماء، وهذه فرصة “النتن ميلكوفسكي” التوراتية لاعادة لبنان (النموذج المضاد لثقافة الغيتو ولثقافة الكهوف) الى العصر الحجري .. وها هو وبإصرار متزايد، يستحضر تعهده المتكرر بخصوص “تغيير الشرق الأوسط” متَّكئاً على تصريح يهوشوا ساغي، رئيس الاستخبارات العسكرية “الاسرائيلية” صيف 1982، “بيروت طريقنا الى سائر العواصم العربية”…. هنا الطريق الى دمشق وطهران، مروراً ببغداد وصنعاء .. فبوابة غزة مقفلة، ولان لبنان يُمثِّل صيغة العيش المشترك، النموذج النقيض ليهودية الدولة بثقافة الغيتو والانغلاق .. وهذا  وزير المالية “الاسرائيليّ” بتسلئيل سموتريش يصرخ بوجعٍ وفاشستيةٍ معاً: “يجب أنْ نسحق أعداءنا تحت أقدامنا كما قرأنا في التوراة. علينا تدمير رفح ودير البلح والنصيرات. لا مكانَ تحت السماء لهذه الأرواح الشريرة. لا وجود لها ولا يمكن لها أنْ تستمرّ في الوجود، اُقتلوهم جميعًا، سنقضي عليهم جميعًا” لكأن النصوص التوراتية تتقيأالدم والبغضاء!
 
وهذا الجنرال افرايم سنيه يقول “لن نترك كلباً يعوي في بيروت” ليلاقي الجنرال رفاييل ايتان بقوله “العربي الجيد هو العربي الميت” .. وهذا السناتور لندسي غراهام يدعو “النتن ميلكوفسكي” ان “افعل بايران ما شئت” اي ضربها بالرؤوس النووية!
 
اما آفي شلايم، المؤرخ “الاسرائيلي”، فقد تحدث عن “الآلهة المجنحة”، الآلهة الوثنية التي تستوطن رؤوس ذئاب اليمين. 
أنهم معلبون توراتياً بثقافة الغيتو .. بالتأويل الجنوني للتوراة حيث لا يكتفي “رب الجنود” بالقتل والاقتلاع والاغتصاب، بل يمشي فوق جثثنا ليثأر بنا من كل أولئك الذين طالما نكلوا بآبائهم على مرّ التاريخ .. فهل حقاً أن “الأنبياء السبعة” الذين صاغوا الدستور الأميركي استوحوا “التوراة” حيث قال توماس جيفرسون انه يستشعر دبيب الملائكة بين السطور!؟ .. فمن حقنا إذن ان نستشعر دبيب “الحاخامات” بين السياسات الأميركية .. وهذا ناحوم غولدمان، أحد آباء الدولة، والرئيس السابق “للمنظمة اليهودية العالمية”، وأحد مؤسسي ورؤساء “المؤتمر اليهودي العالمي” يعلنها انه “لولا الرئيس الأميركي وودرو ويلسون لما كان وعد بلفور” .. وهل نجهل أن ترومان بعث بطائراته لضرب القوات المصرية لتحول بينها وبين الدفاع عن صحراء النقب، التي اغتصبتها “اسرائيل” في شهر كانون الأول 1948.
 
 
وهنا لا بد من الاشارة الى فوز اوباما ب 45 جولة من التصفيق احتفالآ بكلمته في الرابع من آذار 2012 مخاطبآ لجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية (AIPAC) وذلك مكافأة له على دعمه “يهودية اسرائيل”!
 
واليوم يعود اسم “دين براون” الى الذاكرة بفضل رئيسة المفوضية الأوروبية  “أورسولا فون دير لايين” حيث تعرض تسهيل حصول اللبنانيين على تأشيرات عمل وتشريع إقامتهم في أوروبا لإخلاء “وطن الأرز” من سكانه الأصليين وتوطين النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينين، سيما وان العرض اقترن بحزمة مساعدات بلغت مليار يورو “مقسطة” على أربع سنوات .. و”دين براون” هو المبعوث الأميركي  الذي جاء إلى بيروت عام 1976، إبان الحرب الأهلية اللبنانية، ليقدّم “عرضه السخي” بترحيل المسيحيين بحراً إلى كندا كوجهة رئيسية فضلًا عن بلدان أخرى بغية توطين الفلسطينيين في لبنان .. يومها، أنهى الرئيس فرنجية اللقاء طالبا من ذاك المبعوث حمل أوراقه والمغادرة حيث قرّر المسيحيون، حينها، المواجهة العسكرية فخسروا الحرب ليأتي الرئيس الفرنسي ساركوزي، بعد عقود أربعة، عارضًا هجرة من تبقّى من مسيحيين في لبنان إلى أوروبا.
 
 
قالتها ديانا فاخوري مرارآ: “كما العرب المسيحيون كذلك العروبة! يرى البعض في غياب المسيحيين العرب عن المشهد العربي غيابآ لفكرة الدولة العصرية والتنوع الثقافي والتعددية والديمقراطية .. أما أنا فما زلت أكرر أن غياب العرب المسيحيين عن المشهد العربي يعني غياب المشهد العربي برمته .. فلا تفرغوا الشرق من مسيحييه، وبالتالي من عروبته، تبريرآ ليهودية الدولة!”
 
ولكم دعتنا لمراجعة مراسلات ديفيد بن غوريون (David Ben-Gurion) / موشية شاريت (Moshe Sharett) حيث يبدو التخوف من النموذج اللبناني بصناعته العربية المسيحية .. وحيث تتمثل لعنة العرب المسيحيين في دورهم البناء نحو الدولة الحديثة و تكريسآ لعبقرية التنوع .. فلا بد اذن من اقتلاع هذا النموذج (التنوع في الوحدة) ولا باس باقامة دولة مسيحية صرفة تحرس حدود اسرائيل الى جانب دويلات مذهبية سنية و شيعية وربما درزية صافية!
 
وبعد، هل باستطاعة الديبلوماسية اقفال أبواب الجحيم حيث يبتغي ملوك التوراة بناء الهيكل الثالث بجماجمنا!؟ 
 
هنا لا بد من شارل تاليران، “الشيطان الأعرج”، وأحد نجمي مؤتمر فيينا (1815) مع كليمنت ميترنيخ ونظريته حول التقاطع بين الجنون العسكري والجنون الديبلوماسي: “مثلما الحرب تقتضي رؤوساً مجنونة كذلك الديبلوماسية”.
فمن بمقدوره اذن ان يُنهي طريق الجلجلة؟
 
رجال الله في الميدان بقامتهم الأسطورية وهم يتصدون لذلك الغول العسكري التكنولوجي وكأنه خارج لتوه من الجحيم ليحوّل بلادنا الى جهنم .. رجال آمنوا ان من تخلى عن “حي على الكفاح” خان “حي على الصلاة” .. تمكن أولئك الرجال من قهر القوة التي لا تقهر، وقد شاهدنا الميركافا وهي تبكي في وادي الحجير، ليصرخ أحد الضباط في بنت جبيل “لقد تركونا نقاتل الأشباح”.. “جنوبيون كان الله يعرفهم , وكان الله قائدهم وآمرهم , لذا كانوا بكل تواضعٍ .. كانوا رجال الله يوم الفتح في لبنان وكل ميدان”!!
 
قالها بابلو نيرودا: “الكلمة مثل الوردة، ترتدي أحياناً ثوب الحداد”!! وستبقى “ديانا” في الذاكرة .. ذاكرة شقائق النعمان، وحقول الياسمين، والنوارس، وأحرار العالم.
 
 
الدائم هو الله، ودائم  هو لبنان ، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون .. أنتم الحَلُّ والحِلُّ!
 
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

14 + عشرة =