مذكرتا اعتقال بحق المجرمين الصهيونيين بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية نتنياهو وغالانت
وقالت المحكمة إن “الغرفة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية ترفض الطعون التي تقدمت بها إسرائيل بشأن الاختصاص القضائي، وتصدر أوامر اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت”.
وأكدت المحكمة أن الجرائم المنسوبة لنتنياهو وغالانت تشمل الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد، وأن الجرائم المنسوبة لنتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع كأحد أساليب الحرب في غزة.
بقرار المحكمة الجنائية، يصبح نتنياهو وغالانت مطلوبين دوليا، ولن يستطيعا السفر للدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، والموقعة على معاهدة روما، وعددها يصل 124 دولة.
وطالب المدّعي العام للمحكمة كريم خان الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف.
وقال خان في بيان “أدعو جميع الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي عبر احترام هذه الأوامر القضائية والامتثال لها”.
مسؤولان جنائيا
وأعلنت المحكمة أنها وجدت “أسبابا معقولة” للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت “مسؤولان جنائيا” عن جريمة الحرب المتمثلة بالتجويع كوسيلة من وسائل الحرب، فضلا عن جرائم ضد الإنسانية متمثلة بالقتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.
واعتبرت المحكمة أن الرجلين “مسؤولان جنائيا باعتبارهما قائدَين مدنيين لجريمة الحرب المتمثلة في توجيه هجوم متعمد ضد السكان المدنيين”.
وأضافت المحكمة أنهما “حرما عمدا وعن علم السكان المدنيين في غزة من مواد أساسية لبقائهم على قيد الحياة”، بينها الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء.
وأكدت أن هذا الوضع “خلق ظروفا معيشية مدروسة للتوصل إلى تدمير جزء من السكان المدنيين في غزة”، مضيفة أنه أدى إلى مقتل مدنيين، بينهم أطفال.
وأضافت المحكمة الجنائية الدولية “بناء على العناصر التي قدمها الادعاء والتي تغطي الفترة حتى 20 أيار/مايو 2024، لم تتمكن المحكمة من تبيان أن كل عناصر الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالإبادة موجودة”، لكنها أعلنت أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بالقتل ارتكبت ضد الضحايا.
ردود
وفي ردود الفعل، رحبت حركة حماس بأمري الاعتقال. ودعت في بيان “محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكافة قادة الاحتلال”.
في المقابل، قال نتنياهو إن مذكرة التوقيف بحّقه لن تمنعه “من مواصلة الدفاع” عن إسرائيل “بأي طريقة”.
وقال في رسالة مصورة إلى مواطنيه “ما من قرار فاضح معاد لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا – وتحديدا أنا – من الاستمرار في الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة”، مضيفا “لن نستسلم للضغوط”، وذلك في وقت تواجه الدولة العبرية انتقادات دولية شديدة بسبب طريقة إدارتها للحرب التي تخوضها ضد حركة حماس في قطاع غزة.
واتّهم نتنياهو المحكمة الجنائية الدولية بأنّها “منحازة” وأصدرت أوامر اعتقال دولية بحقه وبحقّ وزير دفاعه السابق يوآف غالانت “استنادا إلى اتهامات لا أساس لها على الإطلاق بأننا ارتكبنا جرائم ضد الإنسانية”.
وأضاف “هذا إفلاس أخلاقي يقوّض الحقّ الطبيعي للديموقراطيات في الدفاع عن نفسها ضدّ الإرهاب القاتل”.
وشدّد نتنياهو على أنّ “إسرائيل لا تعترف ولن تعترف بهذا القرار المشوّه”، متّهما قضاة المحكمة ومقرها في لاهاي بالوقوف “مكتوفي الأيدي” إزاء “الجرائم الحقيقية ضد الإنسانية التي ترتكب” في جميع أنحاء العالم.
كما اتّهم المحكمة بتوجيه “اتهامات باطلة ضد دولة إسرائيل” بدلا من مهاجمة “الأنظمة الشريرة” مثل “إيران وسوريا واليمن”.
وتساءل نتنياهو “ماذا فعلت محكمة لاهاي ردا على الفظائع” التي ارتكبتها حركة حماس خلال هجومها على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر؟، قبل أن يجيب بالقول “لا شيء. أوه، أنا آسف، لقد أصدرت مذكرة توقيف بحقّ جثة محمد الضيف”، قائد الجناح العسكري لحركة حماس الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في تمّوز/يوليو، وهو ما لم تؤكده حماس حتى اليوم.
وكتب غالانت على منصة إكس أن هذا القرار “يضع دولة إسرائيل وقادة حماس المجرمين في المرتبة نفسها ويشرع بذلك قتل الأطفال واغتصاب النساء وخطف المسنين من أسرتهم”، مضيفا أن القرار “يخلق سابقة خطيرة ضد الحق في الدفاع عن النفس وخوض حرب أخلاقية، ويشجع الارهاب القاتل”.
من جهته، اعتبر رئيس إسرائيل إسحق هرتسوغ أن أمر المحكمة الجنائية بطلب اعتقال نتنياهو وغالانت “قرار عبثي”.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن المحكمة الجنائية الدولية “فقدت كل مشروعيتها”.
من جانبه، قال إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الإسرائيلي إن الرد على القرار هو “ضم الضفة الغربية والاستيطان”.
وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت فقد اعتبر أن القرار “وصمة عار” للمحكمة.
وندد زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لبيد أيضا بخطوة المحكمة ووصفها بأنها “مكافأة للإرهاب”.
وفي واشنطن، أكد متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أن “الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع قرار المحكمة”.
وقال المتحدث “ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء حرص المدعي العام على طلب مذكرات توقيف والأخطاء المقلقة في العملية التي أدت إلى هذا القرار”، مؤكدا أن واشنطن ترى “أن المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بولاية قضائية في هذه القضية”.
وسبق أن أدان نتنياهو وغيره من قادة إسرائيل طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بإصدار مذكرات اعتقال ووصفوا الطلب بالمخزي والمعادي للسامية. وانتقده أيضا الرئيس الأمريكي جو بايدن المدعي وأعرب عن دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس.
وإسرائيل وحليفها الرئيسي، الولايات المتحدة، ليسا من أعضاء المحكمة.
وأشارت المحكمة إلى أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري.
“سرية”
وأعلنت المحكمة أن مذكرات التوقيف صنفت “سرية” بهدف حماية الشهود وضمان إجراء التحقيقات.
وأوضحت أن “الغرفة ترى أن من مصلحة الضحايا وعائلاتهم أن يتم إبلاغهم بوجود مذكرات توقيف”.
قرار “مفاجئ” وسط حملة تشويه
وجاء قرار المحكمة الجنائية الدولية مفاجئا لكثير من المراقبين من حيث التوقيت بالنظر للضغوط العلنية والخفية من إسرائيل وحلفائها خاصة في الولايات المتحدة على المحكمة وقضاتها، وحملة تشويه تستهدف المدعي العام للمحكمة البريطاني كريم خان.
في 20 مايو/ أيار الماضي، طلب المدعي العام للمحكمة كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” ارتكبها الجيش الإسرائيلي بغزة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كما طلب خان مرة أخرى، في أغسطس/ آب الماضي، من المحكمة سرعة إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.